حديث: يا رسول الله، لو أمرت نساءك أن يحتجبن

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في موافقات عمر بن الخطاب ربه

عن أنس قال: قال عمر: وافقت ربي في ثلاث. فقلت: يا رسول الله، لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى، فنزلت: ﴿وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى﴾ [البقرة: ١٢٥] وآية الحجاب، قلت: يا رسول الله، لو أمرت نساءك أن يحتجبن، فإنه يكلمهن البر والفاجر، فنزلت آية الحجاب، واجتمع نساء النبي ﷺ في الغيرة عليه، فقلت لهن: ﴿عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ﴾ [التحريم: ٥] فنزلت هذه الآية.

متفق عليه: رواه البخاري في الصلاة (٤٠٢) عن عمرو بن عون، ثنا هشيم، عن حميد، عن أنس قال: فذكره، واللفظ له.

عن أنس قال: قال عمر: وافقت ربي في ثلاث. فقلت: يا رسول الله، لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى، فنزلت: ﴿وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى﴾ [البقرة: ١٢٥] وآية الحجاب، قلت: يا رسول الله، لو أمرت نساءك أن يحتجبن، فإنه يكلمهن البر والفاجر، فنزلت آية الحجاب، واجتمع نساء النبي ﷺ في الغيرة عليه، فقلت لهن: ﴿عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ﴾ [التحريم: ٥] فنزلت هذه الآية.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا الحديث العظيم الذي رواه الإمام البخاري في صحيحه عن أنس بن مالك رضي الله عنه، يروي لنا مواقفَ من فقه وقرب عمر بن الخطاب رضي الله عنه من ربه، حيث وافق رأيه الوحيَ الإلهي في ثلاث مسائل.

أولاً. شرح المفردات:


● وافقت ربي: أي أن رأي عمر ومقترحه جاء موافقًا لما نزل به القرآن من عند الله تعالى.
● مقام إبراهيم: هو الحجر الذي قام عليه سيدنا إبراهيم عليه السلام عند بناء الكعبة، وقد أثبت الله فيه أثر قدميه.
● المصلى: مكان الصلاة.
● آية الحجاب: وهي قوله تعالى: ﴿وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ﴾ [الأحزاب: 53].
● البر والفاجر: الرجل الصالح والرجل الفاسق، أي كل أنواع الناس.
● في الغيرة عليه: أي تجمعن بسبب غيرتهن على النبي صلى الله عليه وسلم وغَضَبِهن من أمرٍ ما.

ثانيًا. شرح الحديث:


يحدثنا أنس بن مالك رضي الله عنه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: إن الله تعالى قد حقق رأيه ووافقه في ثلاث قضايا مهمة:
1- في مقام إبراهيم مصلى:
● الموقف: رأى عمر رضي الله عنه الناس يطوفون بالكعبة ويصلون في أي مكان، فخطر بباله فكرةٌ عبقرية، وهي أن يجعل من مقام إبراهيم -ذلك الموضع الشريف- مكانًا مخصصًا للصلاة، ليتذكر الناس قصة أبو الأنبياء وإيمانه وتضحياته.
● الموافقة الإلهية: فنزل القرآن الكريم موافقًا لرأي عمر وفكرته النيرة، فقال تعالى: ﴿وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى﴾. فأصبح هذا المكان مصلىً للمطوفين بعد الطواف، تطبيقًا لأمر الله واقتراح عمر.
2- في آية الحجاب:
● الموقف: كان الناس يدخلون على بيت النبي صلى الله عليه وسلم ويخاطبون زوجاته بدون حاجز، وكان عمر يرى أن هذا قد يعرضهن لأذى الكلام أو نظر غير اللائق، خاصة من ذوي النفوس الضعيفة. فاقترح على النبي صلى الله عليه وسلم أن يأمر نساءه بالاحتجاب.
● الموافقة الإلهية: فنزلت آية الحجاب التي أمرت المؤمنين بعدم دخول بيوت النبي إلا بإذن، وإذا طلبوا منهن متاعًا (حاجة) فليسألوهن من وراء حجاب، وذلك لحماية حرمة بيت النبوة وصون نسائه الطاهرات.
3- في شأن نساء النبي والغيرة:
● الموقف: اجتمعت زوجات النبي صلى الله عليه وسلم مرة في غيرتهن عليه بسبب أمرٍ يتعلق به، واشتد الأمر بينهن. فخاف عمر رضي الله عليه على النبي من شدة هذا الموقف، فانطلق لينصحهن ويذكرهن بمكانة النبي صلى الله عليه وسلم، وقال لهن مخاطبًا إياهن: (عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجًا خيرًا منكن)، أي أن الله قد يعوض النبي خيرًا منهن إن طلقهن.
● الموافقة الإلهية: فنزل القرآن الكريم بهذه الكلمات بعينها، كما قالها عمر، لتكون توجيهًا إلهيًا لنساء النبي، وتذكيرًا لهن بمنزلتهن العالية وضرورة القيام بحقوقهن تجاه زوجهن النبي صلى الله عليه وسلم: ﴿عَسَى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِّنكُنَّ﴾.

ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:


1- منزلة عمر رضي الله عنه: يظهر هذا الحديث علوَّ كعب عمر بن الخطاب وفقهه العميق، حتى إن رأيه كان يوافق الوحي الإلهي. وهذا من فضائل عمر الخاصة.
2- اهتمام الصحابة الشديد بالدين: لم يكن عمر يفكر بشكل شخصي، بل كان همه الأكبر هو مصلحة الدين وحماية حرمة النبي صلى الله عليه وسلم وأهل بيته.
3- الجُرأة في قول الحق والمشورة: يعلمنا عمر الجرأة في تقديم النصيحة والمشورة لله ورسوله والمؤمنين، بحكمة وأدب.
4- حكمة الله في تشريع الأحكام: كثير من الأحكام الشرعية نزلت استجابة لوقائع وأسئلة وحوادث، مما يجعل الشريعة عملية ومرتبطة بواقع الناس.
5- مكانة بيت النبوة: الحديث يدل على العناية الإلهية ببيت النبي صلى الله عليه وسلم وتنزيهه عن كل ما لا يليق بمقام النبوة.

رابعًا. معلومات إضافية:


- هذه الموافقات الثلاث ليست كل ما وافق فيه عمر الوحي، بل هناك موافقات أخرى ذكرها العلماء في كتب المناقب والفضائل.
- الحديث يدل على أن الاجتهاد مطلوب، وأن المجتهد إذا أصاب فله أجران، وإذا أخطأ فله أجر واحد.
- استجابة الله لدعاء عمر وموافقة رأيه للوحي من الكرامات التي أكرمه الله بها.
أسأل الله أن يرزقنا الفقه في الدين والحرص على نصحه ونصرة رسوله.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في الصلاة (٤٠٢) عن عمرو بن عون، ثنا هشيم، عن حميد، عن أنس قال: فذكره، واللفظ له.
ورواه مسلم في فضائل الصحابة (٢٣٩٩) عن عقبة بن مكرم العمي، ثنا سعيد بن عامر، قال جويرية بن أسماء: أخبرنا عن نافع، عن ابن عمر قال: قال عمر: فذكر نحوه. وقال في الثالث: «أسارى بدر» مكان «الغيرة».
وفي لفظ للبخاري: «وبلغني معاتبة النبي ﷺ بعض نسائه، فدخلت عليهن، فقلت: إن انتهيتن أو ليبدلن الله رسوله ﷺ خيرا منكن، حتى أتيت إحدى نسائه، قالت: يا عمر، أما في رسول الله ﷺ ما يعظ نساءه حتى تعظهن أنت؟ فأنزل الله: ﴿عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ﴾ [التحريم: ٥] الآية.
رواه البخاري في التفسير (٤٤٨٣) عن مسدد، عن يحيى بن سعيد، عن حميد، عن أنس قال: قال عمر: فذكره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 75 من أصل 643 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: يا رسول الله، لو أمرت نساءك أن يحتجبن

  • 📜 حديث: يا رسول الله، لو أمرت نساءك أن يحتجبن

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: يا رسول الله، لو أمرت نساءك أن يحتجبن

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: يا رسول الله، لو أمرت نساءك أن يحتجبن

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: يا رسول الله، لو أمرت نساءك أن يحتجبن

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, December 17, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب