الحياء من الإيمان

حديث: الحياء من الإيمان

عن ابن عمر، أنّ رسول اللَّه ﷺ مرّ على رجل وهو يعظ أخاه في الحياء، فقال رسول اللَّه ﷺ: «دَعه فإن الحياء من الإيمان».

متفق عليه: رواه مالك في حسن الخلق (١٠) عن ابن شهاب، عن سالم، عن عبد اللَّه بن عمر، فذكر الحديث.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم لاتباع كتابه وسنة نبيه، وأن يرزقنا الإخلاص في الأقوال والأفعال، ويرضى عنا و يزيدنا علما وفقها إنه هو الكريم الوهاب.
الحديث الشريف:
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله ﷺ مر على رجل وهو يعظ أخاه في الحياء (أي ينهاه عن شيء من الحياء أو يأنبه عليه)، فقال رسول الله ﷺ: «دَعه فإن الحياء من الإيمان».
(رواه البخاري ومسلم وغيرهما)

الشرح المفصل:

# 1. شرح المفردات:

● يَعِظُ: ينصحه وينهاه، ويلومه على فعله.
● أخاه: أي أخاه في الإسلام.
● في الحياء: أي بسبب كونه حيياً، أو لأنه تسبب له الحياء في ترك أمر أو فعل شيء.
● دَعه: اتركه ولا تتعرض له باللوم أو النهي.
● مِنَ الإيمان: جزء من أجزاء الإيمان، وعلامة على كماله وقوته.

# 2. المعنى الإجمالي للحديث:

يمر النبي ﷺ على رجل ينهر أخاه المسلم ويؤنبه على ما ظهر منه من الحياء، الذي ربما جعله يتأخر عن أمر أو يستحي من المطالبة بحقه، فتدخل النبي ﷺ مصححاً هذا المفهوم، وأمر ذلك الرجل أن يكف عن لوم أخيه، مؤكداً أن الحياء خصلة محمودة وليست مذمومة، بل هي شعبة من شعب الإيمان وأصل من أصوله.

# 3. الدروس المستفادة والعبر:

● الحياء خلق إيماني رفيع: الحديث صريح في أن الحياء ليس مجرد عادة اجتماعية، بل هو جزء من الإيمان، لأنه يمنع صاحبه من فعل القبيح ويحثه على فعل الجميل، وهذا هو جوهر الإيمان.
● الحياء لا يأتي إلا بخير: كما قال النبي ﷺ في حديث آخر: «الْحَيَاءُ لا يَأْتِي إِلَّا بِخَيْرٍ» (متفق عليه). فإذا تسبب الحياء في ترك أمر مباح أحياناً، فإن خيره وبركته أعظم من أي منفعة عاجلة قد تفوت بسبب الحياء.
● التنبيه على خطأ الغير برفق وحكمة: النبي ﷺ لم يوبخ الرجل مباشرة، بل نصحه توجيهاً رفيقاً بقوله: «دَعه»، ثم علل له السبب. وهذا درس في الدعوة وأسلوب النصيحة.
● الفهم الصحيح للحياء: الحياء الممدوح هو الذي لا يمنع من قول الحق أو طلب العلم أو المطالبة بحق. أما الحياء المذموم فهو الذي يجعل الإنسان يتخلف عن الواجبات أو يستحي من طلب العلم الشرعي. والحديث هنا يدافع عن الحياء المحمود.
● الدفاع عن الفضائل: النبي ﷺ وقف مدافعاً عن خلق الحياء عندما رأى من ينتقده، مما يدل على على عظم مكانة هذا الخلق في الإسلام.

# 4. معلومات إضافية مفيدة:

● الحياء من الله: أكمل أنواع الحياء هو الحياء من الله تعالى، بأن يستحي العبد أن يراه الله حيث نهاه، أو يفقده حيث أمره.
● الفرق بين الحياء والخجل: الخجل قد يكون عيباً لأنه ضعف وانكسار يمنع صاحبه من حقوقه، أما الحياء فهو قوة وورع يمنع صاحبه من الأذى والوقوع في المحرمات.
● من كمال الإيمان: كلما كمل إيمان العبد، كلما ازداد حياؤه، كما في الحديث: «الإيمان بضع وسبعون شعبة، فأفضلها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان» (متفق عليه).
نسأل الله أن يزيّننا بخلق الحياء، وأن يجعلنا من أهل الإيمان الكامل.
والله أعلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مالك في حسن الخلق (١٠) عن ابن شهاب، عن سالم، عن عبد اللَّه بن عمر، فذكر الحديث.
ورواه البخاريّ في الإيمان (٢٤) عن عبد اللَّه بن يوسف، عن مالك، به.
ورواه مسلم في الإيمان (٣٦) من أوجه عن الزهريّ.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 93 من أصل 1075 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: الحياء من الإيمان

📜 حديث: الحياء من الإيمان

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: الحياء من الإيمان

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: الحياء من الإيمان

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: الحياء من الإيمان

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية