حديث: عرفها حولا فإن جاء صاحبها وإلا فاستمتع بها

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب التعريف باللقطة حولا واحدا

عن سويد بن غفلة قال: لقيت أبي بن كعب، فقال: أخذت صرة مائة دينار، فأتيت النبي ﷺ، فقال: «عرفها حولا». فعرفتها حولا، فلم أجد من يعرفها، ثم أتيته، فقال: «عرفها حولا». فعرفتها، فلم أجد، ثم أتيته ثلاثا، فقال: «احفظ وعاءها وعددها ووكاءها؛ فإن جاء صاحبها وإلا فاستمتع بها».
فاستمتعت، فلقيته بعد بمكة، فقال: لا أدري ثلاثة أحوال، أو حولا واحدا.

متفق عليه: رواه البخاري في اللقطة (٢٤٢٦)، ومسلم في اللقطة (١٧٢٣) كلاهما عن محمد ابن بشار، حدثنا غندر، حدثنا شعبة، عن سلمة بن كهيل قال: سمعت سويد بن غفلة قال: خرجت أنا وزيد بن صوحان وسلمان بن ربيعة غازين، فوجدت سوطا، فأخذته، فقالا لي: دعه.

عن سويد بن غفلة قال: لقيت أبي بن كعب، فقال: أخذت صرة مائة دينار، فأتيت النبي ﷺ، فقال: «عرفها حولا». فعرفتها حولا، فلم أجد من يعرفها، ثم أتيته، فقال: «عرفها حولا». فعرفتها، فلم أجد، ثم أتيته ثلاثا، فقال: «احفظ وعاءها وعددها ووكاءها؛ فإن جاء صاحبها وإلا فاستمتع بها».
فاستمتعت، فلقيته بعد بمكة، فقال: لا أدري ثلاثة أحوال، أو حولا واحدا.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا شرح للحديث النبوي الشريف الذي رواه سويد بن غفلة عن الصحابي الجليل أبي بن كعب رضي الله عنه:

نص الحديث:


عن سويد بن غفلة قال: لقيت أبي بن كعب، فقال: أخذت صرة مائة دينار، فأتيت النبي ﷺ، فقال: «عرفها حولا». فعرفتها حولا، فلم أجد من يعرفها، ثم أتيته، فقال: «عرفها حولا». فعرفتها، فلم أجد، ثم أتيته ثلاثا، فقال: «احفظ وعاءها وعددها ووكاءها؛ فإن جاء صاحبها وإلا فاستمتع بها». فاستمتعت، فلقيته بعد بمكة، فقال: لا أدري ثلاثة أحوال، أو حولا واحدا.


1. شرح المفردات:


● صرة: شيء ملفوف فيه نقود أو جوهر، وهي هنا تحتوي على مائة دينار.
● حولاً: سنة كاملة.
● عرفها: أعلن عنها وابحث عن صاحبها.
● وعاءها: الوعاء الذي توضع فيه، وهو الغلاف أو الكيس.
● عددها: المقدار أو العدد الموجود فيها، وهو هنا مائة دينار.
● وكاءها: الرباط أو الخيط الذي تربط به الصرة.
● استمتع بها: انتفع بها واستخدمها في حاجتك.


2. شرح الحديث:


يحكي الصحابي الجليل أبي بن كعب رضي الله عنه قصة عثوره على صرة تحتوي على مائة دينار (وهي مبلغ كبير في ذلك الوقت)، فذهب إلى النبي ﷺ ليسأله عن الحكم الشرعي في هذه اللقطة.
● الأمر الأول من النبي ﷺ: أمره أن يعرفها (يعلن عنها) لمدة عام كامل. ففعل أبي بن كعب ذلك، ولكن لم يجد من يطالب بها أو يعرفها.
● الأمر الثاني: عاد إلى النبي ﷺ بعد انقضاء العام، فأمره again أن يعرفها حولاً آخر. ففعل ولم يجد صاحبها.
● الأمر الثالث والأخير: بعد أن سأل الثالثة، قال له النبي ﷺ: «احفظ وعاءها وعددها ووكاءها؛ فإن جاء صاحبها وإلا فاستمتع بها». أي أن يحفظ أوصافها الدقيقة (نوع الوعاء، العدد، ونوع الرباط) حتى إذا جاء صاحبها ووصفها accurately يستطيع إرجاعها إليه. وإذا لم يأتِ صاحبها، فله أن ينتفع بها.
ثم استنكر أبي بن كعب في نهاية الرواية قائلاً: "لا أدري ثلاثة أحوال، أو حولا واحدا"، أي أنه شكّ هل كانت المدة ثلاثة أعوام أم عاماً واحداً فقط؟ وهذا من دقة الرواية وحرص الصحابة على نقل الحديث بدقة.


3. الدروس المستفادة منه:


1- وجوب الأمانة في اللقطة: يجب على من يجد لقطة أن يتحرى ويبحث عن صاحبها، ولا يأخذها دون حق.
2- التعريف سنة كاملة: الأصل في التعريف باللقطة أن يكون لمدة عام كامل، كما في هذا الحديث.
3- ضبط أوصاف اللقطة: يجب على الملتقط أن يحفظ أوصاف اللقطة بدقة (وعاءها، عددها، وكاءها) حتى إذا جاء صاحبها يستطيع تمييزها وإثبات ملكيته لها.
4- الانتفاع باللقطة بعد التعريف: إذا انقضت مدة التعريف ولم يظهر صاحبها، فإن للشخص الذي وجدها أن ينتفع بها، وهذا من رحمة الإسلام ومرونته.
5- الحرص على نقل الحديث بدقة: كما في شك أبي بن كعب في المدة، مما يدل على حرص الصحابة على نقل الأحاديث بدقة وأمانة.


4. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث أخرجه الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما، وهو من الأحاديث الصحيحة المتعلقة بأحكام اللقطة.
- اللقطة في الإسلام لها أحكام مفصلة في كتب الفقه، وتختلف باختلاف قيمتها ونوعها.
- المقصود بـ "حولاً" في الحديث هو سنة قمرية كاملة.
- إذا جاء صاحب اللقطة بعد الانتفاع بها، فإن عليه إعادتها إليه أو تعويضه بقيمتها إذا كانت قد تلفت.

أسأل الله تعالى أن يفقهنا في ديننا، وأن يعلمنا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما علمنا.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في اللقطة (٢٤٢٦)، ومسلم في اللقطة (١٧٢٣) كلاهما عن محمد ابن بشار، حدثنا غندر، حدثنا شعبة، عن سلمة بن كهيل قال: سمعت سويد بن غفلة قال: خرجت أنا وزيد بن صوحان وسلمان بن ربيعة غازين، فوجدت سوطا، فأخذته، فقالا لي: دعه. فقلت: لا، ولكني أعرفه، فإن جاء صاحبه وإلا استمتعت به. قال: فأبيت عليهما، فلما رجعنا من غزاتنا قضي لي أني حججت، فأتيت المدينة، فلقيت أبي بن كعب، فأخبرته بشأن السوط وبقولهما، فقال: إني وجدت صرة فذكر الحديث، واللفظ لمسلم.
والبخاري أيضًا ذكر القصة، ولكن رواه عن سليمان بن حرب، عن شعبة (٢٤٣٧).
وفي صحيح مسلم: قال شعبة: فسمعته بعد عشر سنين يقول: «عَرِّفها عاما واحدا».
فكأن سلمة بن كهيل يشك أول الأمر، ثم تيقن بأنه أمر بالتعريف الحول واحد، وهو المعتمد، كما في حديث زيد بن خالد الجهني الآتي في باب ضالة الإبل والغنم.
وقد روي من آثار الصحابة ما يدل على أن التعريف يكون سنة، منها ما رواه عبد اللَّه بن بدر الجهني أنه نزل منزل قوم بطريق الشام، فوجد صرة فيها ثمانون دينارا، فذكرها لعمر بن الخطاب، فقال له عمر: «عرفها على أبواب المساجد، واذكرها لكل من يأتي من الشام سنة، فإذا مضت السنة فشأنك بها».
رواه مالك في الأقضية (٤٩) عن أيوب بن موسى، عن معاوية بن عبد اللَّه بن بدر الجهني، عن أبيه.
ومعاوية بن عبد اللَّه ترجمه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (٨/ ٣٧٧)، وذكر من روى عنه أيوب بن موسى، ومحمد بن عمرو قاله أبو حاتم.
والحديث يدل على أن الملتقط يعرفها سنة، فإن جاء مالكها دفع إليها، وإن لم يجد مالكها فله أن يتملك ويأكل، سواء كان فقيرا أو غنيا، ثم إذا ظهر صاحبها دفع إليه قيمتها، وبه قال جمهور
أهل العلم الشافعي، وأحمد، وإسحاق. وبه قال من الصحابة عمر بن الخطاب، وعائشة، وغيرهما.
وذهب جماعة من أهل العلم أنه بعد ما عرفها سنة يتصدق بها، وليس له أن ينتفع بها، وهو رأي الثوري، وأصحاب الرأي.
والمذهب الأول يوافق حديث الباب.
وأما التعريف بها ثلاث سنوات فلم يقل به أحد من العلماء المعروفين للشك الذي وقع من سلمة بن كهيل، ثم تثبت، واستذكر، واستمر على عام واحد، إلا ما جاء عن عمر أن اللقطة تعرف ثلاثة أعوام، وله في ذلك أربعة أقوال، أصحها عام واحد، ومنها ثلاثة أشهر، ومنها ثلاثة أيام، ولعله يحمل ذلك على عظم اللقطة وحقارتها.
وأما ما روي عن يعلى بن مرة قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «من التقط لقطة يسيرة درهما، أو حبلا، أو شبه ذلك فليعرفه ثلاثة أيام، فإن كان فوق ذلك فليعرفه ستة أيام». فهو ضعيف.
رواه أحمد (١٧٥٦٦) عن يزيد بن هارون، أخبرنا إسرائيل بن يونس، حدثني عمر بن عبد اللَّه ابن يعلى، عن جدته حكيمة، عن أبيها يعلى فذكره.
وإسناده ضعيف من أجل عمر، وجدتُه حكيمة لا تعرف حالها.
قال الهيثمي في المجمع (٣/ ١٦٩): «رواه أحمد من طريق عمرو بن عبد اللَّه بن يعلى، فإن كان عمرو فلا أعرفه، وإن كان عمر فهو ضعيف».
قال الأعظمي: وهو كما قال؛ فإن عمر بن عبد اللَّه ضعيف، ضعَّفه يحيى بن معين، ورماه جرير بن عبد اللَّه وغيره بشرب الخمر، ذكره البيهقي (٦/ ١٩٥) عقب تخريج الحديث من هذا الوجه.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب

معلومات عن حديث: عرفها حولا فإن جاء صاحبها وإلا فاستمتع بها

  • 📜 حديث: عرفها حولا فإن جاء صاحبها وإلا فاستمتع بها

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: عرفها حولا فإن جاء صاحبها وإلا فاستمتع بها

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: عرفها حولا فإن جاء صاحبها وإلا فاستمتع بها

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: عرفها حولا فإن جاء صاحبها وإلا فاستمتع بها

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب