حديث: صلوا على صاحب الدين إن وفاه غيره

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب لا يصلي الإمام على من عليه دين حتى يقضي عنه

عن أبي هريرة أن النبي ﷺ أتي بجنازة فقام يصلي عليها، قالوا: عليه دين، فقال رسول الله ﷺ: «انطلقوا بصاحبكم، فصلوا عليه، فقال رجل: عليَّ دينه، فصَلِّ عليه، فقام رسول الله ﷺ فصلى عليه.

حسن: رواه البزار (٧٨٠٤) عن محمد بن معمر، قال: نا روح بن عبادة قال: نا محمد بن أبي حفصة، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، فذكره.

عن أبي هريرة أن النبي ﷺ أتي بجنازة فقام يصلي عليها، قالوا: عليه دين، فقال رسول الله ﷺ: «انطلقوا بصاحبكم، فصلوا عليه، فقال رجل: عليَّ دينه، فصَلِّ عليه، فقام رسول الله ﷺ فصلى عليه.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين وإمام المتقين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، يرويه الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه، وهو في الصحيحين وغيرهما. وإليك الشرح الوافي لهذا الحديث على النحو التالي:

1. شرح المفردات:


● أُتِيَ بِجِنَازَةٍ: أي جيء بميت ليصلي عليه النبي صلى الله عليه وسلم.
● عَلَيْهِ دَيْنٌ: أي أن على الميت دينًا لم يؤدّه قبل موته.
● انْطَلِقُوا بِصَاحِبِكُمْ: أمر لهم بأن يأخذوا الميت ويذهبوا به.
● عَلَيَّ دَيْنُهُ: أي تكفل الرجل بدفع دين الميت عن نفسه.

2. شرح الحديث:


يحدثنا أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قدّم إليه ميت لِيُصَلِّيَ عليه صلاة الجنازة، فلما علم أن على هذا الميت دينًا لم يقضه في حياته، امتنع عن الصلاة عليه أولاً، وقال للصحابة: "انطلقوا بصاحبكم"، أي خذوه واذهبوا به، فصلوا عليه أنتم دوني. وهذا الامتناع ليس لكراهية الميت أو هجرًا له، ولكن لبيان أهمية قضاء الدين وأنه حق للعباد يجب أداؤه.
فلما سمع أحد الحاضرين ذلك، قال: "عليّ دينه"، أي أنا أتحمل دينه وأقضيه عنهُ، فحينئذٍ قام النبي صلى الله عليه وسلم وصلى على الميت. وهذا يدل على أن الصلاة على الميت المسلم مشروعة، ولكن إذا كان عليه دين ولم يُقضَ، فإنه يُكره للإمام أن يصلي عليه؛ لأن الدين حق للآدميين، وحقوق العباد مبنية على المشاحة، بخلاف حقوق الله تعالى فهي مبناها على المسامحة.

3. الدروس المستفادة منه:


● أهمية قضاء الديون: الحديث يظهر عِظَم أمر الدين، وأنه يجب على المسلم أن يحرص على أداء دينه في حياته، وإلا فإنه قد يحرم من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم والصلاة عليه بعد موته.
● حقوق العباد مقدمة: حقوق العباد لا تسقط بالموت، بل تبقى متعلقة بالذمة حتى تؤدى أو يعفو صاحبها، ولهذا امتنع النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة على المدين حتى تكفل أحدهم بقضاء دينه.
● التكفل بالدين جائز ومشروع: يجوز للإنسان أن يتكفل بدين غيره إذا كان قادرًا على أدائه، وهذا من التعاون على البر والتقوى.
● رفق النبي صلى الله عليه وسلم وحكمته: لم يصلِّ على الميت أولاً ليعلم الأمة أهمية قضاء الدين، ثم لما تكفل أحدهم بالدين صلى عليه ليبين أن العبرة بسقوط الدين أو الضمان بأدائه.
● الصلاة على الميت مشروعة بعد سقوط الدين: إذا تكفل أحد بدين الميت أو أُدّي الدين، جاز الصلاة عليه، بل هي مستحبة.

4. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث يدل على أن الدين إذا كان على الميت، فإنه لا يُصلى عليه صلاة الجنازة حتى يُقضى دينه أو يضمنه أحد، وهذا مذهب جمهور العلماء.
- لو كان الدين لله تعالى، ككفارة أو نذر، فإنه لا يمتنع الصلاة عليه؛ لأن حقوق الله تعالى مغفورة بالصلاة عليه والتوبة.
- ينبغي للمسلم أن يحرص على كتابة دينه أو إشهاره حتى لا يضيع حق الغير.
- التكفل بدين الميت من الصدقات الجارية، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "نَفْسُ الْمُؤْمِنِ مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ" (رواه الترمذي وابن ماجه).
أسأل الله تعالى أن يعيننا على أداء حقوق العباد والعبادات، وأن يتوفانا وهو عنا راضٍ. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البزار (٧٨٠٤) عن محمد بن معمر، قال: نا روح بن عبادة قال: نا محمد بن أبي حفصة، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، فذكره.
قال البزار: «هذا الحديث رواه ابن أبي ذئب عن الزهري، عن أبي سلمة، ولا نعلم أحدا قال: عن سعيد إلا ابن أبي حفصة».
قال الأعظمي: وهو كما قال. ولكن لا يبعد أن يكون عند الزهري حديثان، أحدهما هذا، والآخر هو ما يأتي في الباب الذي يليه. ومحمد بن أبي حفصة مختلف فيه غير أنه حسن الحديث.
وقال الهيثمي في «المجمع» (٣/ ٤٠): «رجاله رجال الصحيح».
وأما ما رُوي عن عيسى بن صدقة بن عباد اليشكري قال: دخلت مع أبي على أنس بن مالك فقلنا له: حدَّثنا حديثًا ينفعنا الله به، فسمعته يقول: من استطاع منكم أن يموت ولا دين عليه فليفعل، فإني رأيت نبي الله ﷺ وأتي بجنازة رجل، وعليه دين فقال: «لا أصلي عليه حتى تضمنوا دَيْنَه فإن صلاتي عليه تنفعه» فلم يضمنوا دَينه، ولم يُصل عليه، وقال: «إنه مرتهن في قبره» فهو ضعيف.
رواه أبو يعلى (٤٢٢٩) عن سعيد بن الأشعث، أخبرني عيسي بن صدقة بن عَبَّاد فذكره. ورواه أبو الوليد قال: حدثنا عيسى بن صدقة، عن عبد الحميد بن أمية قال: شهدتُ أنس بن مالك، فقال له رجل: يا أبا حمزة! حدِّثنا حديثًا ينفعنا الله به، قال: من استطاع منكم أن يموت، وليس عليه دين فليفعل، فإني شهدت رسول الله- ﷺ أتي بجنازة رجل يُصلي عليه، فقال: «عليه دين؟» فقالوا: نعم، قال: فما ينفعكم أن أصلي على رجل روحه مرتهن في قبره، لا تصعد روحه إلى الله، فلو ضمن رجل دَينَه قُمت فصلَّيت عليه، فإن صلاتي تنفعه«، رواه العُقيلي في الضعفاء (١٤٣٢) عن معاذ بن المثنى بن معاذ قال: حدثنا أبو الوليد فذكره.
قال: حدثني آدم بن موسي، قال: سمعت البخاري يقول: عيسي بن صدقة، ويقال: ابن عبَّاد ابن صدقة، قال لي أبو الوليد: هو ضعيف.
وكرر الذهبي في: الميزان, ترجمته فقال: عيسي بن صدقة ويقال: صدقة بن عيسى أبو محرز، والصحيح الأول، ونقل فيه تضعيف أبي الوليد، وقال أبو زرعة: شيخ، وقال الدارقطني: متروك،
ثم ترجمه في عيسي بن صدقة بن عبَّاد بن صدقة وقال: وينسب إلى جده فيقال: عيسي بن صدقة، ضعَّفوه، روى عنه أبو الوليد فقال: صدقة بن عيسى، ثم ضعَّفه، وكذا ضعَّفه أبو حاتم، وقال ابن حبان، منكر الحديث. انتهى.
وانتقده الحافظ في: اللسان (٤/ ٣٩٨) وقال: هذا هو الذي قبله، كررَّه بلا فائدة».
قال الأعظمي: وقال الحافظ الهيثمي في «المجمع» (٣/ ٣٩): «رواه أبو يعلى وعيسى وثَّقه أبو حاتم وضعَّفه غيره» هذا هو الصحيح بأن أبا حاتم لم يضعف عيسي بن صدقة، فإن عبد الرحمن بن أبي حاتم نقل عن أبيه في «الجرح والتعديل» (٦/ ٢٧٩) فقال: «شيخ يكتب حديثه، وترجمه أيضًا في صدقة بن عيسي (٤/ ٤٢٨) فلم ينقل تضعيفه من أبيه، ولم يُنبه عليه الحافظ ابن حجر في اللسان فتنبه».
وقد رُوي عن أسماء بنت يزيد قالت: دُعي رسول الله ﷺ إلى جنازة رجل من الأنصار، فلما وضع السرير تقدم نبي الله ﷺ ليصلي عليه، ثم التفت فقال: «علي صاحبكم دين؟» قالوا: نعم يا رسول الله ديناران، فقال: «صلوا على صاحبكم». فقال أبو قتادة: إنا ندينه يا نبي الله، فصلى عليه.
رواه الطبراني في «الكبير» (٢٤/ ١٨٤) عن يحيى بن عثمان بن صالح، ثنا عبد الله بن يوسف، ثنا محمد بن مهاجر، عن أبيه، قال: حدثتنا أسماء بنت يزيد فذكرته.
ومهاجر هو: ابن دينار الشامي الأنصاري مولي أسماء بنت يزيد، ذكره ابن حبان في «الثقات» ولم يوثقه أحد، ولذا قال فيه الحافظ: «مقبول» أي عند المتابعة، ولم يتابع فهو «لين الحديث».
وأما الهيثمي فقال في «المجمع» (٣/ ٤٠) بعد أن عزاه للطبراني «رجاله ثقات» وذلك اعتمادًا على توثيق ابن حبان.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 386 من أصل 541 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: صلوا على صاحب الدين إن وفاه غيره

  • 📜 حديث: صلوا على صاحب الدين إن وفاه غيره

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: صلوا على صاحب الدين إن وفاه غيره

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: صلوا على صاحب الدين إن وفاه غيره

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: صلوا على صاحب الدين إن وفاه غيره

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب