كان رسول الله يحرك شفتيه عند نزول الوحي

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين وإمام المتقين.
أما بعد، فهذا رواية عن الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في تفسير قوله تعالى: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ} [سورة القيامة: 16]. وهذا الحديث يروي لنا جانبًا من جوانب تلقي النبي ﷺ للوحي، ويبين كيف كانت عناية الله تعالى برسوله وتيسيره له حفظ القرآن وتلاوته.

---

شرح المفردات:

● يعالج من التنزيل شدة: أي كان يبذل جهدًا كبيرًا ويتعب عند نزول الوحي عليه.
● يحرك شفتيه: كان يردد القرآن مع جبريل عليه السلام حال نزول الوحي حرصًا على حفظه.
● جمعه: أي حفظه في صدرك.
● وقرآنه: تلاوته وترتيله.
● فاتبع قرآنه: فاستمع له وأنصت حتى ينتهي.
● بيانه: تفسيره وتبيين معانيه.

---

المعنى الإجمالي للحديث:

كان النبي ﷺ عند نزول الوحي يحرك شفتيه ويُردد القرآن مع جبريل عليه السلام خشية أن ينسى أو يفوته شيء من الوحي، لشدة حرصه على حفظ القرآن. فنزلت الآية تأمره بعدم التعجل في ترداد القرآن مع جبريل، وتطمئنه بأن الله تعالى قد تكفل بحفظه في صدره وتيسير تلاوته عليه. فكان بعد ذلك إذا جاءه جبريل بالوحي ينصت له حتى ينتهي، ثم يقرأه كما ألقاه عليه جبريل.

---

الدروس المستفادة والعبر:

1- حرص النبي ﷺ على حفظ القرآن: وهذا يدل على عظم منزلة القرآن وعناية النبي ﷺ به، وهو قدوة للأمة في الحرص على تعلم القرآن وحفظه.
2- طمأنينة الله لرسوله ﷺ: حيث تكفل الله بحفظ القرآن في صدره، وهذا يدل على عناية الله برسوله وتيسيره له ما يشق على البشر.
3- أدب الاستماع والإنصات: تعلمنا من هذا الحديث أدب الاستماع للقرآن وترك العجلة في ترداده قبل استكمال تلقيه.
4- بيان سبب نزول الآية: وهذا يظهر أهمية معرفة أسباب النزول في فهم القرآن وتدبر معانيه.
5- عناية الصحابة بالرواية والتفسير: حيث نقل ابن عباس رضي الله عنهما هذه الواقعة بدقة،甚至 حرك شفتيه كما رأى النبي ﷺ يفعل، مما يدل على حرصهم على تبليغ السنة ونقلها كما سمعوها.

---

معلومات إضافية مفيدة:

- هذا الحديث رواه البخاري في صحيحه، وهو من الأحاديث الصحيحة الثابتة.
- الآية التي نزلت في هذا السياق هي من سورة القيامة، وهي من أوائل ما نزل من القرآن بمكة.
- قوله تعالى: {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ} فيه إشارة إلى أن الله تعالى تكفل بحفظ القرآن جميعه في صدر النبي ﷺ، وتكفل أيضًا بتبيينه وشرحه، مما يزيد المؤمن طمأنينة بأن القرآن محفوظ بحفظ الله.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من أهل القرآن الذين يتلونه حق تلاوته، ويحفظونه حق حفظه، ويعملون به في حياتهم. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.