حديث: عن أم سعد تحلف ألا تكلم ابنها حتى يكفر بدينه

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب أن سعدا نزلت فيه آيات من القرآن الكريم

عن مصعب بن سعد، عن أبيه أنه نزلت فيه آيات من القرآن، قال: فحلفت أم سعد أن لا تكلمه أبدا حتى يكفر بدينه، ولا تأكل، ولا تشرب. قالت: زعمت أن الله وصاك بوالديك، وأنا أمك، وأنا آمرك بهذا. قال: مكثت ثلاثا حتى غُشِيَ عليها من الجهد، فقام ابن لها يقال له: عمارة فسقاها، فجعلت تدعو على سعد، فأنزل الله عز وجل في القرآن هذه الآية: ﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا﴾ [العنكبوت: ٨﴿وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي﴾ [لقمان: ١٥] وفيها ﴿وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا﴾ [لقمان: ١٥].
قال: وأصاب رسول الله ﷺ غنيمة عظيمة، فإذا فيها سيف، فأخذته فأتيت به الرسول ﷺ فقلت: نفِّلني هذا السيف، فأنا من قد علمت حاله. فقال: «رده من حيث أخذته». فانطلقت حتى إذا أردت أن ألقيه في القبض لامتني نفسي، فرجعت إليه، فقلت: أعطنيه. قال: فشدَّ لي صوته: «رده من حيث أخذته». قال: فأنزل الله عز وجل: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ﴾ [الأنفال: ١].
قال: ومرضت فأرسلت إلى النبي ﷺ، فأتاني، فقلت: دعني أقسم مالي حيث شئت. قال:
فأبى. قلت: فالنصف. قال: فأبى. قلت: فالثلث. قال: فسكت، فكان بعد الثلث جائزا.
قال: وأتيت على نفر من الأنصار والمهاجرين، فقالوا: تعال نطعمك ونسقيك خمرا. وذلك قبل أن تحرم الخمر، قال: فأتيتهم في حش -والحش البستان- فإذا رأس جزور مشويّ عندهم، وزق من خمر، قال: فأكلت وشربت معهم. قال: فذكرت الأنصار والمهاجرون عندهم. فقلت: المهاجرون خير من الأنصار. قال: فأخذ رجل أحد لحيى الرأس فضربني به فجرح بأنفى. فأتيت رسول الله ﷺ، فأخبرته، فأنزل الله عز وجل فيَّ -يعنى نفسه- شأن الخمر: ﴿إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ﴾ [المائدة: ٩٠].

صحيح: رواه مسلم في فضائل الصحابة (١٧٤٨ - ٤٣) من طرق عن الحسن بن موسى، ثنا زهير، ثنا سماك بن حرب، ننا مصعب بن سعد، عن أبيه فذكره.

عن مصعب بن سعد، عن أبيه أنه نزلت فيه آيات من القرآن، قال: فحلفت أم سعد أن لا تكلمه أبدا حتى يكفر بدينه، ولا تأكل، ولا تشرب. قالت: زعمت أن الله وصاك بوالديك، وأنا أمك، وأنا آمرك بهذا. قال: مكثت ثلاثا حتى غُشِيَ عليها من الجهد، فقام ابن لها يقال له: عمارة فسقاها، فجعلت تدعو على سعد، فأنزل الله ﷿ في القرآن هذه الآية: ﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا﴾ [العنكبوت: ٨]، ﴿وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي﴾ [لقمان: ١٥] وفيها ﴿وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا﴾ [لقمان: ١٥].
قال: وأصاب رسول الله ﷺ غنيمة عظيمة، فإذا فيها سيف، فأخذته فأتيت به الرسول ﷺ فقلت: نفِّلني هذا السيف، فأنا من قد علمت حاله. فقال: «رده من حيث أخذته». فانطلقت حتى إذا أردت أن ألقيه في القبض لامتني نفسي، فرجعت إليه، فقلت: أعطنيه. قال: فشدَّ لي صوته: «رده من حيث أخذته». قال: فأنزل الله ﷿: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ﴾ [الأنفال: ١].
قال: ومرضت فأرسلت إلى النبي ﷺ، فأتاني، فقلت: دعني أقسم مالي حيث شئت. قال:
فأبى. قلت: فالنصف. قال: فأبى. قلت: فالثلث. قال: فسكت، فكان بعد الثلث جائزا.
قال: وأتيت على نفر من الأنصار والمهاجرين، فقالوا: تعال نطعمك ونسقيك خمرا. وذلك قبل أن تحرم الخمر، قال: فأتيتهم في حش -والحش البستان- فإذا رأس جزور مشويّ عندهم، وزق من خمر، قال: فأكلت وشربت معهم. قال: فذكرت الأنصار والمهاجرون عندهم. فقلت: المهاجرون خير من الأنصار. قال: فأخذ رجل أحد لحيى الرأس فضربني به فجرح بأنفى. فأتيت رسول الله ﷺ، فأخبرته، فأنزل الله ﷿ فيَّ -يعنى نفسه- شأن الخمر: ﴿إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ﴾ [المائدة: ٩٠].

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا الحديث العظيم الذي رواه مصعب بن سعد عن أبيه سعد بن أبي وقاص رضي الله عنهما، يحوي عدة وقائع نزلت فيها آيات من القرآن الكريم تتعلق به، وسأشرحه جزءًا جزءًا وفق ما جاء في كتب أهل السنة والجماعة.

أولاً. شرح المفردات:


● نزلت فيه آيات: أي نزلت الآيات القرآنية بسبب قصته أو تتعلق بأمره.
● غُشِيَ عليها: أُصيبت بالإغماء بسبب الضعف.
● فسقاها: سقاها الماء.
● نفِّلني: أعطني كغنيمة أو عطية.
● الحش: البستان أو المكان المحوط بالأشجار.
● زق من خمر: قربة أو وعاء من الخمر.
● لحيى الرأس: عظم الفك للحيوان.


ثانيًا. شرح الحديث:



# القصة الأولى:

بر الوالدين مع عدم الطاعة في المعصية
● الحدث: حلفت أم سعد رضي الله عنها ألا تكلم ابنها سعدًا ولا تأكل ولا تشرب حتى يكفر بدينه (أي يترك الإسلام)، واستدلت على وجوب طاعتها بقوله تعالى: ﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا﴾.
● رد سعد: ثبت على إيمانه ولم يطعها في المعصية، ومكثت ثلاثة أيام حتى أغمي عليها من الجوع والعطش، فسقاها ابنها الآخر عمارة.
● نزول الآية: أنزل الله تعالى الآيات في سورة العنكبوت (8) وسورة لقمان (15) لتبيين أن بر الوالدين واجب، لكن لا طاعة لهما في معصية الله، خاصة في الشرك. قال تعالى:
﴿وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا﴾.

# القصة الثانية:

أمر الغنائم ونزول آية الأنفال
● الحدث: بعد غزوة بدر أو غيرها، أصاب المسلمون غنيمة فيها سيف، فأخذه سعد وطلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يعطيه إياه لفضله وجهاده.
● رد النبي صلى الله عليه وسلم: أمره برد السيف إلى الغنائم قائلاً: «رده من حيث أخذته»، ثم كرر سعد الطلب فأمره النبي مرة أخرى بردّه.
● نزول الآية: نزلت سورة الأنفال لبيان حكم الغنائم وأنها لله ورسوله، لا للأفراد. قال تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ﴾.

# القصة الثالثة:

الوصية بالثلث في المرض
● الحدث: مرض سعد رضي الله عنه، فأراد أن يوصي بكل ماله في سبيل الله، فرفض النبي صلى الله عليه وسلم، ثم عرض النصف فرفض، ثم الثلث فسكت النبي، فدل سكوته على الجواز.
● الحكم: أصبح الثلث هو الحد الأقصى المستحب في الوصية، كما ثبت في الأحاديث الأخرى.

# القصة الرابعة:

شرب الخمر قبل التحريم ونزول آية التحريم
● الحدث: قبل تحريم الخمر، دعاه نفر من الأنصار والمهاجرين ليأكلوا ويشربوا خمرًا، فشرب معهم، ثم قال: "المهاجرون خير من الأنصار" فغضب أحد الأنصار فضربه بلحيي جَزورٍ (عظم فك الجمل) فجرح أنفه.
● نزول الآية: أنزل الله تعالى تحريم الخمر في سورة المائدة (90):
﴿إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ﴾.


ثالثًا. الدروس المستفادة:


1- بر الوالدين لا يتعارض مع التوحيد: يجب بر الوالدين والإحسان إليهما، لكن لا طاعة لهما في معصية الله.
2- العدل في تقسيم الغنائم: الغنائم ليست ملكًا للأفراد، بل تُقسّم حسب ما أمر الله ورسوله.
3- الوصية بالثلث: يستحب ألا تزيد الوصية عن الثلث حفظًا لحق الورثة.
4- تحريم الخمر: الخمر من أعمال الشيطان، وقد نزل تحريمها تدريجيًا، وهذه الحادثة كانت من أسباب التحريم القاطع.
5- الصبر على الأذى: ثبات سعد رضي الله عنه على الحق رغم ضغط أمه وأذى الصحابة.


رابعًا. معلومات إضافية:


● سعد بن أبي وقاص: من العشرة المبشرين بالجنة، وأول من رمى بسهم في سبيل الله.
● الآيات المذكورة: نزلت في مناسبات مختلفة، ولكنها جمعت في الحديث لارتباطها بسعد رضي الله عنه.
● الخمر حُرِّمت تدريجيًا: بدءًا بالنهي عن الصلاة أثناء السكر، ثم التحريم القاطع.
هذا والله أعلم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في فضائل الصحابة (١٧٤٨ - ٤٣) من طرق عن الحسن بن موسى، ثنا زهير، ثنا سماك بن حرب، ننا مصعب بن سعد، عن أبيه فذكره.
وفي لفظ: «نزلت فيَّ أربع آيات: فذكر قصة السيف، وفيه أنه كرر طلبه أربع مرات، ويقول له النبي ﷺ في كل مرة: «ضعه من حيث أخذته».
رواه مسلم في الجهاد (١٧٤٨ - ٣٤) وفي فضائل الصحابة (١٧٤٨ - ٤٤) من طرق عن محمد بن جعفر، ثنا شعبة، عن سماك بن حرب، عن مصعب بن سعد، عن أبيه قال: فذكره.
وزاد في فضائل الصحابة: «زاد في حديث شعبة: قال: فكانوا إذا أرادوا أن يُطْعِموها شجروا فاها بعصا، ثم أوجروها، وفي حديثه أيضا: فضرب به أنف سعد ففزره، وكان أنف سعد مفزورا». أي مشقوقا.
قال الأعظمي: تبين مما سبق أن سعدا نزلت فيه أربع آيات، ولكن ورد في هذه الطرق ذكر ثلاث آيات فقط، وسيأتي ذكر الآية الرابعة إن شاء الله.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 162 من أصل 643 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: عن أم سعد تحلف ألا تكلم ابنها حتى يكفر بدينه

  • 📜 حديث: عن أم سعد تحلف ألا تكلم ابنها حتى يكفر بدينه

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: عن أم سعد تحلف ألا تكلم ابنها حتى يكفر بدينه

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: عن أم سعد تحلف ألا تكلم ابنها حتى يكفر بدينه

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: عن أم سعد تحلف ألا تكلم ابنها حتى يكفر بدينه

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب