شرح مفردات الحديث:
1- قوله: «
ليلة مطيرة»: «
لَيْلَةِ مَطَرٍ»: وعند الترمذي: «
في ليلة مطيرة» قال الكرماني : فعيلة بمعنى الماطرة ، أي: كثيرة المطر، أي: ليلة فيها مطر كثير، قال الزمخشري: «
مطير: فعيل بمعنى فاعل؛ لقولهم ليلة مطيرة، كأنه مطر، فهو مطير، كقولهم: رفيع، وفقير، من رفع، وفقر» ، وقال القسطلاني : «
في ليلة: أي: مع يومها، بقرينة الظهر والعصر، مطيرة: أي كثير المطر ويومه» .
2- قوله: «
طشٌّ»: قال ابن الأثير : «
الطش أقل ما يكون من المطر» .
3- قوله: «
في ظلمة شديدة»: أي: شديدة الظلام، ليس فيها شمس، ولا قمر، فلا يخرج الناس إلى أعمالهم، وصنائعهم، بل يمكثون في البيوت ، لعدم فائدة الخروج، والخوف من البرد، أو المطر، ويؤيد هذا قول ابن الملقن : في شرح الظلمة الشديدة بوصفها: «
أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَعْمَى وَالْبَصِيرِ، وَفِي الْإِيعَابِ أَنَّ مِثْلَ الْأَعْمَى فِيمَا يَظْهَرُ مَا لَوْ كَانَ فِي ظُلْمَةٍ شَدِيدَةٍ لِمَنْعِهَا أَهْلِيَّةَ التَّأَمُّلِ» .
4- قوله: «
ليصلي لنا»: أي: يصلي، ويدعو لنا، فالصلاة: «
الدعاء، والرَّحْمَةُ، والاسْتِغْفارُ، وحُسْنُ الثَّناءِ من اللَّهِ عز وجل، على رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، وعِبادَةٌ فيها رُكوعٌ وسُجودٌ، اسمٌ يُوضَعُ مَوْضِعَ المَصْدَرِ، وصَلَّى صَلاةً، لا تَصْلِيَةً: دعا» .
5- قوله: «
فأدركناه»: أي: حتى وصلنا إليه، ولحقنا به، وفي اللسان: «
الدَّرْك: اللَّحاق وَالْوُصُولُ إِلى الشَّيْءِ، أَدركته إِدْراكاً وَدَرَكًا 2- 6- ...والدَّرَك: التَّبِعةُ، يُسَكَّنُ وَيُحَرَّكُ.
يُقَالُ: مَا لَحِقك مِنْ دَرَكٍ فعليَّ خلاصُه، والإِدْراكُ: اللُّحُوقُ.
يُقَالُ: مَشَيْتُ حَتَّى أَدْرَكته، وعِشْتُ حَتَّى أَدْرَكْتُ زَمَانَهُ، وأَدْرَكْتُه بِبَصَرِي أَي: رأَيته» .
7- قوله: «
أصليتم؟»: أي: أن من يدخل المسجد عليهم ، يتبادر إليه أنهم انتهوا من أداء الصلاة، حتى يدخل الداخل فيحسب أي: يظن أنهم قد صلوا، فيسألهم: أصليتم؟ .
8- قوله: «
قل، فلم أقل شيئاً»: أي: عندما سألهم عن أدائهم للصلاة، لم يجيبوه، فاستفهم من أحدهم، مرتين فلم يجبه أيضاً.
9- قوله: «
قل هو اللَّه أحد والمعوذتين»: قوله: «
المعوذات»: قال الحافظ في الفتح: «
المعوذات أي: الإخلاص، والفلق، والناس» .
وقال ابن الأثير: «
الاسْتِعَاذَة والتَّعَوُّذ» وَما تصرَّف مِنْهُمَا، والكُلُّ بمْعنىً، وبه سُمِّيت: «
قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ»، و«
قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ»: المًعَوِّذَتَيْن» ، وفي تاج العروس: «
ورُبَّما قيل: المُعَوِّذَاتُ بِالجَمع، بإِضافةِ الإِخْلاص لَهما على جِهَةِ التَّغْلِيب؛ لأَنها مِمَّا يُتَحَصَّنُ بهَا، لاشْتِمَالِها على صِفةِ الله تَعَالَى» .
10- قوله: «
حتى تمسي»: «
المَساء: بَعْدَ الظُّهْرِ إِلى صَلَاةِ الْمَغْرِبِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِلى نِصْفِ اللَّيْلِ... وأَمْسَيْنا نَحْنُ: صِرْنا فِي وَقْتِ المَساءِ» .
11- قوله: «
حتى تصبح»: أي حتى يأتي عليك الصباح، و«
الصُّبْحُ: أَوّل النَّهَارِ، والصُّبْحُ: الفجر، والصَّباحُ: نقيض المَساء، وَالْجَمْعُ أَصْباحٌ... وأَصْبَحَ القومُ: دَخَلُوا فِي الصَّباح، كَمَا يُقَالُ: أَمْسَوْا دَخَلُوا فِي الْمَسَاءِ...يُقَالُ: أَصْبَحَ الرَّجُلُ إِذا دَخَلَ فِي الصُّبْح...وأَصْبَحْنا وأَمْسَينا أَي صِرْنَا فِي حِينِ ذَاكَ» .
12- قوله: «
تكفيك من كل شيء»: قال الطيبي : «
أي: تدفع عنك كل شيءٍ سوءٍ، ويُحتمَل أن يكون معناه: تغنيك عمّا سواها» ، وقال الشوكاني : «
وفي الحديث دليل على أن تلاوة هذه السور عند المساء، وعند الصباح تكفي التالي [أي القارئ لها] من كل شيء يُخشَى منه، كائناً ما كان» .
ثالثاً: تفسير مفردات السور الثلاث: 1- مفردات
سورة الإخلاص : أ- قوله تعالى:
﴿قُلْ﴾ قولاً جازمًا به، معتقدًا له، عارفًا بمعناه.
ب- قوله تعالى:
﴿هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ أي: قد انحصرت فيه الأحدية، فهو الأحد المنفرد بالكمال، الذي له الأسماء الحسنى، والصفات الكاملة العليا، والأفعال المقدسة، الذي لا نظير له ولا مثيل.
ج- قوله تعالى:
﴿اللَّهُ الصَّمَدُ﴾ أي: المقصود في جميع الحوائج، فأهل العالم العلوي والسفلي مفتقرون إليه غاية الافتقار، يسألونه حوائجهم، ويرغبون إليه في مهماتهم، لأنه الكامل في أوصافه، العليم الذي قد كمل في علمه، الحليم الذي قد كمل في حلمه، الرحيم الذي كمل في رحمته، الذي وسعت رحمته كل شيء، وهكذا سائر أوصافه، ومن كماله أنه: د- قوله تعالى:
﴿لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ﴾ لكمال غناه.
هـ-قوله تعالى:
﴿وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾ لا في أسمائه، ولا في أوصافه، ولا في أفعاله، تبارك وتعالى.
فهذه السورة مشتملة على توحيد الأسماء والصفات.
2- مفردات
سورة الفلق : أ- قوله تعالى:
﴿قل﴾ متعوذًا.
ب- قوله تعالى:
﴿أَعُوذُ﴾ أي: ألجأ وألوذ، وأعتصم.
ج- قوله تعالى:
﴿بِرَبِّ الْفَلَقِ﴾ أي: فالق الحب والنوى، وفالق الإصباح.
د- قوله تعالى:
﴿مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ﴾ وهذا يشمل جميع ما خلق اللَّه، من إنس، وجن، وحيوانات، فيستعاذ بخالقها، من الشر الذي فيها، ثم خص بعد ما عم، فقال: هـ-قوله تعالى:
﴿وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ﴾ أي: من شر ما يكون في الليل، حين يغشى الناس، وتنتشر فيه كثير من الأرواح الشريرة، والحيوانات المؤذية.
و- قوله تعالى:
﴿وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ﴾ أي: ومن شر السواحر، اللاتي يستعن على سحرهن بالنفث في العقد، التي يعقدنها على السحر.
ز- قوله تعالى:
﴿وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ﴾ والحاسد، هو الذي يحبّ زوال النعمة عن المحسود، فيسعى في زوالها بما يقدر عليه من الأسباب، فاحتيج إلى الاستعاذة باللَّه من شره، وإبطال كيده، ويدخل في الحاسد العاين؛ لأنه لا تصدر العين إلا من حاسد شرير الطبع، خبيث النفس، فهذه السورة، تضمنت الاستعاذة من جميع أنواع الشرور، عمومًا وخصوصًا.
ودلت على أن السحر له حقيقة يخشى من ضرره، ويستعاذ بالله منه، ومن أهله.
3- مفردات
سورة الناس : أ- هذه السورة مشتملة على الاستعاذة برب الناس ومالكهم وإلاههم، من الشيطان الذي هو أصل الشرور كلها ومادتها، الذي من فتنته وشره، أنه يوسوس في صدور الناس، فيحسن لهم الشر، ويريهم إياه في صورة حسنة، وينشط إرادتهم لفعله، ويقبح لهم الخير ويثبطهم عنه، ويريهم إياه في صورة غير صورته.
ب- وهو دائمًا بهذه الحال يوسوس ويخنس أي: يتأخر إذا ذكر العبد ربه واستعان على دفعه.
ج- فينبغي له أن يستعين، ويستعيذ ويعتصم بربوبية اللَّه للناس كلهم.
د- وأن الخلق كلهم، داخلون تحت الربوبية والملك، فكل دابة هو آخذ بناصيتها.
هـ- وبألوهيته التي خلقهم لأجلها، فلا تتم لهم إلا بدفع شر عدوهم، الذي يريد أن يقتطعهم عنها ويحول بينهم وبينها، ويريد أن يجعلهم من حزبه ليكونوا من أصحاب السعير، والوسواس كما يكون من الجن يكون من الإنس، ولهذا قال:
﴿مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ﴾ .