عن الغلام شاتان وعن الجارية شاة

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا شرح للحديث النبوي الشريف:
الحديث:
عن أم كُرْزٍ الخُزَاعِيَّة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله ﷺ: «عَنِ الْغُلَامِ شَاتَانِ مُتَكَافِئَتَانِ، وَعَنِ الْجَارِيَةِ شَاةٌ».
(رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه، وصححه الألباني)

---

1. شرح المفردات:

* الغُلَام: الذكر الصغير عند ولادته.
* شَاتَانِ: خروفان، والمقصود هنا ذبيحتان من الضأن.
* مُتَكَافِئَتَانِ: مُتَمَاثِلَتَانِ أو مُتَقَارِبَتَانِ في السن والحجم والجودة، فلا تذبح إحداهما كبيرة والأخرى صغيرة، أو سمينة وأخرى هزيلة.
* الْجَارِيَة: الأنثى الصغيرة عند ولادتها.
* شَاة: خروف واحد، أي ذبيحة واحدة من الضأن.

---

2. شرح الحديث:

هذا الحديث الشريف يبين حكم العقيقة، وهي الذبيحة التي تذبح عن المولود شكرًا لله تعالى على نعمته.
* المقدار الواجب: يوضح النبي ﷺ أن مقدار العقيقة يختلف باختلاف جنس المولود.
* عن الذكر (الغلام): تذبح شاتان (خروفان).
* عن الأنثى (الجارية): تذبح شاة واحدة (خروف واحد).
* شرط المتكافئة: يشترط في الشاتين المذكورتين للذكر أن تكونا مُتَكَافِئَتَيْنِ، أي متساويتين أو متقاربتين في الصفات بحيث لا تكون إحداهما دون الأخرى في القيمة والجودة، تحقيقًا للعدل وإخراجًا لأفضل ما يُتقرب به إلى الله تعالى.

---

3. الدروس المستفادة والفقه في الحديث:

1- مشروعية العقيقة: الحديث دليل على مشروعية العقيقة وأنها سنة مؤكدة عن النبي ﷺ (سنة مُوَكَّدة).
2- تفضيل الذكر على الأنثى في العقيقة: يظهر التفاوت في العدد بين الذكر والأنثى، وهذا من حكمة الشرع، وقد ذهب جمهور العلماء (الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة) إلى أن عن الغلام شاتان وعن الجارية شاة.
3- إظهار الفرح والسرور بالمولود: العقيقة هي من مظاهر الشكر لله على هذه النعمة وإعلان الفرح بقدوم فرد جديد للمسلمين.
4- التكافؤ والعدل: اشتراط التكافؤ بين الشاتين يعلمنا الإخلاص في العبادة وإخراج أفضل ما نستطيع عند التقرب إلى الله، وعدم بخس الناس حقوقهم إذا كانت العقيقة موزعة كصدقة.
5- التيسير وعدم الحرج: رغم التفاضل في العدد، فإن الشرع لم يشق على الناس، فجعل للأنثى شاة واحدة تخفيفًا وتيسيرًا.
6- الإحسان إلى الفقراء: من حكم العقيقة التوسعة على الفقراء والمحتاجين بإطعامهم من لحمها، مما strengthens أواصر المحبة والتكافل في المجتمع.

---

4. معلومات إضافية مفيدة:

* وقت الذبح: المستحب أن تذبح العقيقة في اليوم السابع للولادة، فإن فات ففي الرابع عشر، فإن فات ففي الحادي والعشرين، وإلا ففي أي وقت، كما ورد في أحاديث أخرى.
* توزيع اللحم: يُستحب أن تُطبخ العقيقة (أي لا توزع نيئة) ويؤكل منها ويتصدق بها، ويمكن أن يدعى عليها الأقارب والجيران والفقراء.
* حكمها: جمهور العلماء على أن العقيقة سنة مؤكدة وليست فرضًا، ويحرص عليها المسلم تحقيقًا لسنة النبي ﷺ.
* الدعاء عند الذبح: يسن أن يقول الذابح: "بسم الله والله أكبر، اللهم هذه منك وإليك، هذه عقيقة [ويسمي المولود]... اللهم لك شكرك، ولك عقيقتها".
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.