حديث: من كان له على الزبير حق فليوافنا بالغابة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في أخبار الزبير بن العوام

عن عبد الله بن الزبير قال: لما وقف الزبير يوم الجمل دعاني، فقمت إلى جنبه، فقال: يا بني! إنه لا يقتل اليوم إلا ظالم أو مظلوم، وإني لا أراني إلا سأقتل اليوم مظلوما، وإن من أكبر همي لدَيني، أفترى يبقي ديننا من مالنا شيئا؟ فقال: يا بُني بع مالنا، فاقض ديني، وأوصى بالثلث، وثلثِه لبنيه -يعني عبد الله بن الزبير- يقول: ثلث
الثلث، فإن فضل من مالنا بعد قضاء الدين شيء، فثلثه لولدك، قال هشام: وكان بعض ولد عبد الله قد وازى بعض بني الزبير خبيب وعباد، وله يومئذ تسعة بنين وتسع بنات. قال عبد الله: فجعل يوصيني بدينه، ويقول: يا بني، إن عجزت عنه في شيء فاستعن عليه مولاي. قال: فوالله! ما دريت ما أراد حتى قلت: يا أبت من مولاك؟ قال: الله. قال: فوالله! ما وقعت في كربة من دينه إلا قلت: يا مولى الزبير اقض عنه دينه، فيقضيه، فقتل الزبير رضي الله عنه، ولم يدع دينارا ولا درهما إلا أرضين منها الغابة، وإحدى عشرة دارا بالمدينة، ودارين بالبصرة، ودارا بالكوفة، ودارا بمصر.
قال: إنما كان دينه الذي عليه أن الرجل كان يأتيه بالمال فيستودعه إياه، فيقول الزبير: لا ولكنه سلف فإني أخشى عليه الضيعة، وما ولي إمارة قط، ولا جباية خراج، ولا شيئا إلا أن يكون في غزوة مع النبي ﷺ أو مع أبي بكر وعمر وعثمان ﵃.
قال عبد الله بن الزبير: فحسبت ما عليه من الدين، فوجدته ألفي ألف ومائتي ألف. قال: فلقي حكيم بن حزام عبد الله بن الزبير، فقال: يا ابن أخي، كم على أخي من الدين؟ فكتمه، فقال: مائة ألف. فقال حكيم: والله! ما أرى أموالكم تسع لهذه. فقال له عبد الله: أفرأيتك إن كانت ألفي ألف ومائتي ألف؟ قال: ما أراكم تطيقون هذا. فإن عجزتم عن شيء منه فاستعينوا بي.
قال: وكان الزبير اشترى الغابة بسبعين ومائة ألف، فباعها عبد الله بألف ألف وستمائة ألف، ثم قام، فقال: من كان له على الزبير حق فليوافنا بالغابة، فأتاه عبد الله بن جعفر وكان له على الزبير أربعمائة ألف، فقال لعبد الله: إن شئتم تركتها لكم. قال عبد الله: لا. قال: فإن شئتم جعلتموها فيما تؤخرون إن أخرتم. فقال عبد الله: لا. قال: قال: فاقطعوا لي قطعة. فقال عبد الله: لك من ها هنا إلى ها هنا. قال: فباع منها، فقضى دينه، فأوفاه، وبقي منها أربعة أسهم ونصف، فقدم على معاوية، وعنده عمرو بن عثمان، والمنذر بن الزبير، وابن زمعة. فقال له معاوية: كم قومت الغابة؟ قال: كل سهم مائة ألف. قال: كم بقي؟ قال: أربعة أسهم ونصف. قال المنذر بن الزبير: قد أخذت سهما بمائة ألف. قال عمرو بن عثمان: قد أخذت سهما بمائة ألف. وقال ابن زمعة: قد أخذت سهما بمائة ألف. فقال معاوية: كم بقي؟ فقال: سهم ونصف. قال أخذته بخمسين ومائة ألف. قال: وباع عبد الله بن جعفر نصيبه من معاوية بستمائة ألف.
فلما فرغ ابن الزبير من قضاء دينه، قال بنو الزبير: اقسم بيننا ميراثنا. قال: لا، والله لا أقسم بينكم حتى أنادي بالموسم أربع سنين ألا من كان له على الزبير دين فليأتنا، فلنقضه، قال: فجعل كل سنة ينادي بالموسم، فلما مضى أربع سنين قسم بينهم. قال: فكان للزبير أربع نسوة، ورفع الثلث، فأصاب كل امرأة ألف ألف ومائتا ألف، فجميع ماله خمسون ألف ألف ومائتا ألف.

صحيح: رواه البخاري في فرض الخمس (٣١٢٩) عن إسحاق بن إبراهيم قال: قلت لأبي أسامة: أحدثكم هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد الله بن الزبير فذكره.

عن عبد الله بن الزبير قال: لما وقف الزبير يوم الجمل دعاني، فقمت إلى جنبه، فقال: يا بني! إنه لا يقتل اليوم إلا ظالم أو مظلوم، وإني لا أراني إلا سأقتل اليوم مظلوما، وإن من أكبر همي لدَيني، أفترى يبقي ديننا من مالنا شيئا؟ فقال: يا بُني بع مالنا، فاقض ديني، وأوصى بالثلث، وثلثِه لبنيه -يعني عبد الله بن الزبير- يقول: ثلث
الثلث، فإن فضل من مالنا بعد قضاء الدين شيء، فثلثه لولدك، قال هشام: وكان بعض ولد عبد الله قد وازى بعض بني الزبير خبيب وعباد، وله يومئذ تسعة بنين وتسع بنات. قال عبد الله: فجعل يوصيني بدينه، ويقول: يا بني، إن عجزت عنه في شيء فاستعن عليه مولاي. قال: فوالله! ما دريت ما أراد حتى قلت: يا أبت من مولاك؟ قال: الله. قال: فوالله! ما وقعت في كربة من دينه إلا قلت: يا مولى الزبير اقض عنه دينه، فيقضيه، فقتل الزبير ﵁، ولم يدع دينارا ولا درهما إلا أرضين منها الغابة، وإحدى عشرة دارا بالمدينة، ودارين بالبصرة، ودارا بالكوفة، ودارا بمصر.
قال: إنما كان دينه الذي عليه أن الرجل كان يأتيه بالمال فيستودعه إياه، فيقول الزبير: لا ولكنه سلف فإني أخشى عليه الضيعة، وما ولي إمارة قط، ولا جباية خراج، ولا شيئا إلا أن يكون في غزوة مع النبي ﷺ أو مع أبي بكر وعمر وعثمان ﵃.
قال عبد الله بن الزبير: فحسبت ما عليه من الدين، فوجدته ألفي ألف ومائتي ألف. قال: فلقي حكيم بن حزام عبد الله بن الزبير، فقال: يا ابن أخي، كم على أخي من الدين؟ فكتمه، فقال: مائة ألف. فقال حكيم: والله! ما أرى أموالكم تسع لهذه. فقال له عبد الله: أفرأيتك إن كانت ألفي ألف ومائتي ألف؟ قال: ما أراكم تطيقون هذا. فإن عجزتم عن شيء منه فاستعينوا بي.
قال: وكان الزبير اشترى الغابة بسبعين ومائة ألف، فباعها عبد الله بألف ألف وستمائة ألف، ثم قام، فقال: من كان له على الزبير حق فليوافنا بالغابة، فأتاه عبد الله بن جعفر وكان له على الزبير أربعمائة ألف، فقال لعبد الله: إن شئتم تركتها لكم. قال عبد الله: لا. قال: فإن شئتم جعلتموها فيما تؤخرون إن أخرتم. فقال عبد الله: لا. قال: قال: فاقطعوا لي قطعة. فقال عبد الله: لك من ها هنا إلى ها هنا. قال: فباع منها، فقضى دينه، فأوفاه، وبقي منها أربعة أسهم ونصف، فقدم على معاوية، وعنده عمرو بن عثمان، والمنذر بن الزبير، وابن زمعة. فقال له معاوية: كم قومت الغابة؟ قال: كل سهم مائة ألف. قال: كم بقي؟ قال: أربعة أسهم ونصف. قال المنذر بن الزبير: قد أخذت سهما بمائة ألف. قال عمرو بن عثمان: قد أخذت سهما بمائة ألف. وقال ابن زمعة: قد أخذت سهما بمائة ألف. فقال معاوية: كم بقي؟ فقال: سهم ونصف. قال أخذته بخمسين ومائة ألف. قال: وباع عبد الله بن جعفر نصيبه من معاوية بستمائة ألف.
فلما فرغ ابن الزبير من قضاء دينه، قال بنو الزبير: اقسم بيننا ميراثنا. قال: لا، والله لا أقسم بينكم حتى أنادي بالموسم أربع سنين ألا من كان له على الزبير دين فليأتنا، فلنقضه، قال: فجعل كل سنة ينادي بالموسم، فلما مضى أربع سنين قسم بينهم. قال: فكان للزبير أربع نسوة، ورفع الثلث، فأصاب كل امرأة ألف ألف ومائتا ألف، فجميع ماله خمسون ألف ألف ومائتا ألف.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم رواه الإمام البخاري في صحيحه (باب استدانة الرجل ووصيته عند الموت) يحكي قصة والده الصحابي الجليل الزبير بن العوام رضي الله عنه، أحد العشرة المبشرين بالجنة، وأحد الستة أهل الشورى، وابن عمة النبي صلى الله عليه وسلم، وحواره الشيق مع ابنه عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما.

شرح المفردات:


● الجمل: معركة الجمل التي وقعت بين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وبين طلحة والزبير وعائشة رضي الله عنهم.
● دَيني: ما عليه من الديون.
● الغابة: اسم بستان أو أرض معروفة بالمدينة.
● السهم: الحصة أو النصيب من الأرض أو المال.
● الموسم: موسم الحج حيث يجتمع الناس من كل مكان.

شرح الحديث:


يحدثنا عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما أن والده الزبير دعاه يوم معركة الجمل، وكان ي预感 بأنه سيلقى حتفه ذلك اليوم، فقال له: إنه لا يُقتل في القتال إلا إما ظالم متعدٍ أو مظلوم مقتول innocently، وأنه يرى نفسه سيقتل مظلوماً (أي بريئاً لم يظلم). ثم انتقل إلى همّ كبير كان يشغله، وهو الديون التي عليه، وسأل ابنه: هل تبقى ديوننا من أموالنا شيئاً؟ (أي هل يكفي المال لسداد الديون؟).
ثم أوصاه ببيع ممتلكاته وسداد دينه، ثم جعل وصيته بالثلث (أي ثلث ماله بعد سداد الديون للتبرع أو الصدقة)، وثلث ذلك الثلث (أي تاسع المال) لولد عبد الله (أي أحفاده). ثم قال: إذا بقي شيء بعد قضاء الدين والوصية، فليكن ثلث الباقي لولدك.
ثم واصل الوصية بالدين، وقال له: إذا عجزت عن سداد شيء من الدين، فاستعن بـ"مولاي". فلم يفهم عبد الله قصد والده حتى سأله: من مولاك؟ فأجابه: الله. فكان عبد الله كلما ضاق به الأمر في سداد الدين يقول: "يا مولى الزبير اقض عنه دينه"، فيقضيه الله تعالى.
وبعد استشهاد الزبير رضي الله عنه، لم يترك ديناراً ولا درهماً نقداً، بل ترك عقارات كثيرة منها أرض الغابة، وعدة دور في المدن الإسلامية. وتبين أن دينه كان بسبب أنه كان يقبل أموال الناس كأمانة، لكنه كان يرفض أن يأخذها كوديعة بل كقرض لأنه يخاف عليها الضياع (أي كان أميناً جداً لا يريد أن يتحمل مسؤولية الوديعة خوفاً من ضياعها). ولم يكن له منصب رسمي إلا الجهاد في سبيل الله.
بلغ الدين 2,200,000 (مليونين ومائتي ألف) درهم. وعندما سأله عمه حكيم بن حزام كم الدين؟ كتمه عبد الله أولاً ثم أخبره، فتعجب عمه من ضخامة المبلغ.
ثم باع عبد الله أرض الغابة بمبلغ كبير (1,600,000 درهم) ووفى دين والده، وكان من بين الدائنين عبد الله بن جعفر الذي كان له 400,000 درهم، وعرض أن يتنازل أو يؤجل، لكن عبد الله أبى وأعطاه حصة من الأرض.
وبعد سداد الدين، طلب ورثة الزبير تقسيم الميراث، لكن عبد الله أبى حتى ينادي في موسم الحج أربع سنوات متتالية ليتأكد من عدم وجود ديون أخرى. وبعد أربع سنوات، قسم الميراث بين الورثة، وكانت حصة كل زوجة من زوجاته الأربع 1,200,000 درهم، وبلغ مجموع التركة 50,200,000 (خمسين مليوناً ومائتي ألف) درهم.

الدروس المستفادة:


1- الحرص على سداد الديون: كان هم الزبير الأكبر هو دينه، حتى في لحظات الخطر والموت.
2- التوكل على الله مع الأخذ بالأسباب: أوصى ابنه ببيع ممتلكاته، واستعان بالله عند العجز.
3- الأمانة والورع: كان الزبير يرفض أخذ الأموال كوديعة خوفاً من ضياعها، ويأخذها كقرض ليتحمل مسؤوليتها.
4- بر الوالدين: عبد الله بن الزبير قام بتنفيذ وصية والده بكامل الأمانة والتفاني.
5- الشفافية والاستبراء للذمة: انتظر أربع سنوات بعد سداد الدين المعروف ليتأكد من عدم وجود ديون أخرى.
6- قضاء الله وقدره: تحقق预感 الزبير بأنه سيقتل مظلوماً، وكان من أهل الإيمان والصدق.

معلومات إضافية:


- الزبير بن العوام من الصحابة العظام، وكان تاجراً غنياً، لكنه كان شديد الورع والأمانة.
- القصة توضح عظمة أخلاق الصحابة، وحسن تعاملهم مع الديون والأموال.
- فيها دليل على كرم الله تعالى وتوفيقه لمن يتوكل عليه ويحرص على حقوق الناس.
هذا والله أعلم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في فرض الخمس (٣١٢٩) عن إسحاق بن إبراهيم قال: قلت لأبي أسامة: أحدثكم هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد الله بن الزبير فذكره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 155 من أصل 643 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من كان له على الزبير حق فليوافنا بالغابة

  • 📜 حديث: من كان له على الزبير حق فليوافنا بالغابة

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: من كان له على الزبير حق فليوافنا بالغابة

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: من كان له على الزبير حق فليوافنا بالغابة

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: من كان له على الزبير حق فليوافنا بالغابة

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, December 18, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب