إذا تقرب العبد إلي شبرا تقربت إليه ذراعا

حديث: إذا تقرب العبد إلي شبرا تقربت إليه ذراعا

عن أنس عن النبي ﷺ يرويه عن ربه قال: «إذا تقرب العبد إلي شبرا تقربت إليه ذراعا، وإذا تقرب مني ذراعا تقربت منه باعا، وإذا أتاني مشيا أتيته هرولة».
وفي رواية عنه: قال: قال رسول الله ﷺ: «قال الله: يا ابن آدم، إن ذكرتني في نفسك ذكرتك في نفسي، وإن ذكرتني في ملأ ذكرتك في ملأ من الملائكة، أو في ملأ خير منهم، وإن دنوت مني شبرا، دنوت منك ذراعا، وإن دنوت مني ذراعا، دنوت منك باعا، وإن أتيتني تمشي، أتيتك أهرول».
قال قتادة: «فالله عز وجل أسرع بالمغفرة».

صحيح: رواه البخاري في التوحيد (٧٥٣٦) عن محمد بن عبد الرحيم، حدثنا أبو زيد سعيد بن الربيع الهروي، حدثنا شعبة، عن قتادة، عن أنس فذكره باللفظ الأول.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم من الأحاديث القدسية، التي يرويها النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه عز وجل. وهو حديث صحيح، رواه الإمام البخاري في صحيحه، والإمام مسلم، وغيرهما.

أولاً. شرح المفردات:

* تقرب العبد إليَّ: أي قام بالأعمال الصالحة التي تُقرِّبه من ربه، من طاعات وعبادات.
* شبرًا، ذراعًا، باعًا: مقاييس للطول، والشبر أصغرها ثم الذراع ثم الباع (وهو مسافة بين الكفين عند فرد الذراعين). والمقصود هو معنى المجاز لا الحساب، للدلالة على أن فضل الله وعطاءه أكبر بكثير من عمل العبد.
* مشياً، هرولة: المشي هو السير المعتاد، والهرولة هي المشي السريع. والمعنى أن استجابة الله تعالى لعبده أسرع وأعظم.
* ذكرتني في نفسك: أي ذكرتني بقلبك ولسانك سراً بينك وبين نفسك.
* ذكرتك في نفسي: أي أثبتُ ذكرك وثنائي عليك في الملأ الأعلى عندي.
* في ملأ: أي في جماعة من الناس.
* ملأ من الملائكة: أي أذكرك وأثني عليك في جماعة الملائكة المقربين.
* ملأ خير منهم: قيل هم جماعة من الأنبياء والصديقين، وقيل هو خطاب لله تعالى أعلى مما نعلم.

ثانياً. شرح الحديث:

يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث القدسي عن سعة رحمة الله تعالى وفضله العظيم على عباده. يوضح لنا المولى جل وعلا أن كل خطوة يتقرب بها العبد إليه بطاعته، فإن الله تعالى يتقرب إليه بفضله ومغفرته ورحمته مضاعفة أضعافاً كثيرة.
* "إذا تقرب العبد إليَّ شبراً تقربت إليه ذراعا": مهما كان قرب العبد من الله صغيراً (مثل الشبر)، فإن قرب الله منه ورحمته به تكون أكبر وأعظم (مثل الذراع).
* "وإذا تقرب مني ذراعاً تقربت منه باعا": وإذا زاد العبد في طاعته وتقربه (مثل الذراع)، زاده الله من فضله وقربه بشكل أكبر (مثل الباع، وهو أطول من الذراع).
* "وإذا أتاني مشياً أتيته هرولة": وإذا بذل العبد جهداً في السير towards الله بطاعته (مشياً)، فإن الله تعالى يتفضل عليه ويستقبله ويغفر له مسرعاً (هرولة)، مما يدل على شدة فرح الله بتوبة عبده وقبول طاعته.
والرواية الثانية تزيد المعنى وضوحاً وجمالاً، حيث يخاطب الله تعالى عبده "يا ابن آدم" خطاباً مباشراً يفيض رحمة وحناناً:
* "إن ذكرتني في نفسك ذكرتك في نفسي": فضل الذكر عظيم، فمن ذكر الله في خلواته، ذكره الله في الملأ الأعلى عنده.
* "وإن ذكرتني في ملأ ذكرتك في ملأ من الملائكة أو في ملأ خير منهم": ومن ذكر الله أمام الناس داعياً إلى الخير، ذكره الله في ملأ أفضل وأعظم، ورفع درجته عندهم.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:

1- سعة رحمة الله وفضله: الحديث دليل واضح على أن فضل الله وعطاءه على عباده يتجاوز بكثير أعمالهم ويسبقها.
2- الحث على التقرب إلى الله: يحفزنا الحديث على المبادرة إلى الطاعات والأعمال الصالحة، مطمئنين إلى أننا لن نضيع سدى، بل سنجد عند الله أجراً عظيماً.
3- الاستجابة السريعة من الله: الله سبحانه وتعالى سريع القبول والتوبة والمغفرة لمن أقبل عليه، كما قال قتادة: "فالله أسرع بالمغفرة".
4- فضل ذكر الله: للذكر منزلة عظيمة عند الله، سواء كان سراً أم جهراً، ولكل منهما ثوابه العظيم.
5- الأمل والتفاؤل: يغرس الحديث في قلب المسلم الأمل والطمأنينة، ويدفعه إلى عدم القنوط من رحمة الله مهما كانت ذنوبه، فباب التوبة والقرب مفتوح.

رابعاً. معلومات إضافية:

* هذا الحديث من أعظم ما يبعث على الرجاء وحسن الظن بالله تعالى.
* يجب على المسلم أن يجمع بين هذا الحديث الذي يبعث على الرجاء، والأحاديث التي تحذر من الغرور والعصيان، حتى يكون وقافاً عند حدود الله، مقبلاً على طاعته.
* التقرب إلى الله يكون بفعل الطاعات (كالصلاة، الصدقة، الصيام...) وترك المنكرات.
نسأل الله تعالى أن يجعلنا من المقربين إليه، وأن يتقبل منا صالح الأعمال.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في التوحيد (٧٥٣٦) عن محمد بن عبد الرحيم، حدثنا أبو زيد سعيد بن الربيع الهروي، حدثنا شعبة، عن قتادة، عن أنس فذكره باللفظ الأول. ورواه أحمد (١٢٤٠٥) عن عبد الرزاق - وهو في مصنفه (٢٠٥٧٥) - عن معمر، عن قتادة، عن أنس فذكره باللفظ الثاني.
وإسناده صحيح.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 4 من أصل 607 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: إذا تقرب العبد إلي شبرا تقربت إليه ذراعا

📜 حديث: إذا تقرب العبد إلي شبرا تقربت إليه ذراعا

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: إذا تقرب العبد إلي شبرا تقربت إليه ذراعا

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: إذا تقرب العبد إلي شبرا تقربت إليه ذراعا

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: إذا تقرب العبد إلي شبرا تقربت إليه ذراعا

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية