حديث: كان عبد الله بن سعد يكتب للرسول فأزله الشيطان فلحق بالكفار

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب حكم المرتد والمرتدة واستتابتهم

عن ابن عباس قال: كان عبد الله بن سعد بن أبي سرْح يكتب لرسول الله ﷺ فأزلّه الشيطان، فلحق بالكفار. فأمر به رسول الله ﷺ أن يُقتل يوم الفتح فاستجار له عثمان بن عفان، فأجاره رسول الله ﷺ.

حسن: رواه أبو داود (٤٣٥٨) والنسائي (٤٠٦٩) كلاهما من حديث علي بن الحسين بن واقد، عن أبيه، عن يزيد النحوي، عن عكرمة، عن ابن عباس فذكره واللفظ لأبي داود.

عن ابن عباس قال: كان عبد الله بن سعد بن أبي سرْح يكتب لرسول الله ﷺ فأزلّه الشيطان، فلحق بالكفار. فأمر به رسول الله ﷺ أن يُقتل يوم الفتح فاستجار له عثمان بن عفان، فأجاره رسول الله ﷺ.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن ينفعنا بما نسمع ونقرأ. هذا الحديث الذي ذكر رواه الإمام البخاري في صحيحه، وهو يحكي قصة عبد الله بن سعد بن أبي سرح، وسأشرحه لك بتفصيل واضح إن شاء الله.

أولاً. شرح المفردات:


● يَكْتُبُ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ: أي كان كاتبًا للوحي، يكتب ما يمليه عليه النبي ﷺ من القرآن.
● فَأَزَلَّهُ الشَّيْطَانُ: أي أقعده وزَلَّ به عن طريق الحق، وجعله يرتكب المعصية.
● فَلَحِقَ بِالكُفَّارِ: أي هرب وذهب إلى مكة والتحق بالمشركين.
● يَوْمَ الفَتْحِ: أي يوم فتح مكة.
● فَاسْتَجَارَ لَهُ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ: أي طلب له الأمان والعفو من النبي ﷺ.
● فَأَجَارَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: أي قبل شفاعة عثمان وأعطاه الأمان.


ثانيًا. شرح الحديث:


كان عبد الله بن سعد بن أبي سرح من كتاب الوحي الذين يكتبون القرآن الكريم بإملاء رسول الله ﷺ. وفي إحدى المرات، لما كان النبي ﷺ يملي عليه قوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ} [المؤمنون: 12]، قال عبد الله متعجبًا من بلاغة القرآن: {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} [المؤمنون: 14]، فأقرّه النبي ﷺ على ذلك. فوسوس له الشيطان وقال في نفسه: "إذا كان هذا الوحي من الله، فلماذا يوافقني محمد على ما أقول؟ إذن فهو يقوله من تلقاء نفسه"، فارتد عن الإسلام وفر إلى مكة، وقال للمشركين: "إني كنت أصرف محمدًا حيث أريد، كان يملي عليّ: {عزيز حكيم} فأقول: {غفور رحيم} فيقول: نعم، كل سواء". (وهذه فرية وكذبة عليه، وحاشا لله أن يكون الوحي إلا من عنده تعالى).
فلما كان يوم فتح مكة، أمر النبي ﷺ بقتله حتى ولو وجد متعلقًا بأستار الكعبة، تأكيدًا على جرم الردة وافتراء الكذب على الله ورسوله. لكنه اختبأ عند عثمان بن عفان رضي الله عنه (وكان أخاه من الرضاعة). فذهب به عثمان إلى النبي ﷺ وطلب منه الأمان له. فسكت النبي ﷺ طويلاً ثم قال: "نعم". فلما انصرف عثمان، قال النبي ﷺ للحاضرين: "أما كان فيكم رجل رشيد يقوم إلى هذا حيث رآني قد سكت فيقتله؟!" فقالوا: يا رسول الله، هلا أشرت إلينا بعينك؟ قال: "إن النبي لا يكون له خائنة الأعين" (أي لا يغدر بالإشارة بالعين). ثم أسلم عبد الله بن سعد بعد ذلك وحسن إسلامه، وكان من المجاهدين في سبيل الله.


ثالثًا. الدروس المستفادة:


1- عظم جرم الردة والافتراء على الله ورسوله: فقد كان هذا الفعل من الكبائر التي توجب القتل، حتى مع التوبة عند بعض العلماء، لشدة خطرها على الدين.
2- رحمة النبي ﷺ وتسامحه: فقد قبل شفاعة عثمان رضي الله عنه وأمن عبد الله بن سعد، مما يدل على سعة عفوه وصفحه.
3- حرمة الغدر ولو بالإشارة: فقد بين النبي ﷺ أن الأنبياء معصومون من الخيانة حتى في الإيماءات، فهم صادقون واضحون.
4- قبول التوبة: فبعد أن أمنه النبي ﷺ، أسلم وحسن إسلامه، وكان من الصحابة المجاهدين، مما يدل على أن باب التوبة مفتوح.
5- فضل عثمان بن عفان رضي الله عنه: حيث كانت له مكانة عند النبي ﷺ حتى قبل شفاعته في مثل هذا الموقف.


رابعًا. معلومات إضافية:


- عبد الله بن سعد بن أبي سرح صار بعد إسلامه من قادة الفتوحات الإسلامية، وكان واليًا على مصر في عهد عثمان رضي الله عنه، وقاد فتح إفريقية.
- الحديث يدل على أن الردة من الكبائر العظيمة، ولكن التوبة مقبولة إذا كانت خالصة لله.
- يستفاد من الحديث أيضًا أدب الصحابة مع النبي ﷺ، حيث لم يتجرأوا على فعل شيء حتى يأذن لهم صراحة.
أسأل الله أن يفقهنا في الدين، ويجعلنا من أهل السنة والجماعة، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٤٣٥٨) والنسائي (٤٠٦٩) كلاهما من حديث علي بن الحسين بن واقد، عن أبيه، عن يزيد النحوي، عن عكرمة، عن ابن عباس فذكره واللفظ لأبي داود.
وأما لفظ النسائي: فقال ابن عباس في سورة النحل: ﴿مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ
أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [النحل: ١٠٦] فنسخ واستثنى من ذلك فقال: ﴿ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [النحل: ١١٠] وهو عبد الله بن سعد بن أبي السرح، الذي كان على مصر، كان يكتب لرسول الله ﷺ، فأزله الشيطان، فلحق بالكفار، فأمر به أن يقتل يوم الفتح، فاستجار له عثمان بن عفان، فأجاره رسول الله ﷺ. وإسناده حسن من أجل علي بن حسين وأبيه فإنهما حسنا الحديث.
وقصته مستفيضة في كتب المغازي والسير، ومنها ما رواه أبو داود، وهو الآتي:

معلومات عن حديث: كان عبد الله بن سعد يكتب للرسول فأزله الشيطان فلحق بالكفار

  • 📜 حديث: كان عبد الله بن سعد يكتب للرسول فأزله الشيطان فلحق بالكفار

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: كان عبد الله بن سعد يكتب للرسول فأزله الشيطان فلحق بالكفار

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: كان عبد الله بن سعد يكتب للرسول فأزله الشيطان فلحق بالكفار

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: كان عبد الله بن سعد يكتب للرسول فأزله الشيطان فلحق بالكفار

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب