حديث: الحياء من الإيمان والإيمان في الجنة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب الحياء من الإيمان

عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «الحياء من الإيمان، والإيمان في الجنة، والبذاء من الجفاء، والجفاء في النار».

صحيح: رواه الترمذي (٢٠٠٩) من طرق عن محمد بن عمرو، حدثنا أبو سلمة، عن أبي هريرة، فذكر الحديث.

عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «الحياء من الإيمان، والإيمان في الجنة، والبذاء من الجفاء، والجفاء في النار».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا حديث عظيم من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم، يحث على خلق كريم ويحذر من خلق ذميم. وإليك الشرح الوافي له على النحو التالي:

الحديث:


عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «الحياء من الإيمان، والإيمان في الجنة، والبذاء من الجفاء، والجفاء في النار».
رواه الإمام أحمد في مسنده، والترمذي في سننه، وقال: حديث حسن صحيح.


1. شرح المفردات:


* الحياء: هو خُلُقٌ يبعث على ترك القبيح، ويمنع من التقصير في حق ذي الحق. وهو انقباض النفس عن فعل ما يعاب به، وخوفٌ من الله تعالى أولاً، ثم من الناس ثانياً.
* من الإيمان: (أداة "من" هنا) للتبعيض، أي أن الحياء جزء من أجزاء الإيمان وشعبة من شُعبه.
* والإيمان في الجنة: أي أن الإيمان الكامل الذي يتضمن شعبة الحياء، يوصِل صاحبه إلى الجنة.
* البذاء: هو التلفظ بالكلام القبيح والفاحش، وعدم المبالاة بما يخرج من اللسان من الألفاظ البذيئة والسوقية.
* من الجفاء: (أداة "من" هنا) للتبعيض أيضاً، أي أن البذاء جزء من أجزاء الجفاء.
* والجفاء: هو القسوة والغلظة في المعاملة، وترك الرفق، ونفاد الصبر، وقلة الأدب مع الله والناس. وهو ضد الرفق والإحسان.
* والجفاء في النار: أي أن صفة الجفاء والغلظة من صفات أهل النار، وهي تدل على خُبث الباطن وقسوة القلب، مما يقود صاحبه إلى النار.


2. المعنى الإجمالي للحديث:


يبيّن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث العلاقة الوثيقة بين الأخلاق والاعتقاد، وبين السلوك والمصير في الآخرة.
فالحديث يقرر أن الحياء، وهو خلق كريم، ليس مجرد عادة اجتماعية، بل هو جزء أصيل من الإيمان، لأن الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية. والحياء يمنع صاحبه من فعل المعاصي والقبائح، فكان لذلك من مكونات الإيمان.
ثم يربط النبي صلى الله عليه وسلم بين كمال الإيمان (الذي من شعبه الحياء) وبين الجنة، فهي ثمرة الإيمان ومآله.
وفي المقابل، يقرر أن البذاء (التلفظ بالفحش) هو جزء من الجفاء والقسوة والغلظة، والتي هي من صفات النفوس المريضة البعيدة عن الهدى والرحمة.
ثم يختم بالعلاقة بين صفة الجفاء هذه وبين النار، فهي من صفات أهلها ومؤدية إليها، لأنها تبعد صاحبها عن طاعة الله ومرضاته.


3. الدروس المستفادة منه:


1- الربط بين الباطن والظاهر: الإيمان ليس مجرد اعتقاد في القلب، بل له شعب وأخلاق تظهر على الجوارح، والحياء من أبرزها.
2- عظم مكانة خلق الحياء: الحياء سمة الأنبياء والصالحين، وهو من أفضل الأخلاق التي يتزين بها المسلم، وهو أساس كل خير.
3- تحذير من سوء الخلق: الحديث تحذير صريح من التلفظ بالكلام البذيء والفاحش، فهو دليل على قسوة القلب وضعف الإيمان.
4- الجزاء من جنس العمل: من اتصف بخلق أهل الإيمان (الحياء) كان مصيره إلى جنتهم، ومن اتصف بخلق أهل النار (الجفاء) كان من أهل النار.
5- الحث على حفظ اللسان: اللسان ترجمان القلب، فإذا كان القلب حياً مستحيياً، انعكس ذلك على كلام صاحبه بالحسن والطيب، وإذا كان قاسياً جافياً، انعكس ذلك بذاءةً وفحشاً.
6- الحياء من الله: أعلى درجات الحياء هو الحياء من الله تعالى، بأن يستحي العبد من أن يراه الله حيث نهاه، أو يفقده حيث أمره.


4. معلومات إضافية مفيدة:


* ليس الحياء هو الخجل المذموم الذي يمنع من قول الحق أو طلب العلم أو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. بل الحياء الشرعي هو الذي يحول بينك وبين فعل المحرمات، ولا يمنعك من فعل الخيرات. كما قَالَ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ الأُولَى: إِذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ» (رواه البخاري). أي إذا فقدت الحياء فلا عاصم لك من أن تفعل أي قبيح.
* كان النبي صلى الله عليه وسلم أشد حياء من العذراء في خدرها، كما وصفه أصحابه، وكان إذا كره شيئاً عُرف في وجهه.
* يستحب للمسلم أن يربي نفسه وأهله على هذا الخلق العظيم، فهو زينة للفرد والمجتمع.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الترمذي (٢٠٠٩) من طرق عن محمد بن عمرو، حدثنا أبو سلمة، عن أبي هريرة، فذكر الحديث.
قال الترمذي: «حسن صحيح».
وصححه ابن حبان (٦٠٨)، والحاكم (١/ ٥٢ - ٥٣) كلاهما من هذا الوجه، وقال الحاكم: «صحيح على شرط مسلم».
قال الأعظمي: فيه محمد بن عمرو وهو وإن كان من رجال الجماعة إلا أنه مختلف فيه وهو حسن الحديث، وتابعه سعيد بن أبي هلال، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن. ومن طريقه رواه ابن حبان (٦٠٩) فصار الحديث صحيحًا.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 96 من أصل 1075 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: الحياء من الإيمان والإيمان في الجنة

  • 📜 حديث: الحياء من الإيمان والإيمان في الجنة

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: الحياء من الإيمان والإيمان في الجنة

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: الحياء من الإيمان والإيمان في الجنة

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: الحياء من الإيمان والإيمان في الجنة

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب