حديث: الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب لا يسخطه أحد
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب أنّ الإيمان إذا خالطتْ بشاشتُه القلوب لا يسخطه أحد
متفق عليه: رواه البخاريّ في الإيمان (٥١) عن إبراهيم بن حمزة، قال: حدثنا إبراهيم بن سعد، عن صالح، عن ابن شهاب، عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه، أن ابن عباس أخبره عن أبي سفيان، فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث العظيم رواه الإمام البخاري في صحيحه، وهو جزء من حديث طويل يحكي قصة لقاء أبي سفيان بن حرب -وكان يومئذٍ مشركاً- بقيصر الروم (هرقل) وسؤاله إياه عن النبي صلى الله عليه وسلم وصفة دعوته.
أولاً: شرح المفردات:
● يرتد: يعود عن دينه ويتركه.
● سخطة: بغضاً وكُرهاً له، من السَّخْط وهو البغض والامتعاض.
● بشاشته: بهجته وحلاوته وطعمه اللذيذ في القلب. والبَشاشة هي البهجة والسرور.
● لا يسخطه أحد: لا يبغضه أحد ولا يمقته بعد أن يذوق حلاوته.
ثانياً: المعنى الإجمالي للحديث:
يخبرنا الحديث أن هرقل (قيصر الروم)، وهو ملك نصراني كان على علم بأخبار النبي صلى الله عليه وسلم، سأل أبا سفيان سؤالين مهمين يتعلقان بحقيقة الدين الجديد وأتباعه:
1- سؤال عن الكمّ العددي: "هل يزيدون أم ينقصون؟" أي: هل عدد أتباع هذا النبي في نمو مستمر أم في تناقص؟ فأجاب أبو سفيان -وهو الذي كان يحاربه ويتمنى زوال دعوته- بالحق الذي لا يستطيع إنكاره فقال: "بل يزيدون". فاستنتج هرقل من هذه الإجابة سنة إلهية، وهي أن الإيمان الصحيح يزيد وينمو ولا يتناقص، حتى يكمله الله وينتشر.
2- سؤال عن النوعية والثبات: "هل يرتدّ أحد سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه؟" أي: هل يترك أحد هذا الدين ويخرج منه بسبب بغضه له وكرهه إياه بعد أن كان مؤمناً؟ فأجاب أبو سفيان مرة أخرى بالحق: "لا". فاستنتج هرقل منها حقيقة أخرى، وهي أن الإيمان الحقيقي إذا خالطت حلاوته وبهجته سويداء القلب (أعماقه)، واستقر فيه، فإن صاحبه لا يمكن أن يبغضه أو يتركه أبداً، لأنه قد ذاق طعمه وعرف حقيقته.
ثالثاً: الدروس المستفادة والفَوائد:
1- الإيمان يزيد وينقص: وهذا أصل عقدي عند أهل السنة والجماعة، يزيد بالطاعة والعلم والذكر، وينقص بالمعصية والجهل والغفلة. وزيادة أعداد المؤمنين دليل على قوة الحق وصدق الدعوة.
2- ثبات القلب على الإيمان: إذا استقر الإيمان في القلب وذاق العبد حلاوته (كما في الحديث: «ذاق طعم الإيمان من رضي بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد رسولاً») فإنه يصبح جزءاً من كيانه، فلا يرضى بفراقه أبداً، ويصبح مصداقاً لقوله تعالى: {وَلَا يَرْغَبُ بِهِ عَنِ الْأَوَّلِينَ}.
3- الفرق بين الإسلام الظاهري والإيمان الباطني: الحديث يفرق بين من يدخل في الإسلام形式上 ثم يرتد لأجل دنيا أو شبهة، وبين من يدخله ويخالط الإيمان بشاشته قلبه، فهذا لا يرتد. وهو إشارة إلى تفاوت الناس في إيمانهم وقوته.
4- إعجاز نبوي: في هذا الحديث إخبار عن غيب مستقبلي، حيث أخبر هرقل -من خلال استدلاله العقلي- باستمرار زيادة المسلمين وثباتهم على دينهم، وقد تحقق ذلك عبر التاريخ، فالأمة الإسلامية هي الأمة الوحيدة التي يحافظ أبناؤها على دينهم بهذه الصورة رغم كل المحن.
5- حكمة الله في إقرار الحق: حتى إن الله أجرى الحق على لسان أعداء النبي صلى الله عليه وسلم، مثل أبي سفيان وهرقل، ليكون ذلك أدعى للحجة وأبلغ في الإقناع.
6- الاستدلال بسنن الله في الخليقة: استدل هرقل، وهو عالم بأخبار الأنبياء، بسنة الله الكونية في نمو الحق وثبات أهله، وهذا من فطنة الملوك والعقلاء.
رابعاً: معلومات إضافية:
- هذا الاستدلال من هرقل يدل على ذكائه وفطنته، وكان مما قربه من الإيمان ودخوله في الإسلام، وقد أرسل له النبي صلى الله عليه وسلم رسالة يدعوه فيها إلى الإسلام.
- الحديث يشير إلى صفة مهمة من صفات المجتمع المؤمن، وهي الاستمرارية والنمو والثبات، بعكس الدعوات الباطلة التي تذبل وتموت.
أسأل الله تعالى أن يزيدنا إيماناً ويقيناً، وأن يثبت قلوبنا على دينه.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
ورواه الشيخان - البخاريّ في التفسير (٤٥٥٣)، ومسلم في الجهاد (١٧٧٣) كلاهما من طريق عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزهريّ، بإسناده، طويلًا، وسيأتي في موضعه.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 120 من أصل 1075 حديثاً له شرح
- 95 كان النبي أشد حياء من العذراء في خدرها
- 96 الحياء من الإيمان والإيمان في الجنة
- 97 الحياء والإيمان قرنا جميعًا فإذا رفع أحدهما رفع الآخر
- 98 لا يُحبّني إلا مؤمن ولا يُبغضني إلا منافق
- 99 إنما وليي الله وصالح المؤمنين
- 100 يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف...
- 101 مؤمن في شعب من الشعاب يتقي اللَّه ويدع الناس من...
- 102 ممسك عنان فرسه في سبيل الله، يطير على متنه كلما...
- 103 اكتبوا لي من تلفظ بالإسلام من الناس فكتبنا له ألفًا...
- 104 أنا فرطهم على الحوض ويذاد رجال عن حوضي
- 105 الطهور شطر الإيمان والحمد لله تملأ الميزان
- 106 قل آمنت بالله فاستقم
- 107 عمر بن الخطاب وعليه قميص يجرّه
- 108 مرحبا بالطيب المطيب
- 109 الإيمان يمان هاهنا ألا إن القسوة وغِلَظ القلوب في الفدادين
- 110 الفخر والخيلاء في الفدادين أهل الوبر
- 111 الإيمان يمان والحكمة يمانية
- 112 غلظ القلوب والجفاء في الشرق، والإيمان في أهل الحجاز
- 113 إذا أحسن أحدكم إسلامه فكل حسنة يعملها تكتب له بعشر...
- 114 من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه
- 115 إذا أسلم العبد فحسن إسلامه كتب الله له كل حسنة
- 116 بيعة جرير بن عبد الله على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة...
- 117 الدين النصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم
- 118 النبي ﷺ يدعو أبا طالب لقول لا إله إلا الله...
- 119 «قل: لا إله إلا الله أشهد لك بها يوم القيامة»
- 120 الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب لا يسخطه أحد
- 121 الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه
- 122 سبب نزول آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه
- 123 قولوا: سمعنا وأطعنا وسلَّمنا
- 124 أي رب إذ أخرجتني منها لا تعدني فيها، فينجيه الله...
- 125 يُخرَج رجلان من النار فيؤمر بهما إليها
- 126 أنا عند ظن عبدي بي
- 127 إذا خافني في الدنيا أمّنته يوم القيامة
- 128 وما يدريك أن الله أكرمه
- 129 أحرقوني ثم اسحقوني ثم ذروني في يوم عاصف
- 130 لم يعمل حسنة قط فحرقوه ثم اذروه في البر والبحر
- 131 جمعه اللَّه فقال لم فعلت قال خشيتُك فغفر له
- 132 المرأة من الأنصار لا يكاد يعيش لها ولد فتحلف لئن...
- 133 أسلم وإن كنت كارهًا
- 134 معنى إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار
- 135 معنى وقتاله كفر
- 136 لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض
- 137 ويلكم لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض
- 138 مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي
- 139 ما أنعمت على عبادي من نعمة إلا أصبح فريق منهم...
- 140 أصبح من الناس شاكر ومنهم كافر
- 141 الطّعن في النَّسب والنّياحة على الميّت
- 142 ثلاث من عمل أهل الجاهلية لا يتركهن أهل الإسلام
- 143 إن الذي تقول وتدعو إليه لحسن
- 144 من أحسن في الإسلام لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية
معلومات عن حديث: الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب لا يسخطه أحد
📜 حديث: الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب لا يسخطه أحد
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب لا يسخطه أحد
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب لا يسخطه أحد
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب لا يسخطه أحد
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








