حديث: لن نستعمل على عملنا من أراده

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب حكم المرتد والمرتدة واستتابتهم

عن أبي موسى الأشعري قال: أقبلت إلى رسول الله ﷺ ومعي رجلان من الأشعرين أحدهما عن يميني، والآخر عن يساري، ورسول الله ﷺ يستاك، فكلاهما سأل، فقال: يا أبا موسى، - أو يا عبد الله بن قيس - قال: قلت: والذي بعثك بالحق ما أطلعاني على ما في أنفسهما، وما شعرت أنهما يطلبان العمل. فكأني أنظر إلى سواكهـ تحت شفته قلصت، فقال: لن أولا نستعمل على عملنا من أراده، ولكن اذهب أنت يا أبا موسى أو يا عبد الله بن قيس إلى اليمن، ثم أتبعه معاذ بن جبل، فلما قدم عليه ألقى له وسادة قال: انزل، فإذا رجل عنده موثق، قال: ما هذا؟ قال: كان يهوديا فأسلم ثم تهود. قال: اجلس. قال: لا أجلس حتى يُقتل، قضاء الله ورسوله (ثلاث مرات)، فأمر به فقتل. ثم تذاكرا قيام الليل، فقال أحدهما: أما أنا فأقوم وأنام، وأرجو في نومتي ما أرجو في قومتي.

متفق عليه: رواه البخاري في استتابة المرتدين (٦٩٢٣) ومسلم في الإمارة (١٥: ١٧٢٣) كلاهما من طريق يحيى بن سعيد القطان، حدّثنا قرة بن خالد، حدثني حميد بن هلال، حدثني أبو بردة، قال: قال أبو موسى، فذكره.

عن أبي موسى الأشعري قال: أقبلت إلى رسول الله ﷺ ومعي رجلان من الأشعرين أحدهما عن يميني، والآخر عن يساري، ورسول الله ﷺ يستاك، فكلاهما سأل، فقال: يا أبا موسى، - أو يا عبد الله بن قيس - قال: قلت: والذي بعثك بالحق ما أطلعاني على ما في أنفسهما، وما شعرت أنهما يطلبان العمل. فكأني أنظر إلى سواكهـ تحت شفته قلصت، فقال: لن أولا نستعمل على عملنا من أراده، ولكن اذهب أنت يا أبا موسى أو يا عبد الله بن قيس إلى اليمن، ثم أتبعه معاذ بن جبل، فلما قدم عليه ألقى له وسادة قال: انزل، فإذا رجل عنده موثق، قال: ما هذا؟ قال: كان يهوديا فأسلم ثم تهود. قال: اجلس. قال: لا أجلس حتى يُقتل، قضاء الله ورسوله (ثلاث مرات)، فأمر به فقتل. ثم تذاكرا قيام الليل، فقال أحدهما: أما أنا فأقوم وأنام، وأرجو في نومتي ما أرجو في قومتي.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم رواه الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، وفيه دروس وعبر جليلة. سأشرحه لكم جزءًا جزءًا مع بيان الدروس المستفادة.

أولاً. شرح المفردات:


● يستاك: يستعمل السواك لتنظيف الأسنان.
● قلصت: ارتفعت وانكشفت عن أسنانه.
● موثق: مربوط ومقيد.
● تهود: رجع إلى اليهودية بعد إسلامه.
● قضاء الله ورسوله: حكم الله ورسوله.

ثانيًا. شرح الحديث:


يحدثنا أبو موسى الأشعري رضي الله عنه أنه جاء إلى النبي ﷺ ومعه رجلان من قومه الأشعريين، أحدهما عن يمينه والآخر عن يساره، والنبي ﷺ كان يستاك. فسأل الرجلان النبي ﷺ عن منصب أو عمل (أي طلبا ولاية أو وظيفة). فالتفت النبي ﷺ إلى أبي موسى قائلاً: "يا أبا موسى" أو "يا عبد الله بن قيس" (وهو اسم أبي موسى)، فقال أبو موسى: "والذي بعثك بالحق ما أطلعاني على ما في أنفسهما، وما شعرت أنهما يطلبان العمل"، أي أنه لم يكن يعلم بنيتهما.
وهنا لاحظ النبي ﷺ أن سواكه تحت شفته قد قلصت (أي ارتفعت وكشفت عن أسنانه)، وهذا إشارة إلى تأثره ﷺ بالموقف. ثم قال النبي ﷺ كلمة عظيمة: "لن أولا نستعمل على عملنا من أراده"، أي أن النبي ﷺ لا يولي المناصب من يطلبها ويرغب فيها، لأن طلب الولاية قد ينبع من حب الظهور أو المنصب، لا من حب service الإسلام والمسلمين.
ثم أمر النبي ﷺ أبا موسى أن يذهب إلى اليمن والياً عليها، وأرسل معه معاذ بن جبل رضي الله عنه. وعندما قدم معاذ إلى اليمن، استقبله أبو موسى وألقى له وسادة ليجلس، فوجد معاذ رجلاً موثقاً (مربوطاً)، فسأل: "ما هذا؟" فقال أبو موسى: "كان يهودياً فأسلم ثم تهود" (أي ارتد عن الإسلام وعاد إلى اليهودية). فقال معاذ: "اجلس" (أي دعنا نتحدث أولاً)، فقال أبو موسى: "لا أجلس حتى يُقتل، قضاء الله ورسوله" (ثلاث مرات)، فأمر معاذ بقتله تطبيقاً لحد الردة.
ثم تذاكرا قيام الليل، فقال أحدهما: "أما أنا فأقوم وأنام، وأرجو في نومتي ما أرجو في قومتي"، أي أنه لا يقوم كل الليل بل ينام بعضه ويقوم بعضه، ويرجو من الله الأجر في نومه كما يرجو في قيامه، لأن النوم للراحة يعين على الطاعة.

ثالثًا. الدروس المستفادة:


1- عدم طلب الولاية: من أهم الدروس أن طلب المناصب والولايات مذموم، لأن النبي ﷺ قال: "لن أولا نستعمل على عملنا من أراده". وهذا يحذر من التهافت على المناصب، فالولاية أمانة ومسؤولية، لا وسيلة للجاه أو المال.
2- الحكمة في اختيار القادة: النبي ﷺ يختار من لا يطلب الولاية، لأن من لا يطلبها غالباً يكون أقدر على تحمل المسؤولية وأكثر إخلاصاً.
3- حد الردة: الحديث يبين حكم المرتد عن الإسلام، وأنه يجب استتابته أولاً، فإن أصر على ردته يقام عليه حد القتل، كما فعل معاذ وأبو موسى رضي الله عنهما.
4- الرفق في الحكم: في قصة اليهودي الذي ارتد، نرى أن معاذاً لم يبادر إلى القتل مباشرة، بل قال: "اجلس" ليبحث الأمر، لكن أبا موسى أصر على تطبيق الحد مباشرة، مما يدل على أهمية تطبيق حدود الله.
5- التوازن في العبادة: في قصة قيام الليل، نتعلم أن المسلم لا يجب أن يبالغ في العبادة حتى يضر نفسه، بل يتوسط ويقوم وينام، ويرجو الأجر في كل أحواله.

رابعًا. معلومات إضافية:


- هذا الحديث يجمع بين أبواب كثيرة: باب الولاية، وباب الحدود، وباب العبادة.
- الرواة ثقات، والحديث في الصحيحين، فهو صحيح متفق عليه.
- القصة تدل على حرص الصحابة على تطبيق شرع الله، حتى في أصعب المواقف.
أسأل الله أن يفقهنا في الدين، وأن يوفقنا للعمل بما علمنا، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في استتابة المرتدين (٦٩٢٣) ومسلم في الإمارة (١٥: ١٧٢٣) كلاهما من طريق يحيى بن سعيد القطان، حدّثنا قرة بن خالد، حدثني حميد بن هلال، حدثني أبو بردة، قال: قال أبو موسى، فذكره.

معلومات عن حديث: لن نستعمل على عملنا من أراده

  • 📜 حديث: لن نستعمل على عملنا من أراده

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: لن نستعمل على عملنا من أراده

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: لن نستعمل على عملنا من أراده

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: لن نستعمل على عملنا من أراده

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب