حديث: لا يحل دم رجل إلا رجل ارتد أو ترك الإسلام أو زنى بعد
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب حكم المرتد والمرتدة واستتابتهم
حسن: رواه أحمد (٢٥٤٧٧) عن عبد الرحمن (ابن مهدي) عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن غالب، عن عائشة فذكرته.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن ينفعنا بما ندرس ونفهم من سنة نبيه الكريم.
هذا الحديث العظيم رواه الإمام أحمد في مسنده، والإمام مالك في الموطأ، وغيرهما، عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وهو حديث صحيح.
أولاً. شرح المفردات:
● حرصتُ: اجتهدتُ وبذلتُ كل وسعي.
● أحصن: أي تزوج وصار محصناً بالزواج الشرعي.
● بغير نفس: أي بغير حق، أو بغير جريمة تستوجب القصاص.
ثانياً. شرح الحديث:
تخبرنا أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عن موقف لها مع الأشتر النخعي (وهو من كبار قادة الشيعة والخوارج لاحقاً، وكان معروفاً بشدته وبأسه)، حيث سألته: «أنت الذي أردت قتل ابن أختي؟» والمقصود بـ "ابن أختي" هو محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله عنهما، الذي كان قائداً لجيش من جيوش المسلمين.
فأجابها الأشتر: «قد حرصتُ على قتله، وحرص على قتلي»، أي أن كلانا كان يريد قتل الآخر في المعركة، وهذا من طبيعة الحروب.
فردت عليه أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يضع الضوابط العادلة لاستحلال دم المسلم، فقالت: «أو ما علمت ما قال رسول الله ﷺ: لا يحل دم رجل إلا رجل ارتد، أو ترك الإسلام، أو زنى بعد ما أحصن، أو قتل نفسا بغير نفس».
فالرسول صلى الله عليه وسلم يبين أن دم المسلم حرام، ولا يحل إراقته إلا في حالات محدودة جداً، وهي:
1- الردة عن الإسلام: أي أن يرتد الشخص عن دين الإسلام بعد إيمانه.
2- ترك الإسلام: وهذا يشمل الردة، ويمكن أن يكون تأكيداً لها أو يشمل من يجاهر بالكفر ويترك شعائر الإسلام.
3- الزنا بعد الإحصان: أي أن يزني رجل أو امرأة وهو محصن (أي حر بالغ عاقل قد تزوج ودخل بزوجته)، فيُقام عليه حد الرجم.
4- قتل النفس بغير نفس: أي أن يقتل شخصاً آخر عمداً وظلماً بغير حق، فيُقتص منه بحكم القاضي.
فهذه هي الحالات الأربع التي يُستباح فيها دم المسلم بحكم الشرع، وأما ما دون ذلك من خلاف في الرأي أو قتال في فتنة، فليس مبرراً لاستحلال الدماء.
ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:
1- عصمة الدم المسلم: الحديث يؤكد على الحرمة العظيمة لدم المسلم، وأنه لا يُستباح إلا بشروط شديدة وضيقة، مما يحفظ أمن المجتمع.
2- التحذير من الفتنة: الموقف حدث في جو من الفتنة والاقتتال بين المسلمين، فجاءت عائشة رضي الله عنها لترد الأمر إلى ضوابط الشرع، وتذكر بالحد النبوي الذي يمنع التوسع في إراقة الدماء.
3- الحكمة في الدعوة والموعظة: استخدمت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها الحجة الشرعية مع خصمها، فلم تتهجم عليه، بل نصحته وذكّرته بحديث النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا من أساليب الدعوة الحكيمة.
4- العدل والإنصاف: حتى في خضم الصراع، كان الطرفان (محمد بن أبي بكر والأشتر) يعترفان بأن كلاً منهما كان يريد قتل الآخر، ولكن الشرع هو الذي يحكم بينهم، وليس الهوى أو الانتقام.
5- التمسك بالسنة في زمن الفتن: في أوقات الاضطراب والخلاف، يجب الرجوع إلى نصوص الكتاب والسنة لفض النزاعات، وعدم الانجراف وراء العواطف والأهواء.
رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:
- هذا الحديث هو أصل من أصول الإسلام في تحريم القتل، وهو متفق على صحته ومعناه.
- يشمل الحديث تحذيراً شديداً من التكفير واستباحة الدماء بغير حق، وهو توجيه نبوي عظيم للتعامل مع حالات الخلاف والقتال بين المسلمين.
- ينبغي للمسلم أن يكون شديد الحذر من الإقدام على أي فعل يؤدي إلى إزهاق روح مسلمة بغير حق، فإن الله تعالى يقول: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} [النساء: 93].
أسأل الله أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يحفظ بلاد المسلمين من الفتن ما ظهر منها وما بطن.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
تخريج الحديث
ورواه النسائي (٤٠١٧) والطحاوي في مشكله (١٨٠٨) كلاهما من حديث سفيان إلا أن النسائي لم يذكر قصة الأشتر.
قال الأعظمي: اختلف على أبي إسحاق السبيعي فرواه سفيان الثوري وجماعة عن أبي إسحاق السبيعي موصولًا. ورواه إسماعيل بن أبان الغنوي وحماد بن زيد وغيرهما عن أبي إسحاق السبيعي مرسلا عن عائشة. قال الدارقطني في «علله» (١٤/ ٣٨٥): «والصواب قول الثوري ومن معه».
قال الأعظمي: إسناده حسن من أجل الاختلاف في عمرو بن غالب غير أنه حسن الحديث. وقد وثقه النسائي وابن حبان، وصحح له الترمذي حديثا في سننه.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب
- 1 النفس بالنفس والثيب الزاني والمفارق لدينه
- 2 النفس بالنفس والثيب الزاني والتارك للإسلام
- 3 رجل زنى بعد إحصان فإنه يرجم
- 4 لا يحل دم رجل إلا رجل ارتد أو ترك الإسلام...
- 5 أتي علي بزنادقة فأحرقهم
- 6 من بدل دينه فاقتلوه
- 7 لن نستعمل على عملنا من أراده
- 8 عنوان الحديث: دخل النبي مكة عام الفتح وعلى رأسه المغفر
- 9 كان عبد الله بن سعد يكتب للرسول فأزله الشيطان فلحق...
- 10 ما كان فيكم رجل رشيد يقوم فيقتله
- 11 هل للرجل الذي ارتد ثم ندم توبة؟
- 12 ألا تخرجون مع راعينا في إبله فتصيبون من أبوالها وألبانها
- 13 قطع النبي أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم
- 14 نهى النبي عن النُّبْت والمُثْلَة
- 15 كان رسول الله يحث على الصدقة وينهى عن المثلة
- 16 رسول الله ﷺ يحثنا على الصدقة وينهانا عن المثلة
- 17 الأعمى يقتل أم ولده التي تشتم النبي ﷺ ويقول دمها...
- 18 من لكعب بن الأشرف فإنه آذى الله ورسوله
- 19 ائذن لي أضرب عنقه
- 20 من أسلم ثم ارتد فمات فألقت الأرض جثته
معلومات عن حديث: لا يحل دم رجل إلا رجل ارتد أو ترك الإسلام أو زنى بعد
📜 حديث: لا يحل دم رجل إلا رجل ارتد أو ترك الإسلام أو زنى بعد
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: لا يحل دم رجل إلا رجل ارتد أو ترك الإسلام أو زنى بعد
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: لا يحل دم رجل إلا رجل ارتد أو ترك الإسلام أو زنى بعد
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: لا يحل دم رجل إلا رجل ارتد أو ترك الإسلام أو زنى بعد
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Thursday, November 20, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








