حديث: نافق حنظلة يا رسول الله

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ترقيق القلوب عند الموعظة

عن حنظلة الأسيدي - وكان من كتاب رسول الله ﷺ - قال: لقيني أبو بكر فقال: كيف أنت يا حنظلة؟ قال: قلت: نافق حنظلة قال: سبحان الله ما تقول؟ قال: قلت: نكون عند رسول الله ﷺ يذكرنا بالنار والجنة حتى كأنا رأي عين، فإذا خرجنا من عند رسول الله ﷺ عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات، فنسينا كثيرا.
قال أبو بكر: فوالله إنا لنلقى مثل هذا، فانطلقت أنا وأبو بكر حتى دخلنا على رسول الله ﷺ قلت: نافق حنظلة يا رسول الله، فقال رسول الله ﷺ: «وما ذاك؟» قلت: يا رسول الله! نكون عندك تذكرنا بالنار والجنة حتى كأنا رأي عين فإذا خرجنا من عندك عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات نسينا كثيرا، فقال رسول الله ﷺ: «والذي نفسي بيده إن لو تدومون على ما تكونون عندي، وفي الذكر لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم ولكن يا حنظلة ساعة وساعة» ثلاث مرات.
وفي لفظ عنه: كنا عند رسول الله ﷺ فوعظنا، فذكر النار قال: ثم جئت إلى البيت، فضاحكت الصبيان، ولاعبت المرأة، قال: فخرجت، فلقيت أبا بكر فذكرت ذلك له فقال: وأنا قد فعلت مثل ما تذكر، فلقينا رسول الله ﷺ فقلت: يا رسول الله، نافق حنظلة، فقال: «مه» فحدثته بالحديث فقال أبو بكر: وأنا قد فعلت مثل ما فعل، فقال: «يا حنظلة! ساعة وساعة، ولو كانت ما تكون قلوبكم كما تكون عند الذكر لصافحتكم الملائكة حتى تسلم عليكم في الطرق».

صحيح: رواه مسلم في التوبة (٢٧٥٠) من طرق، عن جعفر بن سليمان، عن سعيد بن إياس الجُريري، عن أبي عثمان النهدي، عن حنظلة الأسيدي، فذكره باللفظ الأول.

عن حنظلة الأسيدي - وكان من كتاب رسول الله ﷺ - قال: لقيني أبو بكر فقال: كيف أنت يا حنظلة؟ قال: قلت: نافق حنظلة قال: سبحان الله ما تقول؟ قال: قلت: نكون عند رسول الله ﷺ يذكرنا بالنار والجنة حتى كأنا رأي عين، فإذا خرجنا من عند رسول الله ﷺ عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات، فنسينا كثيرا.
قال أبو بكر: فوالله إنا لنلقى مثل هذا، فانطلقت أنا وأبو بكر حتى دخلنا على رسول الله ﷺ قلت: نافق حنظلة يا رسول الله، فقال رسول الله ﷺ: «وما ذاك؟» قلت: يا رسول الله! نكون عندك تذكرنا بالنار والجنة حتى كأنا رأي عين فإذا خرجنا من عندك عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات نسينا كثيرا، فقال رسول الله ﷺ: «والذي نفسي بيده إن لو تدومون على ما تكونون عندي، وفي الذكر لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم ولكن يا حنظلة ساعة وساعة» ثلاث مرات.
وفي لفظ عنه: كنا عند رسول الله ﷺ فوعظنا، فذكر النار قال: ثم جئت إلى البيت، فضاحكت الصبيان، ولاعبت المرأة، قال: فخرجت، فلقيت أبا بكر فذكرت ذلك له فقال: وأنا قد فعلت مثل ما تذكر، فلقينا رسول الله ﷺ فقلت: يا رسول الله، نافق حنظلة، فقال: «مه» فحدثته بالحديث فقال أبو بكر: وأنا قد فعلت مثل ما فعل، فقال: «يا حنظلة! ساعة وساعة، ولو كانت ما تكون قلوبكم كما تكون عند الذكر لصافحتكم الملائكة حتى تسلم عليكم في الطرق».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن ينفعنا بما نسمع ونقول. هذا حديث عظيم من الأحاديث التي تُطمئن قلب المؤمن وتزيل عنه وساوس الشيطان، وهو حديث صحيح رواه الإمام مسلم في صحيحه.

أولاً. شرح المفردات:


● نافق حنظلة: أي صار حنظلة منافقاً. والنفاق هنا ليس نفاقاً اعتقادياً (الكفر الباطن)، بل هو نقص في الإيمان وتقصير في الطاعة يشبه فعل المنافقين في تركهم للعمل.
● كأنا رأي عين: كأننا نرى الجنة والنار رؤية العين، من شدة التأثر والتصديق.
● عافسنا: خالطنا ولاعبنا واشتغلنا بهم.
● الضيعات: جمع ضيعة، وهي الأمور الدنيوية من تجارة وزراعة وغيرها من أسباب المعاش.
● صافحتكم الملائكة: لاقتكم وسلمت عليكم وأكرمتكم.
● ساعة وساعة: أي وقت للعبادة ووقت للراحة والأهل والمعاش.

ثانياً. شرح الحديث:


يحكي الصحابي الجليل حنظلة الأسيدي - رضي الله عنه -، وكان من كتاب الوحي، قصة مواجهته لصدمة روحية. فهو يشعر بتفاوت حاله بين وقتين:
1- وقت الذكر مع النبي ﷺ: حيث يبلغ قلبه قمة الإيمان واليقين، فيتأثر بذكر الجنة والنار تأثراً شديداً، وكأنه يرى المشهد بعينيه، فيشعر بالرهبة والخشوع والرغبة العظيمة.
2- وقت العودة إلى الحياة الدنيا: عندما يخرج من عند النبي ﷺ ويعود إلى بيته، يمارس حياته الطبيعية: يلاطف زوجته، ويلاعب أطفاله، ويشتغل في طلب رزقه. هنا يجد أن حرارة ذلك الإيمان قد خفت، ووقع في شيء من الغفلة والنسيان، فظن أن هذا النقصان هو من صفات النفاق.
عندما قابل أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - وشاركه هذا الشعور، لم يستخف به، بل صدقه وأخبره أنه يمر بنفس التجربة، مما يدل على عمق إيمانه وحساسية ضميره. ثم ذهبا معاً إلى النبي ﷺ ليستفتياه.
فجاءه الجواب المطمئن من النبي ﷺ، الذي يشرح طبيعة النفس البشرية ويرسم منهجاً متوازناً للحياة:
1- نفي النفاق: طمأن النبي ﷺ حنظلة وأبا بكر بأن ما يعانيانه ليس نفاقاً، بل هو طبيعة بشرية.
2- بيان الكمال المفقود: أخبرهم ﷺ أنهم لو استمروا على تلك الحالة العالية من الذكر والخشوع دون انقطاع، لكانت لهم منزلة عظيمة، حتى أن الملائكة لتلاقيهم وتصافحهم في طرقاتهم وعلى فرشهم، تكريماً لهم.
3- المنهج المتوازن (ساعة وساعة): هذا هو جوهر العلاج. لقد شرع النبي ﷺ للمؤمن منهجاً متوازناً للحياة، لا إفراط فيه ولا تفريط:
● ساعة لله: وهي وقت العبادة والذكر والتفكر والخضوع لله تعالى، يحقق فيها العبد غاية قربه من ربه.
● ساعة للعبد نفسه وأهله: وهي وقت الراحة المباحة، واللهو الحلال، والاهتمام بالزوجة والأولاد، والسعي في طلب الرزق. هذه الأمور ليست نقصاً في الدين، بل هي من الدين نفسه ما كانت في إطار الطاعة.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- حساسية ضمير الصحابة: يشير الحديث إلى الإيمان العميق الذي كان عليه الصحابة - رضي الله عنهم -، حيث كانوا يراقبون أنفسهم أدق المراقبة، ويخافون من أدنى تقصير أو نقصان.
2- طمأنينة النبي ﷺ لأمته: يظهر من رد النبي ﷺ حرصه على تيسير الأمر على أمته وطمأنتهم، وعدم تحميلهم ما لا طاقة لهم به، وهو من رحمته ﷺ بهم.
3- الوسطية والاعتدال في الدين: الإسلام دين الفطرة، لا يصادر حاجات الإنسان الطبيعية المشروعة. فليس المطلوب من المسلم أن يهجر دنياه ويعتزل الناس ليعبد ربه، بل المطلوب أن يوازن بين حق ربه وحق نفسه وحق أهله.
4- شرعية الاهتمام بالأسرة والرزق: الاهتمام بالزوجة والأولاد والسعي في المعاش من الأمور المحمودة شرعاً، وهي من العبادات إذا قصد بها المسلم إعفاف نفسه وأهله، وكسب الحلال، وإقامة vida أسرية مستقرة.
5- تفاضل الإيمان: الإيمان يزيد وينقص، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية. وحالة القلب ليست ثابتة، بل تتقلب بين الشدة والرخاء، وهذا أمر طبيعي.
6- فضل مجالس الذكر والعلم: التي تذكر بالله والجنة والنار، فهي ترفع الإيمان وتزكي النفوس.

رابعاً. معلومات إضافية:


- هذا الحديث أصل عظيم في باب "حقيقة الإيمان وزيادته ونقصانه" عند أهل السنة والجماعة.
- وهو دليل على أن ترك بعض المستحبات أو الوقوع في بعض المكروهات لا يصل إلى حد النفاق الاعتقادي.
- يستفاد منه أيضاً أهمية مصاحبة الصالحين الذين يذكرونك بالله، كما فعل أبو بكر مع حنظلة.
نسأل الله تعالى أن يرزقنا الإيمان الكامل، واليقين الثابت، والقدرة على الموازنة بين حقوق الله وحقوق الخلق، إنه سميع مجيب.
والله أعلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في التوبة (٢٧٥٠) من طرق، عن جعفر بن سليمان، عن سعيد بن إياس الجُريري، عن أبي عثمان النهدي، عن حنظلة الأسيدي، فذكره باللفظ الأول.
ورواه أيضا (٢٧٥٠: ١٣) عن إسحاق بن منصور، أخبرنا عبد الصمد، سمعت أبي يحدث:
حدثنا سعيد الجريري به باللفظ الثاني.
قوله: «عافسنا» أي: عالجنا معايشنا وحظوظنا.
قوله: «الضيعات» هي معايش الرجال من مال أو حرفة أو صناعة.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 29 من أصل 607 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: نافق حنظلة يا رسول الله

  • 📜 حديث: نافق حنظلة يا رسول الله

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: نافق حنظلة يا رسول الله

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: نافق حنظلة يا رسول الله

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: نافق حنظلة يا رسول الله

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب