حديث: شرح حديث: إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب إنما الأعمال بالنيات
متفق عليه: رواه البخاري في كتاب كيف بدء الوحي (١) عن الحميدي عبد اللَّه بن الزبير قال: حدثنا سفيان، قال: حدثنا يحيى بن سعيد الأنصاري، قال: أخبرني محمد بن إبراهيم التيمي، أنه سمع علقمة بن وقاص الليثي يقول: سمعت عمر بن الخطاب على المنبر قال: سمعت رسول اللَّه ﷺ يقول.

شرح الحديث:
شرح هذا الحديث العظيم الذي يُعد أحد الأحاديث الأساسية في الإسلام، بل قال عنه الإمام الشافعي: (هذا الحديث ثلث العلم، ويدخل في سبعين بابًا من الفقه).1- شرح المفردات:
* إنما: أداة قصر وحصر، تفيد أن الأمر مقصور على ما سيُذكر بعدها ولا شيء غيره. (أي: الأساس هو... أو لا شيء يُعتبر إلا...).
* الأعمال: كلّ ما يقوم به الإنسان من أقوال أو أفعال، سواء كانت عبادات أو معاملات.
* بالنيات: النية في اللغة: القصد. وفي الشرع: عزم القلب على فعل عبادة تقرّبًا إلى الله تعالى.
* لكل امرئ ما نوى: لكل إنسان ثمرة عمله ومجزاه بحسب ما قصده في قلبه.
* هجرته: الهجرة هنا لها معنيان: خاص وهو الانتقال من دار الكفر إلى دار الإسلام. ومعنى عام وهو هجر كل ما نهى الله عنه.
* إلى دنيا يصيبها: إلى غرض دنيوي يريد الحصول عليه، مثل مال أو جاه أو منصب.
* إلى امرأة ينكحها: أي يتزوجها. وقد ورد هذا المثال لأنه حدث واقعي، حيث هاجر رجل يُقال له "قُطمة" ليس للإيمان بل لتزوج امرأة تُسمى "أم قيس"، فاشتهر بـ "مهاجر أم قيس".
2- المعنى الإجمالي للحديث:
يؤسس هذا الحديث قاعدة عظيمة مفادها أن قيمة أي عمل عند الله تعالى لا تُقاس بصورته الظاهرة فقط، ولكن بما يُخفي الإنسان في قلبه من نية وقصد.
فالعمل نفسه قد يفعله شخصان بشكل متطابق ظاهريًا، ولكن يختلف ثوابهما وجزاؤهما في الميزان يوم القيامة اختلافًا شاسعًا بسبب اختلاف النية.
* الجزء الأول: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى» هذا حكم عام يعم جميع الأعمال. فالثواب والأجر مرهونان بالنية الخالصة لله، والعمل لا يقبله الله إلا إذا كان خالصًا لوجهه وموافقًا لسنة نبيه.
* الجزء الثاني: «فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله» هذا مثال تطبيقي. فمن قصد بهجرته (التي هي من أعظم الأعمال) وجه الله واتباع رسوله، فله أجر عظيم، وستكون نتيجة هجرته بركة وخيرًا في الدنيا والآخرة.
* الجزء الثالث: «ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها، أو إلى امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه» وهذا هو النقيض. فمن فعل نفس العمل (الهجرة) ولكن بقصد دنيوي بحت، فإنه يحرم من الأجر، ولا يحصل إلا على ما نواه (الدنيا أو المرأة)، وقد يعاقب إذا كان عمله محرمًا في ذاته (كأن يهاجر لأجل السرقة أو الاحتيال).
3- الأحكام الفقهية:
اتفق أئمة المذاهب الأربعة على أن النية ركن أساسي في تمييز العديد من الأحكام، وأبرزها:
* تمييز العبادات عن العادات: فالأكل بنية التقوّي على الطاعة يصير عبادة، ومثله النوم بنية الراحة للقيام لصلاة الليل. بدون النية، يبقى مجرد عادة.
* تمييز مستوى العبادة: كتمييز صلاة الفريضة عن النافلة، أو صيام رمضان عن صيام النذر أو الكفارة. النية هي الفارق.
* الإخلاص وشرط قبول العمل: وهذا محل إجماع. فكل عمل لا يُراد به وجه الله فهو مردود على صاحبه، لقوله تعالى: {فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا}.
ذهب جمهور العلماء إلى أن محلها القلب (أي العزم والقصد)، ولا يُشرع التلفظ بها. بل قال الحنفية: إن التلفظ بالنية بدعة، ويستحسن لدفع الوسوسة.
4- الفوائد والحكم من الحديث:
1- أساس الدين وقاعدة قبول العمل: فهو الميزان الباطني الذي يزن به الله تعالى الأعمال، فليس المهم كم عملت، بل لماذا عملت؟
2- تربية الإخلاص: يحث المسلم على مراقبة نيته وتصحيحها دائمًا، وتحويل أعماله الدنيوية إلى عبادة بنية صالحة.
3- طمأنينة المؤمن: يعلم المؤمن أن الله لن يضيّع عليه أي عمل صغير أو كبير إذا أخلص فيه النية، حتى اللقمة يضعها في فم زوجته.
4- التحذير من الرياء: يوضح خطورة العمل الذي يُراد به مراءاة الناس وطلب الدنيا، حتى لو كان في صورة عبادة.
5- سعة رحمة الله: فبنية واحدة صالحة يمكن أن يُكتب للمسلم أجر عمل كامل لم يستطع القيام به، كما في حديث: «إِذَا مَرِضَ الْعَبْدُ أَوْ سَافَرَ، كُتِبَ لَهُ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا».
6- تنظيم الحياة: يشجع المسلم على أن يجعل كل حركة وسكنة في حياته ذات معنى وقربة إلى الله، فيتحول حياته كلها إلى عبادة.
7- التفريق بين العبادة والعادة: النية هي الفيصل بين ما يؤجر عليه الإنسان وما لا يؤجر.
8- تصحيح المقاصد وتخليصها لله: الحديث يحث المسلم على إخلاص النية لله تعالى في جميع أقواله وأفعاله.
9- أن الجزاء على نية العمل: فمن نوى خيرًا فلم يستطع فعله، كُتب له أجر النية كاملاً عند الله (وهذه مسألة فيها خلاف تفصيلي بين العلماء، لكن أصلها ثابت).
10- أن الإنسان لا يؤاخذ إلا بما نوى: وهذا من العدل الإلهي.
11- أن هذا الحديث يمثل ثلث الإسلام كما قال بعض العلماء، لأنه يتناول قصد العامل (النية)، والعمل الظاهر، والإخلاص.
فهذا حديث عظيم، عليه مدار الإسلام، وهو معيار صحة الأعمال وفسادها.
خلاصة القول: هذا الحديث هو جوهر الإسلام وقاعدته الذهبية. إنه يذكرنا أن الله لا ينظر إلى صورنا وأموالنا، ولكن ينظر إلى قلوبنا وأعمالنا.
اللهم ارزقنا الإخلاص و اجعل أعمالنا كلها خالصة لوجهك الكريم و تقبل منا إنك أنت السميع
تخريج الحديث
ورواه البخاري في الإيمان (٥٤)، ومسلم في الجهاد والسير (١٩٠٧) كلاهما عن عبد اللَّه بن مسلمة بن قعنب قال: حدثنا مالك، عن يحيى بن سعيد، بإسناده، ولفظهما سواء غير أنّ في مسلم: «إنما الأعمال بالنية، وإنما لامرئ ما نوى».
وهذا الحديث ليس في رواية يحيى بن يحيى الليثي في موطنه، ولم يذكره أيضًا الجوهري في مسند الموطأ مع أنه جمع فيه رواية عبد اللَّه بن مسلمة القعنبي، فإما أن يكون الحديث قد سقط عنه، أو النسخة المطبوعة فيها سقط، أو أنَّ الحديث في خارج الموطآت واللَّه تعالى أعلم.
قال الترمذي: قال عبد الرحمن بن مهدي: «ينبغي أن نضعَ هذا الحديثَ في كل باب». جامع الترمذي (١٦٤٧).
ثم اعلم رحمك اللَّه هذا الحديث مما تفرد به يحيى بن سعيد الأنصاري، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن علقمة بن أبي وقاص الليثي، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
ثم تواتر الحديث عن الأنصاري فروى عنه الخلق الكثير، والجم الغفير، فقيل: رواه عنه أكثر من مائتي راو، وقيل: رواه عنه سبعمائة راو.
ورُوي معناه عن جماعة من الصحابة منهم: أبو سعيد الخدري، وأنس بن مالك، وعلي بن أبي طالب، وأبو هريرة، وهزال بن يزيد الأسلمي وغيرهم، وكلها معلولة، ولم يصح منها شيء غير حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب
- 1 شرح حديث: إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى
- 2 أول ما بدئ به رسول الله من الوحي الرؤيا الصالحة...
- 3 شرح أرجو أن أكون أكثر الأنبياء تابعا يوم القيامة
- 4 كيفية نزول الوحي على رسول الله
- 5 اغسل أثر الصفرة واخلع جبتك في عمرتك
- 6 كيفية نزول الوحي على النبي ﷺ وعلاماته
- 7 عن عائشة: والله ما كنت أظن أن الله منزل في...
- 8 فثقلت علي حتى خفتُ أن ترض فخذي ثم سُري عنه
- 9 إذا أنزل عليه الوحي كرب لذلك وتربد وجهه
- 10 يوحى إلى رسول الله ﷺ وهو على راحلته فتضرب بجرانها
- 11 الملك الذي جاءني بحراء جالس على كرسي بين السماء والأرض
- 12 أي القرآن أنزل قبل: المدثر أم اقرأ؟
- 13 كان رسول الله يحرك شفتيه عند نزول الوحي
- 14 حيل بين الشياطين وبين خبر السماء وأرسلت عليهم الشهب
- 15 من حدثك أن محمدًا كتم شيئًا من الوحي فلا تصدقه
- 16 إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها
- 17 إذا تكلم الله بالوحي سمع أهل السماء صلصلة
- 18 ادع زيدًا وليجئ باللوح والدواة والكتف
- 19 إيتوني بالكتف أو اللوح فكتب لا يستوي القاعدون من المؤمنين
- 20 تتابع الوحي على رسول الله قبل وفاته
- 21 زيارة الصحابة لأم ايمن اقتداء بالنبي
معلومات عن حديث: شرح حديث: إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى
📜 حديث: شرح حديث: إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: شرح حديث: إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: شرح حديث: إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: شرح حديث: إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Thursday, November 20, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








