اجعلوا مكان الدم خلوقًا

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا شرح للحديث الذي روي عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها:
الحديث:
عن عائشة قالت: كانوا في الجاهلية إذا عقّوا عن الصبي خضبوا قُطْنةً بدم العقيقة، فإذا حلقوا رأس الصبي وضعوها على رأسه فقال النبي ﷺ: «اجعلوا مكان الدم خلوقًا».
شرح المفردات:
● عقّوا عن الصبي: ذبحوا العقيقة عنه، والعقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود.
● خضبوا: صبغوا ولوّنوا.
● قُطْنةً: قطعة من القطن.
● دم العقيقة: الدم الناتج عن ذبح الشاة.
● خلوقًا: نوع من الطيب والعطر الجميل، وهو خليط من الزعفران وغيره من المواد الطيبة الرائحة.
شرح الحديث:
كان أهل الجاهلية يقومون بعادة عند ذبح العقيقة للمولود، حيث يأخذون دم الذبيحة ويصيبون به قطعة من القطن، ثم بعد حلق رأس الطفل يضعون هذه القطنة الملوثة بالدم على رأسه. وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم هذه الممارسة فأمر بتغييرها، حيث أمر باستبدال الدم بالخلوق، وهو طيب ذو رائحة عطرة، بدلاً من الدم الذي هو مستقذر ومن أفعال الجاهلية.
الدروس المستفادة:
1- التوحيد وتخليص العبادات من شوائب الشرك والبدع: النبي صلى الله عليه وسلم صحح هذه العادة التي كانت في الجاهلية، ليبين أن الإسلام يمحو آثار الوثنية والخرافات.
2- النظافة والطهارة: الدم من النجاسات، واستبداله بالطيب يدل على حرص الإسلام على النظافة والطيب والجمال في المظهر.
3- التيسير ورفع الحرج: لم ينه النبي عن العقيقة كلها، بل عدل في كيفية أدائها لجعلها موافقة لشرع الله.
4- مقاصد الشريعة: الشرع جاء لإصلاح أحوال الناس في دينهم ودنياهم، ومن ذلك استبدال العادات السيئة بما هو طيب ونافع.
5- التعليم والتوجيه النبوي الرقيق: النبي صلى الله عليه وسلم لم يزجرهم بشدة، بل وجههم إلى البديل الطيب مما يدل على حكمته ورفقه في تغيير المنكر.
معلومات إضافية:
- العقيقة في الإسلام سنة مؤكدة، وهي ذبيحة تذبح عن المولود في اليوم السابع، ويحلق فيه رأسه، ويسمى.
- يستحب أن تكون العقيقة من بهيمة الأنعام (أغنام أو إبل أو بقر)، ويتم توزيع لحمها على الفقراء والأقارب، تأسياً بسنة النبي صلى الله عليه وسلم.
- هذا الحديث يدل على أن الإسلام لم يأتِ ليهدم كل ما كان عليه الناس في الجاهلية، بل يصحح ويعدل ويبدل السيء بالحسن.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.