لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله يفتح الله على يديه

حديث: لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله يفتح الله على يديه

عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال يوم خيبر: «لأعطين هذه الراية رجلا يحب الله ورسوله يفتح الله على يديه». قال عمر بن الخطاب: ما أحببت الإمارة إلا يومئذ. قال: فتساورت لها رجاء أن أدعى لها. قال: فدعا رسول الله ﷺ علي بن أبي طالب فأعطاه إياها، وقال: «امش، ولا تلتفت حتى يفتح الله عليك». قال فسار علي شيئا،
ثم وقف ولم يلتفت، فصرخ يا رسول الله! على ماذا أقاتل الناس؟ قال: «قاتلهم حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله. فإذا فعلوا ذلك فقد منعوا منك دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله».

صحيح: رواه مسلم في فضائل الصحابة (٢٤٠٥) عن قتيبة بن سعيد، ثنا يعقوب بن عبد الرحمن القاريّ، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه. أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يفتح علينا أبواب فهم سنَّة نبيه الكريم. هذا الحديث العظيم الذي رواه الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما، يحمل في طياته دروساً عظيمة وعبراً جليلة. وإليك الشرح المفصل له على النحو التالي:

أولاً. شرح المفردات:

● الراية: العلم أو اللواء الذي يُرفع في الحرب ويتبعه الجيش.
● تساورت لها: تسابقت وتنافست بشدة ونشاط، من السَّور وهو الحائط، كأنه أحاط نفسه بهمّة عالية للفوز بها.
● رَجاء أن أُدْعَى لها: أي أملتُ أن يُختار لها.
● لا تَلْتَفِتْ: لا تنظر خلفك أو ترجع.
● إلا بحقها: إلا بحق الإسلام، كالزكاة أو القصاص في الجنايات.

ثانياً. شرح الحديث:

يحدثنا الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه عن موقفٍ جليل في غزوة خيبر، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم كلمته المشهورة: «لأعطين هذه الراية رجلاً يحب الله ورسوله، يفتح الله على يديه».
● السياق التاريخي: كانت غزوة خيبر من الغزوات الحاسمة ضد اليهود الذين نقضوا العهود وآذوا المسلمين، وكان فتحها يحتاج إلى قائد شجاعٍ مؤمن.
● رغبة الصحابة: كان هذا الوصف العظيم ("يحب الله ورسوله") باعثاً للصحابة على التمني، حتى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهو من هو في الفضل، تمنى أن يكون هو ذلك الرجل، مما يدل على علو همتهم في نيل مرضاة الله ورسوله.
● اختيار علي بن أبي طالب: ثم دعا النبي صلى الله عليه وسلم علياً رضي الله عنه (وكان شاباً يافعاً) وأعطاه الراية، وأمره أن يمضي ولا يلتفت (أي بثبات وإيمان)، مما يدل على ثقة النبي به وتأييد الله له.
● سؤال عليٍّ الجوهري: عندما سار عليٌّ قليلاً، توقف وسأل سؤالاً في غاية الأهمية، يُظهر حرصه على فهم شرع الله: "على ماذا أقاتل الناس؟".
● الجواب النبوي الجامع: فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم بالحكمة والبيان: أن القتال ليس للعدوان أو الطمع، بل لغاية سامية هي دعوة الناس إلى كلمة التوحيد (شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله)، فإذا أقرّوا بها فقد عصموا دماءهم وأموالهم، إلا إذا ارتكبوا ما يبيح ذلك بحق الشرع.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:

1- فضل علي بن أبي طالب: فضله رضي الله عنه ومكانته، وأنه ممن يحب الله ورسوله محبةً صادقة، وقد فتح الله على يديه.
2- علو همة الصحابة: حرصهم على الخير والسبق إليه، وليس على الإمارة لذاتها، كما بيّن عمر رضي الله عنه حين قال: "ما أحببت الإمارة إلا يومئذ"؛ لأنه تمنى أن يكون هو ذلك المحب لله ورسوله، الفاتح بإذن الله.
3- الحكمة من الجهاد في الإسلام: بيان أن الغاية العظمى من القتال هي إزالة العقبات التي تحول بين الناس وبين سماع دعوة الحق، وليس الإكراه في الدين، لقوله تعالى: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ}. فإذا دخل الناس في الإسلام، فقد أمنوا على أنفسهم وأموالهم.
4- ثمرات التوحيد: أن كلمة التوحيد تحفظ الدم والمال، إلا إذا انتقض شرطها بارتكاب ما يوجب العقوبة.
5- الأخذ بالأسباب مع التوكل: أمر النبي صلى الله عليه وسلم علياً بالمضي وعدم الالتفات، وهو توكل على الله مع الأخذ بالأسباب، ثم سأل علي عن الحكم الشرعي، فبيّن له، مما يدل على أن التوكل لا ينافي السؤال عن الشرع والعمل به.
6- الحكمة في القيادة: حكمة النبي صلى الله عليه وسلم في اختيار القادة المناسبين للمهمات المناسبة، حيث اختار علياً لشجاعته وقوته وإيمانه في هذه المهمة الصعبة.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:

- هذا الحديث من الأحاديث الصحيحة المتواترة التي تثبت فضل علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وهو مما أجمع عليه أهل السنة والجماعة، وهم يحبونه ويوالونه باعتباره من الخلفاء الراشدين وأحد العشرة المبشرين بالجنة.
- غزوة خيبر كانت في السنة السابعة للهجرة، وتمكن المسلمون من فتح حصونها ودكّ معاقل اليهود فيها.
أسأل الله أن ينفعنا بما علمنا، وأن يرزقنا حبه وحب رسوله وحب كل عمل يقربنا إليه.
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في فضائل الصحابة (٢٤٠٥) عن قتيبة بن سعيد، ثنا يعقوب بن عبد الرحمن القاريّ، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة فذكره.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 123 من أصل 643 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله يفتح الله على يديه

📜 حديث: لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله يفتح الله على يديه

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله يفتح الله على يديه

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله يفتح الله على يديه

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله يفتح الله على يديه

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية