حديث: أتي علي بزنادقة فأحرقهم
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب حكم المرتد والمرتدة واستتابتهم
صحيح: رواه البخاري في استتابة المرتدين (٦٩٢٢) عن أبي النعمان محمد بن الفضل، حدّثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن عكرمة، فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، و نسأل الله تعالى أن يعلمنا ما ينفعنا و أن ينفعنا بما علمنا و أن يزيدنا علما وفقها في الدين، وأن يغفر ذنوبنا ويستر عيوبنا ويجعلنا هداة مهتدين.
هذا الحديث الذي ذكر رواه الإمام البخاري في صحيحه، وهو حديث عظيم فيه مسألة فقهية مهمة، وهي كيفية معاملة المرتد عن دين الإسلام. سأشرحه لك جزءاً جزءاً بإذن الله.
أولاً: شرح المفردات:
● عكرمة: هو عكرمة مولى ابن عباس، وهو ثقة حافظ، من كبار التابعين.
● أُتِيَ عَلِيٌّ: أي جيء إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
● بِزَنَادِقَةٍ: الزنادقة مفردها زنديق، وهو الذي يظهر الإسلام ويبطن الكفر، أو المنافق الذي يستهزئ بالدين.
● فَأَحْرَقَهُمْ: عاقبهم بالإحراق بالنار.
● فَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ عَبَّاسٍ: وصل خبر إحراقهم إلى عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم وحبر الأمة.
● لَوْ كُنْتُ أَنَا لَمْ أُحْرِقْهُمْ: أي لو كنت مكانه وقاضياً في أمرهم لما عاقبتهم بالإحراق.
● لِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: «لَا تُعَذِّبُوا بِعَذَابِ اللَّهِ»: لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن التعذيب بطريقة عذاب الله الذي هو النار.
● وَلَقَتَلْتُهُمْ: لكني كنت سأقتلهم بغير الإحراق، كالضرب بالسيف أو غيرها.
● لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ»: مستنداً في ذلك على الحديث الصحيح الذي أمر فيه النبي صلى الله عليه وسلم بقتل من يرتد عن دين الإسلام.
ثانياً: شرح الحديث:
يحكي هذا الحديث واقعة تاريخية مهمة، حيث قبض على جماعة من الزنادقة – وهم من المنافقين الذين يبطنون الكفر ويظهرون الإسلام – في عهد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه. فحكم عليهم رضي الله عنه بالإحراق بالنار.
فلما سمع ابن عباس رضي الله عنهما بهذا الحكم، علق عليه بأنه كان سيفعل غير ذلك، موضحاً سبب رأيه:
1- من جهة النهي: كان سيمتنع عن إحراقهم تطبيقاً للنهي العام الوارد في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تعذبوا بعذاب الله» أي لا تستخدموا النار في التعذيب، لأن النار هي عذاب الله المختص به في الآخرة، وقد ورد النهي عن استخدامها في العقوبات الدنيوية في أحاديث أخرى.
2- من جهة الإيجاب: كان سيقيم عليهم حد الردة بقتلهم، ولكن بوسيلة أخرى غير الإحراق (كالسيف مثلاً)، عملاً بالحديث الصحيح الذي أمر فيه النبي صلى الله عليه وسلم بقتل من يرتد عن دين الإسلام.
ثالثاً: الدروس المستفادة والفقه في المسألة:
1- حكم المرتد: اتفق العلماء على أن من يرتد عن دين الإسلام – بعد إيمانه – فإنه يقتل إذا لم يتب، وهذا حكم مجمع عليه، واستدلوا بحديث: «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ».
2- الخلاف في كيفية القتل: اختلف الفقهاء في كيفية إقامة حد الردة، هل يجب أن يكون بالحرق أم بغيره؟ وهذا موضع الخلاف بين علي وابن عباس رضي الله عنهما:
* رأي الإمام علي: ذهب إلى جواز الإحراق، خاصة في حالات الزندقة والاستهزاء بالدين، لما في ذلك من الزجر والردع. وقد فعله لحكمة وعلم، فهو لا يخالف النص، بل يرى أن النهي عن التعذيب بالنار ليس على إطلاقه، أو أن حال هؤلاء تستدعي هذه العقوبة الشديدة.
* رأي ابن عباس: ذهب إلى أن النهي عن التعذيب بالنار عام، فيُقتل المرتد بغير النار، كالسيف. وهذا هو رأي جمهور العلماء.
3- أدب الخلاف بين العلماء: الموقف يظهر (يظهر) أدباً رفيعاً في الخلاف الفقهي. ابن عباس رضي الله عنهما لم ينتقد علياً رضي الله عنه انتقاداً لاذعاً، بل قال: "لو كنت أنا لم أحرقهم" مع ذكر دليله، وهذا من أدب الاختلاف الذي كان سائداً بين صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم. كل مجتهد له أدلته وأسبابه، والكل يريد الحق.
4- حكمة الشريعة: في الشريعة عقوبات رادعة للزندقة والردة، لحماية عقيدة المجتمع وأمنه الفكري من الذين يريدون تخريبه من الداخل.
رابعاً: معلومات إضافية:
* الحديث دليل على اجتهاد الصحابة، وأنهم قد يختلفون في فهم النصوص وتطبيقها، وكل منهم مأجور على اجتهاده.
* القصة لا تنفي فضل علي رضي الله عنه ولا علمه، بل هو مجتهد بلغ الحق في نظره، وابن عباس مجتهد بلغ الحق في نظره أيضاً.
* الغالب في عمل العلماء والقضاء هو قتل المرتد بالسيف، عملاً برأي ابن عباس وجمهور العلماء.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
تخريج الحديث
ورواه أبو داود (٤٣٥١) وزاد في آخره من كلام علي «ويح ابن عباس» والترمذي (١٤٥٧) وقال في آخره من كلام علي: «صدق ابن عباس ولفظ»ويح«أصله للدعاء عليه، ومعناه: المدح الله والإعجاب بقوله كما قال الخطابي.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب
- 1 النفس بالنفس والثيب الزاني والمفارق لدينه
- 2 النفس بالنفس والثيب الزاني والتارك للإسلام
- 3 رجل زنى بعد إحصان فإنه يرجم
- 4 لا يحل دم رجل إلا رجل ارتد أو ترك الإسلام...
- 5 أتي علي بزنادقة فأحرقهم
- 6 من بدل دينه فاقتلوه
- 7 لن نستعمل على عملنا من أراده
- 8 عنوان الحديث: دخل النبي مكة عام الفتح وعلى رأسه المغفر
- 9 كان عبد الله بن سعد يكتب للرسول فأزله الشيطان فلحق...
- 10 ما كان فيكم رجل رشيد يقوم فيقتله
- 11 هل للرجل الذي ارتد ثم ندم توبة؟
- 12 ألا تخرجون مع راعينا في إبله فتصيبون من أبوالها وألبانها
- 13 قطع النبي أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم
- 14 نهى النبي عن النُّبْت والمُثْلَة
- 15 كان رسول الله يحث على الصدقة وينهى عن المثلة
- 16 رسول الله ﷺ يحثنا على الصدقة وينهانا عن المثلة
- 17 الأعمى يقتل أم ولده التي تشتم النبي ﷺ ويقول دمها...
- 18 من لكعب بن الأشرف فإنه آذى الله ورسوله
- 19 ائذن لي أضرب عنقه
- 20 من أسلم ثم ارتد فمات فألقت الأرض جثته
معلومات عن حديث: أتي علي بزنادقة فأحرقهم
📜 حديث: أتي علي بزنادقة فأحرقهم
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: أتي علي بزنادقة فأحرقهم
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: أتي علي بزنادقة فأحرقهم
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: أتي علي بزنادقة فأحرقهم
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








