اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر

حصن المسلم | الدعاء بعد التشهد الأخير قبل السلام | اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر

اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا، وَلَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ، فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ وَارْحَمْنِي، إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (1).

Allahumma innee thalamtu nafsee thulman katheeran wala yaghfiruth-thunooba illa ant, faghfir lee maghfiratan min AAindik warhamnee, innaka antal-Ghafoorur-Raheem.
‘O Allah, I have indeed oppressed my soul excessively and none can forgive sin except You, so forgive me a forgiveness from Yourself and have mercy upon me. Surely, You are The Most-Forgiving, The Most-Merciful.’ From Yourself: i.e. from Your innermost grace without deserving it and a forgiveness which is befitting to your tremendous generosity.


(1) البخاري، 8/ 168، برقم 834، ومسلم، 4/ 2078، برقم 2705.

شرح معنى اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر

لفظ الحديث الذي ورد فيه:

214- عنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه (1) : أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: عَلِّمْنِي دُعَاءً أَدْعُو بِهِ فِي صَلاَتِي، قَالَ: «قُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا، وَلاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ، فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ، وَارْحَمْنِي إِنَّكَ أَنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ» (2) ، وهذا لفظ البخاري وغيره.
215- ولفظ مسلم: عَنْ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلِّمْنِي دُعَاءً أَدْعُو بِهِ فِي صَلاَتِي، قَالَ: «قُلِ اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَبِيرًا - وَقَالَ قُتَيْبَةُ: كَثِيرًا - وَلاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ، فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ، وَارْحَمْنِي إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ» (3) .
216- وفي رواية لمسلم أن أبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رضي الله عنه قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: عَلِّمْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ دُعَاءً أَدْعُو بِهِ فِي صَلاَتِي وَفِي بَيْتِي، ثُمَّ ذَكَرَ بِمِثْلِ حَدِيثِ اللَّيْثِ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: «ظُلْمًا كَثِيرًا» (3) .

شرح مفردات الحديث:

1- قوله: «اللَّهم»: «اللَّهُمَّ بِمَعْنَى: يَا أَلله، ... الْمِيمَ فِي آخِرِ الْكَلِمَةِ بِمَنْزِلَةِ يَا فِي أَولها، وَالضَّمَّةُ الَّتِي هِيَ فِي الْهَاءِ هِيَ ضَمَّةُ الِاسْمِ الْمُنَادَى الْمُفْرَدِ » (4) .
2- قوله: «ظلمت نفسي»: إما بارتكاب الذنوب، أو التقصير في أعمال الطاعة، قال ابن الأثير : «والظلم: الجور، ومجاوزة الحد، وأخذ ما ليس لك، وأصله وضع الشيء في غير موضعه والنفس في اللغة: الروح... وقد يطلق على الجسد، وجاء في الشعر، ومعنى «ظلمه نفسه»: يريد: بما ارتكبه من الذنوب والمعاصي، فإنه ظلمها، حيث قلدها الآثام، والأوزار، وأخرجها إلى أن تعاقب» (5) .
3- قوله: «ظلمًا كثيرًا»: وفي لفظ عند مسلم «كبيرًا» (3) ، والمعنى أنني أسرفت في ارتكاب المعاصي، وقال النووي : «فينبغي أن يُجمع بينهما، فيُقال: «ظُلْماً كَثِيراً كَبِيراً» (6) ، وقال ابن دقيق العيد : «وَقَوْلُهُ: «إنِّي ظَلَمْت نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا»: دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَعْرَى مِنْ ذَنْبٍ وَتَقْصِيرٍ...وَرُبَّمَا أَخَذُوا ذَلِكَ مِنْ حَيْثُ الْأَمْرُ بِهَذَا الْقَوْلِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ، وَتَخْصِيصٍ بِحَالَةٍ، فَلَوْ كَانَ ثَمَّةَ حَالَةٌ لَا يَكُونُ فِيهَا ظُلْمٌ وَلَا تَقْصِيرٌ، لَمَا كَانَ هَذَا الْإِخْبَارُ مُطَابِقًا لِلْوَاقِعِ، فَلَا يُؤْمَرُ بِهِ» (7) ، وقال الحافظ ابن حجر : «هَذَا الدُّعَاءُ مِنَ الْجَوَامِعِ لِأَنَّ فِيهِ الِاعْتِرَافَ بِغَايَةِ التَّقْصِيرِ وَطَلَبِ غَايَةِ الْإِنْعَامِ فَالْمَغْفِرَةُ سَتْرُ الذُّنُوبِ وَمَحْوُهَا وَالرَّحْمَةُ إِيصَالُ... أَيْ: لَيْسَ لِي حِيلَةٌ فِي دَفْعِهِ، فَهِيَ حَالَةُ افْتِقَارٍ، فَأَشْبَهَ حَالَ الْمُضْطَرِّ الْمَوْعُودِ بِالْإِجَابَةِ، وَفِيهِ هَضْمُ النَّفْسِ، وَالِاعْتِرَافُ بِالتَّقْصِير» (8) .
4- قوله: «فاغفر لي»: قال ابن منظور : «َالْمَغْفِرَة: تَغْطِيَة الذَّنب وكل مَا غطى فقد غفر وَمِنْه: المغفر.
«الغَفُورُ الغَفّارُ، جَلَّ ثَنَاؤُهُ، ... وَمَعْنَاهُمَا: السَّاتِرُ لِذُنُوبِ عِبَادِهِ، الْمُتَجَاوِزُ عَنْ خَطَايَاهُمْ وَذُنُوبِهِمْ... غَفَرَه يَغْفِرُه غَفراً: سَتَرَهُ.
وَكُلُّ شَيْءٍ سَتَرْتَهُ، فَقَدْ غَفَرْته؛ ... وَمِنْهُ: غَفَرَ اللَّهُ ذُنُوبَهُ أَي سَتَرَهَا
» (9) .
5- قوله: «مغفرة من عندك»: أي تفضل علي بالمغفرة وليس بسبب عمل صدر مني؛ لأن أعمال العبد لا تخلو من قصور، قال ابن دقيق العيد : «فِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ إشَارَةً إلَى التَّوْحِيدِ الْمَذْكُورِ، كَأَنَّهُ قَالَ: لَا يَفْعَلُ هَذَا إلَّا أَنْتَ، فَافْعَلْهُ أَنْتَ، وَالثَّانِي وَهُوَ الْأَحْسَنُ: أَنْ يَكُونَ إشَارَةً إلَى طَلَبِ مَغْفِرَةٍ مُتَفَضَّلٍ بِهَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَعَالَى، لَا يَقْتَضِيهَا سَبَبٌ مِنْ الْعَبْدِ، مِنْ عَمَلٍ حَسَنٍ وَلَا غَيْرِهِ، فَهِيَ رَحْمَةٌ مِنْ عِنْدِهِ بِهَذَا التَّفْسِيرِ، لَيْسَ لِلْعَبْدِ فِيهَا سَبَبٌ، وَهَذَا تَبَرُّؤٌ مِنْ الْأَسْبَابِ، وَالْإِدْلَالِ بِالْأَعْمَالِ، وَالِاعْتِقَادِ فِي كَوْنِهَا مُوجِبَةً لِلثَّوَابِ وُجُوبًا عَقْلِيًّا، وَالْمَغْفِرَةُ: السَّتْرُ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ، وَعَلَى الثَّانِي هِيَ مِنْ صِفَاتِ الذَّاتِ» (7) .
6- قوله: «وارحمني»: طلب رحمة اللَّه عز وجل التي بها حصول المطلوب، وبالمغفرة زوال المرهوب، وهذا إذا جمع بين المغفرة والرحمة، أما إذا فرقت المغفرة عن الرحمة فإن كل واحدة منهما تشمل الأخرى (10) .
7- قوله: «إنك أنت»: ضمير منفصل للتوكيد والحصر بأن الذي يغفر الذنوب هو اللَّه وحده، قال ابن الملقن : «المعنى بقوله: إنك أنت الغفور الرحيم، أنه تعيين لهذا المعنى، أنه ليس لغيرك، فكأنه قال: لا غفور، ولا رحيم على الحقيقة غيرك» (11) .
8- قوله: «إنك أنت الغفور الرحيم»: هذا من باب المقابلة والختم للكلام فالغفور مقابل لقوله اغفر لي، والرحيم مقابل لقوله: «ارحمني» فتأمل (12) .
9- قوله: «لا يغفر الذنوب إلا أنت»: قال ابن الأثير : «إقرارًا منه، واعترافًا أنه قد قطع أمله، ورجاءه عن كل أحد سواه، وصرف رغبته إلى من لا توجد المغفرة إلا عنده» (13) ، وَقال ابن دقيق العيد : «إقْرَارٌ بِوَحْدَانِيَّةِ الْبَارِي تَعَالَى، وَاسْتِجْلَابٌ لِمَغْفِرَتِهِ بِهَذَا الْإِقْرَارِ» (7) .

ما يستفاد من الحديث:

1- استحباب طلب التعليم من العالم خاصة في الدعوات المطلوب فيها جوامع الكلم.
2- جواز قول هذا الدعاء في السجود وبعد التشهد لقول الصديق: «في صلاتي».
3- قال الحافظ في الفتح (14) : ويحتمل أن يكون سؤال أبي بكر عن ذلك كان عند قوله لما علمهم التشهد: «ثم ليتخير من الدعاء ما شاء» (15) .
4- ترجم الإمام البخاري لهذا الحديث بقوله: بَاب الدُّعَاءِ قَبْلَ السَّلَامِ» (16) .
5- الإقرار بالوحدانية واستجلاب المغفرة وهذا كقول اللَّه عز وجل: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ سورة آل عمران، الآية: 135 .
6- التوسل إلى اللَّه بأسمائه الحسنى كما أمر ربنا سبحانه وتعالى بقوله: ﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا﴾ سورة الأعراف، الآية: 180 ، وأن الداعي يدعو بما يناسب حاجته فإن أراد الرحمة دعا اللَّه باسمه الرحمن والرحيم وهكذا.
7- المؤمن وإن علت رتبته لا يسلم من الزلل والتقصير ويشهد لهذا قول النبي صلى الله عليه وسلم: «استقيموا ولن تحصوا» (17) أي لا تقدرون على إيفاء حق اللَّه عز وجل.
8- تواضع الصديق رضي الله عنه فمع علو منزلته طلب أن يعلمه النبي صلى الله عليه وسلم دعاءً لعل اللَّه أن يرحمه به.
وهذا هو شأن أهل الإيمان والخوف والخشية.
9- قال العلامة ابن الملقن : ما أحسن هذا الترتيب؛، فإنه قدم أولاً اعترافه بالذنب، ثم بالوحدانية، ثم سأل المغفرة بعد ذلك؛ لأن الاعتراف أقرب إلى العفو، والثناء على السيد بما هو أهله، أرجى لقبول مسألته، وقد جعل تقديم الثناء بين يدي الدعاء، كتقديم هدية الشفيع بين يدي مسألته، فإنه أقرب للقبول (18) .
10- هذا الحديث من أحسن الأدعية؛ لأنه إقرار بظلم النفس، واعتراف بالذنب، والذنوب كالمانع من الإنعام، والاعتراف بها يمحوها فيرتفع الحاجز، وهذا الدعاء مما يستحب أن يدعى به في الصلاة قبل التسليم لصحته، وللإنسان أن يدعو في صلاته بما في القرآن من الدعاء، وبما صح في النقل عن النبي صلى الله عليه وسلم» (19) .

1 أبو بكر الصديق رضي الله عنه: هو عبد اللَّه، ويقال عتيق بن أبي قحافة القرشي، خليفة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم – أمه هي أم الخير سلمى بنت صخر ل، من جملة فضائله: أنه أحب الناس إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من الرجال البخاري، برقم 3662. صدّق رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مباشرة وواساه بأهله وماله البخاري، برقم 3661، أسبق الأمة وأكثرهم بذلًا في سبيل اللَّه أبو داود، برقم 1678. صحب النبي صلى الله عليه وسلم في الهجرة وكان معه وحده في الغار البخاري، برقم 3652. بشّره النبي صلى الله عليه وسلم أنه يدخل الجنة من جميع أبوابها الثمانية البخاري، برقم 3666. قدمه النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه ليؤم الناس مكانه، وهو إشارة قوية إلى أنه هو الخليفة من بعده البخاري، برقم 3659، وقد حارب المرتدين الذين منعوا زكاة أموالهم بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وجهز جيش أسامة بن زيد رضي الله عنه، مات ليلة الثلاثاء بعد أن خلف رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم سنتين وثلاثة أشهر، ودفن بجانب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. انظر: الاستيعاب، لابن عبد البر، 3/ 963، والإصابة في تمييز الصحابة، 4/ 169.
2 البخاري، برقم 6360
3 مسلم، برقم 2705
4 لسان العرب، 13/ 470، مادة (أله)
5 الشافي في شرح مسند الشافعي، 1/ 533
6 الأذكار للنووي، ص 68
7 إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام، 1/ 313
8 فتح الباري لابن حجر، 11/ 131
9 لسان العرب، 5/ 25، مادة (غفر)
10 انظر الشرح الممتع، ص 131
11 الإفصاح عن معاني الصحاح، 1/ 52
12 انظر: العلم الهيب، 303، 304
13 الشافي في شرح مسند الشافعي، 1/ 534
14 فتح الباري، لابن حجر، 2/ 396
15 البخاري، برقم 835
16 البخاري، كتاب الأذان، باب الدعاء قبل السلام، قبل الحديث رقم 832
17 ابن ماجه، كتاب الطهارة وسننها، باب المحافظة على الوضوء، برقم 277، وصححه الألباني في الإرواء، برقم 412
18 الإعلام بفوائد عمدة الأحكام، للعلامة أبي عمر بن علي بن أحمد الأنصاري الشافعي المعروف بابن الملقن، تحقيق: عبد العزيز بن أحمد المشيقح، دار العاصمة للتوزيع، الرياض، ط1، 1417هـ، 3/ 504
19 كشف المشكل من حديث الصحيحين (ص: 3)

قم بقراءة المزيد من الأذكار والأدعية




قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Sunday, August 10, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب