حديث: ابن لأبي طلحة يشتكي فقبض الصبي

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في تحنيك المولود وتسميته والدعاء له عند ولادته

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان ابنٌ لأبي طلحة يشتكي فخرج أبو طلحة، فقُبِضَ الصبيُّ. فلما رجع أَبو طلحة قال: ما فعل ابني؟ قالت أم سُليم: هو أسكنُ ما كان، فقربتْ إليه العشاء فتعشَّى، ثم أصاب منها، فلمَّا فرغَ قالتْ: وَارِ الصَّبِيَّ. فلما أصبح أبو طلحة أتي رسولّ الله ﷺ فأخبره فقال: «أَعْرَسْتُمْ اللَّيْلَةَ؟» قال: نعم. قال: «اللَّهم بَارِكْ لهما في ليلتهما». فولدَتْ غلامًا. قال لِي أبو طلحة: احفظه حتى تأتي به النبي ﷺ، فأتي به النبيَّ ﷺ وأرسلتْ معه بتمراتٍ، فأخذهُ النَّبِيُّ ﷺ فقال: «أَمَعَهُ شَيْءٌ؟» قالوا: نعم، تمراتٌ، فأخذها النَّبِيُّ ﷺ فمضغها ثمّ أخذ من فيهِ، فجعلها في في الصبيِّ وحَنَّكَهُه به، وسمّاه: «عبد الله».

متفق عليه: رواه البخاري في العقيقة (٥٤٧٠)، ومسلم في الآداب (٢٣: ٢١٤٤) كلاهما من طريق يزيد بن هارون، أخبرنا عبد الله بن عون، عن أنس بن سيرين، عن أنس بن مالك، فذكره.

عن أنس بن مالك ﵁ قال: كان ابنٌ لأبي طلحة يشتكي فخرج أبو طلحة، فقُبِضَ الصبيُّ. فلما رجع أَبو طلحة قال: ما فعل ابني؟ قالت أم سُليم: هو أسكنُ ما كان، فقربتْ إليه العشاء فتعشَّى، ثم أصاب منها، فلمَّا فرغَ قالتْ: وَارِ الصَّبِيَّ. فلما أصبح أبو طلحة أتي رسولّ الله ﷺ فأخبره فقال: «أَعْرَسْتُمْ اللَّيْلَةَ؟» قال: نعم. قال: «اللَّهم بَارِكْ لهما في ليلتهما». فولدَتْ غلامًا. قال لِي أبو طلحة: احفظه حتى تأتي به النبي ﷺ، فأتي به النبيَّ ﷺ وأرسلتْ معه بتمراتٍ، فأخذهُ النَّبِيُّ ﷺ فقال: «أَمَعَهُ شَيْءٌ؟» قالوا: نعم، تمراتٌ، فأخذها النَّبِيُّ ﷺ فمضغها ثمّ أخذ من فيهِ، فجعلها في في الصبيِّ وحَنَّكَهُه به، وسمّاه: «عبد الله».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث النافع الذي رواه أنس بن مالك رضي الله عنه، مع بيان فوائده وعبره:

الحديث:


عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان ابنٌ لأبي طلحة يشتكي فخرج أبو طلحة، فقُبِضَ الصبيُّ. فلما رجع أَبو طلحة قال: ما فعل ابني؟ قالت أم سُليم: هو أسكنُ ما كان، فقربتْ إليه العشاء فتعشَّى، ثم أصاب منها، فلمَّا فرغَ قالتْ: وَارِ الصَّبِيَّ. فلما أصبح أبو طلحة أتي رسولّ الله صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال: «أَعْرَسْتُمْ اللَّيْلَةَ؟» قال: نعم. قال: «اللَّهم بَارِكْ لهما في ليلتهما». فولدَتْ غلامًا. قال لِي أبو طلحة: احفظه حتى تأتي به النبي صلى الله عليه وسلم، فأتي به النبيَّ صلى الله عليه وسلم وأرسلتْ معه بتمراتٍ، فأخذهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فقال: «أَمَعَهُ شَيْءٌ؟» قالوا: نعم، تمراتٌ، فأخذها النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فمضغها ثمّ أخذ من فيهِ، فجعلها في في الصبيِّ وحَنَّكَهُه به، وسمّاه: «عبد الله».


1. شرح المفردات:


● يشتكي: أي مريضٌ يُعاني من المرض.
● قُبِضَ الصبيُّ: أي مات وتوفّي.
● أسكن ما كان: أي في حالة سكون وهدوء، كناية عن الموت.
● تعشى: أكل العشاء.
● أصاب منها: جامع زوجته.
● وارِ الصبيَّ: أي دَفِنِ الطفلَ.
● أعرستم الليلة؟: أي هل جامع بعضكم بعضًا هذه الليلة؟
● حَنَّكَهُ: وضع الطعام في فم المولود بعد مضغه؛ وهو ما يُعرف بالتحنيك.
● تمرات: ثمار التمر.


2. شرح الحديث:


يحكي هذا الحديث قصة وفاة ابن لأبي طلحة وأم سليم رضي الله عنهما، وكيف تعاملا مع هذه المصيبة، وما ترتب على صبرهما من بركة.
● الموقف الأول: كان الابن مريضًا، فخرج أبو طلحة للعمل أو لقضاء حاجة، وتوفي الولد في غيابه. فلما عاد سأل عن ابنه، فقالت له زوجته أم سليم: "هو أسكن ما كان"، وهي كلمة فيها حكمة ومواساة، ولم تُخبره مباشرةً لئلا يفجعه الخبر وهو متعب. ثم قدّمت له العشاء فأكل، ثم جامعها. وبعد أن فرغ من حاجته أخبرته بأن الولد قد مات ويجب دفنه.
● الموقف الثاني: ذهب أبو طلحة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره بما حدث، فسأله النبي: «أَعْرَسْتُمْ اللَّيْلَةَ؟» أي هل جامعتها؟ فقال: نعم. فدعا لهما النبي بالبركة في تلك الليلة.
● الموقف الثالث: استجاب الله دعوة النبي، فحملت أم سليم وولدت غلامًا، وأمر أبو طلحة أنسًا (خادم النبي) أن يحمل الطفل إلى النبي ليحنكه ويُسميه. ففعل النبي ذلك وسماه "عبد الله".


3. الدروس المستفادة والعبر:


1- الصبر على المصيبة: كان موقف أم سليم وأبي طلحة رضي الله عنهما مثالًا رائعًا للصبر والاحتساب، حيث لم يجزعا لوفاة ابنهما، بل تعاملا بحكمة وإيمان.
2- الحكمة في إخبار المصائب: استخدمت أم سليم أسلوبًا لطيفًا في إخبار زوجها بوفاة الابن، مما يدل على أهمية التلطّف في نقل الأخبار المؤلمة.
3- بركة الدعاء النبوي: دعا النبي صلى الله عليه وسلم لأبي طلحة وأم سليم بالبركة في ليلتهما، فاستجاب الله تعالى ورزقهما غلامًا صالحًا.
4- التحنيك والسنة النبوية في الاستقبال: من هدي النبي صلى الله عليه وسلم تحنيك المولود بالتمر، وهو وضع مضغة من التمر في فم الطفل؛ وذلك لتقوية جسمه وتعويده على الطعام الحلال.
5- اختيار الأسماء الحسنة: سمّى النبي صلى الله عليه وسلم المولود "عبد الله"، وهو من أفضل الأسماء، لأنه يُعبد الله به ويُذكّر بالعبودية لله.
6- الأخذ بالأسباب مع التوكل: لم ييأس الأبوان من رحمة الله، بل صبرا واجتهدا، فجازاهما الله بالخلف الصالح.


4. معلومات إضافية مفيدة:


● أم سليم: هي والدة أنس بن مالك خادم النبي، وكانت من الصحابيات الفاضلات، وقد اشتهرت بصبرها وحكمتها.
● التحنيك: سنة مؤكدة، ويفضّل أن يكون بالتمر، فإن لم يتيسر فبشيء حلو.
● عبد الله بن أبي طلحة: نشأ هذا الغلام في بيئة إيمانية، وكان من صالحين التابعين.

أسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يعيننا على الصبر عند المصائب والرضا بقضائه. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في العقيقة (٥٤٧٠)، ومسلم في الآداب (٢٣: ٢١٤٤) كلاهما من طريق يزيد بن هارون، أخبرنا عبد الله بن عون، عن أنس بن سيرين، عن أنس بن مالك، فذكره. والسياق للبخاري.
ثم عطف عليه البخاري إسنادا آخر من طريق ابن أبي عدي، عن ابن عون، عن محمد (يعني ابن سيرين)، عن أنس قال: وساق الحديث.
قول البخاري: وساق الحديث.
هو يقصد الحديث الذي أخرجه في كتاب اللباس (٥٨٢٤) عن محمد بن المثنى، قال: حدثني ابن أبي علي، عن ابن عون، عن محمد عن أنس قال: «لما ولدتْ أم سُليم قالت لي: يا أنس انظر هذا الغلام فلا يُصيبنَّ شيئا حتى تغدو به إلى النبي ﷺ يُحنِّكهـ فغدوت به، فإذا هو في حائط، وعليه خميصة حُريثية وهو يَسِمُ الظهر الذي قدم عليه في الفتح». اهـ.
هذا هو الحديث الذي يريده البخاري.
وساق البخاري هذه القصة في المواضع الأخرى بالأسانيد الأخرى مختصرا، وهو حديث واحد باختلاف في بعض ألفاظه، وإلا أن القصة أخرجها عبد الله بن أحمد (١٢٨٦٥) بطولها: قال أبو عبد الرحمن: قرأت على أبي هذا الحديث، وجده فأقرّ به. وحدثنا ببعضه في مكان آخر قال:
حدثنا موسى بن هلال العبدي، حدثنا همام، عن ابن سيرين، عن أنس بن مالك قال: تزوج أبو طلحة أمَّ سُليم وهي أم أنس والبراء، قال: فولدت له بنيًّا. قال: فكان يحبه حبًا شديدا. قال: فمرض الغلام مرضا شديدا، فكان أبو طلحة يقوم صلاة الغداة يتوضأ، ويأتي النبي ﷺ فيصلي معه، ويكون معه إلى قريب من نصف النهار، فيجيء فيقيل ويأكل، فإذا صلَّى الظهر تهيأ وذهب، فلم يجئ إلى صلاة العتمة. قال: فراح عشية، ومات الصبي. قال: وجاء أبو طلحة، قال: فسجَّتْ عليه ثوبا، وتركته. قال: فقال لها أبو طلحة: يا أم سليم، كيف بات بني الليلة؟ قالت: يا أبا طلحة، ما كان ابنك منذ اشتكي أسكنُ منه الليلة، قال: ثم جاءته بالطعام، فأكل وطابت نفسه. قال: فقام إلى فراشه، فوضع رأسه، قالت: وقمت أنا، فمِسستُ شيئا من طيب، ثم جئت حتى دخلت معه الفراش، فما هو إلا أن وجد ريح الطيب كان منه ما يكون من الرجل إلى أهله.
قال: ثم أصبح أبو طلحة يتهيأ كما كان يتهيأ كل يوم، قال: فقالت له: يا أبا طلحة، أرأيت لو أن رجلا استودعك وديعة، فاستمتعت بها، ثم طلبها، فأخذها منك تجزع من ذلك؟ قال: لا. قلت: فإن ابنك قد مات.
قال أنس: فجزع عليه جزعا شديدا، وحدث رسول الله ﷺ بما كان من أمره في الطعام والطيب، وما كان منه إليها. قال: فقال رسول الله ﷺ: «هيه فبتما عروسين، وهو إلى جنبكما؟ قال: نعم يا رسول الله، فقال رسول الله ﷺ: «بارك الله لكما في ليلتكما». قال: فحملت أم سليم تلك الليلة، قال: فتلد غلاما، قال: فحين أصبحنا، قال لي أبو طلحة: احمله في خرقة حتى تأتي به رسول الله ﷺ، واحمل معك تمر عجوة. قال: فحملته في خرقة. قال: ولم يحنّك، ولم يذق طعاما ولا شيئا، قال: فقلت: يا رسول الله، ولدت أم سليم، قال: «الله أكبر ما ولدت؟» قلت: غلاما، قال: «الحمد لله»، فقال: «هاته إلي»، فدفعته إليه فحنكهـ رسولُ الله ﷺ، ثم قال له: «معك تمر عجوة؟» قلت: نعم، فأخرجت تمرا، فأخذ رسولُ الله ﷺ تمرة وألقاها في فيه، فما زال رسول الله ﷺ يلوكها حتى اختلطتْ بريقه، ثم دفع الصبي. فما هو إلا أن وجد الصبي حلاوة التمر جعل يمص حلاوة التمر وريق رسول الله ﷺ.
وإسناده حسن من أجل موسى بن هلال العبدي فإنه مختلف فيه فقال أبو حاتم: «مجهول» وقال العقيلي: «لا يتابع على حديثه، ولكن قال ابن عدي: «أرجو أنه لا بأس به». وهو من رجال التعجيل.
قال الأعظمي: وقد روى عنه جماعة منهم الإمام أحمد فمثله يحسن حديثه، وقد رواه أيضا الإمام أحمد (١٢٠٣١)
مختصرا عنه، قال: حدثنا هشام عن ابن سيرين، عن أنس بن مالك فذكره.
فجعل شيخ موسى بن هلال: هشاما وهو ابن حبان، فهل روي موسى بن هلال من شيخين وهو الظاهر، أو أخطأ في أحد الموضعين. والله تعالى أعلم.
ويتضح من كل هذا أنه حديث واحد إلا أن بعض الرواة رووه مطولا، وبعضهم اختصروه.
إلا أن الحافظ ابن حجر قال في الفتح (٩/ ٥٨٩ - ٥٩٠): «إنهما حديثان».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب

معلومات عن حديث: ابن لأبي طلحة يشتكي فقبض الصبي

  • 📜 حديث: ابن لأبي طلحة يشتكي فقبض الصبي

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: ابن لأبي طلحة يشتكي فقبض الصبي

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: ابن لأبي طلحة يشتكي فقبض الصبي

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: ابن لأبي طلحة يشتكي فقبض الصبي

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب