قائمة السور | مواضيع القرآن الكريم مرتبة حسب الآيات :آيات القرآن الكريم مقسمة حسب كل موضوع و فئة | لقراءة سورة كاملة اختر من : فهرس القرآن | - للاستماع للقراء : القرآن الكريم mp3
آيات قرآنية عن أوامر الله في القرآن الكريم
✅ مواضيع القرآن الكريم
﴿وَإِذۡ أَخَذۡنَا مِيثَٰقَ بَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ لَا تَعۡبُدُونَ إِلَّا ٱللَّهَ وَبِٱلۡوَٰلِدَيۡنِ إِحۡسَانٗا وَذِي ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡيَتَٰمَىٰ وَٱلۡمَسَٰكِينِ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسۡنٗا وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَ ثُمَّ تَوَلَّيۡتُمۡ إِلَّا قَلِيلٗا مِّنكُمۡ وَأَنتُم مُّعۡرِضُونَ ﴾ [البقرة: 83]
إفراد الله بالعبادة أوَّل ميثاقٍ أُخِذ على بني إسرائيل، وهو أوَّل ميثاقٍ أُخِذ على البشرية في أوَّل أوامر القرآن: ﴿يا أيُّها الناسُ اعبُدوا ربَّكم﴾ . أوثق المواثيق توحيدُ الله تعالى؛ إنه الأصل في الحياة الكريمة، وكلُّ فعل جميل وخُلق نبيل تبَعٌ له، ومتى أخلَّ العبد بأصله خسر كلَّ ما بعده! أعظِم ببِرِّ الوالدين والإحسان إليهما! ألا ترى أن الله قرن بِرَّهما بتوحيده وإخلاص عبادته؟ وإن الإحسان نهاية البِرِّ فيدخل فيه كلُّ ما ينبغي من الرعاية والعناية وخفض الجناح. مَن لم يجد أبًا يحنو عليه فليعلم أن له ربًّا أرحم به من أبيه، لقد أخذ الله الميثاقَ على الناس جميعًا بالإحسان إلى اليتيم. إن في الله خلَفًا عن كلِّ مفقود. حقُّ المسكين يتجاوز البذلَ الواجب إلى مُطلَق الإحسان إليه، فإن تعذَّر الإحسان بالمال فبالكلمة الطيِّبة، فإنها صدقة. أخذ الله الميثاقَ عليك أن تقولَ للناس حُسنًا؛ أمرًا بمعروف، أو نهيًا عن منكر، أو تبشيرًا وتشجيعًا، فهل تعجِز عن ذلك ؟! استعِن على الوفاء بالميثاق بالصلاة لتُصلحَ قلبَك وأخلاقك، وبالزكاة لتتعوَّدَ البذلَ وتصِلَ الأقربين، وبهما كمالُ الإحسان، وإنك لأهلٌ له. |
﴿وَقَالَتِ ٱلۡيَهُودُ لَيۡسَتِ ٱلنَّصَٰرَىٰ عَلَىٰ شَيۡءٖ وَقَالَتِ ٱلنَّصَٰرَىٰ لَيۡسَتِ ٱلۡيَهُودُ عَلَىٰ شَيۡءٖ وَهُمۡ يَتۡلُونَ ٱلۡكِتَٰبَۗ كَذَٰلِكَ قَالَ ٱلَّذِينَ لَا يَعۡلَمُونَ مِثۡلَ قَوۡلِهِمۡۚ فَٱللَّهُ يَحۡكُمُ بَيۡنَهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخۡتَلِفُونَ ﴾ [البقرة: 113]
لم ينتفع أهلُ الكتاب بكتابهم، شأنهم شأن المشركين الأمِّيِّين، جحَدوا الحقَّ الذي مع غيرهم تعصُّبًا لحظوظهم، وكأن إقامة صَرحهم لا تكون إلا على أنقاض غيرهم! يحتذي بعض المسلمين حذوَ أهل الكتاب حين تغلي في نفوسهم الحَميَّة؛ فيتعصَّبون لأنفسهم، ويتمكَّن الشيطان من تفريق كلمتهم، فيترامَون بالكفر دون برهان. مَن أيقن أنه موقوفٌ مع خصمه المخالف له بين يدَي حكمٍ عدلٍ اعتدل في خلافه، ولم يفجُر في خصومته. |
﴿هَلۡ يَنظُرُونَ إِلَّآ أَن يَأۡتِيَهُمُ ٱللَّهُ فِي ظُلَلٖ مِّنَ ٱلۡغَمَامِ وَٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ وَقُضِيَ ٱلۡأَمۡرُۚ وَإِلَى ٱللَّهِ تُرۡجَعُ ٱلۡأُمُورُ ﴾ [البقرة: 210]
ماذا ينتظر المفسدون، الذين هم لخطُوات الشيطان متَّبعون؟! الهُدى بين أيديهم، والبيِّنات نُصبَ أعينهم، ولم يبقَ إلا قضاء الله فيهم. إلى الله وحدَه ترجع الأمور كلُّها، فيحكم فيها بعدله، ويرحم مَن يشاء بفضله، فلا تعلِّق رجاءك بغيره. |
﴿وَلِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۚ وَإِلَى ٱللَّهِ تُرۡجَعُ ٱلۡأُمُورُ ﴾ [آل عمران: 109]
من علم أنه لن يُغنيَ مملوكٌ عن مملوك شيئًا، وأن الخلق كلَّهم لله يتصرَّف فيهم كيـف يشـاء، ويجـازي كلًّا بمـا يستحقُّ، استعدَّ لما أمامه، ولم يرضَ أن يكونَ ذيلًا لأحدٍ في الباطل. إذا كان جميع ما في السماوات والأرض لله، وجميع الأمور ترجع إلى الله، فاجعل أمرك كلَّه لله؛ فذلك سبيلُ نجاتك ونجاحك. |
﴿لَيۡسَ لَكَ مِنَ ٱلۡأَمۡرِ شَيۡءٌ أَوۡ يَتُوبَ عَلَيۡهِمۡ أَوۡ يُعَذِّبَهُمۡ فَإِنَّهُمۡ ظَٰلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 128]
لم يَكِل الله إلى أحدٍ من عباده مهما علا شأنُه شيئًا من أمر الثواب أو العذاب، فلا تعوِّل إلا على الله، ولا تتعلَّق إلا بحِماه. ليس لأحدٍ من الخلق أن يحكمَ على عواقب الناس ومآلاتهم في الآخرة، فإنَّ ذلك لله وحدَه. |
﴿ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيۡكُم مِّنۢ بَعۡدِ ٱلۡغَمِّ أَمَنَةٗ نُّعَاسٗا يَغۡشَىٰ طَآئِفَةٗ مِّنكُمۡۖ وَطَآئِفَةٞ قَدۡ أَهَمَّتۡهُمۡ أَنفُسُهُمۡ يَظُنُّونَ بِٱللَّهِ غَيۡرَ ٱلۡحَقِّ ظَنَّ ٱلۡجَٰهِلِيَّةِۖ يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ ٱلۡأَمۡرِ مِن شَيۡءٖۗ قُلۡ إِنَّ ٱلۡأَمۡرَ كُلَّهُۥ لِلَّهِۗ يُخۡفُونَ فِيٓ أَنفُسِهِم مَّا لَا يُبۡدُونَ لَكَۖ يَقُولُونَ لَوۡ كَانَ لَنَا مِنَ ٱلۡأَمۡرِ شَيۡءٞ مَّا قُتِلۡنَا هَٰهُنَاۗ قُل لَّوۡ كُنتُمۡ فِي بُيُوتِكُمۡ لَبَرَزَ ٱلَّذِينَ كُتِبَ عَلَيۡهِمُ ٱلۡقَتۡلُ إِلَىٰ مَضَاجِعِهِمۡۖ وَلِيَبۡتَلِيَ ٱللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمۡ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمۡۚ وَٱللَّهُ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ ﴾ [آل عمران: 154]
مَن ظنَّ بأن الله لا ينصُر رسوله، ولا يؤيِّده وحزبَه، فقد ظنَّ بالله ظنَّ السوء، ونسبَه إلى خلاف ما يليق بكماله وجلاله، وذلك من علامات النفاق وخِصال المنافقين. كم تنطوي نفوسٌ على سوء ظنٍّ بالله، ويخطِر لها أن لو كانت المقاديرُ بأيديها، والشرائع من صُنع عقولها، ولكنَّ الأمر بفضل الله أحكمُ وأهدى. أمر هذا الدِّين كلُّه لله وحدَه، وما على العبد إلا أن يؤدِّيَ واجباته، ويفيَ بعهوده، ويسلِّمَ الأمر بعد ذلك للحكيم العليم. كلَّما أُصبتَ بمصيبةٍ فجعلَت نفسُك تلومك وتقول: لو فعلتَ كذا لما كان ذا. . فقل لها: لو كنتِ في دارك لبرَزتِ إلى مصائبك، فلا مفرَّ من القدَر. ليس كالمِحنة مِـحَكٌّ يكشف ما تخفيه النفوس، فينفي عنها الزَّيفَ والرِّياء، ويُبرزها على حقيقتها بلا طِلاء. دَع عنك الرهبةَ ممَّا يُضمره المنافقون، وما يتربَّص به الأعداء الحاقدون، فإن الله به عليم، فتوكَّل على الجليل العظيم، فهو حسبُك ونعم الوكيل. |
﴿قُلۡ إِنِّي عَلَىٰ بَيِّنَةٖ مِّن رَّبِّي وَكَذَّبۡتُم بِهِۦۚ مَا عِندِي مَا تَسۡتَعۡجِلُونَ بِهِۦٓۚ إِنِ ٱلۡحُكۡمُ إِلَّا لِلَّهِۖ يَقُصُّ ٱلۡحَقَّۖ وَهُوَ خَيۡرُ ٱلۡفَٰصِلِينَ ﴾ [الأنعام: 57]
الإسلام دينُ عزٍّ وفَخار، ووضوحٍ وصفاء، فمَن تمسَّك به فليَجهَر بإيمانه بين الأنام، ولا يستحي من تمسُّكه به في العقيدة والسُّلوك والأحكام. احمَدِ اللهَ على نعمة الهداية التي وصلت إليك بغير كُلفة، وتأمَّل في أولئك الذين كذَّبوا بالآيات البيِّنات التي عرضَها عليهم رسولُ الله، لكنَّهم لم يقبلوها، وهي من الله لم تزل غضَّةً طَرِية! استعجال العذاب صورةٌ تعبِّرُ عن قمَّةِ التكذيب والاستهزاء، ونهايةِ التحدِّي والطغيان، ولمَّا لم يكن أمرُ العذاب بيد رسول الله نفاه عن نفسه، ولكنَّه آتيهم لا محالةَ ولو مُدَّ لهم حبلُ الإمهال. الله تعالى هو الحَكَمُ بين عباده، يعذِّب بعدله، ويُثيبُ بفضله، ويعجِّل العذابَ لمَن يشاء، ويؤخِّرُه عمَّن يريد، لا رادَّ لحُكمه، ولا غالبَ لأمره. مَن ذا الذي لا يَحمَدُ حُكمَ الله تعالى وقولُه هو الفصل، وما هو بالهزل، يقضي بين العباد بالعدل، ويُحقُّ الحقَّ في الدنيا والآخرة؟ |
﴿ثُمَّ رُدُّوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ مَوۡلَىٰهُمُ ٱلۡحَقِّۚ أَلَا لَهُ ٱلۡحُكۡمُ وَهُوَ أَسۡرَعُ ٱلۡحَٰسِبِينَ ﴾ [الأنعام: 62]
قد خلقك ربُّك لعبادته وأنت عائدٌ إليه ولا بدَّ، فهل ستعودُ إليه محقِّقًا ما خلقك من أجله، أو ستعودُ بما خالفَه، فتذكَّر عِظمَ المقابلة وما زلتَ في أرض السفر. مَن لا يشغَلُه شأنٌ عن شأن، لا يشغلُه حسابٌ عن حساب، وأنَّى لأحدٍ أن يماطلَ في حسابه يومئذٍ أو يغالطَ علَّامَ الغيوب؟ |
﴿۞ قُلۡ تَعَالَوۡاْ أَتۡلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمۡ عَلَيۡكُمۡۖ أَلَّا تُشۡرِكُواْ بِهِۦ شَيۡـٔٗاۖ وَبِٱلۡوَٰلِدَيۡنِ إِحۡسَٰنٗاۖ وَلَا تَقۡتُلُوٓاْ أَوۡلَٰدَكُم مِّنۡ إِمۡلَٰقٖ نَّحۡنُ نَرۡزُقُكُمۡ وَإِيَّاهُمۡۖ وَلَا تَقۡرَبُواْ ٱلۡفَوَٰحِشَ مَا ظَهَرَ مِنۡهَا وَمَا بَطَنَۖ وَلَا تَقۡتُلُواْ ٱلنَّفۡسَ ٱلَّتِي حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلَّا بِٱلۡحَقِّۚ ذَٰلِكُمۡ وَصَّىٰكُم بِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تَعۡقِلُونَ ﴾ [الأنعام: 151]
ارتقُوا أيها الناس، وارتفِعوا من حضيض التشريعات الوضعيَّة، إلى سموِّ الأحكام الربانيَّة. إن الله هو الربُّ لعباده فهل يكونُ الحُكم فيهم إلا له وهو خالقُهم العليمُ بما يُصلِحُهم؟! الشِّرك بالله هو أشدُّ المحرَّماتِ وأعلاها، وشرُّ المعاصي وأخبثُها؛ لأنه خروجٌ عن حقِّ العبودية الخالصة للمعبود الواحد إلى غيره من خلقه. الأمر ببرِّ الوالدين مقترنٌ بالأمر بتوحيد الله، وذلك لأن للهِ تعالى على الإنسان نعمةَ الخلق والإيجاد، وللوالدين بعد الله نعمةَ التربية والإيلاد، فاشكرِ الله بالتوحيد، واشكر والديك بالبِرِّ. لقد ضمنَ اللهُ للناسِ أرزاقَهم قبل الإيجاد، فليس للإنسان العاقلِ أن يخشى كثرةَ الأولاد، فالخالقُ هو الرازق سبحانه وتعالى. تحديد النَّسلِ من أجل الحفاظ على رُقيِّ الاقتصاد نظرةٌ مادِّية خاطئة، فكلُّ مخلوقٍ ورزقُه مقترنان، وزيادةُ الأعداد زيادةٌ في الإنتاج. الإسلامُ دِينُ وقايةٍ قبل أن يقيمَ الحدودَ ويوقِعَ العقوبات، وهو دينُ حمايةٍ للضمائر والجوارح قبل التأديبِ على ركوبِ الموبقات. الإنسان المراقِبُ لله يفرُّ عن المعاصي خوفًا من ربِّه المعبود، لا فرارًا من العقوبة وإقامةِ الحدود، ويتعبَّدُ لله بترك الخطيئات، كما يتعبَّدُ له تعالى بفعل الطاعات. ظاهر النصِّ القرآنيِّ النهيُ عن القُرب من المعصيةِ لا عن إتيانها، ليحثَّ العبدَ على البعد عن أسبابها، وطرقِ الوصول إليها. |
﴿وَلَا تَقۡرَبُواْ مَالَ ٱلۡيَتِيمِ إِلَّا بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُ حَتَّىٰ يَبۡلُغَ أَشُدَّهُۥۚ وَأَوۡفُواْ ٱلۡكَيۡلَ وَٱلۡمِيزَانَ بِٱلۡقِسۡطِۖ لَا نُكَلِّفُ نَفۡسًا إِلَّا وُسۡعَهَاۖ وَإِذَا قُلۡتُمۡ فَٱعۡدِلُواْ وَلَوۡ كَانَ ذَا قُرۡبَىٰۖ وَبِعَهۡدِ ٱللَّهِ أَوۡفُواْۚ ذَٰلِكُمۡ وَصَّىٰكُم بِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تَذَكَّرُونَ ﴾ [الأنعام: 152]
الإسلام يحمي حقَّ الضعيفِ حتى يصيرَ قويًّا، ويحذِّرُ القويَّ من أن يكونَ ظلومًا، فاليتيمُ ضعيفٌ حماه الله بنهي المجتمع عن التعدِّي على ماله بغير الإحسان، حتى يشتدَّ عودُه ويستدَّ رأيُه. صيانةً لحقوق العباد، ومنعًا من الظلم والفساد؛ أمرَت الشريعةُ بتوفية الكَيل والوزن بالعدل؛ إنصافًا للبائع وللمشتري. قد تفوتُ الإنسانَ دقَّةُ المقادير لعجزه وضعفه، مع حرصه على وفاء الحقوق، فعُفيَ عمَّا خرج عن القدرة؛ إذ لا يكلِّف الله الرحيمُ نفسًا إلا وُسعَها. العدل في الأقوال واجبٌ مع الموافق والمخالف، ولا يدفعُ المؤمنَ عنه إلى الحَيفِ والميلِ قرابةُ قريبٍ ولا محبَّةُ حبيب. أُضيفَ العهدُ إلى اللهِ لتربية المهابة في النفس، لكي تهتمَّ بهذا العهد، وتنصرفَ إليه ولا تنصرفَ عنه؛ لِما له من أهميَّةٍ وشرفٍ على سائر العهود. على المسلم الأخذُ بالحذرِ من أن تَركَنَ نفسُه إلى حظوظها، أو أن يُغريَها مقتضى طبعِها وإلفُ عاداتِها، فتنسى وصايا اللهِ لها وتَغفُل عنها، فلا تستيقظُ إلا وقد رَتعَت في ما نهى الله عنه. كثرة معالجةِ الأعمال وممارستِها قد تحمل غيرَ المتذكِّر على الغفلة عن تكليف الله فيها، فمَن رافقَه التذكُّرُ وافقَه السَّداد. |
﴿وَأَنَّ هَٰذَا صِرَٰطِي مُسۡتَقِيمٗا فَٱتَّبِعُوهُۖ وَلَا تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمۡ عَن سَبِيلِهِۦۚ ذَٰلِكُمۡ وَصَّىٰكُم بِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ ﴾ [الأنعام: 153]
سبيل الله واحدٌ غيرُ متعدِّد، فلا تُلهينَّك طرقُ الباطل وإن تعدَّدت، ولا تُغرينَّك سُبلُ الضلال ولو تزيَّنت. مَن رزقه الله نعمةَ سلوكِ الصِّراط المستقيم فليَثبُت عليه، وليشكر اللهَ على نعمته لديه، فما أكثرَ سبلَ الضلال والأهواء، وما أشدَّ دعَواتِ الانحراف والإغواء! لمَّا كان الغرضُ من الوصايا هو الوقايةَ من عذابِ الله وسَخَطه، فما أحسنَ ختامَها بالأمرِ بالتقوى! |
﴿قُلۡ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ ٱلۡفَوَٰحِشَ مَا ظَهَرَ مِنۡهَا وَمَا بَطَنَ وَٱلۡإِثۡمَ وَٱلۡبَغۡيَ بِغَيۡرِ ٱلۡحَقِّ وَأَن تُشۡرِكُواْ بِٱللَّهِ مَا لَمۡ يُنَزِّلۡ بِهِۦ سُلۡطَٰنٗا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ مَا لَا تَعۡلَمُونَ ﴾ [الأعراف: 33]
حُرِّمت أصولُ المحرَّماتِ هذه لفسادٍ لازم فيها، لا لعلَّةٍ عارضةٍ طرأت عليها. تأمَّل ما حَرَّمه سبحانه على عباده في هذه الآية، كأنه يشير إلى ما فيه فسادُ الشَّهوة والعمل والعدل والعلم؛ فبفسادِ هذه الأمور فسادُ الدين. |
﴿وَإِذۡ يُرِيكُمُوهُمۡ إِذِ ٱلۡتَقَيۡتُمۡ فِيٓ أَعۡيُنِكُمۡ قَلِيلٗا وَيُقَلِّلُكُمۡ فِيٓ أَعۡيُنِهِمۡ لِيَقۡضِيَ ٱللَّهُ أَمۡرٗا كَانَ مَفۡعُولٗاۗ وَإِلَى ٱللَّهِ تُرۡجَعُ ٱلۡأُمُورُ ﴾ [الأنفال: 44]
جرت حكمةُ الله في ترتيب أمور الحياة على أسباب؛ ففي غزوة بدر قلَّل الله كلَّ فريقٍ في نظر الآخر؛ حتى يُتمَّ نصرَه لجنده المؤمنين، وهو قادرٌ على نصرهم بلا أسباب. |
﴿وَلِلَّهِ غَيۡبُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَإِلَيۡهِ يُرۡجَعُ ٱلۡأَمۡرُ كُلُّهُۥ فَٱعۡبُدۡهُ وَتَوَكَّلۡ عَلَيۡهِۚ وَمَا رَبُّكَ بِغَٰفِلٍ عَمَّا تَعۡمَلُونَ ﴾ [هود: 123]
وأنت تترك أهلَ الباطل وتنتظر قضاءَ الله فيهم فلا تستعجله، فموعدُه عند علَّامِ الغيوب، وحسبُك أن تَنصَبَ في عبادته، وتتوكَّلَ عليه في الأمر كلِّه. إنما ينفع التوكُّلُ على الله مَن عبَده، وما أحسنَ العبادةَ عونًا في الأعمال، وصلاحًا للأحوال! يعمل الكافرون ويعمل المؤمنون، ولا يغفُل الله تعالى عن عملهم أجمعين، فيُجازي المؤمنين بفضله، والكافرين بعدله. |
﴿وَقَالَ يَٰبَنِيَّ لَا تَدۡخُلُواْ مِنۢ بَابٖ وَٰحِدٖ وَٱدۡخُلُواْ مِنۡ أَبۡوَٰبٖ مُّتَفَرِّقَةٖۖ وَمَآ أُغۡنِي عَنكُم مِّنَ ٱللَّهِ مِن شَيۡءٍۖ إِنِ ٱلۡحُكۡمُ إِلَّا لِلَّهِۖ عَلَيۡهِ تَوَكَّلۡتُۖ وَعَلَيۡهِ فَلۡيَتَوَكَّلِ ٱلۡمُتَوَكِّلُونَ ﴾ [يوسف: 67]
من الخير أن يزوِّدَ الوالدُ أولادَه بنصائحه حين يفارقونه مسافرين؛ فإن ذلك من أحسن ما يهَبُه لهم عند الفِراق. مهما أساء الولدُ لأبيه، فلا يزالُ والدُه له ناصحًا، وعليه مُشفِقًا، وبه رحيمًا. على المسلم الأخذُ بالأسبابِ الشرعيَّة لحِفظ النفس البشرية، مع كمال التوكُّل على ربِّ البَرية، وعليه تعليمُها لمَن هم تحت حفظه ورعايته. العين حقٌّ، لكنها تُتَّقى بالتوكُّل على الله، وتفويض كلِّ شيءٍ إليه، والبعدِ عن أسباب الإصابة بها. إن العبدَ وإن أخذَ بالأسباب، فإنه لا يعتمدُ عليها ولا يَركَنُ إليها، بل يذكرُ دائمًا أن الحكمَ لله تعالى، الذي يجعل الأسبابَ مؤثِّرة أو غيرَ مؤثِّرة. أخبر يعقوبُ عليه السلام أبناءه أن توكُّلَ المتوكِّلين كلِّهم إنما هو على الله وحدَه، فمَن توكَّل على غيره فليس منهم. |
﴿وَلَوۡ أَنَّ قُرۡءَانٗا سُيِّرَتۡ بِهِ ٱلۡجِبَالُ أَوۡ قُطِّعَتۡ بِهِ ٱلۡأَرۡضُ أَوۡ كُلِّمَ بِهِ ٱلۡمَوۡتَىٰۗ بَل لِّلَّهِ ٱلۡأَمۡرُ جَمِيعًاۗ أَفَلَمۡ يَاْيۡـَٔسِ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَن لَّوۡ يَشَآءُ ٱللَّهُ لَهَدَى ٱلنَّاسَ جَمِيعٗاۗ وَلَا يَزَالُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُواْ قَارِعَةٌ أَوۡ تَحُلُّ قَرِيبٗا مِّن دَارِهِمۡ حَتَّىٰ يَأۡتِيَ وَعۡدُ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُخۡلِفُ ٱلۡمِيعَادَ ﴾ [الرعد: 31]
لقد صنع القرآنُ في النفوس التي تلقَّته عجائبَ ما أبعدَ آثارَها في أقدار الحياة! فكم غيَّرَ وجهَ الأرض وصفحةَ التاريخ! القرآن أصلُ الهداية، فمَن لم يَهدِه القرآنُ الذي لو نَزل على جبلٍ لتصدَّع من خشية الله ، فما الذي سيهديه إذن؟! ليس لأهواءِ الناسِ مكانٌ أمامَ أمرِ الله تعالى وحُكمِه، فإنه العليمُ بما يُنزلُ من الآيات، وما في إنزالها من البركات. الهداية بيد الله تعالى، فلو شاء أن يهديَ عبدًا لهداه، ولو لم يدعه أحد، فالأمرُ له سبحانه يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد. حينَ لا يُجدي الدليلُ ولا ينفعُ البرهانُ، فلا بدَّ عند ذاك من شدَّةٍ تُصيبُ، أو قارعةٍ تُزلزل؛ جزاءً للمعاندين، وعِبرة لمَن يعتبر. المشركون هم أَولى الخَلق بالخوف؛ لعِظَم ذنبهم، وشناعة جُرمهم، فلا أمنَ لهم ولا طُمَأنينة، بل هم مهدَّدون بشنيع النَّقِمات، في جميع الأوقات. |
﴿وَلَا تَكُونُواْ كَٱلَّتِي نَقَضَتۡ غَزۡلَهَا مِنۢ بَعۡدِ قُوَّةٍ أَنكَٰثٗا تَتَّخِذُونَ أَيۡمَٰنَكُمۡ دَخَلَۢا بَيۡنَكُمۡ أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرۡبَىٰ مِنۡ أُمَّةٍۚ إِنَّمَا يَبۡلُوكُمُ ٱللَّهُ بِهِۦۚ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ مَا كُنتُمۡ فِيهِ تَخۡتَلِفُونَ ﴾ [النحل: 92]
إن أمَّةً تتَّخذ من نقض عهدها سبيلًا لتطوُّرها ونمائها إنما تسقي جذورَها بأسباب هلاكها. قد تَعرِضُ للمرء سوانحُ تُغريه بالتفلُّت من العهد الذي يُبرِمُه مع الله، وخيرُ عاصمٍ من ذلك بعد الصبر أن يعلمَ أنه ابتلاءٌ إمَّا يُرفع به وإمَّا يُخفَض. كما لا ينبغي الإخلالُ بما هو صريحٌ في وجوب الوفاء به، كذا ينبغي تخليةُ الذمَّةِ فيما يشتبهُ على الناس ويختلفون فيه. |
﴿إِنَّمَا جُعِلَ ٱلسَّبۡتُ عَلَى ٱلَّذِينَ ٱخۡتَلَفُواْ فِيهِۚ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحۡكُمُ بَيۡنَهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخۡتَلِفُونَ ﴾ [النحل: 124]
كم يجُرُّ الاختلافُ من شؤم على أصحابه! ويحُولُ بينهم وبين الظفَر بالفضائل. إذا كان مَردُّ كلِّ الخصومات إلى الله، وهو مَن يحكم فيها يوم القيامة، فإن النجاةَ في اتِّباع الوحي والاحتكام إليه والصدور عنه. |
﴿وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمۡرِ رَبِّكَۖ لَهُۥ مَا بَيۡنَ أَيۡدِينَا وَمَا خَلۡفَنَا وَمَا بَيۡنَ ذَٰلِكَۚ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّٗا ﴾ [مريم: 64]
الملائكة العظام -وفي مقدَّمهم جبريل- لا يتنزَّلون إلا بأمر الله، ولا يلقَون رسول الله إلا بأمر الله، فتعلَّم منهم كمال الطاعة. أيها المؤمن، اذكر ربَّك ولا تنسَه، فإنه لا ينساك في مصالحك، بل هو دائم الاطِّلاع على كلِّ أحوالك، يصرِّفها حسب حكمته، لا يكون شيء من ذلك إلا في الوقت الذي حدَّه له وأراده. |
﴿لَوۡ كَانَ فِيهِمَآ ءَالِهَةٌ إِلَّا ٱللَّهُ لَفَسَدَتَاۚ فَسُبۡحَٰنَ ٱللَّهِ رَبِّ ٱلۡعَرۡشِ عَمَّا يَصِفُونَ ﴾ [الأنبياء: 22]
تأمَّل انسجامَ هذا الكون وحُسنَ نظامه، على كثرة أجزائه وموجوداته، ترَ فيه دليلًا واضحًا على أن مدبِّره هو ذو الكمال وحده. لا شيءَ تملكه هذه الآلهة أو تدبِّره، فالعاقل يتسامى عن ذلك إلى ربِّ العرش العظيم؛ فربوبيته سبحانه لما دون العرش أولى، فما أقبحَ الشركَ بآلهة مفتراة، وما أعظم تنزُّهَ الله عنها! |
﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَٱلَّذِينَ هَادُواْ وَٱلصَّٰبِـِٔينَ وَٱلنَّصَٰرَىٰ وَٱلۡمَجُوسَ وَٱلَّذِينَ أَشۡرَكُوٓاْ إِنَّ ٱللَّهَ يَفۡصِلُ بَيۡنَهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ شَهِيدٌ ﴾ [الحج: 17]
التنازع بين أصحاب الملل المختلفة، بل الملَّةِ الواحدة سُنَّةٌ ماضية، وسيفصل بينهم يوم القيامة مَن يطَّلع على بواطن الأمور وظواهرها، فمَن سرَّه أن يحكمَ الله له فليحذر شهادةَ الله عليه. |
﴿ذَٰلِكَۖ وَمَن يُعَظِّمۡ حُرُمَٰتِ ٱللَّهِ فَهُوَ خَيۡرٞ لَّهُۥ عِندَ رَبِّهِۦۗ وَأُحِلَّتۡ لَكُمُ ٱلۡأَنۡعَٰمُ إِلَّا مَا يُتۡلَىٰ عَلَيۡكُمۡۖ فَٱجۡتَنِبُواْ ٱلرِّجۡسَ مِنَ ٱلۡأَوۡثَٰنِ وَٱجۡتَنِبُواْ قَوۡلَ ٱلزُّورِ ﴾ [الحج: 30]
ليس الحجُّ أقوالًا وأفعالًا لا معانيَ لها، بل هو أعمالٌ ظاهرة توصل إلى معانٍ سامية، من تعظيم حرُمات الله تعالى وشعائره، والحرصِ على اتقاء معصيته، والنهوض بأوامره. الثواب الجزيل والأجر الكبير ليس على فعل المأمورات فحسب، بل هو أيضًا على ترك المحظورات، وتعظيم الشعائر والحرُمات. إذا كان الإحرام يحرِّم لحومَ الصيد تعظيمًا للحرَم، فما كلُّ اللحوم تُجتَنب، بل هناك لحومٌ تُباح، وذلك مظهرٌ من مظاهر لطف الله بعباده، ورحمته بهم، ورعايته مصالحهم. ما أشبهَ تعلَّقَ النفوس بالأوثان، بتعلُّق الخبائث والأرجاس بالأجسام! الشِّركُ والكذب قرينان، كالصدق والإخلاص، وانظر إلى قول المصطفى ﷺ: «عدَلَت شهادةُ الزور الإشراكَ بالله». |
﴿ٱللَّهُ يَحۡكُمُ بَيۡنَكُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ فِيمَا كُنتُمۡ فِيهِ تَخۡتَلِفُونَ ﴾ [الحج: 69]
شريعة الله تراعي اختلاف الأمــم، وأحوالهــا وأوقاتهــا، فكل ذلك منظور غير مغفل في التشريعات السابقة، ولا الشريعة الخاتمة، فلا يعترضن أحد عليها بروح العصر! فإنما وضعت يوم وضعت لكل عصر يأتي بعدُ إلى قيام الساعة. لا تلتفت إلى مَن ينازعونك في الحق وينتصرون للباطل، وعاملهم بالإغفال ما داموا مصرين على الجدال، حتى ينقادوا للحق ويستسلموا له ويتركوا المنازعة فيه، ويا حبذا المتاركة بالوعيد والإنذار الصادر في قالبِ رفقٍ ولين. اطمئنانُك إلى أن ما أنت فيه من الهدى هو الحقُّ يعينك في الثبات عليه والدعوة إليه. إنما يجدي الجدل مع القلوب المستعدة للهدى، التي تطلب المعرفة، وتبحث بصدق عن الدليل، لا مع القلوب المصرة على الضلال والمكابرة، فليَكلِ الداعي في نهاية الأمر حالهم إلى الله تعالى. |
﴿يَعۡلَمُ مَا بَيۡنَ أَيۡدِيهِمۡ وَمَا خَلۡفَهُمۡۚ وَإِلَى ٱللَّهِ تُرۡجَعُ ٱلۡأُمُورُ ﴾ [الحج: 76]
الله جلَّ وعلا هو الرقيب على صنيع أنبيائه، الشهيد على جواب أقوامهم، الحافظ لهم من كيد أعدائه، والناصر لجنابهم بين خلائقه. إلى الله مرجع عباده بعدما بلغتهم دعوةُ رسله، فمَن أجابهم فنعمَ المرجع الذي سيصير إليه، ومَن أعرض عنهم فبئس المآل الذي سيَقدُم عليه. |
﴿ٱدۡفَعۡ بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُ ٱلسَّيِّئَةَۚ نَحۡنُ أَعۡلَمُ بِمَا يَصِفُونَ ﴾ [المؤمنون: 96]
مما يعينك على أن تدفع بالتي هي أحسن علمُك بأن الله تعالى عالمٌ ومطَّلعٌ على عملك، وأنه لا يدع أولياءه نهبة لأعدائه. |
﴿إِنَّ رَبَّكَ يَقۡضِي بَيۡنَهُم بِحُكۡمِهِۦۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡعَلِيمُ ﴾ [النمل: 78]
احرِص على سلوك طريق العدل والإنصاف عنـد الاختـلاف، متـذكرًا يـوم الفصـل والقضاء بين يدي الحكم العدل الذي لا يغلبه في حكمه أحد لعزته، ولا يخفى عليه شيء لتمام علمه. |
﴿وَرَبُّكَ يَخۡلُقُ مَا يَشَآءُ وَيَخۡتَارُۗ مَا كَانَ لَهُمُ ٱلۡخِيَرَةُۚ سُبۡحَٰنَ ٱللَّهِ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يُشۡرِكُونَ ﴾ [القصص: 68]
على الإنسان أن يعلم أن الخلق والاختيار، والإعزاز والإذلال، مفوَّضٌ إلى الله، ليس لأحد فيه شَرِكةٌ ومنازعة، فكيف لا ينزَّه عن شريك مخلوق لا يخلُق شيئًا، ولا اختيار له فيما يجري؟ الله تعالى أعلمُ بمواقع اختياره، ومحالِّ رضاه من بين خلقه، وما يصلُح للاختيار ممَّا لا يصلح، وليس للعبد إلا التسليمُ لخالقه، والرضا بما اختاره لنفسه أو لغيره. لو استقَّرت هذه الحقيقة في العقول والضمائر ما سخِط الناس شيئًا يحِلُّ بهم، ولا أحزنهم شيء يفوتهم أو يُفلِت منهم؛ إذ ليسوا هم الذين يختارون، إنما الله هو الذي يختار. |
﴿وَهُوَ ٱللَّهُ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۖ لَهُ ٱلۡحَمۡدُ فِي ٱلۡأُولَىٰ وَٱلۡأٓخِرَةِۖ وَلَهُ ٱلۡحُكۡمُ وَإِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ ﴾ [القصص: 70]
مَن كان له الحمد كاملًا دائمًا، فله وحده الدِّينُ خالصًا، فما أخسر مَن دعا غيره! وما أضلَّ مَن زعم أن له شريكا! في الإخبار بمرجع الخلق إلى الخالق تقوية لقلوب المطيعين، فربهم الذي يرجِعون إليه عادلٌ في حكمه، عالمٌ بكل عملِ عبده. إذا كان مرجعك إلى ربك، وإليه الحكم في عملك، وهو العليم بكل صغيرة وكبيرة منك، فماذا أعددت ليوم لقائه حتى تنجوَ من سَخطه؟ |
﴿وَلَا تَدۡعُ مَعَ ٱللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَۘ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۚ كُلُّ شَيۡءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجۡهَهُۥۚ لَهُ ٱلۡحُكۡمُ وَإِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ ﴾ [القصص: 88]
حذارِ أن تدعوَ مع الله سبحانه وتعالى أحدًا؛ فإن ذلك يخالف مقتضى شهادة التوحيد، ويوصل صاحبه إلى أسوأ مصير. لا معبودَ يستحقُّ أن تَصرفَ له عبادتك ودعاءك، وتوجُّهك ورجاءك، إلا الله وحده الذي بيده كلُّ شيء. إن الله تعالى هو الحيُّ القيُّوم الذي لا يموت، وما سواه إلى فناء وزوال، ونقص واضمحلال، فأيُّ عاقل يدَعُ الباقي، ويتوجَّه إلى الفاني؟ مصير الخلق إليه، وحسابهم عليه يوم يقفون بين يديه، فيا سعادةَ الموحدين! ويا شقاء المشركين! |
﴿فِي بِضۡعِ سِنِينَۗ لِلَّهِ ٱلۡأَمۡرُ مِن قَبۡلُ وَمِنۢ بَعۡدُۚ وَيَوۡمَئِذٖ يَفۡرَحُ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ﴾ [الروم: 4]
قد يطول أمدُ زهو المشركين أو يقصُر، ولكنَّ خِذلانهم آتٍ لا محالة. لا يكفي وجودُ أسباب النصر والهزيمة، بل لا بدَّ من موافقة قضاء الله تعالى وقدره؛ فإنَّ كل حادث وحالة ونشأة وعاقبة ونصر وهزيمة محكومةٌ بالقضاء والقدر. إنما النصر بيد الله، فمَن شاء نصره، ومَن شاء خذله؛ قويًّا كان أو ضعيفًا، فالخلقُ خلقه والأمر أمره، ولا يُسأل عمَّا يفعل سبحانه وتعالى. |
﴿وَوَصَّيۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ بِوَٰلِدَيۡهِ حَمَلَتۡهُ أُمُّهُۥ وَهۡنًا عَلَىٰ وَهۡنٖ وَفِصَٰلُهُۥ فِي عَامَيۡنِ أَنِ ٱشۡكُرۡ لِي وَلِوَٰلِدَيۡكَ إِلَيَّ ٱلۡمَصِيرُ ﴾ [لقمان: 14]
ألا تستحقُّ أمُّك منك مزيدَ اهتمام وعناية، وحفظ ورعاية، وقد عانت من المشقَّة في ولادتها إيَّاك وتربيتها لك ما لا يصبر على مثله سوى الأم؟ انظر كيف اقترن شكر الله بشكر الوالدَين؛ لأن شكر الله من أعظم واجبات العبد أمام ربِّه، وشكر الوالدَين من أعظم واجبات العبد تجاه بني جنسه. ليذكر مَن يخالف وصايا الله ويعصيه أنه راجعٌ إليه، وواقفٌ بين يديه. |
﴿إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفۡصِلُ بَيۡنَهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخۡتَلِفُونَ ﴾ [السجدة: 25]
احرِص كلَّ الحرص في خصومة الدين أن ترعى حقَّ الله تعالى وفلاح الآخرة، لا أن ترعى حظَّ نفسك والغلبة في دنياك، فإنَّ الله تعالى هو مَن سيفصل في خصومات عباده يوم القيامة. لا يستطيع العباد القضاء على كلِّ اختلاف، فإذا جاء يومُ القيامة فصَل الله بينهم فيما اختلفوا فيه بالحقِّ حسب علمه سبحانه وتعالى. |
﴿قُلۡ يَجۡمَعُ بَيۡنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفۡتَحُ بَيۡنَنَا بِٱلۡحَقِّ وَهُوَ ٱلۡفَتَّاحُ ٱلۡعَلِيمُ ﴾ [سبأ: 26]
لأعمال العباد دارٌ آخرة يحكم بينهم فيها أحكمُ الحاكمين، ويفصِل بين المختصمين أعدلُ العادلين. يجمع الله تعالى بين المحقين والمبطلين يوم القيامة، حتى يقوم الحق بدعوته، ثم يُمضي سبحانه بعد ذلك أمره بحكمته وعدله. يحكم الله تعالى بين عباده وهو بهم عليم لا تخفى عليه خافية، فلا يحتاج إلى شهود ولا بينات، فكل ما عملوا عنده مرقوم معلوم. |
﴿قُلِ ٱللَّهُمَّ فَاطِرَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ عَٰلِمَ ٱلۡغَيۡبِ وَٱلشَّهَٰدَةِ أَنتَ تَحۡكُمُ بَيۡنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُواْ فِيهِ يَخۡتَلِفُونَ ﴾ [الزمر: 46]
إن خير ما سألت به ربَّك أيُّها العبد وتضرَّعت به إليه سؤالُه بأسمائه الحسنى وصفاته العُلا، وفي الآية من أسماء الله وصفاته ما يدفع العبدَ للتضرُّع بها في رفع الكيد والضُّرِّ عنه. عندما تشتبه عليك الحقائقُ في ظلِّ الاختلاف لا تنسَ هذا الدعاء: (اللهم ربَّ جبريلَ وميكائيل وإسرافيل، فاطرَ السماوات والأرض، عالمَ الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لِما اختُلف فيه من الحقِّ بإذنك، إنك تهدي مَن تشاء إلى صراطٍ مستقيم). |
﴿وَلَا تَسۡتَوِي ٱلۡحَسَنَةُ وَلَا ٱلسَّيِّئَةُۚ ٱدۡفَعۡ بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُ فَإِذَا ٱلَّذِي بَيۡنَكَ وَبَيۡنَهُۥ عَدَٰوَةٞ كَأَنَّهُۥ وَلِيٌّ حَمِيمٞ ﴾ [فصلت: 34]
مقابلة الإساءة بالإحسان سماحةٌ لا يَبذُلها إلا مَن عرَف ثواب الحسنة وأدرك فضلها، وأن لها أثرًا عميقًا في نفس العدوِّ، يَكبَح جِماحه، ويَسُلُّ الضغينة من قلبه، بل يَقلِبها مودَّة وأُلفة، فنسألك يا الله أن تَهدِيَنا للتي هي أحسنُ في أمورنا كلِّها. |
﴿وَمَا ٱخۡتَلَفۡتُمۡ فِيهِ مِن شَيۡءٖ فَحُكۡمُهُۥٓ إِلَى ٱللَّهِۚ ذَٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبِّي عَلَيۡهِ تَوَكَّلۡتُ وَإِلَيۡهِ أُنِيبُ ﴾ [الشورى: 10]
ما أبعدَ البَونَ عند الاختلاف في شرع الله بين مَن يحتكم إلى رأي فلان وقول علان، وبين مَن يحتكم إلى قول الله وقول رسوله ﷺ. كمال العبوديَّة لله في تحقيق هذين الأصلين العظيمين المتجلِّيَين في قوله: ﴿إيَّاكَ نَعبُدُ وإيَّاكَ نَستَعين﴾ ، وقوله: ﴿فاعبُدهُ وتَوكَّل عَليه﴾ . توكَّل على الله تبارك وتعالى في كلِّ أمورك، وارجِع إليه في جميع شؤونك، وسيهديك إلى الحقِّ حينما يختلف الناسُ فيه. |
﴿وَٱلَّذِينَ ٱسۡتَجَابُواْ لِرَبِّهِمۡ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَأَمۡرُهُمۡ شُورَىٰ بَيۡنَهُمۡ وَمِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ يُنفِقُونَ ﴾ [الشورى: 38]
الاستجابة لله إنما هي ثمرةٌ من ثمرات العبوديَّة لربِّ العالمين، واليقين بأنه سبحانه لا يأمر عباده إلا بما فيه صلاحُهم وفلاحهم. الصلاة مشهدٌ عظيم من مشاهد اجتماع القلوب، ولن يرتفعَ للأمَّة شأنٌ وتجتمعَ على رأي، حتى تقيمَها على خير وجه. من مظاهر الأمَّة الراشدة أنها لا يستأثر فيها أحدٌ برأيه، ولكن يتداولون الرأيَ ويتشاورون فيه، ليكونوا على قلب رجلٍ واحد. |
﴿وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَٰلِكَ لَمِنۡ عَزۡمِ ٱلۡأُمُورِ ﴾ [الشورى: 43]
الصبر على المعتدي والعفوُ عنه عند المقدرة من شِيَم النفوس الكريمة، وآثار الأخلاق المستقيمة. |
﴿وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ ٱقۡتَتَلُواْ فَأَصۡلِحُواْ بَيۡنَهُمَاۖ فَإِنۢ بَغَتۡ إِحۡدَىٰهُمَا عَلَى ٱلۡأُخۡرَىٰ فَقَٰتِلُواْ ٱلَّتِي تَبۡغِي حَتَّىٰ تَفِيٓءَ إِلَىٰٓ أَمۡرِ ٱللَّهِۚ فَإِن فَآءَتۡ فَأَصۡلِحُواْ بَيۡنَهُمَا بِٱلۡعَدۡلِ وَأَقۡسِطُوٓاْۖ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلۡمُقۡسِطِينَ ﴾ [الحجرات: 9]
الإيمان ليس عاصمًا من الخطأ، ولكنه يدعو إلى التراجع عنه، فمَن رأى من أخيه بُعدًا عن الصواب فليردَّه إليه؛ فإنه إذا ذُكِّر تذكَّر. الصلح بين المتخاصمين عبادةٌ عظيمة، وخَصلة كريمة، ولها عوائدُ خيِّرة كثيرة؛ فلذلك أمر اللهُ به، وحثَّ عليه رسولُه. لم يُنزع رداء الإيمان عن تَينِكِ الطائفتين برغم نشوب الاقتتال بينهما، لكنه البغيُ لاتِّباع هوى النفس ونزَغات الشيطان. العدل هو الذي يكفُل إزالة الأحقاد، والاستسلامَ لأمر ربِّ العباد، وإرجاعَ الحقِّ لكلِّ طائفة من غير تحيُّزٍ أو ميل في الحكم. |
﴿إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ إِخۡوَةٞ فَأَصۡلِحُواْ بَيۡنَ أَخَوَيۡكُمۡۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ ﴾ [الحجرات: 10]
أخوَّة المؤمنين تدعو إلى الحبِّ والوئام، وتحذِّر من الاقتتال والخصام، فمتى حصَل المكروه فإنها تحثُّ على الصلح وتقريب القلوب بعد تنافرها. الأمر بالتقوى شاملٌ للمتخاصِمين والمصلحين، فاستشعار التقوى يردُّ المتخاصمين إلى أمر الله، ويعصِم المصلحين من الجَور والزَّيغ عن حكمه جلَّ جلاله. لمَّا كان الصلح بين المؤمنين من أسباب التراحم والتآلف، كان الجزاء من الله عليه من جنسها؛ بأن تَشمَلهم رحمتُه في الدنيا والآخرة. |
﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا يَسۡخَرۡ قَوۡمٞ مِّن قَوۡمٍ عَسَىٰٓ أَن يَكُونُواْ خَيۡرٗا مِّنۡهُمۡ وَلَا نِسَآءٞ مِّن نِّسَآءٍ عَسَىٰٓ أَن يَكُنَّ خَيۡرٗا مِّنۡهُنَّۖ وَلَا تَلۡمِزُوٓاْ أَنفُسَكُمۡ وَلَا تَنَابَزُواْ بِٱلۡأَلۡقَٰبِۖ بِئۡسَ ٱلِٱسۡمُ ٱلۡفُسُوقُ بَعۡدَ ٱلۡإِيمَٰنِۚ وَمَن لَّمۡ يَتُبۡ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلظَّٰلِمُونَ ﴾ [الحجرات: 11]
السُّخريَّة داء يشوِّه وجه الأخوَّة الإيمانيَّة، ويكدِّر صفاءها، وصدقُ الإيمان يمنع ذلك. لا يَحمِل المرءَ على السُّخريَّة إلا نقصٌ في الإيمان، وقلَّةٌ من رصيد الأخلاق الفاضلة، وعَوَز من صفات السموِّ الكريمة. ألا لا يجترئنَّ مسلمٌ على احتقار مسلم؛ فلعلَّه أجمعُ منه لما نِيط به من الخيريَّة عند الله تعالى، فيظلِم نفسه بتحقير مَن وقَّره الله تعالى. المؤمنون كجسدٍ واحد، وكلٌّ منهم يقوم مقام أخيه، فمَن لمَزَ أخاه فكأنما لمَز نفسه. قال الإمام مالك: (أدركتُ بهذه البلدة -يعني المدينةَ- أقوامًا لم يكن لهم عيوب، فعابوا الناسَ فصارت لهم عيوب، وأدركت بهذه البلدة أقوامًا كانت لهم عيوب، فسكتوا عن عيوب الناس، فنُسِيَت عيوبُهم). |
﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱجۡتَنِبُواْ كَثِيرٗا مِّنَ ٱلظَّنِّ إِنَّ بَعۡضَ ٱلظَّنِّ إِثۡمٞۖ وَلَا تَجَسَّسُواْ وَلَا يَغۡتَب بَّعۡضُكُم بَعۡضًاۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمۡ أَن يَأۡكُلَ لَحۡمَ أَخِيهِ مَيۡتٗا فَكَرِهۡتُمُوهُۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ تَوَّابٞ رَّحِيمٞ ﴾ [الحجرات: 12]
سوء الظنِّ حرامٌ كسوء القول، فالكلام حديثُ اللسان، والظنُّ حديث القلب، والذي يَحرُم منه ما انعقد عليه القلب، لا الخواطر وحديث النفس. إن هناك ظنًّا ليس بإثم، فعلى المسلم أن يكونَ معياره في تمييز أحد الظنَّيين من الآخر أن يَعرِضَه على ما بيَّنته الشريعة، وأدَّى إليه الاجتهاد الصحيح، فمن ذلك ظنٌّ يجب اتِّباعه كالحذَر من مكايد العدو، وكالظنِّ المستند إلى الدليل الناصع. تتبُّع عورات المسلمين دَلالةٌ على ضَعف إيمان صاحبه وعدم اكتماله، فإنه لو اكتمل لانشغل بعيبه عن عيوب الناس، ورضي بظاهرهم عن باطنهم. الأمن سِمةٌ من سِمات المجتمع المسلم الذي أمِنَ الناسُ فيه على خصوصيَّاتهم من أن تُنتهكَ أو تُكشفَ، فلا مسوِّغَ لانتهاك حرُمات الناس وكشف أسرارهم. لا تتأتَّى الغِيبةُ إلا عند غياب التقوى والمراقبة عن القلب، وعدم تدبُّر الوعيد لمَن يأتي هذه المعصية، فإن مَن استقرَّت في قلبه شناعتها بَعُدَ عنها وتجنَّبها. إن الذي أكل لحمَ أخيه وهو ميِّت قد انتهك حرمتَه وهو لا يشعر، وكذلك الغِيبةُ ينتهك المرء حُرمةَ أخيه دون أن يشعر. لو أخذ الناس بالتقوى لصلَحت أحوالهم، ولحسُنَت أخلاقهم، ولانتهت خلافاتهم، واختفت نزاعاتهم. إن الله لا يمَلُّ من المغفرة لعباده والتوبة عليهم، فلا ييئس أحدٌ من التوبة لكثرة ذنوبه وإن عظُمت، فرحمة الله واسعة، وباب التوبة إليه مفتوح. |
﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا تَنَٰجَيۡتُمۡ فَلَا تَتَنَٰجَوۡاْ بِٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡعُدۡوَٰنِ وَمَعۡصِيَتِ ٱلرَّسُولِ وَتَنَٰجَوۡاْ بِٱلۡبِرِّ وَٱلتَّقۡوَىٰۖ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِيٓ إِلَيۡهِ تُحۡشَرُونَ ﴾ [المجادلة: 9]
التناجي بالإثم والعدوان ظلماتٌ بعضُها فوق بعض، كلَّما أسرفَ فيها العبدُ ازداد ضلالًا وجنوحًا. شتَّانَ بين مناجاة المؤمنين الصالحين، ومناجاة الفجَّار المعاندين، فإن المرجوَّ من المؤمنين إذا تناجَوا ألا يتناجَوا إلا بخير. إذا كان أهلُ الباطل يجتمعون ويأتمرون بمعصية الله ورسوله، فعلى أهل الحقِّ أن يجتمعوا على البِرِّ والتقوى؛ نصرةً لدينهم وشريعة ربِّهم. |
﴿وَرَبَّكَ فَكَبِّرۡ ﴾ [المدثر: 3]
كلُّ ما سوى الله خاضعٌ لجبروته، مُنقادٌ لسلطانه، فإذا ما عظَّمتَ ربَّك حقَّ التعظيم لم تخَف أحدًا من البشَر مهما بلغ في السَّطوة والقوَّة. |
﴿وَثِيَابَكَ فَطَهِّرۡ ﴾ [المدثر: 4]
مَن كان مأمورًا بتطهير الظاهر فإنه بتطهير الباطن أولى، فما أقبحَ أن يحافظَ المرء على نظافة ثيابه وأناقة مَظهَره، وقلبُه خَرِبٌ بالمعاصي، أسودُ بالآثام. عموم الأمر بتطهير الثياب يرشدُ المُسبِلين إلى ترك الإسبال؛ إذ غالبًا ما يلحقُ ثيابَهم شيءٌ من القذَر، وما أجملَ وصيَّةَ الفاروق رضي الله عنه لذلك المُسبِل: (ارفَع إزارَك؛ فإنه أنقى لثوبِك، وأتقى لربِّك). |
﴿وَٱلرُّجۡزَ فَٱهۡجُرۡ ﴾ [المدثر: 5]
إن رُمتَ وصالَ الحقِّ فاهجر الباطل، فلا اتِّصالَ بحبل الله تعالى، ولا أُنسَ بطاعته إلَّا بقطع حبال الودِّ عن المعاصي والآثام. |
﴿وَلَا تَمۡنُن تَسۡتَكۡثِرُ ﴾ [المدثر: 6]
أعظم الخُسران أن يُعطيَ المرء العَطاءَ ثم يمُنَّ بعمله على الخَلق حتى يُسخطَ عليه الخالق؛ ﴿يا أيُّها الذينَ آمنُوا لا تُبطِلُوا صَدَقاتِكُم بالمَنِّ والأذى﴾ . مهما بذلتَ لدينك ولأمَّتك فإنَّه قليلٌ بحقِّ ربِّك عليك، فإيَّاك أن تستكثرَ بعملك، وتمُنَّ على ربِّك، فحسبُك أنه وفَّقكَ إليه. |
﴿وَلِرَبِّكَ فَٱصۡبِرۡ ﴾ [المدثر: 7]
مَن صبر على مشاقِّ الدنيا لله، وهانت عليه، هوَّن الله عليه الآخرةَ بمشاهدها المُفزعة، وأهوالها الفظيعة. الصبر زادُ المؤمن النفيسُ في طريقه إلى الله، في معالجة شهَوات النفس وأهوائها، وفي صدِّ أعداء الدِّين والحقِّ. |
﴿يَوۡمَ لَا تَمۡلِكُ نَفۡسٞ لِّنَفۡسٖ شَيۡـٔٗاۖ وَٱلۡأَمۡرُ يَوۡمَئِذٖ لِّلَّهِ ﴾ [الانفطار: 19]
هي الحقيقة التي ينبغي ألَّا تغيبَ عنك لحظة؛ لن يُغنيَ عنك يومَ القيامة إلا عملُك، فأصلح عملك ودعك ممَّا سواه. |
مواضيع أخرى في القرآن الكريم
الحكمة في الدعوة الهزيمة حكم السارق إبراهيم صفات الملائكة مالك خازن النار رضى اليهود والنصارى الوساطة والإصلاح القساوة الغل
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Friday, December 27, 2024
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب