إن أمركن لمما يهمني بعدي

حديث: إن أمركن لمما يهمني بعدي

عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، عن عائشة أن رسول الله ﷺ كان يقول: «إن أمركن لمما يهمني بعدي، ولن يصبر عليكن إلا الصابرون». قال: ثم تقول عائشة: فسقى الله أباك من سلسبيل الجنة، تريد عبد الرحمن بن عوف، وقد كان وصل أزواج النبي ﷺ بمال، يقال: بيعت بأربعين ألفا.

حسن: رواه الترمذي (٣٧٤٩)، وأحمد (٢٤٤٨٥)، وصحّحه ابن حبان (٦٩٩٥)، والحاكم (٣/ ٣١٢) كلهم من طريق بكر بن مضر، حدثنا صخر بن عبد الله بن حرملة، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عائشة فذكرته.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين وإمام المتقين.
أهلاً وسهلاً بك أيها السائل الكريم، ونسأل الله أن يوفقنا جميعاً لفهم سنة نبيه ﷺ والعمل بها.
هذا حديث عظيم يرويه الإمام البخاري في صحيحه، وغيره من أئمة الحديث، وهو يتضمن موقفاً مهماً من مواقف النبي ﷺ مع أزواجه أمهات المؤمنين رضي الله عنهن أجمعين.

أولاً. شرح المفردات:

● «إن أمركن لمما يهمني بعدي»: أي أن شأنكن وأحوالكن مما يشغل بالي ويقلقني بعد وفاتي.
● «ولن يصبر عليكن إلا الصابرون»: أي لن يتحمل مشقة القيام بأمركن ورعاية حقوقكن إلا من منَّ الله عليه بصبر عظيم.
● «فسقى الله أباك من سلسبيل الجنة»: دعاء بالخير والرحمة، والسُّلْسَبِيل هو النهر العذب السهل الجاري في الجنة.
● «وصل أزواج النبي ﷺ بمال»: أي أعطاهن وأحسن إليهن بعطاء وصدقة.

ثانياً. شرح الحديث:

يخبرنا هذا الحديث عن جانب من رحمة النبي ﷺ وشفقته العظيمة على زوجاته أمهات المؤمنين. فقبل وفاته ﷺ، كان يشغله أمرهن ومستقبلهن بعد رحيله، ويخشى عليهن من ضيق الحال أو تقصير الناس في حقهن. فبيَّن ﷺ أن القيام على أمرهن ورعايتهن يحتاج إلى صبر كبير، لأنه تكليف شاق، ولن يتحمله إلا من وهبه الله قلباً صبوراً.
ثم تأتي مقولة السيدة عائشة رضي الله عنها التي تمدح فيها عبد الرحمن بن عوف - والد الراوي أبي سلمة بالتبني - وتدعو له بأن يسقيه الله من أنهار الجنة. وسبب هذا الدعاء المبارك أن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، وهو من العشرة المبشرين بالجنة ومن أغنياء الصحابة الكرماء، قد أوصى لأزواج النبي ﷺ بمالٍ كبيرٍ بلغ أربعين ألف دينار بعد وفاة النبي ﷺ، فكان بذلك من الذين صدقوا في صبرهم وتحملوا هذه المسؤولية العظيمة التي أخبر عنها النبي ﷺ.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:

1- الرحمة والشفقة خلق النبي ﷺ: فقد كان ﷺ يهتم لأمر أمته جميعاً، حتى بعد وفاته، ومن ذلك اهتمامه البالغ بأزواجه وصحابته.
2- مكانة أمهات المؤمنين: يجب توقيرهن واحترامهن، والقيام على رعايتهن وحمايتهن، فهن أمهات المؤمنين وأهل بيت النبوة.
3- فضل الصبر على القيام بحقوق الآخرين: خاصة حقوق أهل الفضل والصلاح، فذلك من علامات الإيمان وكرم الأخلاق.
4- فضل عبد الرحمن بن عوف وكرمه: كان رضي الله عنه مثالاً في الجود والكرم والحرص على إرضاء الله ورسوله، حتى بعد وفاة النبي ﷺ.
5- الدعاء للمحسنين: من السنة الدعاء لمن أحسن إلينا، كما فعلت السيدة عائشة مع عبد الرحمن بن عوف.
6- حب الصحابة وموالاتهم: فالحديث يظهر لنا جانباً من تعاونهم وتكافلهم وحرصهم على تنفيذ وصايا النبي ﷺ.

رابعاً. معلومات إضافية:

- هذا الحديث أصل في بيان فضل الإنفاق على أهل بيت النبي ﷺ وذوي القربى، وهو من أبواب الصدقة المستحبة.
- عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه كان تاجراً ناجحاً شديد الكرم، وكان من أكثر الصحابة إنفاقاً في سبيل الله.
- قصة وصيته لأزواج النبي ﷺ مذكورة في كتب السير والتراجم، وهي نموذج عملي لفهم هذا الحديث النبوي الشريف.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من الصابرين المحسنين، وأن يرزقنا حب نبيه ﷺ وحب أصحابه وأهل بيته، وأن يوفقنا للاقتداء بهم في الخير.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الترمذي (٣٧٤٩)، وأحمد (٢٤٤٨٥)، وصحّحه ابن حبان (٦٩٩٥)، والحاكم (٣/ ٣١٢) كلهم من طريق بكر بن مضر، حدثنا صخر بن عبد الله بن حرملة، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عائشة فذكرته.
وقال الترمذي: «هذا حديث حسن غريب».
وإسناده حسن من أجل صخر بن عبد الله بن حرمله المدلجي فإنه حسن الحديث. قال النسائي: «صالح ووثّقه ابن حبان والعجلي». وقال الذهبي في التلخيص: صدوق.
وقوله: «إن أمركن لمما يهمني بعدي» يعني أمر أزواجه ﷺ، فقد دخل على إحدى عشرة امرأة ماتت منهن عنده ﷺ، خديجة بنت خويلد، وزينب بنت خزيمة أم المساكين، ومات هو عن سائرهن.
وكان عبد الرحمن بن عوف ممن اهتم بأمور أمهات المؤمنين بعد النبي ﷺ فأوصى بحديقة لأمهات المؤمنين بيعت بأربعين ألفا أو أربع مائة ألف كما عند الترمذي (٣٧٥٠).
جموع مناقب أبي عبيدة بن الجراح وسعيد بن زيد
قال أبو بكر الصديق وقت وفاة رسول ﷺ بسقيفة بني ساعدة: قد رضيت لكم أحد هذين الرجلين: عمرو أبا عبيدة، وكان أبو بكر ولَّى أبا عبيدة بيت المال - يعني أموال المسلمين. توفي سنة ثمان عشرة، وله ثمان وخمسون سنة، وكان يخضب بالحناء والكتم.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 180 من أصل 643 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: إن أمركن لمما يهمني بعدي

📜 حديث: إن أمركن لمما يهمني بعدي

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: إن أمركن لمما يهمني بعدي

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: إن أمركن لمما يهمني بعدي

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: إن أمركن لمما يهمني بعدي

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية