حديث: عن عباد الله الذين يغبطهم النبيون والشهداء

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في استواء اللَّه تعالى على العرش

عن أبي مالك الأشعريّ، قال: كنتُ عند رسول اللَّه ﷺ، فنزلت هذه الآية ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ﴾ [سورة المائدة: ١٠١]. قالوا: فنحن نسأله، إذا قال: «إنّ للَّه عبادا ليسوا بأنبياء ولا شهداء، يغبطهم النّبيّون والشهداء بقربهم ومقعدهم من اللَّه يوم القيامة». قال: وفي ناحية القوم أعرابي فقام فحثى على وجهه ورمي بيديه ثم قال: حدِّثنا يا رسول اللَّه عنهم من هم؟ قال: فرأيتُ وجه رسول اللَّه ﷺ أَبْشَرَ، فقال النَّبيُّ ﷺ: «هم عبادٌ من عباد اللَّه من بلدان شتّى، وقبائل شتّى، من شعوب القبائل لم يكن بينهم أرحام يتواصلون بها، ولا دنيا يتبادلون بها، يتحابُّون بروح اللَّه، يجعلُ اللَّه وجوههم نورًا، ويجعل لهم منابر من لؤلؤ قدام الرحمن يفزع الناس ولا يفزعون، ويخاف الناس ولا يخافون».

حسن: رواه عبد الرزّاق في المصنف (٢٠٣٢٤) عن معمر، عن ابن أبي حسين، عن شهر بن حوشب، عن أبي مالك الأشعريّ، فذكره.

عن أبي مالك الأشعريّ، قال: كنتُ عند رسول اللَّه ﷺ، فنزلت هذه الآية ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ﴾ [سورة المائدة: ١٠١]. قالوا: فنحن نسأله، إذا قال: «إنّ للَّه عبادا ليسوا بأنبياء ولا شهداء، يغبطهم النّبيّون والشهداء بقربهم ومقعدهم من اللَّه يوم القيامة». قال: وفي ناحية القوم أعرابي فقام فحثى على وجهه ورمي بيديه ثم قال: حدِّثنا يا رسول اللَّه عنهم من هم؟ قال: فرأيتُ وجه رسول اللَّه ﷺ أَبْشَرَ، فقال النَّبيُّ ﷺ: «هم عبادٌ من عباد اللَّه من بلدان شتّى، وقبائل شتّى، من شعوب القبائل لم يكن بينهم أرحام يتواصلون بها، ولا دنيا يتبادلون بها، يتحابُّون بروح اللَّه، يجعلُ اللَّه وجوههم نورًا، ويجعل لهم منابر من لؤلؤ قدام الرحمن يفزع الناس ولا يفزعون، ويخاف الناس ولا يخافون».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث الشريف الذي رواه أبو مالك الأشعري رضي الله عنه، معتمدًا على كُتب أهل السنة والجماعة:

نص الحديث:


عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال: كنت عند رسول الله ﷺ، فنزلت هذه الآية: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ﴾ [المائدة: 101]. قالوا: فنحن نسأله؟ فقال: «إن لله عبادًا ليسوا بأنبياء ولا شهداء، يغبطهم النبيون والشهداء بقربهم ومقعدهم من الله يوم القيامة». قال: وفي ناحية القوم أعرابي فقام فحثى على وجهه ورمى بيديه ثم قال: حدثنا يا رسول الله عنهم، من هم؟ قال: فرأيت وجه رسول الله ﷺ أبشر، فقال النبي ﷺ: «هم عباد من عباد الله من بلدان شتى، وقبائل شتى، من شعوب القبائل، لم يكن بينهم أرحام يتواصلون بها، ولا دنيا يتبادلون بها، يتحابون بروح الله، يجعل الله وجوههم نورًا، ويجعل لهم منابر من لؤلؤ قدام الرحمن، يفزع الناس ولا يفزعون، ويخاف الناس ولا يخافون».


1. شرح المفردات:


● يغبطهم: الغبطة هي تمني المرء أن يكون له مثل ما للغير من النعمة من غير أن يتمنى زوالها عن صاحبها، وهي غير الحسد.
● أبشر: أي استبشر وتهلل وجهه الكريم ﷺ فرحًا وسرورًا بسؤال الأعرابي.
● حثى على وجهه: أي أخذ بيديه ومسح بهما على وجهه تعجبًا واستعظامًا لما سمع.
● رمى بيديه: أشار بيديه تعجبًا واستبشارًا.
● من بلدان شتى: أي من بلاد مختلفة ومتباعدة.
● شعوب القبائل: الشعوب هي أصول القبائل، أي من أصول وقبائل مختلفة.
● يتحابون بروح الله: أي يحب بعضهم بعضًا في الله، ابتغاء وجهه، لا لأجل غرض دنيوي.
● منابر من لؤلؤ: كراسي عالية من نور وجواهر كريمة.
● قدام الرحمن: أي بين يدي الله تعالى في الجنة.
● يفزع الناس ولا يفزعون: أي يخاف الناس من أهوال القيامة وهم آمنون مطمئنون.


2. المعنى الإجمالي للحديث:


يحدثنا أبو مالك الأشعري رضي الله عنه أنه كان جالسًا مع النبي ﷺ حين نزلت الآية التي تنهى المؤمنين عن السؤال عن أشياء قد تكشف أمورًا تشق عليهم، فسأل الصحابة عن كيفية التعامل مع هذا النهي، فأخبرهم النبي ﷺ أن هناك فئة من عباد الله سيكونون في منزلة عالية يوم القيامة، حتى يغبطهم الأنبياء والشهداء على قربهم من الله ومكانتهم عنده.
فقام أعرابي كان جالسًا في جانب المجلس متعجبًا مما سمعه، وطلب من النبي ﷺ أن يخبره عن صفات هؤلاء العباد، فاستبشر النبي ﷺ بسؤاله ووضح أنهم أناس من أصول وقبائل مختلفة، لا يجمعهم نسب ولا مصلحة دنيوية، ولكن يجمعهم الحب في الله، وقد أكرمهم الله تعالى بأن جعل وجوههم نورًا، وأعد لهم منابر عالية في الجنة، وهم في أمن وأمان يوم القيامة حين يخاف الآخرون.


3. الدروس المستفادة من الحديث:


1- الحب في الله هو أعلى أنواع الروابط: فقد بين الحديث أن هؤلاء العباد لم تجمعهم صلة نسب ولا مصلحة مادية، ولكن جمعهم الحب في الله، وهذا يدل على عظمة هذا الرباط الإيماني.
2- المنزلة الرفيعة لأهل الإخلاص: فمكانتهم عند الله عالية حتى يغبطهم الأنبياء والشهداء، مع أن الأنبياء أعلى الخلق درجة، مما يدل على فضل هؤلاء العباد.
3- الأمن يوم القيامة هو أعظم النعم: فقد وصفهم النبي ﷺ بأنهم لا يفزعون ولا يخافون حين يفزع الناس، وهذه منة عظيمة من الله تعالى لأوليائه.
4- استحباب السؤال عن العلم النافع: فقد استبشر النبي ﷺ بسؤال الأعرابي، مما يدل على تشجيع السؤال المفيد الذي يؤدي إلى بيان الحقائق النافعة.
5- الاستجابة لأوامر الله واجتناب نواهيه: فالحديث بدأ بذكر النهي عن السؤال عن أشياء قد تضر، ثم بين النبي ﷺ البديل النافع وهو السؤال عن الأمور التي تنفع في الآخرة.
6- مساواة الناس في التقوى: فلم يكن هؤلاء العباد من قبيلة واحدة أو بلد واحد، بل من أصول مختلفة، مما يدل على أن التفاضل بين الناس يكون بالتقوى والعمل الصالح، لا بالنسب أو الجنس.


4. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث يعد من الأحاديث العظيمة التي تبين فضل المتحابين في الله، وقد رواه الطبراني في "المعجم الكبير" وقال عنه الهيثمي: "رجاله رجال الصحيح".
- منزلة هؤلاء العباد تدل على أن الله تعالى يرفع عباده المخلصين إلى مراتب عالية، حتى فوق بعض أولي العزم من الأنبياء والشهداء في بعض الفضائل.
- الحديث يحث على تطهير القلب من الحقد والحسد، والسعي إلى إخلاص المحبة لله تعالى.
- من علامات حب العبد لله تعالى أن يحب من يحب الله، ويبغض من يعصي الله، كما ورد في الأحاديث الأخرى.

أسأل الله تعالى أن يجعلنا من المتحابين فيه، والم
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه عبد الرزّاق في المصنف (٢٠٣٢٤) عن معمر، عن ابن أبي حسين، عن شهر بن حوشب، عن أبي مالك الأشعريّ، فذكره.
وعنه الطبرانيّ في «الكبير» (٣٤٣٣)، والبغويّ في «شرح السنة» (٣٤٦٤).
وفيه شهر بن حوشب مع الكلام الذي فيه فإنه لم يلق أبا مالك الأشعريّ.
لكن أقام إسناده عبد اللَّه بن المبارك في «الزهد» (٧١٤)، والإمام أحمد في «المسند» (٢٢٩٠٦)، فأدخلوا بين شهر بن حوشب، وبين أبي مالك الأشعريّ «عبد الرحمن بن غنم» وهو الأشعريّ من ثقات التابعين.
ورواه أبو يعلى (٦٨٤٢) من وجه آخر عن شهر بن حوشب قال: كان منا رجلٌ -معشر الأشعرين- قد صحب رسول اللَّه ﷺ وشهد معه المشاهد الحسنة الجملية، مالكٌ أو ابن مالك -شكّ عوفٌ- فأتانا يومًا فقال: أتيتكم لأعلمكم وأصلّي بكم كما كان رسول اللَّه ﷺ يصلي بنا. قال: فدعا بجفنة عظيمة فجعل فيها من الماء، ثم دعا بإناء صغير، فجعل يُفرغ في الإناء الصغير على أيدينا، ثم قال: اسبغوا الآن الوضوء، فتوضّأ القوم، ثم قام فصلّى بنا صلاةً تامّة وجيزة، فلما انصرف، قال: قال لنا رسول اللَّه: «قد علمتُ أنّ أقوامًا ليسوا بأنبياء ولا شهداء يغبِطُهم الأنبياء والشهداء بمكانهم من اللَّه».
فقال رجل من حَجْرة القوم أعرابيٌّ قال: وكان يعجبُنا إذا شهدنا رسولَ اللَّه ﷺ أن يكون فينا الأعرابيُّ؛ لأنهم يَجْترئون أن يسألوا رسول اللَّه ﷺ ولا نجترئ فقال: يا رسول اللَّه، سمِّهم لنا؟ قال: فرأينا وجه رسول اللَّه ﷺ يتهلّل. قال: «هم ناسٌ من قبائل شتى يتحابُّون في اللَّه، واللَّه إنّ وجوههم لنُور، وإنّهم لعلى نور، ما يخافون إذا خاف الناس، ولا يَحْزنون إذا حَزِنُوا».
قال الهيثمي في «المجمع» (١٠/ ٢٧٧): «رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصّحيح غير شهر، وقد
وثقه غير واحد».
وقد حسّن الحافظ المنذريّ في الترغيب والترهيب (٤٥٦٣) إلّا أنه وهم فعزاه للحاكم، والصّواب أن الحاكم لم يخرّج حديث أبي مالك الأشعريّ، وإنّما أخرج حديث ابن عمر، كما سبق.
وإسناده حسن من أجل الكلام في شهر بن حوشب فإنه حسن الحديث إذا لم يرو ما ينكر عليه.
وفي معنى: المتحابين في اللَّه أحاديث كثيرة ستأتي في مواضعها.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 264 من أصل 1075 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: عن عباد الله الذين يغبطهم النبيون والشهداء

  • 📜 حديث: عن عباد الله الذين يغبطهم النبيون والشهداء

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: عن عباد الله الذين يغبطهم النبيون والشهداء

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: عن عباد الله الذين يغبطهم النبيون والشهداء

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: عن عباد الله الذين يغبطهم النبيون والشهداء

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب