حديث: النبي يحتضن ابنته عند وفاتها ويقول: إن المؤمن بكل خير على كل حال

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب أن المؤمن يحمد الله على كل حال

عن ابن عباس قال: أخذ النبي ﷺ بنتًا له تقضِي، فاحتضنها، فوضعها بين ثدْييه فماتتْ وهي بين ثدْييه، فصاحت أم أيمن فقيل: أتبكي عند رسول الله؟ قالت: ألستُ أَراك تبكي يا رسول الله؟ قال: «لست أبكي، إنما هي رحمة، إن المؤمن بكل خير على كل حال، إن نفسه تخرج من بين جنبيه، وهو يحمد الله عز وجل».

صحيح: رواه أحمد (٢٤٧٥) عن أبي أحمد، حدثنا سفيان، عن عطاء بن السائب، عن عكرمة، عن ابن عباس فذكره.

عن ابن عباس قال: أخذ النبي ﷺ بنتًا له تقضِي، فاحتضنها، فوضعها بين ثدْييه فماتتْ وهي بين ثدْييه، فصاحت أم أيمن فقيل: أتبكي عند رسول الله؟ قالت: ألستُ أَراك تبكي يا رسول الله؟ قال: «لست أبكي، إنما هي رحمة، إن المؤمن بكل خير على كل حال، إن نفسه تخرج من بين جنبيه، وهو يحمد الله ﷿».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإني أقدم لكم شرحًا لهذا الحديث النبوي الشريف، الذي يرويه الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، موضحًا معناه، ومستخرجًا دروسه وعبره.

نص الحديث:


عن ابن عباس قال: أخذ النبي ﷺ بنتًا له تقضِي، فاحتضنها، فوضعها بين ثدْييه فماتتْ وهي بين ثدْييه، فصاحت أم أيمن فقيل: أتبكي عند رسول الله؟ قالت: ألستُ أَراك تبكي يا رسول الله؟ قال: «لست أبكي، إنما هي رحمة، إن المؤمن بكل خير على كل حال، إن نفسه تخرج من بين جنبيه، وهو يحمد الله ﷻ».


أولا:

شرح المفردات:
● بنتًا له تقضِي: أي ابنة له تموت أو تشرف على الموت. وقيل: هي في حال النزع.
● احتضنها: ضمها إلى صدره وعانقها.
● بين ثدييه: أي على صدره.
● أم أيمن: هي حاضنة النبي ﷺ، واسمها بركة، وهي أم أسامة بن زيد، وكانت من المؤمنات الصالحات.
● صاحت: أي بكت وصرخت.
● رحمة: دموع العطف والشفقة.
● بكل خير: في حالة من الخير والثواب.
● على كل حال: في السراء والضراء، في الحياة والموت.
● تخرج من بين جنبيه: أي تخرج روحه عند الموت.


ثانيًا. شرح الحديث:


يصور هذا الحديث المشهد المؤثر لوفاة إحدى بنات النبي ﷺ – ويُرجح أنها السيدة رقية أو زينب رضي الله عنهما – وهي بين ذراعيه وعلى صدره الشريف. ففي لحظة احتضانه لها وهي في سكرات الموت، فاضت روحها إلى بارئها.
فانفعلت أم أيمن رضي الله عنها لهذا المنظر المؤلم، وبكت بحرقة. فانتهرها من حضر، قائلاً: "أتبكين والبكاء أمام رسول الله ﷺ؟" فأجابت بحكمة: "ألست أراك تبكي يا رسول الله؟"، معترضة على من أنكر بكاءها.
فأجابها النبي ﷺ مبينًا طبيعة دموعه، فقال: «لست أبكي، إنما هي رحمة». أي أن هذه الدموع ليست دموع جزع أو اعتراض على قضاء الله، بل هي دموع رحمة وعطف وشفقة طبيعية، جبل عليها الإنسان، وهي من رحمة الله التي يجعلها في قلوب عباده.
ثم علّم النبي ﷺ أصحابه وأمته درسًا عظيمًا في الإيمان، فقال: «إن المؤمن بكل خير على كل حال». فالمؤمن في نعيم دائم، سواء في صحته أو مرضه، في فرحه أو حزنه، في حياته أو عند موته. فحاله كله خير، لأن كل ما يصيبه هو بقدر الله وحكمته، وهو مما يكتب له به الأجر والثواب إذا صبر واحتسب.
وخصّص الحال عند الموت، فقال: «إن نفسه تخرج من بين جنبيه، وهو يحمد الله». فهذه هي ذروة الإيمان: أن يموت المؤمن وهو راضٍ عن ربه، شاكر له، محمودًا له في جميع أحواله، حتى في أشد اللحظات ألمًا وهي خروج الروح.


ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:


1- بشريَّة النبي ﷺ: الحديث يظهر الجانب الإنساني العاطفي للنبي ﷺ. فهو أب حنون، يمر بما يمر به أي إنسان من حزن عند فقد عزيز. وهذا من كمال خلقه، فهو لا ينفي العاطفة الإنسانية بل يهذبها ويضعها في إطارها الشرعي.
2- الفَرْق بين البكاء والنياحة: البكاء بدافع الرحمة والعطف – كما فعل النبي ﷺ – جائز بل هو من الرحمة التي يرحم الله بها عباده. أما النياحة (الصراخ، وشق الجيوب، ولطم الخدود) مع الاعتراض على القضاء والقدر فهذا هو المحرم.
3- الرضا بقضاء الله وقدره: أعظم الدروس هو أن المؤمن يرضى بقضاء الله في جميع أحواله، ويحتسب الأجر عند الله في المصيبة، وهذا من كمال الإيمان.
4- فضل الموت على الإيمان: نهاية المؤمن المطمئنة، حيث يموت وهو يحمد الله، وهي من علامات حسن الخاتمة.
5- التوازن بين العاطفة والإيمان: لا يتعارض الحزن الطبيعي مع الصبر والاحتساب. فالنبي ﷺ جمع بين البكاء رحمةً وبين التذكير بالصبر والرضا.
6- عظة الموت: الموت حق، وهو يذكرنا بقرب الآخرة وبضرورة الاستعداد لها بالإيمان والعمل الصالح.


رابعًا. معلومات إضافية:


- هذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، وابن ماجه في سننه، والحاكم في المستدرك، وقال عنه الذهبي: صحيح على شرط مسلم.
- يستدل به العلماء على جواز البكاء من غير نياحة، وعلى فضل الصبر والاحتساب عند المصائب.
- وفاة الأولاد من أعظم المصائب، ولكنها تكون كفارة للذنوب ورفعة في الدرجات إذا صبر المسلم واحتسب.
وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
والحمد لله رب العالمين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أحمد (٢٤٧٥) عن أبي أحمد، حدثنا سفيان، عن عطاء بن السائب، عن عكرمة، عن ابن عباس فذكره.
وإسناده صحيح، عطاء بن السائب ثقة، وثقه الأئمة إلا أنه اختلط في آخر عمره، ولكن روى سفيان عنه قبل الاختلاط.
ورواه النسائي (١٨٤٣) من طريق أبي الأحوص عن عطاء به.
والكلام عليه مبسوط في الجنائز.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 35 من أصل 607 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: النبي يحتضن ابنته عند وفاتها ويقول: إن المؤمن بكل خير على كل حال

  • 📜 حديث: النبي يحتضن ابنته عند وفاتها ويقول: إن المؤمن بكل خير على كل حال

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: النبي يحتضن ابنته عند وفاتها ويقول: إن المؤمن بكل خير على كل حال

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: النبي يحتضن ابنته عند وفاتها ويقول: إن المؤمن بكل خير على كل حال

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: النبي يحتضن ابنته عند وفاتها ويقول: إن المؤمن بكل خير على كل حال

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب