فضل بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في

حصن المسلم | أذكار المساء | فضل بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في

بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ .


شرح معنى فضل بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في

لفظ الحديث الذي ورد فيه:

65- لفظ أبي داود عن أبانَ بْنِ عُثْمَانَ (1) ، قالَ سَمِعْتُ عُثْمَانَ - يَعْنِي ابْنَ عَفَّانَ (2) - يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لاَ يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاءِ، وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ، ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، لَمْ تُصِبْهُ فَجْأَةُ بَلاَءٍ حَتَّى يُصْبِحَ، وَمَنْ قَالَهَا حِينَ يُصْبِحُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ لَمْ تُصِبْهُ فَجْأَةُ بَلاَءٍ حَتَّى يُمْسِيَ»، قَالَ فَأَصَابَ أَبَانَ بْنَ عُثْمَانَ الْفَالِجُ، فَجَعَلَ الرَّجُلُ الَّذِي سَمِعَ مِنْهُ الْحَدِيثَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ: مَا لَكَ تَنْظُرُ إِلَيَّ؟ فَوَاللَّهِ مَا كَذَبْتُ عَلَى عُثْمَانَ، وَلاَ كَذَبَ عُثْمَانُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَلَكِنَّ الْيَوْمَ الَّذِي أَصَابَنِي فِيهِ مَا أَصَابَنِي غَضِبْتُ فَنَسِيتُ أَنْ أَقُولَهَا (3) .
66- ولفظ الترمذي عَنْ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رضي الله عنه، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ عَبْدٍ يَقُولُ فِي صَبَاحِ كُلِّ يَوْمٍ وَمَسَاءِ كُلِّ لَيْلَةٍ: بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ، وَلَا فِي السَّمَاءِ، وَهُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ» ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، «فَيَضُرَّهُ شَيْءٌ»، وَكَانَ أَبَانُ، قَدْ أَصَابَهُ طَرَفُ فَالِجٍ، فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ أَبَانُ: «مَا تَنْظُرُ؟ أَمَا إِنَّ الحَدِيثَ كَمَا حَدَّثْتُكَ، وَلَكِنِّي لَمْ أَقُلْهُ يَوْمَئِذٍ لِيُمْضِيَ اللَّهُ عَلَيَّ قَدَرَهُ» (4) .
67- ولفظ ابن ماجه عنْ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رضي الله عنه يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَا مِنْ عَبْدٍ يَقُولُ فِي صَبَاحِ كُلِّ يَوْمٍ، وَمَسَاءِ كُلِّ لَيْلَةٍ: بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لاَ يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ، وَلاَ فِي السَّمَاءِ، وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ»، ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، «فَيَضُرَّهُ شَيْءٌ».
قَالَ: وَكَانَ أَبَانُ قَدْ أَصَابَهُ طَرَفٌ مِنَ الْفَالِجِ، فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ أَبَانُ: مَا تَنْظُرُ إِلَيَّ ؟ أَمَا إِنَّ الْحَدِيثَ كَمَا قَدْ حَدَّثْتُكَ، وَلَكِنِّي لَمْ أَقُلْهُ يَوْمَئِذٍ، لِيُمْضِيَ اللَّهُ عَلَيَّ قَدَرَهُ» (5) .
68- ولفظ أحمد عَنْ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَالَ: بِسْمِ اللهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ، وَلا فِي السَّمَاءِ، وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ، لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ» (6) .

شرح مفردات الحديث:

1- قوله: بسم اللَّه: أي: بسم اللَّه أستعيذ، وبه أتحصن قولًا باللسان، وتوكلًا بالجنان، قال الإمام ابن كثير : «من قدّره باسمٍ، تقديره: باسم اللَّه ابتدائي، ومن قدره بالفعل أمرًا، وخبرًا نحو: أبدَأ ببسم اللَّه، أو ابتدأت ببسم اللَّه، فكلاهما صحيح ... فالمشروع ذكر اسم اللَّه في كل أمر، تبركًا، وتيمنًا، واستعانة على الإتمام والتقبل» (7) .
2- قوله: لا يضر مع اسمه شيء: أي: من تعوذ باسم اللَّه صادقًا لا تضره مصيبة؛ لأنه في حفظ صاحب الملكوت والجبروت القادر على كل شيء، قال القاري : قوله: «لا يضر مع اسمه شيء»: أي: «مَعَ ذِكْرِ اسْمِهِ بِاعْتِقَادٍ حَسَنٍ وَنِيَّةٍ خَالِصَةٍ» (8) .
3- قوله: في الأرض: أي: لا يضره أحد من أهل الأرض: من إنس، أو جن، أو دابة، أو هامة، وقال الشيخ الجمل : «سنة التسمية في الوضوء والغسل: بسم اللَّه... وفي الأكل بسم اللَّه ... وفي التضحية بسم اللَّه، واللَّه أكبر، وفي وضع الميت في القبر: بسم اللَّه، وعلى ملة رسول اللَّه، وفي دخول المسجد: بسم اللَّه، والصلاة والسلام على رسول اللَّه، وعند قراءة القرآن من موضع لا تسمية فيه بعد التعوذ بسم اللَّه الرحمن الرحيم... وتسنُّ لكل أمر ذي بال: عبادة، أو غيرها: كغسل، وتيمم، وتلاوة، ولو من أثناء سورة، وجماع، وذبح، وخروج من منزل، لا للصلاة، والحج، والأذكار، وتكره لمكروه» (9) .
وقال العلامة ابن عثيمين : «وهذه الكلمات كلمات يسيرة، لكن فائدتها عظيمة: بسم اللَّه الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض، ولا في السماء، وهو السميع العليم؛ لأن اللَّه  بيده ملكوت السموات، والأرض، واسمه مبارك إذا ذكر على الشيء؛ ولهذا يسن ذكر اللَّه تعالى بالتسمية على الأكل، إذا أردت أن تأكل تقول: بسم اللَّه، إذا أردت أن تشرب تقول: بسم اللَّه، إذا أردت أن تأتي أهلك تقول بسم اللَّه، فالتسمية مشروعة في أماكن كثيرة، ولكنها على القول الراجح على الأكل والشرب واجبة، يجب على الإنسان إذا أراد أن يأكل أن يقول بسم اللَّه، وإذا أراد أن يشرب أن يقول بسم اللَّه؛ لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك؛ ولأن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر أن من لم يسم اللَّه على أكله شاركه الشيطان في ذلك، فلا تنسَ أن تقول في كل مساء، وفي كل صباح: بسم اللَّه الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض، ولا في السماء، وهو السميع العليم، ثلاث مرات» (10) .
4- قوله: «ولا في السماء»: أي: من تعوذ باسم اللَّه لا يأتيه الضرر من جهة السماء: كخسف، أو ريح، أو حجارة من السماء، أو غير ذلك، قال اللَّه تعالى: ﴿ءَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاءِ أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ * أَمْ أَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاءِ أَن يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ﴾ سورة الملك، الآيتان: 16- 17 ، وإنما كان أهل السماء من الملائكة في أمن وأمان؛ لأنهم في ذكر متواصل لا يفترون عن ذلك، قال اللَّه تعالى: ﴿يُسَبِّحُونَ الَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ﴾ سورة الأنبياء، الآية: 20 .
5- قوله: وهو السميع: أي: السميع لأقوال عباده، وخلقه، لا يختلط عليه صوت بصوت، قال شيخ الإسلام ابن تيمية : «وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ فِي الدُّنْيَا يَسْمَعُ دُعَاءَ الدَّاعِينَ، وَيُجِيبُ السَّائِلِينَ، مَعَ اخْتِلَافِ اللُّغَاتِ، وَفُنُونِ الْحَاجَاتِ، وَالْوَاحِدُ مِنَّا قَدْ يَكُونُ لَهُ قُوَّةُ سَمْعٍ يَسْمَعُ كَلَامَ عَدَدٍ كَثِيرٍ مِنْ الْمُتَكَلِّمِينَ، كَمَا أَنَّ بَعْضَ الْمُقْرِئِينَ يَسْمَعُ قِرَاءَةً عِدَّةً؛ لَكِنْ لَا يَكُونُ إلَّا عَدَدًا قَلِيلًا قَرِيبًا مِنْهُ، وَيَجِدُ فِي نَفْسِهِ قُرْبًا وَدُنُوًّا، وَمَيْلًا إلَى بَعْضِ النَّاسِ الْحَاضِرِينَ وَالْغَائِبِينَ دُونَ بَعْضٍ، وَيَجِدُ تَفَاوُتَ ذَلِكَ الدُّنُوِّ وَالْقُرْبِ، وَالرَّبُّ تَعَالَى وَاسِعٌ عَلِيمٌ، وَسِعَ سَمْعُهُ الْأَصْوَاتِ كُلَّهَا، وَعَطَاؤُهُ الْحَاجَاتِ كُلَّهَا» (11) .
وقال العلامة ابن عثيمين : «فالسميع من أسماء اللَّه، والعليم من أسماء اللَّه، فالسميع من أسماء اللَّه تعالى، ولها معنيان: الأول السمع الذي هو إدراك كل صوت، فاللَّه تعالى لا يخفى عليه شيء كل صوت، فاللَّه يسمعه مهما بَعُد، ومهما ضعف...قالت عائشة ل: «الحمد للَّه الذي وسع سمعه الأصوات، واللَّه لقد جاءت المجادلة إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم تكلمه، وإني لفي الحجرة، ويخفى عليَّ بعضُ حديثها، واللَّه تعالى من فوق سبع سموات يسمع كلامهما» (12) ، فاللَّه تعالى يسمع كلامك، وإن خَفُت: ضَعُف، ...فإياك أن تُسمِعَ اللَّهَ عز وجل كلاماً لا يرضاه منك، واحرص على أن تُسمِعَ اللَّهَ ما يرضاه منك، ومن معاني السميع أنه سميع الدعاء، أي: مجيب الدعاء... فهو جل وعلا يجيب دعاء المضطر وإن كان كافراً؛ ولهذا يجيب اللَّه عز وجل دعاء المضطرين في البحر، إذا غشيهم موج كالظلل دعوا اللَّه مخلصين له الدين، فينجيهم، ويجيب جل وعلا دعوة المظلوم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين اللَّه حجاب» (13) ، ويجيب عز وجل من تعبَّد له، وحمده، وأثنى عليه، كما يقول المصلي سمع اللَّه لمن حمده» (10) .
6- قوله: العليم: أي: العليم بأفعالهم متى، وكيف ستقع، لا تخفى عليه خافية، وقال الإمام الطبري : «العليم بما في ضمائر نفوسنا من الإذعان لك في الطاعة، والمصير إلى ما فيه لك الرضا والمحبة، وما نبدي ونخفي من أعمالنا» (14) .
وقال العلامة ابن عثيمين : «وأما العليم فهو من أسمائه أيضاً، وعلم اللَّه تعالى علم واسع، محيط بكل شيء، قال اللَّه تعالى: ﴿وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾ سورة الأنعام، الآية: 59 ، يعلم ما في الأرحام، ومفاتح الغيب خمس، مذكورة في قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ﴾ سورة لقمان، الآية: 34 ، فاللَّه عز وجل عنده مفاتح الغيب، ما تسقط من ورقة من شجرة إلا يعلمها، إذا سقطت ورقة في شجرة في أبعد الفيافي، ولو كانت الورقة صغيرة، فاللَّه يعلمها، وإذا كان يعلم الساقط فهو جل وعلا يعلم الحادث الذي يخلقه، فكل شيء فاللَّه به عليم، قال الله تعالى: ﴿وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ﴾ سورة لقمان، الآية: 34 ، أنت الآن مثلاً في بلدك مستقر، ولا عندك نية تسافر يميناً، ولا شمالاً، فإذا أراد اللَّه أن تموت بأرض جعل لك حاجة تحملك تلك الحاجة إلى تلك الأرض، وتموت هناك» (10) .
7- الفالج: شلل يصيب أحد شقي الجسم طولاً، والجمل الضخم ذو السنامين، جمعه: فوالج (15) .
8- الفُجأة: أي: البلاء الذي يأتي بغتة من غير مقدمات، قال الطيبي : «فجئه الأمر، وفجأه فُجاءة وفُجأة بالضم والمد، فاجأه، ومفاجأة إذا جاءه بغتة من غير تقدم سبب» (16) ، وقال ابن الأثير : «يُقَالُ: فَجِئَه الأمْرُ، وفَجَأَه فُجَاءَة -بِالضَّمِّ وَالْمَدِّ- وفَاجَأَه مُفَاجَأَةً، إِذَا جَاءَهُ بَغْتَةً مِنْ غَيْرِ تَقَدُّم سَبَبٍ، وقيَّده بَعْضُهُمْ بِفَتْحِ الْفَاءِ، وَسُكُونِ الْجِيمِ مِنْ غَيْرِ مَدٍّ عَلَى الْمَرة» (17) .

