عن عائشة: والله ما كنت أظن أن الله منزل في شأني وحيا يتلى

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فهذا الحديث جزء من قصة الإفك التي وقعت لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وسأشرحه لك جزءًا جزءًا بإذن الله.

---

أولاً. شرح المفردات:

● حديث الإفك: الإفك هو الكذب العظيم، والمقصود هنا الفرية التي ألصقها المنافقون بأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.
● مبرئي ببراءتي: أي أن الله سيعلم الناس براءتي ويظهرها لهم.
● منزلٌ في شأني وحياً يُتلى: أي أن الله سينزل قرآناً يتلى في المساجد حول براءتي.
● أحقر: أقل وأصغر.
● ما رام رسول الله ﷺ مجلسه: لم يبرح مجلسه ولم يقم منه.
● البُرَحاء: شدة الكرب والغم عند نزول الوحي.
● يتحدّر منه من العرق مثل الجمان: الجمان هو اللؤلؤ، أي أن عرقه كان يتساقط كحبات اللؤلؤ من شدة ثقل الوحي.
● في يوم شاتٍ: في يوم بارد.

---

ثانياً. المعنى الإجمالي للحديث:

تحدث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عن حالها أثناء حادثة الإفك، فتقول إنها كانت تعلم براءتها وتوقن أن الله سيظهر هذه البراءة، لكنها لم تكن تتوقع أن ينزل الله وحياً يتلى في القرآن حول شأنها، لأنها رأت أن أمرها صغير بالنسبة لأن يتكلم الله فيه مباشرة بالوحي. وكانت تأمل أن يرى النبي ﷺ رؤيا في المنام تبرئها. ثم تصف كيف نزل الوحي على النبي ﷺ وهو جالس في المجلس، فأخذته شدة الوحي المعتادة حتى كان العرق يتساقط منه مثل حبات اللؤلؤ رغم برودة اليوم، وذلك بسبب ثقل الكلام الإلهي الذي نزل عليه.

---

ثالثاً. الدروس المستفادة من الحديث:

1- عظمة القرآن الكريم: نزول الوحي حدث جليل وعظيم، وكان النبي ﷺ يظهر عليه أثره الشديد.
2- مكانة أم المؤمنين عائشة: تكريم الله لها بنزول قرآن يتلى إلى يوم القيامة يبرئها.
3- تواضع عائشة رضي الله عنها: حيث استصغرت شأنها مع علو منزلتها.
4- صبر الصحابة: حيث لم يخرجوا من البيت انتظاراً لنزول الوحي.
5- عناية الله بأمور عباده: حتى الشخصية منها، ما دامت تتعلق بمصالح الدين.

---

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:

- نزلت براءة عائشة في سورة النور الآيات 11-20، وهي تتلى إلى يوم القيامة.
- القصة كاملة ذكرها البخاري ومسلم في صحيحيهما بأطول من هذا.
- فيها دليل على أن الله يدافع عن الذين آمنوا، ويظهر براءة الأبرياء.
- كانت هذه الحادثة اختباراً عظيماً لأم المؤمنين وللمسلمين جميعاً.
أسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.