تتابع الوحي على رسول الله قبل وفاته

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم أيها السائل الكريم، ونسأل الله أن يزيدنا وإياك فهماً لسنة نبيه ﷺ.
هذا الحديث الذي رواه أنس بن مالك رضي الله عنه، وهو من الأحاديث الصحيحة التي أخرجها الإمام البخاري في صحيحه، يحمل معنى عظيماً عن آخر أيام الوحي ونزوله على النبي ﷺ.

---

شرح المفردات:

● تَابَعَ: أي استمر وداوم على إنزاله.
● الوحي: هو ما يوحيه الله تعالى إلى أنبيائه.
● قَبْلَ وَفَاتِهِ: أي قبل وفاة النبي ﷺ.
● حَتَّى تَوَفَّاهُ: أي حتى توفي النبي ﷺ.

---

المعنى الإجمالي للحديث:

يخبرنا أنس بن مالك رضي الله عنه أن الله تعالى قد أكرم نبيه ﷺ في آخر أيام حياته بكثرة نزول الوحي، حتى كانت هذه الفترة من أكثر فئات حياته ﷺ نزولاً للوحي، ثم بعد هذا الاكتمال والتمام، توفي النبي ﷺ.

---

الدروس المستفادة والعبر:

1- اكتمال الدين: كثرة نزول الوحي في آخر حياة النبي ﷺ تدل على اكتمال رسالة الإسلام وتمامها، فقد نزلت فيها آخر الآيات التي تكمل شرائع الإسلام، مثل آية الربا، وآية الدين، وغيرها من الأحكام المهمة.
2- عناية الله بهذه الأمة: فالله تعالى لم يقبض نبيه ﷺ حتى أكمل له ولأمته دينهم، وأتم عليهم نعمته، كما قال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}.
3- شرف النبي ﷺ وعلو منزلته: فإن كثرة نزول الوحي في آخر أيامه دليل على عظم مكانته عند ربه، حيث ختم حياته بكثرة التنزيل والتكريم.
4- أن الوحي انقطع بوفاة النبي ﷺ: وهذا من دلائل ختم النبوة، وأنه لا وحي بعد رسول الله ﷺ، فمن ادعى ذلك فهو كاذب.
5- التأسي بالنبي ﷺ في الاستمرار في العبادة والعمل الصالح حتى آخر لحظة في الحياة: فقد كان ﷺ في زيادة من الوحي والعبادة حتى وفاته.

---

معلومات إضافية:

- هذا الحديث يدل على أن آخر ما نزل من الوحي كان قريباً من وفاة النبي ﷺ، وقد اختلف العلماء في آخر ما نزل من القرآن، فقيل: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} [البقرة: 281]، وقيل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا} [البقرة: 278]، وغير ذلك من الأقوال.
- وفاة النبي ﷺ كانت في الثاني عشر من ربيع الأول من السنة الحادية عشرة للهجرة.
أسأل الله تعالى أن يرزقنا الفهم في الدين، والاتباع لسنة النبي الكريم ﷺ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.