ما يستفاد من الحديث:

1- قال العظيم أبادي: «وَأَمَّا الْمَوَاضِعُ الَّتِي وَرَدَ فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَعَ زِيَادَةٍ عَلَيْهِ غَيْرِ لَفْظِ (الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)، فَالْمَسْنُونُ فِيهَا أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى بِسْمِ اللَّهِ مَعَ تِلْكَ الزِّيَادَةِ، وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَزِيدَ بَيْنَ بِسْمِ اللَّهِ وَبَيْنَ تِلْكَ الزِّيَادَةِ لَفْظَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ؛ لِأَنَّ مَجْمُوعَ بِسْمِ اللَّهِ، وَتِلْكَ الزيادة دعاء واحد، وذكر وَاحِدٌ، وَلَمْ يَثْبُتْ جَوَازُ زِيَادَةٍ بَيْنَ كَلِمَاتِ دُعَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَذِكْرِهِ، فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ عِنْدَ الذَّبْحِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَأَمَّا الْمَوَاضِعُ الَّتِي جَاءَ فِيهَا ذِكْرُ اسْمِ اللَّهِ، مِنْ غَيْرِ تَصْرِيحٍ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، أَوْ بِبِسْمِ اللَّهِ، فَالْأَفْضَلَ أَنْ يَقُولَ فِيهَا: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ بِتَمَامِهِ مِنْ ثَلَاثَةِ وُجُوهٍ: الْأَوَّلُ: أَنَّهُ إِذَا أَتَى فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ بِتَمَامِهِ كَانَ مُحْرِزًا مَا وَرَدَ فِي الْقَوْلِ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ بِتَمَامِهِ مِنَ الْفَضِيلَةِ» (18) .
2- صدق اللجوء إلى اللَّه، واعتماد القلب عليه ركن ركين، وحصن حصين للعبد: من الشرور والآفات، فضلًا من اللَّه ونعمة.
3- مالك الملك، لا يقع في ملكه إلا ما أراد وقدَّر، قال اللَّه تعالى: ﴿وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ﴾ سورة الأنعام، الآية: 59 وهذا يبعث الطمأنينة في قلب من أسلم وجهه لخالقه.
4- إثبات صفة السمع للَّه عز وجل على الوجه اللائق به، ليس كسمع المخلوقين؛ لأن سمعه عز وجل مستغرق لجميع المسموعات، فهو يسمع دعاء خلقه مع اختلاف ألسنتهم، ولغاتهم، ويعلم ما في قلب الداعي قبل أن يدعو، فسبحان من وسع سمعه الأصوات كما قالت أمّنا عائشة في قصة المجادلة (19) .
5- تقرير أن للَّه عز وجل العلم الشامل المحيط، ومتى علم العبد ذلك دفعه إلى خشية ربه، واطمئن قلبه إلى عبادة خالقه.
6- قال العلامة الشيخ ابن عثيمين : (20) : «السميع» له معنيان: أحدهما: بمعنى المجيب، مثل قوله: ﴿ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ﴾ سورة إبراهيم، الآية: 39 .
والثاني: السميع بمعنى إدراك الصوت، وهو على أقسام: أ – سمع يراد به عموم إدراك سمع اللَّه عز وجل، وأنه ما من صوت إلا يسمعه مثال ذلك: ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا﴾ سورة المجادلة، الآية: 1 .
ب – سمع يراد به النصر والتأييد، مثل قوله: ﴿ إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى﴾ سورة طه، الآية: 46 .
ج - سمع يراد به التهديد والوعيد مثل قوله: ﴿أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ﴾ سورة الزخرف، الآية: 80 .
قال ابن القيم : وهو السميع يرى ويسمع كل ما في الكون من سر ومن إعلان ولكل صوت منه سمع حــاضر فالســـر والإعـــــــــــلان مستويان والسمع منه واسع الأصـوات لا يخفى عليه بعـيدها والداني (21) 7- ضرب أهل العلم مثلًا للعالم المستيقن بأن اللَّه يعلمه، ويراقبه برجل جالس في حضرة ملك جبار، يحيط به جنده، وحرسه، وعن يمينه ويساره أهله، وبين يديه سيافه شاهرًا سيفه، فهل يستطيع ذلك الرجل أن يعبث بحرمة الملك؟ - وللَّه المثل الأعلى – فمن علم أن جبار السموات والأرض عالم به، مراقب له، كان ذلك أعظم زاجرًا له عن ترك فرائضه، وارتكاب محظوراته ومحارمه (22) ، وهذا من ثمار معرفة معنى اسم اللَّه «العليم».
8- جاء في نهاية هذا الحديث أن أبان بن عثمان قد أصابه طرف من الفالج، فجعل الرجل الذي سمع منه الحديث ينظر إليه، فقال له: مالك تنظر إلي؟ فواللَّه ما كذبت على عثمان، ولا كذب عثمان على النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن اليوم الذي أصابني فيه ما أصابني، غضبت فنسيت أن أقولها.
9- وهذا الجزء من الحديث فيه فوائد: أ‌- أن الغضب آفة تحول بين المرء وعقله.
ب‌- إذا أراد اللَّه إنفاذ قدره، صرف العبد عما يحول بينه وبين ذلك.
جـ- شدة حرص رواة الحديث على التحمل والأداء.
د- قوة يقين السلف الأول في اللَّه سبحانه وتعالى (23) .
10- قال القرطبي : عن هذا الحديث: هذا خبر صحيح، وقول صادق، علمناه دليلًا وتجربة، فإني منذ سمعته عملت به، فلم يضرني شيء إلى أن تركته، فلدغتني عقرب بالمدينة ليلًا، فتفكرت فإذا أنا قد نسيت أن أتعوذ بتلك الكلمات (24) .

