حديث: ادع زيدًا وليجئ باللوح والدواة والكتف

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب نزول آية واحدة في دفعتين

عن البراء قال: لما نزلت ﴿لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [سورة النساء: ٩٥] قال رسولُ اللَّه ﷺ: «ادعُ لي زيدًا وليجِئْ معه باللَّوح والدّواة والكتف -أو الكتفِ والدّواة-» ثم قال: «اكتبْ: لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل اللَّه» قال: وخلف ظهر النّبيّ ﷺ عمرو بن أمِّ مكتوم الأعمى، قال: يا رسول اللَّه فما تأمرني، فإنّي رجلٌ ضريرُ البصر؟ فنزلت مكانها: ﴿لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ﴾ [سورة النساء: ٩٥].

متفق عليه: رواه البخاريّ في فضائل القرآن (٤٩٩٠) عن عبيد اللَّه بن موسى، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن البراء.

عن البراء قال: لما نزلت ﴿لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [سورة النساء: ٩٥] قال رسولُ اللَّه ﷺ: «ادعُ لي زيدًا وليجِئْ معه باللَّوح والدّواة والكتف -أو الكتفِ والدّواة-» ثم قال: «اكتبْ: لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل اللَّه» قال: وخلف ظهر النّبيّ ﷺ عمرو بن أمِّ مكتوم الأعمى، قال: يا رسول اللَّه فما تأمرني، فإنّي رجلٌ ضريرُ البصر؟ فنزلت مكانها: ﴿لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ﴾ [سورة النساء: ٩٥].

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فأقدم لكم شرحًا وافيًا لهذا الحديث النافع، معتمدًا على كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.
الحديث:
عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: لَمَّا نَزَلَتْ: ﴿لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [النساء: ٩٥]، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «ادْعُ لِي زَيْدًا وَلْيَجِئْ مَعَهُ بِاللَّوْحِ وَالدَّوَاةِ وَالْكَتِفِ -أَوِ الْكَتِفِ وَالدَّوَاةِ-» ثُمَّ قَالَ: «اكْتُبْ: لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ». قَالَ: وَخَلْفَ ظَهْرِ النَّبِيِّ ﷺ عَمْرُو بْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ الْأَعْمَى، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا تَأْمُرُنِي، فَإِنِّي رَجُلٌ ضَرِيرُ الْبَصَرِ؟ فَنَزَلَتْ مَكَانَهَا: ﴿لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ﴾ [النساء: ٩٥].


1. شرح المفردات:


● اللَّوح: لوح من الخشب أو العظم كان يُكتَب عليه.
● الدَّواة: وعاء صغير يوضع فيه الحبر (المداد).
● الكتف: عظم الكتف للحيوان، وكانوا يستعملونه للكتابة عليه بعد تهيئته.
● غَيْرُ أُولِي الضَّرَر: أي except those who have a disability (استثناء من لديهم عذر شرعي يمنعهم من القتال كالعمى والمرض).


2. المعنى الإجمالي للحديث:


يخبر الصحابي الجليل البراء بن عازب رضي الله عنه عن قصة نزول آية الجهاد. فعندما نزلت الآية الكريمة الأولى التي تُفيد بأن المؤمنين القاعدين عن الجهاد لا يستوون مع المجاهدين في سبيل الله، أمر النبي ﷺ كاتبه زيد بن ثابت أن يأتي بأدوات الكتابة ليدون الآية كما سمعها.
وفي هذه اللحظة، كان الصحابي الجليل عمرو بن أم مكتوم -وهو رجل أعمى- جالسًا خلف النبي ﷺ. فلمَّا سمع الأمر بالجهاد وعدم مساواة القاعدين، انطلق قلبه غيرةً على دين الله وحرصًا على ألا يكون من المقصِّرين، فسأل النبي ﷺ بحرقة: "يا رسول الله، فما تأمرني؟ إني رجل ضرير البصر". أي: ماذا أفعل وأنا لا أستطيع الرؤية ولا القتال بسبب عماي؟
فاستجاب الله تعالى لسؤاله المشبوب بالإيمان، وأنزل على قلب نبيه ﷺ التعديل في الآية في الحال، باستثناء أهل الأعذار الشرعية (أُولِي الضَّرَر) من هذا الحكم، لئلا يدخلوا في وعيد القاعدين بغير عذر. فصارت الآية: ﴿لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾.


3. الدروس المستفادة والعبر:


1- رحمة الله تعالى وعدله: يظهر من هذا الحديث مدى رحمة الله تعالى بعباده وعدله في تشريعه، حيث رفع الحرج عن أصحاب الأعذار الشرعية، ولم يكلفهم بما لا يطيقون. قال تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [البقرة: 286].
2- حرص الصحابة على الخير: يظهر حرص الصحابة رضي الله عنهم على نيل الأجر العالي ومسارعتهم إلى الخيرات، حتى إن الرجل الأعمى لم يكتفِ بعذره بل سأل عن ما يمكنه فعله ليكون في مرتبة المجاهدين.
3- فضل الجهاد وعظم أجره: الحديث يوضّح التفاوت العظيم في الدرجات بين المجاهد في سبيل الله وبين القاعد بغير عذر، مما يحث النفوس على السعي لنيل هذه الفضيلة.
4- إثبات صفة الكلام لله تعالى حقيقة: نزول القرآن بكلام الله تعالى مسموعًا، وأنه يتنزل حسب الحوادث والمستجدات، مما ييسر على العباد ويحقق مصالحهم.
5- حسن أدب الصحابة مع النبي ﷺ: تلاحظ في قول عمرو بن أم مكتوم "فما تأمرني" أدبه في السؤال وطلبه للهدي من النبي ﷺ.
6- جواز نسخ القرآن بالقرآن: وهذا من أظهر أمثلة النسخ في القرآن، حيث نسخت الآية الثانية الآية الأولى، وهو من محاسن الشريعة ومرونتها.


4. معلومات إضافية مفيدة:


● عمرو بن أم مكتوم هو مؤذن النبي ﷺ الثاني في المدينة مع بلال بن رباح، وكان النبي ﷺ يكرمه ويستخلفه على المدينة في غيابه.
- القصة مثال على "التدرج في التشريع"، حيث كانت الشريعة تنزل شيئًا فشيئًا لتربي الأمة وتكلفها بما تستطيع.
- الآية الكاملة بعد التعديل هي: ﴿لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِد
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في فضائل القرآن (٤٩٩٠) عن عبيد اللَّه بن موسى، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن البراء. . . فذكره.
ورواه مسلم في الإمارة (١٨٩٨) من وجه آخر عن أبي إسحاق مختصرًا، وسيأتي في موضعه.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب

معلومات عن حديث: ادع زيدًا وليجئ باللوح والدواة والكتف

  • 📜 حديث: ادع زيدًا وليجئ باللوح والدواة والكتف

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: ادع زيدًا وليجئ باللوح والدواة والكتف

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: ادع زيدًا وليجئ باللوح والدواة والكتف

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: ادع زيدًا وليجئ باللوح والدواة والكتف

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب