استأذن عثمان فجلس رسول الله وسوى ثيابه

حديث: استأذن عثمان فجلس رسول الله وسوى ثيابه

عن عائشة قالت: كان رسول الله ﷺ مضطجعا فى بيتي، كاشفا عن فخذيه -أو ساقيه- فاستأذن أبو بكر، فأذن له، وهو على تلك الحال، فتحدث، ثم استأذن عمر فأذن له، وهو كذلك، فتحدث، ثم استأذن عثمان، فجلس رسول الله ﷺ، وسوَّى ثيابه -قال محمد: ولا أقول ذلك في يوم واحد- فدخل فتحدث، فلما خرج قالت عائشة: دخل أبو بكر فلم تهتش له ولم تباله، ثم دخل عمر فلم تهتش له ولم تباله، ثم دخل عثمان فجلست وسوَّيت ثيابك، فقال: «ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة».

صحيح: رواه مسلم في فضائل الصحابة (٢٤٠١: ٢٦) من طرق، عن إسماعيل بن جعفر، عن محمد ابن أبي حرملة، عن عطاء وسليمان بن يسار وأبي سلمة بن عبد الرحمن، أن عائشة قالت: فذكرته.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فأقدم لكم شرحًا وافيًا لهذا الحديث النصي الشريف الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه، معتمدًا على كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.
الحديث:
عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله ﷺ مضطجعًا في بيتي، كاشفًا عن فخذيه -أو ساقيه- فاستأذن أبو بكر، فأذن له، وهو على تلك الحال، فتحدث، ثم استأذن عمر فأذن له، وهو كذلك، فتحدث، ثم استأذن عثمان، فجلس رسول الله ﷺ، وسوَّى ثيابه -قال محمد: ولا أقول ذلك في يوم واحد- فدخل فتحدث، فلما خرج قالت عائشة: دخل أبو بكر فلم تهتش له ولم تباله، ثم دخل عمر فلم تهتش له ولم تباله، ثم دخل عثمان فجلست وسوَّيت ثيابك، فقال: «ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة».

1. شرح المفردات:

● مضطجعًا: مستلقيًا على جنبه أو متكئًا للراحة.
● كاشفًا عن فخذيه -أو ساقيه-: يعني أن جزءًا من جسده الشريف كان مكشوفًا بسبب حالة الاسترخاء والاضطجاع في بيته.
● فاستأذن أبو بكر: طلب الإذن للدخول.
● لم تهتش له: لم تظهر له البشاشة والفرح والاهتمام الزائد بالقيام له أو تغيير الهيئة.
● لم تباله: لم تهتم به بشكل ظاهر أو تغير من حالتك.
● سوَّى ثيابه: قام واعتدل في جلسته وأصلح ملابسه لتغطية ما كان مكشوفًا.
● ألا أستحي: ألا أتحاشى وأخجل.
● تستحي منه الملائكة: تهاب ملائكة الله وتستحي منه لعظم مكانته وورعه.

2. شرح الحديث:

كان النبي ﷺ في بيته في حالة راحة واضطجاع، وكان جزء من فخذيه أو ساقيه مكشوفًا بسبب ذلك، وهذا جائز في البيت بين الأهل.
ثم حصلت ثلاثة استئذانات متتالية (وقد أوضح الراوي أنها لم تكن في يوم واحد بل في مناسبات متفرقة):
● أبو بكر رضي الله عنه: دخل والنبي ﷺ على حاله من الاضطجاع والكشف، فلم يغير النبي ﷺ هيئته، لأن أبا بكر كالأخ والأب له، وكانت بينهما ألفة ومودة كبيرة.
● عمر بن الخطاب رضي الله عنه: كذلك دخل والنبي ﷺ على حاله، ولم يغير من هيئته، لعلمه أن عمر يعلم أن هذه حالة طبيعية في البيت.
● عثمان بن عفان رضي الله عنه: لما استأذن، غيَّر النبي ﷺ هيئته فجلس وسوَّى ثيابه (أي أصلحها لتغطية ما كان مكشوفًا)، ثم أذن له.
فلما خرج عثمان، لاحظت عائشة رضي الله عنها هذا الفرق في معاملة النبي ﷺ للثلاثة، فسألته عن السبب.
فأجابها النبي ﷺ بقوله: «ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة».

3. الدروس المستفادة منه:

1- عظمة مكانة عثمان رضي الله عنه: فقد شهد له النبي ﷺ بأن الملائكة تستحي منه، وذلك لشدة حيائه وورعه وتقواه. والحياء من الإيمان، وهو من صفات عالية عند الله.
2- مراعاة الأدب مع الأشخاص بحسب أحوالهم: فالنبي ﷺ عامل كلًا من الصحابة بما يناسب حاله ومكانته، مع حفظ الحقوق والمشاعر.
3- الحياء خلق عظيم: وصف النبي ﷺ عثمان بأن الملائكة تستحي منه، مما يدل على أن الحياء من أعظم الصفات التي تقرب العبد إلى الله.
4- جواز الاضطجاع في البيت وكشف ما جرت العادة بكشفه: مع مراعاة الأدب عند دخول الغير.
5- الحكمة النبوية في التعامل: حيث كان النبي ﷺ يعامل الناس على قدر أحوالهم وأخلاقهم.
6- مكانة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما: حيث دخلوا على النبي ﷺ دون أن يغير هيئته، لكونهم من أقرب الناس إليه وأعرفهم بحاله.

4. معلومات إضافية مفيدة:

- هذا الحديث من الأحاديث التي تُستدل بها على فضل عثمان بن عفان رضي الله عنه، وأنه من العشرة المبشرين بالجنة.
- قوله ﷺ: «تستحي منه الملائكة» يعني أن ملائكة الله تعالى يهابونه ويحترمونه لشدة حيائه وتقواه.
- يستفاد من الحديث أيضًا أدب الاستئذان قبل دخول البيوت، كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّىٰ تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَىٰ أَهْلِهَا}.
- الحديث يدل على أن الحياء لا يعني الضعف، بل هو قوة وإيمان، وعثمان رضي الله عنه كان شديد الحياء حتى من الملائكة.

أسأل الله أن ينفعنا بما علمنا، ويجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في فضائل الصحابة (٢٤٠١: ٢٦) من طرق، عن إسماعيل بن جعفر، عن محمد ابن أبي حرملة، عن عطاء وسليمان بن يسار وأبي سلمة بن عبد الرحمن، أن عائشة قالت: فذكرته.
كذا رواه مسلم «عن فخذيه أو ساقيه» بالشك، ورواه أحمد بإسناد حسن (٢٤٣٣٠) من وجه آخر عن عائشة: «كان جالسًا كاشفًا عن فخذيه» بدون الشك.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 99 من أصل 643 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: استأذن عثمان فجلس رسول الله وسوى ثيابه

📜 حديث: استأذن عثمان فجلس رسول الله وسوى ثيابه

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: استأذن عثمان فجلس رسول الله وسوى ثيابه

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: استأذن عثمان فجلس رسول الله وسوى ثيابه

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: استأذن عثمان فجلس رسول الله وسوى ثيابه

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية