زيارة الصحابة لأم ايمن اقتداء بالنبي

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فأقدم لكم شرحًا وافيًا لهذا الحديث النبوي الشريف الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه، معتمدًا على كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.

---

نص الحديث:

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال أبو بكر بعد وفاة رسول الله ﷺ لعمر: "انطلق بنا إلى أم أيمن نزورها كما كان رسول الله ﷺ يزورها، فلما انتهينا إليها بكت، فقالا: ما يبكيك؟ ما عند الله خير لرسول الله ﷺ، فقالت: ما أبكي أن لا أكون أعلم أن ما عند الله خير لرسول الله ﷺ، ولكن أبكي أن الوحي قد انقطع من السماء؛ فهيجتهما على البكاء، فجعلا يبكيان".

---

١. شرح المفردات:

● أم أيمن: هي بركة الحبشية، مولاة رسول الله ﷺ وحاضنته، كانت من السابقات إلى الإسلام.
● هيجتهما: أي أثارت فيهما مشاعر الحزن والشوق.
● انقطع الوحي: توقف نزول جبريل عليه السلام بالوحي من الله تعالى.

---

٢. المعنى الإجمالي للحديث:

يصور هذا الحديث المشهد العاطفي المؤثر بعد وفاة النبي ﷺ، حيث يزور أبو بكر وعمر رضي الله عنهما أم أيمن تعزيةً بها واتباعًا لسنة النبي في زيارتها. وعندما بكت أم أيمن، ظنا أنها تبكي على فراق النبي، فأخبرها أبو بكر وعمر بأن ما عند الله خير لرسول الله، فأخبرتهما أن بكاءها ليس لعدم العلم بهذه الحقيقة، ولكن لأن الوحي قد انقطع من السماء بعد وفاته ﷺ، فبكوا جميعًا على هذه المصيبة العظيمة.

---

٣. الدروس المستفادة والعبر:

● مكانة أم أيمن: تبين المكانة الرفيعة لأم أيمن عند النبي ﷺ وصاحبيه، حيث كان يزورها ويوصي بها.
● اتباع السنة: حرص الصديق والفاروق على زيارة أم أيمن كما كان يفعل النبي ﷺ، يظهر الاقتداء به في كل شيء.
● فهم دقيق للمصيبة: إدراك الصحابة أن مصيبة انقطاع الوحي أعظم من مصيبة الفراق الشخصي.
● جواز البكاء على فراق الصالحين: كما بكى الصحابة على رسول الله ﷺ، مما يدل على جواز البكاء من غير نياحة أو صياح.
● التعزية بالحق: رد أبي بكر وعمر عليها بأن ما عند الله خير لرسول الله، وهو من التعزية الشرعية.

---

٤. فوائد إضافية:

● مكانة الصحابة: يظهر الحديث مدى حب الصحابة للنبي ﷺ وحزنهم على فراقه.
● الوعي الديني: فهم أم أيمن رضي الله عنها لمعنى انقطاع الوحي وأثره على الأمة.
● المواساة في المصائب: كيفية مواساة أهل المصائب وتذكيرهم بالثواب عند الله.
هذا والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.