تذبح عنه يوم سابعه ويحلق ويسمى

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا جميعاً لفهم سنة نبيه ﷺ والعمل بها.
الحديث الشريف:
عن سمرة بن جندب رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: «كُلُّ غُلَامٍ رَهِينَةٌ بِعَقِيقَتِهِ، تُذْبَحُ عَنْهُ يَوْمَ سَابِعِهِ، وَيُحْلَقُ وَيُسَمَّى».
رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه، وصححه الألباني.

---

1. شرح المفردات:

* غُلَام: الولد الذكر.
* رَهِينَة: الرهن في اللغة: الشيء المضمون والملتزم به. والمعنى هنا أن الطفل محفوظ ومكفول بحسن عاقبته وبركته إذا أُخرِجت عنه هذه الفدية (العقيقة)، وكأنها فكاك له وضمان لسلامته.
* عَقِيقَتِهِ: الذبيحة التي تذبح عن المولود في يوم سابعه، وسُميت عقيقة لأنها تُعَقُّ عنه، أي تُقطع وتذبح.
* يُحْلَق: يحلق شعر رأسه.
* يُسَمَّى: يطلق عليه اسم حسن.

---

2. شرح الحديث:

يبيّن النبي ﷺ في هذا الحديث حكماً شرعياً يتعلق بالمولود الذكر، ويشمل الحديث عدة أمور:
* الحكم الشرعي: يقرر الحديث أن العقيقة سنة مؤكدة عن النبي ﷺ لكل مولود ذكر. وقوله «كُلُّ غُلَامٍ رَهِينَةٌ بِعَقِيقَتِهِ» هو تشبيه بليغ، حيث يشبه الطفل برهين محبوس عن كمال بركته وخيره حتى تُفدى عنه بهذه الذبيحة، فكأنها فداء له.
* وقت العقيقة: الوقت المستحب هو اليوم السابع من ولادته. فإن فات ففي اليوم الرابع عشر، فإن فات ففي اليوم الحادي والعشرين، كما ورد في بعض الأحاديث. وإن ذبحت بعد ذلك أجزأت ولكن فاتها فضيلة الوقت المستحب.
* أعمال اليوم السابع: يَجْمَع الحديث ثلاثة أعمال مستحبة في اليوم السابع:
1- ذبح العقيقة: وهي شاتان متقاربتان سنّاً وصحةً عن الذكر، وشاة واحدة عن الأنثى.
2- حلق شعر الرأس: فيحلق شعر رأس الطفل ويتصدق بوزن ذلك الشعر فضةً على الفقراء (وهذه سنة أخرى وردت في أحاديث أخرى).
3- تسمية المولود: بإطلاق اسم حسن عليه.

---

3. الدروس المستفادة منه:

1- الشكر على نعمة الولد: العقيقة هي شكر لله تعالى على نعمة الذرية والصحة، وإظهار للفرح والسرور بهذه الهبة الإلهية.
2- التكافل الاجتماعي: من حكمتها إدخال السرور على قلوب الفقراء والمساكين بإطعامهم من لحم العقيقة، مما يعمق أواصر المحبة في المجتمع.
3- التعلق بالله منذ الصغر: تذكير الأبوين والمجتمع بأن هذا الطفل خلق لله، فيبدأ حياته بفعل طاعة وقربة إلى الله تعالى.
4- العناية بالمولود منذ ولادته: الشرع الإسلامي يهتم بالطفل من لحظة ولادته، فيُستحب تأذينه في أذنه، ويُختار له اسم حسن، ويُذبح عنه، كل ذلك ليكون محفوظاً بحفظ الله، معافىً مباركاً فيه.
5- اتباع السنة: في الحديث دليل على وجوب اتباع هدي النبي ﷺ في جميع شؤون الحياة، حتى في كيفية استقبال المولود الجديد.

---

4. معلومات إضافية مفيدة:

* حكم العقيقة: هي سنة مؤكدة عند جمهور العلماء (الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة)، وذهب بعضهم إلى وجوبها لقوة اللفظ في الحديث («رَهِينَةٌ»).
* ما يقال عند الذبح: يُستحب أن يقول الذابح: "بسم الله والله أكبر، اللهم هذه عن فلان بن فلان (يسمي المولود)، لحمها بلحمه، ودمها بدمه، وعظمها بعظمه، اللهم تقبلها منه كما تقبلتها من إبراهيم خليلك".
* توزيع العقيقة: يُستحب أن تطبخ ولا توزع نيئةً، ويدعى عليها الأقارب والجيران والفقراء، ويأكل منها أهل البيت.
* حكم من لم يعق عنه: ذهب большинство العلماء إلى أن السنة في العقيقة أن يعق الوالد عن ولده، فإن لم يفعل فليس على الابن أن يعق عن نفسه، لكن لو فعل ذلك فحسن.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.