القرآن الكريم | أحكام التجويد | الأحرف السبعة : أقول العلماء في الأحرف السبعة و علاقتها بالقراءات المتواترة .

الأحرف السبعة

ما هو معنى الأحرف السبعة ؟

ما هو القول الراجح في الأحرف السبعة ؟

عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " أقرأني جبريل على حرف، فلم أزل أستزيده، ويزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف ". متفق عليه.

وعن أبي بن كعب  أن النبي صلى الله عليه وسلم كان عند أضاة بني غفار قال فأتاه جبريل عليه السلام فقال : إن الله يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على حرف فقال أسأل الله معافاته ومغفرته وإن أمتي لا تطيق ذلك ثم أتاه الثانية فقال إن الله يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على حرفين فقال أسأل الله معافاته ومغفرته وإن أمتي لا تطيق ذلك ثم جاءه الثالثة فقال إن الله يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على ثلاثة أحرف فقال أسأل الله معافاته ومغفرته وإن أمتي لا تطيق ذلك ثم جاءه الرابعة فقال إن الله يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على سبعة أحرف فأيما حرف قرأوا عليه فقد أصابوا. رواه مسلم

وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال:  سمعت هشام بن حكيم بن حزام يقرأ سورة الفرقان في حياة رسول الله  فاستمعت لقراءته فإذا هو يقرؤها على حروف كثيرة لم يقرئنيها رسول الله  فكدت أساوره في الصلاة فانتظرته حتى سلم فلببته فقلت من أقرأك هذه السورة التي سمعتك تقرأ قال أقرأنيها رسول الله  فقلت له كذبت فوالله إن رسول الله  لهو أقرأني هذه السورة التي سمعتك فانطلقت به إلى رسول الله  أقوده فقلت يا رسول الله إني سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان على حروف لم تقرئنيها وإنك أقرأتني سورة الفرقان فقال يا هشام اقرأها فقرأها القراءة التي سمعته فقال رسول الله  هكذا أنزلت ثم قال اقرأ يا عمر فقرأتها التي أقرأنيها فقال رسول الله  هكذا أنزلت ثم قال رسول الله  إن القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرؤوا ما تيسر منه. متفق عليه

 اختلف العلماء في تحديد معنى الأحرف السبع على عدة أقوال أشهرها :

القول الأول : أن الأحرف السبعة هي سبع لغات من لغات قبائل العرب الفصيحة كلغة قريش ولغة هذيل ولغة هوازن وغيرها.  وذلك مراعاةً لما بين هذه اللغات من الفوارق. وهذا القول هو اختيار القاسم بن سلاَّم  وابن عطية وآخرون ، قال ابن الجزري : وأكثر العلماء على أنها لغات .

القول الثاني :  أن الأحرف السبعة هي سبعة أوجه من المعاني المتفقة، بألفاظ مختلفة. وإلى هذا القول ذهب أبو الفضل الرازى وابن قتيبة وابن الجزرى وغيرهم. وهذه الأوجه السبعة هي :

- اختلاف الأسماء من إفراد وتثنية وجمع وتذكير وتأنيث. ومثال ذلك قوله تعالى : ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ {المؤمنون 8} حيث قرئ "لأَمَانَاتِهِمْ بالإفراد

 اختلاف تصريف الأفعال من ماض ومضارع وأمر، ومن أمثلته:  ﴿فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا  {سبأ 19} بصيغة الدعاء، وقرئ أيضا "رَبَّنَا بَاعَدَ فعلا ماضيا.
 اختلاف وجوه الإعراب ومن أمثلته قوله تعالى : ﴿ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ {البروج 15} قرئ برفع "الْمَجِيدُ" وجره.
 اختلاف بالنقص والزيادة، ومثله قوله تعالى : ﴿وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى {الليل 3} قرئ " الذَّكَرَ وَالْأُنثَى "
 الاختلاف بالتقديم والتأخير. مثل قوله ﴿فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ {التوبة 111} قرئ أيضا "فَيُقْتَلونَ ويَقْتُلُون".

 القلب والإبدال : مثل قوله تعالى ﴿وَانظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا {البقرة 259} بالزاي قرئ " نُنشِرُُهَا " بالراء.
 اختلاف اللهجات كالفتح والإمالة والتفخيم والترقيق والإظهار والإدغام مثل قوله تعالى ﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى {النازعات 15} قرئ بالفتح والإمالة في "أتى" و"موسى"

وهذان القولان هما أرجح ما قيل في بيان مدلول الأحرف السبعة.والقول الأول أقوى والله أعلم.

تنبيه هام : تجدر الإشارة هنا أن الأحرف السبعة ليست هي القراءات السبع المتواترة اليوم. وهذا الإلتباس سببه اتحاد العدد بين الأحرف والقراءات. ولم تُعرف القراءات السبع إلا في القرن الرابع على يد الإمام المقرىء ابن مجاهد الذي جمع  قراءات بعض الأئمة القراء، فاتفق أن كان عددها موافقا لعدد الأحرف. يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في هذا المعنى " لا نزاع بين العلماء المعتبرين أن الأحرف السبعة التي ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن القرآن نزل عليها ليست هي قراءات القراء السبعة المشهورة ".

أيضا تجدر الإشارة إلى أن عثمان وبقية الصحابة رضوان الله عليهم جمعوا القرآن على حرف واحد وهو حرف قريش، وأن القراءات المتواترة المشهورة تدخل ضمن هذا الحرف. قال ابن القيم رحمه الله : ومن ذلك : جمع عثمان بن عفان رضي الله عنه الأمة على حرف واحد من الأحرف السبعة لئلا يكون اختلافهم فيها ذريعة إلى اختلافهم في القرآن ووافقه على ذلك الصحابة رضي الله عنهم. (إغاثة اللهفان وورد نحوه في الطرق الحكمية)