1 أبو سعيد الأموي، من ثقات أواسط التابعين، وهو أحد أولاد عثمان بن عفان رضي الله عنهم
2 فضائل الصحابة، باب مناقب عثمان بن عفان رضي الله عنه، برقم 3695، وأن الملائكة تستحيي منه لشدة حيائه مسلم، كتاب فضائل الصحابة رضي الله عنهم، باب من فضائل عثمان بن عفان رضي الله عنه، برقم 2401، وأنه الذي جهز جيش العسرة، وحفر بئر رومة من حر ماله البخاري، كتاب الوصايا، باب إذا وقف أرضاً أو بئراً، واشترط لنفسه مثل دلاء المسلمين، برقم 2778، قتل شهيدًا على يد الخوارج يوم الجمعة لثمان خلون من ذي الحجة سنة خمس وثلاثين، وقد ناهز التسعين عامًا، ودفن خلف البقيع بعد أن ولي الخلافة ثنتي عشرة سنة. انظر: الاستيعاب، 3/1797، وأسد الغابة، 3/3583، وسير أعلام النبلاء، قسم الخلفاء الراشدين، ص 149
3 أبو داود، برقم 5088، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه، 2/ 332
4 الترمذي، برقم 3388، وصححه الألباني في صحيح الترمذي، برقم 2698
5 ابن ماجه، برقم 3868، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه، 2/ 332
6 مسند أحمد، برقم 446، وحسن إسناده محققو المسند، 1/ 498
7 تفسير القرآن العظيم، لابن كثير، 1/ 121
8 مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، 4/ 1659
9 حاشية الجمل على المنهج لشيخ الإسلام زكريا الأنصاري (1/ 357)
10 شرح رياض الصالحين، شرح الحديث رقم 1458
11 مجموع الفتاوى، 5/ 133
12 انظر: البخاري معلقاً، كتاب التوحيد، باب قول اللَّه تعالى: ﴿وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعاً بَصيرَاً﴾، قبل الحديث رقم 7386، وأحمد، 40 / 228، وابن ماجه، برقم 2063، النسائي، برقم 3460، واللفظ له، وصححه محققوا المسند، 40/ 228، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه، برقم 188
13 البخاري، برقم 2448، ومسلم، برقم 19
14 تفسير الطبري، 3/ 73
15 انظر: المعجم الوسيط، 2/ 699، مادة (فلج)
16 شرح المشكاة للطيبي: الكاشف عن حقائق السنن، 6/ 1878
17 النهاية في غريب الحديث والأثر، 3/ 412، مادة (فجأ)
18 عون المعبود شرح سنن أبي داود، 13/ 129
19 ابن كثير، 8/ 34 في تفسير سورة المجادلة
20 انظر: شرح العقيدة الواسطية، 1/ 206، 207
21 النونية، لابن القيم، 2/215
22 انظر: أسماء اللَّه الحسنى للأشقر، ص 115
23 انظر: بهجة الناظرين شرح رياض الصالحين، للشيخ/ سليم الهلالي، ح 1457
24 الفتوحات الربانية لابن علان، 3/100

قم بقراءة المزيد من الأذكار والأدعية




قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Saturday, August 9, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب