حديث: الإيمان يمان والحكمة يمانية
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب رجحان أهل اليمن في الإيمان
متفق عليه: رواه البخاريّ في المغازي (٤٣٨٨)، ومسلم في الإيمان (٥٢) كلاهما من طرق عن أبي هريرة، فذكر الحديث، ولفظهما سواء
وفي رواية عندهما: «جاءكم أهل اليمن، هم أرقُّ أفئدة وأضعف قلوبًا».

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فهذا حديث عظيم يذكر فيه النبي صلى الله عليه وسلم فضائل أهل اليمن وخصالهم الحميدة، وسأشرحه لك جزءًا جزءًا بإذن الله.
الحديث بلفظه:
عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي ﷺ قال: «أتاكم أهل اليمن هم أرقُّ أفئدةً، وألينُ قلوبًا، الإيمان يمانٍ، والحكمة يمانيّة، والفخر والخيلاء في أصحاب الإبل، والسّكينة والوقار في أهل الغنم».
رواه البخاري (4389) ومسلم (52).
1. شرح المفردات:
● أرق أفئدةً: الأرق: هو الشيء اللين الرقيق. والأفئدة: جمع فؤاد، وهو القلب. أي أن قلوبهم أرق وأكثر رقة وحساسية تجاه الخير والإيمان.
● ألين قلوبًا: اللين ضد القسوة، أي أن قلوبهم سهلة منقادة للحق، سريعة الاستجابة له.
● الإيمان يمانٍ: أي أن الإيمان موجود بكثرة في أهل اليمن، أو أن أصوله ومنابته من هناك.
● الحكمة يمانية: الحكمة هي وضع الشيء في موضعه، وهي العلم النافع والعمل الصالح. وقيل: هي القرآن والسنة. و"يمانِيّة" نسبة إلى اليمن.
● الفخر والخيلاء: الفخر: التباهي بالأنساب والأحساب. والخيلاء: التكبر والاختيال على الناس.
● أصحاب الإبل: أي البدو وأهل البادية الذين يعتمدون على الإبل في حياتهم.
● السكينة والوقار: السكينة: الطمأنينة والهدوء. والوقار: الهيبة والحلم وثبات القلب.
● أهل الغنم: أي الفلاحون والمقيمون في القرى، الذين يربون الغنم.
2. المعنى الإجمالي للحديث:
يخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن صفات أهل اليمن، فيمدحهم بأنهم يتمتعون بقلوب رقيقة سهلة، سريعة التقبل للإيمان والحكمة، حتى إنه وصف الإيمان والحكمة بأنهما يمانيان، أي منسوبان إليهم لكثرة وجودهما فيهم.
ثم قارن صلى الله عليه وسلم بين طباع أهل البادية (أصحاب الإبل) الذين فيهم شيء من الكبر والخيلاء، وطباع أهل القرى (أهل الغنم) الذين فيهم السكينة والوقار. وهذا ليس ذمًا لأصحاب الإبل على الإطلاق، بل هو وصف لطبائعهم التي تأتي من طبيعة حياتهم القاسية، بينما أهل الغنم حياتهم أكثر استقرارًا فاكتسبوا الهدوء والسكينة.
3. الدروس المستفادة منه:
● فضل أهل اليمن: الحديث من أوضح النصوص على فضل أهل اليمن وسبقهم في الخير والإيمان، وقد كان منهم عدد كبير من الصحابة الكرام مثل أبي هريرة، ومعاذ بن جبل، وأبي مسلم الخولاني، وغيرهم.
● قبول الحق: لين القلب ورقة الفؤاد من صفات المؤمن الحق، الذي يقبل على الخير ويستجيب له.
● تنوع الطباع: الناس يختلفون باختلاف بيئاتهم ومهنهم، وكل له إيجابيات وسلبيات، والأفضل هو من جمع بين الإيمان والحكمة.
● ذم الكبر والخيلاء: الحديث يذم صفتي الفخر والخيلاء، ويحث على التواضع والسكينة.
● الحكمة مطلب عظيم: الحكمة هي ضالة المؤمن، وهي من أعظم الصفات التي يمكن أن يتحلى بها الإنسان.
4. معلومات إضافية مفيدة:
- هذا الحديث من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم، حيث أخبر عن مستقبل أهل اليمن، وقد تحقق ذلك عندما دخلوا في الإسلام أفواجًا، وكانوا من أنصار الدين وأهله.
- في هذا الحديث حث على التخلق بأخلاق أهل الخير والاستقامة، والابتعاد عن الكبر والخيلاء.
- يستفاد منه أيضًا أن البيئة تؤثر في طباع الإنسان، لكن الإيمان يصقل هذه الطباع ويوجهها نحو الخير.
أسأل الله أن يرزقنا قلوبًا لينة، وإيمانًا راسخًا، وحكمة في القول والعمل.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
وفي رواية عندهما: «جاءكم أهل اليمن، هم أرقُّ أفئدة وأضعف قلوبًا».
وفي رواية عند البخاريّ (٤٣٨٩) «والفتنة هاهنا، هاهنا يطلع قرن الشّيطان».
معنى الحديث: نقل ابن الصلاح في «صيانة صحيح مسلم» (ص ٢١٠) وعنه النووي في «شرح مسلم» إن ما ذكر من نسبة الإيمان إلى اليمن وأهله، فقد صرفوه عن ظاهره من حيث أن مبدأ الإيمان من مكة ثم المدينة حرسهما اللَّه.
فذكر أقوال أهل العلم في تعيين أهل اليمن، وقال في نهاية الكلام: «ولا مانع من إجراء الكلام على ظاهره وحمله على أهل اليمن حقيقة؛ لأنّ من اتصف بشيء وقَوي قيامُه به، وتأكد اضطلاعه به نُسب ذلك الشيء إليه إشعارًا بتميّزه به وكمال حاله فيه، وهكذا كان حال أهل اليمن حينئذ في الإيمان، وحال الوافدين منهم في حياته ﷺ، وفي أعقاب موته كأويس القرني، وأبي مسلم الخولانيّ وأشباههما ممن سلم قلبُه، وقوي إيمانه، فكانت نسبة الإيمان إليهم لذلك إشعارًا بكمال إيمانهم من غير أن يكون في ذلك نفي لذلك عن غيرهم، فلا منافاة بينه وبين قوله: «الإيمان في أهل الحجاز«[وهو سيأتي]. ثم إنّ المراد بذلك الموجودون منهم حينئذ لا كل أهل اليمن في كل زمان، فإنّ اللّفظ لا يقتضيه هذا، واللَّه تعالى أعلم، وهذا هو الحقّ في ذلك، ونشكر اللَّه سبحانه وتعالى على هدايتنا له، واللَّه أعلم» انتهى كلام الشيخ أبي عمرو بن الصّلاح، وأقرّه الشيخ النووي رحمهما اللَّه تعالى.
وأما ما رُوي من زيادة: «وأجد نَفَسَ ربِّكم من قبل اليمن. . .» فيه نظر، رواه الإمام أحمد (١٠٩٧٨)، والطبراني في «الأوسط» (٤٦٦١)، و«مسند الشّاميين» (١٠٨٣) كلاهما من حديث حريز بن عثمان، عن شبيب أبي روح، عن أبي هريرة، فذكر الحديث.
قال الطبراني في «الأوسط» عقب الحديث: «لم يرو هذا الحديث عن شبيب إلا حريز بن عثمان».
قال الأعظمي: وشبيب هو ابن نعيم أبو روح، ويقال: ابن أبي روح؛ قال أبو عبيد الآجري عن أبي داود: «شيوخ حريز بن عثمان كلّهم ثقات»، وذكره ابن حبان في الثقات (٤/ ٣٥٩). لكن ذكره الحافظ في «تهذيبه» فقال: «نقل ابن القطّان عن ابن الجارود قال: قال محمد بن يحيى الذُّهليّ: هذا شعبة وعبد الملك بن عمير في جلالتهما يرويان عن شبيب أبي روح. قال ابن القطّان: شبيب رجل لا تعرف له عدالة. انتهى كلام ابن القطّان. قال الحافظ: وإنّما أراد الذهليّ برواية شعبة عنه أنه روى حديثه لا أنه روى عنه مشافهة، إذ رواية شعبة إنما هي عن عبد الملك عنه، وذكره ابن قانع في الصحابة وساق له حديثًا عن النبيّ ﷺ، وأخرج أحمد الحديث في: مسنده«من رواية شعبة، عن عبد الملك، عن شبيب، عن رجل له صحبة، وهو الصّواب». انتهى كلام الحافظ في التهذيب.
فإن صحّتْ هذه الزّيادة فمعناها كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه اللَّه تعالى -وقد سئل عن هذا الحديث-: «فقوله: «من اليمن«يبين مقصود الحديث، فإنه ليس لليمن اختصاص بصفات اللَّه تعالى حتى يظن ذلك، ولكن منها جاء الذين يحبّهم ويحبّونه الذين قال فيهم: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ﴾ [المائدة: ٥٤]. وقد روي أنه لما نزلت هذه الآية: سئل عن هؤلاء، فذكر أنهم قومُ أبي موسى الأشعري، وجاءت الأحاديث الصحيحة مثل قوله: «أتاكم أهل اليمن أرق قلوبًا، وألين أفئدة، الإيمان يماني، والحكمة يمانية«وهؤلاء هم الذين قاتلوا أهل الرّدة، وفتحوا الأمصار، فبهم نفّس الرحمن عن المؤمنين الكربات، ومن خصَّص ذلك بأويس القرني فقد أبعده» انتهى. انظر: فتاواه (٦/ ٣٩٨).
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 111 من أصل 1075 حديثاً له شرح
- 86 معنى من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره
- 87 من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه
- 88 من جاهد بيده أو لسانه أو قلبه فهو مؤمن
- 89 حب الأنصار آية الإيمان وبغضهم آية النفاق
- 90 الأنصار لا يحبهم إلا مؤمن ولا يبغضهم إلا منافق
- 91 من يحب الله لا يبغض الأنصار
- 92 لا يبغض الأنصار رجل يؤمن بالله واليوم الآخر
- 93 الحياء من الإيمان
- 94 الحياء لا يأتي إلا بخير
- 95 كان النبي أشد حياء من العذراء في خدرها
- 96 الحياء من الإيمان والإيمان في الجنة
- 97 الحياء والإيمان قرنا جميعًا فإذا رفع أحدهما رفع الآخر
- 98 لا يُحبّني إلا مؤمن ولا يُبغضني إلا منافق
- 99 إنما وليي الله وصالح المؤمنين
- 100 يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف...
- 101 مؤمن في شعب من الشعاب يتقي اللَّه ويدع الناس من...
- 102 ممسك عنان فرسه في سبيل الله، يطير على متنه كلما...
- 103 اكتبوا لي من تلفظ بالإسلام من الناس فكتبنا له ألفًا...
- 104 أنا فرطهم على الحوض ويذاد رجال عن حوضي
- 105 الطهور شطر الإيمان والحمد لله تملأ الميزان
- 106 قل آمنت بالله فاستقم
- 107 عمر بن الخطاب وعليه قميص يجرّه
- 108 مرحبا بالطيب المطيب
- 109 الإيمان يمان هاهنا ألا إن القسوة وغِلَظ القلوب في الفدادين
- 110 الفخر والخيلاء في الفدادين أهل الوبر
- 111 الإيمان يمان والحكمة يمانية
- 112 غلظ القلوب والجفاء في الشرق، والإيمان في أهل الحجاز
- 113 إذا أحسن أحدكم إسلامه فكل حسنة يعملها تكتب له بعشر...
- 114 من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه
- 115 إذا أسلم العبد فحسن إسلامه كتب الله له كل حسنة
- 116 بيعة جرير بن عبد الله على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة...
- 117 الدين النصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم
- 118 النبي ﷺ يدعو أبا طالب لقول لا إله إلا الله...
- 119 «قل: لا إله إلا الله أشهد لك بها يوم القيامة»
- 120 الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب لا يسخطه أحد
- 121 الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه
- 122 سبب نزول آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه
- 123 قولوا: سمعنا وأطعنا وسلَّمنا
- 124 أي رب إذ أخرجتني منها لا تعدني فيها، فينجيه الله...
- 125 يُخرَج رجلان من النار فيؤمر بهما إليها
- 126 أنا عند ظن عبدي بي
- 127 إذا خافني في الدنيا أمّنته يوم القيامة
- 128 وما يدريك أن الله أكرمه
- 129 أحرقوني ثم اسحقوني ثم ذروني في يوم عاصف
- 130 لم يعمل حسنة قط فحرقوه ثم اذروه في البر والبحر
- 131 جمعه اللَّه فقال لم فعلت قال خشيتُك فغفر له
- 132 المرأة من الأنصار لا يكاد يعيش لها ولد فتحلف لئن...
- 133 أسلم وإن كنت كارهًا
- 134 معنى إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار
- 135 معنى وقتاله كفر
معلومات عن حديث: الإيمان يمان والحكمة يمانية
📜 حديث: الإيمان يمان والحكمة يمانية
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: الإيمان يمان والحكمة يمانية
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: الإيمان يمان والحكمة يمانية
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: الإيمان يمان والحكمة يمانية
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, December 17, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








