أرغم الله بأنفك انطلق فاجهد علي جهدك

حديث: أرغم الله بأنفك انطلق فاجهد علي جهدك

عن سعد بن عبيدة قال: جاء رجل إلى ابن عمر فسأله عن عثمان، فذكر عن محاسن عمله، قال: لعل ذاك يسوؤك؟ قال: نعم. قال: فأرغم الله بأنفك. ثم سأله عن علي، فذكر محاسن عمله، قال: هو ذاك بيته أوسط بيوت النبي ﷺ، ثم قال: لعل ذاك يسوؤك؟ قال: أجل. قال: فأرغم الله بأنفك، انطلق فاجهد علي جهدك.

صحيح: رواه البخاري في فضائل الصحابة (٣٧٠٤) عن محمد بن رافع، ثنا حسين، عن زائدة، عن أبي حصين، عن سعد بن عبيدة قال: فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث رواه الإمام البخاري في "الأدب المفرد" والإمام أحمد في "مسنده"، وهو حديث صحيح عن الصحابي الجليل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، يرويه عنه سعد بن عبيدة.

أولاً. شرح المفردات:

● عثمان: هو عثمان بن عفان رضي الله عنه، ثالث الخلفاء الراشدين.
● علي: هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه، رابع الخلفاء الراشدين.
● أرغم الله بأنفك: كلمة تقال لمن أصابته إهانة أو ذل، ومعناها الدعاء عليه بأن يلصق الله أنفه بالتراب (أي يذله ويخزيه).
● انطلق فاجهد علي جهدك: اذهب وبذل كل ما تستطيع من جهد (في عداوتك وبغضك لهم).

ثانياً. شرح الحديث:

يخبرنا سعد بن عبيدة أن رجلاً جاء إلى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما – وهو من كبار الصحابة وعلمائهم، المشهور بالتمسك بالسنة والورع – ليسأله عن رأيه في عثمان بن عفان رضي الله عنه.
فما كان من ابن عمر إلا أن ذكر محاسن عثمان ومناقبه وفضائله، وهي كثيرة ومعروفة، منها: جهوده العظيمة في جمع القرآن، وصهر رسول الله ﷺ (حيث تزوج اثنتين من بناته)، وجهاده وبذله في سبيل الله، وغير ذلك.
ثم التفت إليه ابن عمر وقال له: "لعل ذاك يسوؤك؟" أي: أظن أن ذكر فضائله ومحاسنه هذه تؤذيك وتغضبك؟ فاعترف الرجل وقال: "نعم".
فلما علم ابن عمر أن هذا الرجل من النواصب (أي من الذين ينصبون العداء لأهل بيت النبي ﷺ وبالأخص لعثمان وعلي رضي الله عنهما)، غضب عليه ودعا عليه فقال: "فأرغم الله بأنفك"، أي أذله الله وأخزاه.
ثم عاد الرجل ليسأل عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فما كان من ابن عمر إلا أن ذكر محاسن علي ومناقبه العظيمة، والتي منها: كونه أول من أسلم من الصبيان، وابن عم النبي ﷺ، وزوج ابنته فاطمة، وأحد العشرة المبشرين بالجنة، وأحد الخلفاء الراشدين، ثم وصفه بقوله: "هو ذاك بيته أوسط بيوت النبي ﷺ"، أي أن بيته كان أقرب البيوت إلى بيت النبي ﷺ، مما يدل على قربه ومكانته منه.
ثم سأله نفس السؤال: "لعل ذاك يسوؤك؟"، فأجاب الرجل: "أجل" (أي نعم).
فدعا عليه ابن عمر مرة أخرى بنفس الدعاء: "فأرغم الله بأنفك"، ثم قال له: "انطلق فاجهد علي جهدك"، وهو تهديد ووعيد له، بمعنى: اذهب فافعل ما بدا لك من العداء والبغض، فلن تضرهم شيئاً، بل سيصيبك الذل والخزي في الدنيا والآخرة.

ثالثاً. الدروس المستفادة منه:

1- الواجب نحو صحابة رسول الله ﷺ: يجب على المسلم محبة جميع صحابة رسول الله ﷺ والترضي عنهم، والاعتراف بفضلهم وسابقتهم، والدفاع عن أعراضهم. والوقوف بحزم أمام كل من ينتقص أحداً منهم.
2- ذم الفرقة والتحذير من البدع: الحديث يصور موقفاً من مواقف الخوارج أو النواصب، الذين ظهروا في ذلك الوقت ونصبوا العداء لبعض الصحابة. وموقف ابن عمر يعلمنا ضرورة التبرؤ من هذه الفرق الضالة وأهل البدع.
3- الحكمة في الرد على أهل الباطل: لم يتردد ابن عمر في مجادلة هذا الرجل وبيان الحق له، بل قام بالواجب الشرعي في الذب عن أصحاب رسول الله ﷺ.
4- الشجاعة في قول الحق: لم يخف ابن عمر لومة لائم في الدفاع عن إخوانه الصحابة، بل كان حازماً وشجاعاً في ردّه، مما يدل على غيرة الصحابة على دينهم وإخوانهم.
5- فضل عثمان وعلي رضي الله عنهما: الحديث يزكي ويشهد بفضائل الخليفتين الراشدين، ويؤكد مكانتهما العظيمة في الإسلام.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:

- الخلفاء الراشدون الأربعة (أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي) كلهم خير وأفضل، وترتيبهم في الفضل كترتيبهم في الخلافة بإجماع أهل السنة والجماعة.
- يجب الإمساك عما شجر بين الصحابة (أي الخلافات التي وقعت بينهم) ونترك أمرهم إلى الله، مع اعتقاد فضائلهم جميعاً.
- من سب الصحابة أو انتقصهم فهو على خطر عظيم، وقد يكون ذلك من علامات النفاق.
نسأل الله أن يثبتنا على محبة رسول الله ﷺ وصحابته الكرام، وأن يجنبنا البدع والضلالات.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في فضائل الصحابة (٣٧٠٤) عن محمد بن رافع، ثنا حسين، عن زائدة، عن أبي حصين، عن سعد بن عبيدة قال: فذكره.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 137 من أصل 643 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: أرغم الله بأنفك انطلق فاجهد علي جهدك

📜 حديث: أرغم الله بأنفك انطلق فاجهد علي جهدك

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: أرغم الله بأنفك انطلق فاجهد علي جهدك

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: أرغم الله بأنفك انطلق فاجهد علي جهدك

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: أرغم الله بأنفك انطلق فاجهد علي جهدك

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية