حديث: ترك الصلاة على من قتل نفسه

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب الصلاة على القاتل نفسه لغير ولي المسلمين

عن جابر بن سمرة قال: أتي النبي ﷺ برجل قتل نفسه بمشاقص، فلم يُصَلّ عليه. وفي رواية: ذكرت قصة هذا الرجل بأنه مرض، فصيح عليه، فجاء جاره إلى رسول الله ﷺ،
فقال [له]: إنه قد مات، قال: «وما يُدْريك؟» قال: أنا رأيته، قال رسول الله ﷺ: «إنَّه لم يمت»، قال: فرجع، فصيح عليه، فجاء إلى رسول الله ﷺ، فقال: إنه قد مات، فقال النبي ﷺ: «إنه لم يمت» فرجع، فصيح عليه، فقالت امرأته: انطلق إلى رسول الله ﷺ فأخبره، فقال الرجل: اللهم! العنه، قال: ثم انطلق الرجل، فرآه قد نحر نفسه بمشْقَص معه، فانطلق إلى النبي ﷺ فأخبره أنه قد مات، فقال: «وما يُدريك؟» قال: رأيته ينحر نفسه بمشاقِصَ معه، قال: «أنت رأيته؟» قال: نعم، قال: «إذًا لا أصلي عليه».

صحيح: رواه مسلم في الجنائز (٩٧٨) عن عون بن سلَّام، أخبرنا زهير، عن سماك، عن جابر فذكره.

عن جابر بن سمرة قال: أتي النبي ﷺ برجل قتل نفسه بمشاقص، فلم يُصَلّ عليه. وفي رواية: ذكرت قصة هذا الرجل بأنه مرض، فصيح عليه، فجاء جاره إلى رسول الله ﷺ،
فقال [له]: إنه قد مات، قال: «وما يُدْريك؟» قال: أنا رأيته، قال رسول الله ﷺ: «إنَّه لم يمت»، قال: فرجع، فصيح عليه، فجاء إلى رسول الله ﷺ، فقال: إنه قد مات، فقال النبي ﷺ: «إنه لم يمت» فرجع، فصيح عليه، فقالت امرأته: انطلق إلى رسول الله ﷺ فأخبره، فقال الرجل: اللهم! العنه، قال: ثم انطلق الرجل، فرآه قد نحر نفسه بمشْقَص معه، فانطلق إلى النبي ﷺ فأخبره أنه قد مات، فقال: «وما يُدريك؟» قال: رأيته ينحر نفسه بمشاقِصَ معه، قال: «أنت رأيته؟» قال: نعم، قال: «إذًا لا أصلي عليه».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن ينفعنا بما ندرس ونفهم من حديث رسول الله ﷺ.

الحديث باختصار:


يخبرنا الصحابي الجليل جابر بن سمرة رضي الله عنه عن قصة رجل مرض مرضاً شديداً، فصار يئن ويتألم بشدة (وهذا معنى "صيح عليه")، فظن جاره أنه مات، فذهب ليخبر النبي ﷺ، فأنكر النبي ﷺ خبر موته وأخبره أنه لم يمت. تكرر هذا الموقف مرة ثانية. في المرة الثالثة، يئس الرجل من شدة المرض فدعا على نفسه قائلاً: "اللهم العنه" (أي اللهم أبعده عن رحمتك)، ثم انتحر بطعن نفسه بـ "مشاقص" (وهي سهام أو رماح صغيرة حادة). عندما تأكد الجار من رؤيته للانتحار بعينه، أخبر النبي ﷺ، فرفض النبي ﷺ أن يصلي عليه.


شرح المفردات:


* صيح عليه: صاح من شدة الألم والمرض، وأصدر صوتاً عالياً يشبه الصياح.
* مشاقص: (مفردها: مِشْقَص) وهي سهام أو رماح قصيرة وحادة لا ريش لها، كانت تستخدم للصيد أو القتال.
* لم يُصَلِّ عليه: أي امتنع النبي ﷺ عن إقامة صلاة الجنازة على هذا الرجل.
* وما يدريك؟: استفهام بمعنى: وما الذي أعلمك؟ أو من أين لك العلم بذلك؟ (سؤال للتثبت والتأكد من الخبر).
* اللهم العنه: دعاء بمعنى: اللهم أبعدْه عن رحمتك، وأزلْ عنه فضلك.


شرح الحديث:


1- التثبت في نقل الأخبار: عندما أخبر الجار النبي ﷺ بموت الرجل، لم يصدقه مباشرة، بل استفهمه بقوله: «وما يدريك؟» ليطلب منه الدليل واليقين. هذا درس في أهمية التثبت وعدم نقل الأخبار based on الظن فقط.
2- علم الغيب لله وحده: قول النبي ﷺ «إنه لم يمت» ليس إخباراً غيبياً بمعنى أنه يعلم الغيب المطلق (فالغيب لله وحده)، ولكنه ﷺ أخبر عن حكمة إلهية أو إلهام قَلَبي أن هذا الرجل سيواجه مصيراً سيئاً بسبب ما سيفعله، فكأنه مات معنوياً قبل أن يموت جسدياً بفعله الشنيع.
3. حكم الانتحار وعقوبته: هذا الحديث من أصرح الأدلة على تحريم الانتحار تحريماً شديداً، وأنه من كبائر الذنوب. والعقوبة المترتبة عليه هي حرمان القاتل نفسه من صلاة الجنازة، وهي شفاعة المسلمين له ودعاؤهم له بالمغفرة والرحمة. وهذا الحرمان هو عقوبة زاجرة في الدنيا، أما في الآخرة فوعيده أشد، كما في الحديث الآخر: «وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ فِي الدُّنْيَا عُذِّبَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» (متفق عليه).
4- حكمة النبي ﷺ في التعليم: لم يقل النبي ﷺ للجار من البداية "إن هذا الرجل سينتحر فلا تصلي عليه"، بل انتظر حتى يتبين الأمر للجميع ويشاهدوا عاقبة هذا الفعل المشين، ليكون ذلك أبلغ في النهي عن هذه الجريمة وأرسخ في النفوس.
5- سبب الحرمان من الصلاة: ليس الحرمان من الصلاة لمجرد كون الميت قد انتحر، بل لأنه مات على معصية كبرى وهو مصر عليها غير تائب منها. والصلاة على الميت دعاء واستغفار له، وفي حالات مثل هذه تكون العقوبة بعدم الدعاء له زجراً لأمثاله.


الدروس المستفادة والعبر:


1- تحريم الانتحار تحريماً قاطعاً: فهو استعجال للموت وتعدٍّ على حق الله في قبض الأرواح، وجحود لنعمة الحياة، وقنوط من رحمة الله الواسعة.
2- التثبت من الأخبار: يجب التحقق من أي خبر قبل نشره أو الحكم بناء عليه، خاصة ما يتعلق بأمور الناس وأعراضهم.
3- الصبر على البلاء: المرض والشدائد ابتلاء من الله، والواجب على المسلم الصبر والاحتساب وعدم اليأس من روح الله.
4- سعة رحمة الله: حتى في هذه الحالة الشديدة، لم يقطع النبي ﷺ على الرجل كل خير، فالعقوبة كانت في عدم الصلاة عليه فقط، أما أمره النهائي فمردّه إلى الله عز وجل، فقد يعفو الله ويغفر لمن يشاء.
5- خطورة الدعاء على النفس: يجب على المسلم الحذر من الدعاء على نفسه أو أهله أو ماله في حال الغضب أو الشدة، فقد يستجاب الدعاء.


معلومات إضافية:


* الانتحار في الإسلام: هو قتل النفس عمداً بأي وسيلة كانت، وهو محرم بإجماع العلماء.
* حكم الصلاة على المنتحر: جمهور العلماء على أن الإمام لا يصلي على من انتحر عمداً كعقوبة زاجرة، ولكن يصلي عليه غيره من المسلمين إذا تابوا من هذا الفعل أو صلوا عليه منفردين.
* الفرق بين علم النبي والغيب: النبي ﷺ لا يعلم الغيب، ولكن الله تعالى يطلعه على ما شاء من أمور الغيب كما في هذه القصة، قال تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَىٰ غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَىٰ مِن رَّسُولٍ} (الجن: 26-27).
أسأل الله أن يجعلنا من الشاكرين الصابرين، وأن يقينا شرور أنفس
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الجنائز (٩٧٨) عن عون بن سلَّام، أخبرنا زهير، عن سماك، عن جابر فذكره. والرواية الثانية عند أبي داود (٣١٨٥) من وجه آخر، عن زهير بإسناده.
قال الترمذي عقب هذا الحديث (١٠٦٨): «هذا حديث حسن صحيح. واختلف أهل العلم في هذا، فقال بعضهم: يُصلَّي على كل من صلَّى إلى القبلة، وعلى قاتل النفس، وهو قول الثوري وإسحاق، وقال أحمد: لا يُصَلِّي الإمام على قاتل النفس، ويُصَلِّي عليه غير الإمام».
وقال النووي: في هذا الحديث دليل لمن يقول: لا يُصَلِّي على قاتل نفسه لعصيانه، وهذا مذهب عمر بن عبد العزيز والأوزاعي، وقال الحسن والنخعي وقتادة ومالك وأبو حنيفة والشافعي وجماهير العلماء: يُصَلِّي عليه، وأجابوا عن هذا الحديث بأن النبي ﷺ لم يُصَلَّ عليه بنفسه زجرًا للناس عن مثل فعله، وصلت عليه الصحابة، وهذا كما ترك النبي ﷺ الصلاة في أول الأمر على من عليه دين زجرًا لهم عن التساهل في الاستدانة، وعن إهمال وفائه، وأمر أصحابه بالصلاة عليه، فقال ﷺ: «صلوا على صاحبكم».
قال القاضي: مذهب العلماء كافة الصلاةُ على كل مسلم، ومحدود، ومرجوم، وقاتل نفسه، وولد الزنا، وعن مالك وغيره: أن الإمام يجتنب الصلاة على مقتول في حد، وأن أهل الفضل لا يُصلون على الفساق زجرًا لهم، وعن الزهري: لا يُصَلِّي على مرجوم، ويُصَلِّي على المقتول في قصاص، وقال أبو حنيفة: لا يُصَلِّي على محارب، ولا على قتيل الفئة الباغية، وقال قتادة: لا يُصَلِّي على ولد الزنا، وعن الحسن: لا يُصَلِّي على النفساء تموت من زنا، ولا على ولدها» انتهى.
ونقل القرطبي في: المفهم«عن الإمام أحمد: لا يُصلِّي الإمام على قاتل نفس، ولا على غال، وقال أبو حنيفة: لا يُصلِّي على من ترك الصلاة إذا قيل، ويُصلِّي على من سواه.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 374 من أصل 541 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: ترك الصلاة على من قتل نفسه

  • 📜 حديث: ترك الصلاة على من قتل نفسه

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: ترك الصلاة على من قتل نفسه

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: ترك الصلاة على من قتل نفسه

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: ترك الصلاة على من قتل نفسه

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب