إذا أنزل عليه الوحي كرب لذلك وتربد وجهه

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
الحديث الشريف:
عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: كان النبي ﷺ إذا أُنزل عليه الوحي نكس رأسه، ونكس أصحابُه رؤوسهم، فلما أُتلي عنه رفع رأسه. وفي رواية: إذا أنزل عليه الوحي كُرِب لذلك وتربّد وجهُه.

---

1. شرح المفردات:

● نكس رأسه: خفضه وأماله إلى الأرض.
● كُرِب لذلك: أصابه الكرب والثقل والهم.
● تربّد وجهه: تغير لونه واصفر أو اشتدت عليه علامات الجدية والوقار.
● أُتلي عنه: عندما ينتهي الوحي ويقرأ ما نزل عليه.

---

2. المعنى الإجمالي للحديث:

يصف هذا الحديث حال النبي ﷺ عند نزول الوحي عليه، حيث كان يظهر عليه أثر ثقل الوحي وهيبة الموقف، فيخفض رأسه ويظهر على وجهه التغير والجدية، ويصمت أصحابه ويخفضون رؤوسهم تأدبًا واحترامًا للوحي. وبمجرد انتهاء النزول وقراءة ما أوحي إليه، يرفع رأسه ويعود إلى حالته الطبيعية.

---

3. الدروس المستفادة منه:

● عظمة الوحي وجلاله: فالنبي ﷺ وهو أفضل الخلق كان يظهر عليه الثقل والهيبة عند نزوله.
● أدب الصحابة مع الوحي: حيث كانوا يخفضون رؤوسهم ويصمتون تأدبًا واحترامًا لشعائر الله.
● صدق النبي ﷺ: فحاله عند الوحي دليل على أنه لا ينطق عن الهوى، وإنما هو وحي يوحى.
● التأدب مع كلام الله وسنة رسوله: فيجب على المسلم أن يكون وقورًا متأدبًا عند سماع القرآن والحديث.

---

4. معلومات إضافية مفيدة:

- هذا الوصف ثابت في أحاديث كثيرة، منها ما رواه البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها أن الحارث بن هشام سأل النبي ﷺ: كيف يأتيك الوحي؟ فقال: "أحيانًا يأتيني مثل صلصلة الجرس، وهو أشده عليَّ، فيفصم عني وقد وعيت ما قال، وأحيانًا يتمثل لي الملك رجلاً فيكلمني فأعي ما يقول".
- نزول الوحي كان من أعظم الأحداث في حياة النبي ﷺ، وكان يُرَى أثر ذلك على جبينه وجسده الشريف.
- هذا الأدب من الصحابة يدل على فهمهم لعظمة الوحي ومكانة النبي ﷺ، وهو درس للأمة في التعظيم لحامل الوحي ومبلغة.

أسأل الله أن يفقهنا في السنة، ويجعلنا من المتبعين لرسوله ﷺ المعظمين لشريعته.