حديث: ضالة الإبل المكتومة غرامتها ومثلها معها
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب الترهيب من كتمِ اللقطةِ وتغييبها
حسن: رواه أبو داود (١٧١٨) عن مخلد بن خالد، حدثنا عبد الرزاق -وهو في مصنفه (١٨٥٩٩) - أخبرنا معمر، عن عمرو بن مسلم، عن عكرمة، أحسبه عن أبي هريرة فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن يوفقنا جميعاً لفهم سنة نبيه صلى الله عليه وسلم والعمل بها.
شرح الحديث:
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ضالة الإبل المكتومة غرامتها، ومثلها معها».
أولاً: شرح المفردات:
● ضالة الإبل: هي الإبل التي ضلت عن صاحبها وتاهت ولم يعرف مكانها.
● المكتومة: من الكتمان، أي التي يتم إخفاؤها وعدم الإعلان عنها عندما يجدها شخص. فمن وجد إبلًا ضالة وكتمها ولم يعلن عنها لينادي على صاحبها، فهو "كاتم" لها.
● غرامتها: الغرامة هي التعويض المالي أو البدلي الذي يفرض على من أتلف أو أضاع مال غيره. هنا معناها: ما يغرمه (يتحمله) الكاتم من تعويض.
● ومثلها معها: أي يغرم قيمتها (مثلها) ويضاف إلى ذلك أنه يخسر الإبل التي كتمها (فهي تذهب لصاحبها الأصلي)، فكأنه يخسر "مثلها" (القيمة) و"معها" (العين التي كتمها).
ثانياً: شرح الحديث:
هذا الحديث الشريف يضع قاعدة عظيمة في حفظ أموال الناس ومعاقبة من يعتدي عليها. والمعنى الإجمالي له:
إذا وجد شخص إبلاً ضالة (شردت من صاحبها)، فالأصل الشرعي أن يقوم بواجب الأخوة الإسلامية ويحفظها لصاحبها، ويعلن عنها ويعرف الناس بها حتى يجد صاحبها ويستردها. هذا هو السلوك الأمين.
أما إذا خالف هذا الأمر، وطمع فيها، فكتمها وأخفاها عن الناس ليملكها لنفسه بغير حق، ثم هلكت هذه الإبل (ماتت أو ضاعت مرة أخرى) وهو متولي لها، فإن العقوبة التي شرعها النبي صلى الله عليه وسلم لهذا المتعدي هي:
أن يغرم (يعوض) صاحب الإبل قيمتها كاملة (وهذا هو "مثلها")، بالإضافة إلى أنه يخسر هذه الإبل التي كتمها، فلا تكون له، بل يجب عليه ردها إذا وجدت أو رد قيمتها إن هلكت (وهذا معنى "معها").
فيكون مجموع ما يخسره: قيمة الإبل (كمال) + الإبل نفسها (كعقوبة على كتمانه وخيانته).
مثال توضيحي:
رجل وجد ناقة ضالة قيمتها 5000 درهم، فكتمها ولم يعلن عنها. ثم ماتت الناقة عنده.
فعقوبته أن يدفع لصاحبها 5000 درهم (قيمتها = "مثلها")، ولا يأخذ الناقة الميتة لنفسه (فهي مال صاحبها، فهذا هو "معها")، فيخسر 5000 درهم ولا يحصل على شيء. فهذه غرامة مضاعفة لزجر هذا الفعل القبيح.
ثالثاً: الدروس المستفادة والفقه في الحديث:
1- حرمة أموال المسلمين وعظم الاعتداء عليها: الحديث يرسخ مبدأ أن مال المسلم حرام، وأن الاعتداء عليه بغش أو خيانة أو كتمان لضالته من الكبائر التي تستوجب عقوبة رادعة.
2- الحكمة من التشريع: العقوبة المشددة ("مثلها معها") ليست مقصودة لذاتها، ولكنها عقوبة زاجرة تمنع الناس من الطمع في أموال غيرهم والتعدي عليها. فلو كانت الغرامة هي القيمة فقط، لربما طمع بعض الناس وخاطروا، أما عندما يعلم أن عقوبته ستكون مضاعفة، فإن هذا يردعه عن ارتكاب هذه الخيانة.
3- الفرق بين الأمين والخائن: الحديث يفرق بين من وجد الضالة فأدى الأمانة ونادى عليها، فهو مأجور، وبين من كتمها بخيانة، فهو آثم ومغرم.
4- أن هذه العقوبة خاصة بضالة الإبل: وهذا من فقه الصحابة والتابعين، حيث خصصوا هذا الحكم بالإبل لأنها تسير لمسافات بعيدة ويصعب حفظها وضبطها غالباً، بخلاف الضالة من الغنم مثلاً، فحكمها مختلف (على قول كثير من العلماء) لأنها أسهل حفظاً وأقل قيمة في الغالب.
5- إثبات مبدأ الغرامة المالية: الحديث أصل من أصول إثبات الغرامات المالية في الإسلام كعقوبة تعزيرية تردع عن الجرائم المالية والمعاملات.
رابعاً: معلومات إضافية:
- هذا الحديث أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، وهو من الأحاديث الصحيحة المتلقاة بالقبول.
- هذا الحكم ("مثلها معها") خاص بمن كتم الضالة بنية تملكها والاستيلاء عليها بغير حق. أما من أخذها بنية الحفظ والأمانة ثم حدث لها هلاك دون تقصير منه، فلا غرامة عليه عند جمهور العلماء.
- يستدل الفقهاء بهذا الحديث على مشروعية "التعزير" بالمال في الجرائم التي لا حد فيها ولا كفارة، للحفاظ على مصالح الناس وأموالهم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
وأعله المنذري فقال: «لم يحزم عكرمة بسماعه من أبي هريرة فهو مرسل».
قال الأعظمي: ولكن قوله: (أحسبه) يحمل على الظن الغالب أنه عن أبي هريرة، ومعنى الحديث يدل على ذلك أيضًا؛ لأن الصحابي لا يحق له أن يحكم على الغرامة مثلها.
ولكن آفته عمرو بن مسلم الجَندي -بفتح الجيم والنون-؛ فإنه مختلف فيه، فضعفه أحمد والنسائي، واختلف فيه قول ابن معين: فمرة قال: «لا بأس به». وأخرى: «ليس بالقوي».
وذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن عدي: «ليس له حديث منكر جدا». وقال الساجي: «صدوق يهم». فمثله يحسن حديثه.
قال الخطابي: «سبيل هذا الحديث سبيل ما تقدم ذكره من الوعيد الذي يراد به وقوع الفعل، وإنما هو زجر وردع، وكان عمر بن الخطاب يحكم به، وإليه ذهب أحمد بن حنبل. وأما عامة الفقهاء فعلى خلافه». انتهى.
قال الأعظمي: وبه قال أيضًا الزهري وإسحاق بن راهويه، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية بأن من كتم الإبل الضالة تضعف عليه غرامتها.
ويظهر من أحاديث سبق ذكرها أن أحكام اللقطة تختلف عن أحكام الضوال، فأباح الشارع في بعض صورة أخذ اللقطة، ومنع من أخذ الضوال، انظر للمزيد «المنة الكبرى» (٥/ ٥٠٥).
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب
- 1 عرفها حولا فإن جاء صاحبها وإلا فاستمتع بها
- 2 علي يجد ديناراً ويأخذ به دقيقاً ولحماً لأهل البيت
- 3 اعرف عقاصها ووكاءها ثم عرفها سنة
- 4 اعرف وكاءها وعفاصها ثم عرفها سنة
- 5 خذها فإنما هي لك أو لأخيك أو للذئب
- 6 من أصاب بفيه من ذي حاجة غير متخذ بنة فلا...
- 7 الضالة من الإبل معها حذاؤها وسقاؤها تأكل الشجر وترد الماء
- 8 ضالة الغنم لك أو لأخيك أو للذئب
- 9 ضالة الإبل المكتومة غرامتها ومثلها معها
- 10 ساقطتها لا تحل إلا لمنشد
- 11 لا يعضد شوكه ولا ينفر صيده ولا يلتقط لقطته إلا...
- 12 نهى رسول الله ﷺ عن لقطة الحاج
- 13 لولا أني أخاف أن تكون من الصدقة لأكلتها
- 14 أجد التمرة ساقطة فأرفعها لآكلها ثم أخشى أن تكون صدقة
- 15 من آوى ضالة فهو ضال ما لم يعرفها
- 16 لا يحلبن أحد ماشية امرئ بغير إذنه
- 17 ضالة المسلم حرق النار
- 18 ضالة المسلم حرق النار فلا تقربنها
- 19 تُعرف اللقطة ولا تُغيب ولا تكتم
- 20 من وجد لقطة فليشهد ذا عدل أو ذوي عدل
- 21 اذهب فهو حر ولك ولاؤه وعلينا نفقته
معلومات عن حديث: ضالة الإبل المكتومة غرامتها ومثلها معها
📜 حديث: ضالة الإبل المكتومة غرامتها ومثلها معها
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: ضالة الإبل المكتومة غرامتها ومثلها معها
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: ضالة الإبل المكتومة غرامتها ومثلها معها
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: ضالة الإبل المكتومة غرامتها ومثلها معها
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








