حديث: من أسلم ثم ارتد فمات فألقت الأرض جثته
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب من افترى على النبي ﷺ
متفق عليه: رواه البخاري في المناقب (٣٦١٧) عن أبي معمر، حدثنا عبد الوارث، حدثنا عبد العزيز، عن أنس فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.أما بعد، فهذا الحديث الذي ذكر رواه الإمام البخاري في صحيحه، وهو حديث عظيم فيه عبرة وعظة، وسأشرحه لك جزءًا جزءًا مع بيان الدروس المستفادة منه.
أولًا:
شرح المفردات:● نصرانيًا: أي كان على دين النصارى.
● أسلم: دخل في دين الإسلام.
● يكتب للنبي ﷺ: كان كاتبًا للوحي أو للرسائل التي يمليها عليه النبي ﷺ.
● عاد نصرانيًا: ارتد عن الإسلام وعاد إلى النصرانية.
● أماته الله: قبض روحه وأماته.
● لفظته الأرض: رفضته وأخرجته من بطنها بعد دفنه.
● نبشوا: حفروا القبر وأخرجوا الجثة.
● أعمقوا له: جعلوا القبر عميقًا.
ثانيًا. شرح الحديث:
يحكي هذا الحديث قصة رجل كان نصرانيًا فأسلم وحسن إسلامه، حتى إنه حفظ سورتي البقرة وآل عمران، وكان من كتاب الوحي أو كتاب الرسائل للنبي ﷺ، فكان يكتب ما يمليه عليه النبي من الوحي أو المراسلات.
ثم بعد ذلك ارتد عن الإسلام وعاد إلى النصرانية، وجعل يطعن في النبي ﷺ ويشكك الناس فيه بقوله: "ما يدري محمد إلا ما كتبت له"، أي يدعي أن النبي ﷺ ليس نبيًا، بل كان يأخذ العلم مما يكتبه هذا الكاتب.
فأماته الله تعالى عقابًا له على كفره وارتداده وطعنه في النبي ﷺ، فمات ودفنه الناس، لكن الأرض لم تقبله، فلفظته (أخرجته) في الصباح.
فظن أهله وأصحابه أن هذا فعل النبي ﷺ وأصحابه، فقالوا: "نبشوا عن صاحبنا لما هرب منهم فألقوه"، أي اعتقدوا أن المسلمين نبشوا القبر وأخرجوا الجثة انتقامًا منه.
فحفروا له قبرًا آخر أعمق مما كان، ودفنوه فيه، فلفظته الأرض مرة أخرى، فعلموا أن هذا ليس فعل بشر، بل هو عقاب من الله تعالى، فألقوه وتركوه.
ثالثًا. الدروس المستفادة من الحديث:
1- عقوبة المرتد عن الإسلام: فإن الردة من أعظم الكبائر، وعقوبتها شديدة في الدنيا والآخرة.
2- عظمة النبي ﷺ ووجوب توقيره: فإن من طعن في النبي أو شكك في نبوته فقد عرض نفسه لعقاب الله.
3- أن الأرض لا تقبل جيفة منافق أو كافر: كما في هذا الحديث، وكما ورد في أحاديث أخرى أن الأرض تتبرأ من الكفار والمنافقين.
4- أن الله تعالى يحفظ دينه وينصر نبيه: فلم يترك هذا الرجل يفتن الناس بكلامه، بل أهلكه وأظهر علامة على كذبه.
5- أن المعجزات الحسية كانت تقع في زمن النبي ﷺ: لتثبيت المؤمنين وتكذيب الكافرين.
رابعًا. معلومات إضافية مفيدة:
- هذا الحديث من الأحاديث التي تظهر إعجاز الله تعالى في نصر دينه وحفظ نبيه.
- ينبغي للمسلم أن يحذر من الطعن في الدين أو الاستهزاء به، فإن عقوبة ذلك شديدة.
- كما ينبغي للمسلم أن يكون ثابتًا على دينه، ولا يزيغ عنه بعد الهداية.
أسأل الله تعالى أن يثبتنا على دينه، ويحسن خاتمتنا، ويجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
وأخرجه مسلم في صفات المنافقين (٢٧٨١) من وجه آخر عن أنس بن مالك وزاد فيه قوله: كان منا رجل من بني النجار قد قرأ البقرة وآل عمران، وكان يكتب لرسول الله ﷺ: فانطلق هاربا حتى لحق بأهل الكتاب فرفعوه وقالوا: هذا قد كان يكتب لمحمد فأعجبوا به. فما لبث أن قصم الله عنقه فيهم فحفروا له فواروه، وذكر في دفنه ثلاث مرات ثم قال: فتركوه منبوذًا».
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀: فهذا الملعون الذي افترى على النبي ﷺ أنه ما كان
يدري إلا ما كتب له، قصمه الله وفضحه بأن أخرجه من القبر بعد أن دفن مرارًا. وهذا أمر خارج عن العادة، يدل كل أحد على أن هذا كان عقوبة لما قاله، وأنه كان كاذبًا، إذ كان عامة الموتى لا يُصيبهم مثل هذا، وأن هذا الجرم أعظم من مجرد الارتداد. إذ عامة المرتدين يموتون، ولا يُصيبهم مثل هذا وأن الله منتقم لرسوله ممن طعن عليه وسبه، ومظهر لدينه، ولكذب الكاذب، إذ لم يمكن الناس أن يقيموا عليه الحد».
ثم قال ﵀: «ونظير هذا ما حدثنا أعداد من المسلمين العدول أهل الفقه والخبرة عما جربوه مرات متعددة في حصر الحصون والمدائن التي بالسواحل الشامية لما حصر المسلمون فيها بني الأصفر في زماننا قالوا: كنا نحن نحصر الحصن أو المدينة الشهر أو أكثر من الشهر، وهو ممتنع علينا، حتى نكاد نيأس إذ تعرض أهله لسب رسول الله ﷺ والوقيعة في عرضه، فعجلنا فتحه وتيسر ولم يكد يتأخر إلا يوما أو يومين أو نحو ذلك ثم يفتح المكان عنوة، ويكون فيهم ملحمة عظيمة قالوا: حتى إن كنا لنتباشر بتعجيل الفتح إذا سمعناهم يقعون فيه مع امتلاء القلوب غيظا بما قالوه فيه.
وهكذا حدثني بعض أصحابنا الثقات أن المسلمين من أهل الغرب حالهم مع النصاري كذلك، ومن سنة الله أن يعذب أعداءه تارة بعذاب من عنده، وتارة بأيدي عباده المؤمنين.
وكذلك لما تمكن النبي ﷺ من ابن أبي سرح أهدر دمه لما طعن في النبوة وافترى عليه الكذب، مع أنه قد آمن جميع أهل مكة الذين قاتلوه وحاربوه أشد المحارية، ومع أن السنة في المرتد أنه لا يقتل حتى يستاب إما وجوبا أو استحبابا.
وسنذكر - إن شاء الله تعالى - أن جماعة ارتدوا على عهد النبي ﷺ ثم دعوا إلى التوبة وعرضت عليهم حتى تابوا فقبلت توبتهم.
وفي ذلك دليل على أن جرم الطاعن على رسول الله ﷺ في الساب له أعظم من جرم المرتد». الصارم المسلول على شاتم الرسول ﷺ (ص ١٤٨).
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب
- 1 النفس بالنفس والثيب الزاني والمفارق لدينه
- 2 النفس بالنفس والثيب الزاني والتارك للإسلام
- 3 رجل زنى بعد إحصان فإنه يرجم
- 4 لا يحل دم رجل إلا رجل ارتد أو ترك الإسلام...
- 5 أتي علي بزنادقة فأحرقهم
- 6 من بدل دينه فاقتلوه
- 7 لن نستعمل على عملنا من أراده
- 8 عنوان الحديث: دخل النبي مكة عام الفتح وعلى رأسه المغفر
- 9 كان عبد الله بن سعد يكتب للرسول فأزله الشيطان فلحق...
- 10 ما كان فيكم رجل رشيد يقوم فيقتله
- 11 هل للرجل الذي ارتد ثم ندم توبة؟
- 12 ألا تخرجون مع راعينا في إبله فتصيبون من أبوالها وألبانها
- 13 قطع النبي أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم
- 14 نهى النبي عن النُّبْت والمُثْلَة
- 15 كان رسول الله يحث على الصدقة وينهى عن المثلة
- 16 رسول الله ﷺ يحثنا على الصدقة وينهانا عن المثلة
- 17 الأعمى يقتل أم ولده التي تشتم النبي ﷺ ويقول دمها...
- 18 من لكعب بن الأشرف فإنه آذى الله ورسوله
- 19 ائذن لي أضرب عنقه
- 20 من أسلم ثم ارتد فمات فألقت الأرض جثته
معلومات عن حديث: من أسلم ثم ارتد فمات فألقت الأرض جثته
📜 حديث: من أسلم ثم ارتد فمات فألقت الأرض جثته
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: من أسلم ثم ارتد فمات فألقت الأرض جثته
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: من أسلم ثم ارتد فمات فألقت الأرض جثته
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: من أسلم ثم ارتد فمات فألقت الأرض جثته
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








