أول ما دخل بطن عبد الله بن الزبير ريق رسول الله

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليكم شرح هذا الحديث النبوي الشريف الذي رواه الإمام البخاري في صحيحه:

---

الحديث:

عن عروة بن الزبير وفاطمة بنت المنذر بن الزبير قالا: خرجت أسماء بنتُ أبي بكر حين هاجرتْ وهي حُبْلى بعبد الله بن الزبير، فقدمت قباء، فنَفِسَتْ بعبد الله بقباء، ثم خرجت حين نفست إلى رسول الله ﷺ ليُحنِّكهـ، فأخذه رسول الله ﷺ منها فوضعه في حجره ثم دعا بتمرة قال: قالت عائشة: فمكثنا ساعةً نلتمسُها قبل أن نجدها فمضغها، ثم بصقها في فيه، فإن أول شيء دخل بطنه لريقُ رسول الله ﷺ. ثم قالت أسماء: ثم مسحه وصلى عليه وسماه عبد الله. ثم جاء وهو ابن سبعِ سنين أو ثمانٍ ليبايع رسول الله ﷺ. وأمره بذلك الزبير فتبسّم رسول الله ﷺ حين رآه مقبلا إليه ثم بايعه.

---

1. شرح المفردات:

● حُبْلَى: حامل.
● نَفِسَتْ: ولدت.
● يُحنِّكه: يضع في فم المولود تمرة ممضوغة أو عسلًا؛ ليكون أول ما يدخل جوفه حلوًا.
● مضغها: طحنها بأسنانه.
● بصقها في فيه: وضعها في فم الطفل.
● ريقُ رسول الله ﷺ: لعابه المبارك.
● مسحه: مسح رأسه أو جسده بدعاء أو بركة.
● صلى عليه: دعا له بالبركة.
● يبايع: يبايع النبي ﷺ على الإسلام والطاعة.

---

2. شرح الحديث:

يحكي هذا الحديث قصة ميلاد عبد الله بن الزبير - رضي الله عنه - وهو أول مولود للمهاجرين في المدينة بعد الهجرة، وكانت أمه أسماء بنت أبي بكر الصديق - رضي الله عنها - حاملًا به حين هاجرت مع زوجها الزبير بن العوام - رضي الله عنه - من مكة إلى المدينة.
فلما وصلت إلى قباء (وهي منطقة قريبة من المدينة)، ولدت عبد الله بن الزبير، ثم ذهبت به إلى النبي ﷺ لِيُحَنِّكه، فأخذه النبي ﷺ ووضعه في حجره، ثم طلب تمرة، فبحثت عائشة - رضي الله عنها - عنها قليلًا حتى وجدتها، فمضغها النبي ﷺ ثم وضعها في فم الطفل، فكان أول شيء دخل جوف عبد الله بن الزبير هو ريق النبي ﷺ المبارك الممزوج بالتمر، ثم مسح النبي ﷺ على رأس الطفل ودعا له، وسماه عبد الله.
ثم لما كبر عبد الله بن الزبير وصار عمره سبع أو ثمان سنوات، جاء إلى النبي ﷺ ليبايعه بأمر من أبيه الزبير، فلما رآه النبي ﷺ مقبلًا إليه تبسم من شدة فرحه به، ثم بايعه على الإسلام والطاعة.

---

3. الدروس المستفادة منه:

● بركة النبي ﷺ وفضله: حيث كان أول ما دخل جوف عبد الله بن الزبير هو ريق النبي ﷺ الممزوج بالتمر، مما يدل على بركته وتكريمه.
● اهتمام الصحابة بتعليم أبنائهم وتربيتهم على حب النبي ﷺ وطاعته: حيث أمر الزبير ابنه عبد الله أن يبايع النبي ﷺ وهو صغير.
● جواز تحنيك المولود بالتمر أو ما يحل مكانه: وهي سنة نبوية مستحبة.
● تبسم النبي ﷺ ورحمته بالأطفال: حيث تبسم عندما رأى عبد الله بن الزبير مقبلًا ليبايعه.
● مكانة عبد الله بن الزبير: حيث كان من كبار الصحابة والعلماء، وكان أول مولود للمهاجرين في المدينة.

---

4. معلومات إضافية مفيدة:

- عبد الله بن الزبير - رضي الله عنه - هو ابن الصحابي الجليل الزبير بن العوام، وأمه أسماء بنت أبي بكر الصديق، وهو أحد العبادلة الأربعة من الصحابة (عبد الله بن عباس، عبد الله بن عمر، عبد الله بن الزبير، عبد الله بن عمرو بن العاص).
- كانت بيعته للنبي ﷺ وهو صغير دليل على قبول بيعة الصغير إذا كان مميزًا، وقد قبل النبي ﷺ بيعة الغلمان إذا أتوه راغبين في الإسلام.
- قصة تحنيك النبي ﷺ لعبد الله بن الزبير تدل على استحباب تحنيك المولود، وهو من السنن النبوية التي ينبغي للمسلمين اتباعها.

أسأل الله تعالى أن ينفعنا بما علمنا، وأن يرزقنا حب نبيه محمد ﷺ واتباع سنته، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.