أول مولود في الإسلام عبد الله بن الزبير

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الحديث:
عن عائشة رضي الله عنها قالت: "أول مولودٍ في الإسلام عبد الله بن الزبير، أتوا به النبي ﷺ، فأخذ النبي ﷺ تمرة فلاكها، ثم أدخلها في فيه، فأول ما دخل بطنه ريقُ النبي ﷺ".
وفي رواية: "جئنا بعبد الله بن الزبير إلى النبي ﷺ لِيُحنِّكَهُ، فطلبنا تمرةً، فعزَّ علينا طلبُها".

---

1. شرح المفردات:

● أول مولود في الإسلام: أي أول طفل وُلد للمهاجرين بعد هجرتهم إلى المدينة المنورة.
● فلاكها: مضغها حتى أصبحت لينة.
● أدخلها في فيه: وضعها في فم الطفل.
● ريق النبي ﷺ: لعاب النبي صلى الله عليه وسلم.
● لِيُحنِّكَهُ: التحنيك هو وضع شيء حلو (كالتمر) في فم المولود ودعكه بحنكه (سقف فمه)؛ وهو سنة نبوية.

---

2. شرح الحديث:

يُخبرنا هذا الحديث عن حدثٍ تاريخي وأيضًا عن سنة نبوية عظيمة.
عبد الله بن الزبير هو ابن الصحابي الجليل الزبير بن العوام وأسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهم، وكان أول مولود للمسلمين في المدينة بعد الهجرة، مما جعل المسلمين يفرحون به فرحًا شديدًا؛ لأن اليهود كانوا يقولون: "سحرناهم فلا يولد لهم أولاد"، فكان ميلاده بشرى وردًّا على افتراءاتهم.
ثم تحنيك النبي ﷺ له بتمرة مضغها ثم وضعها في فمه، هو تطبيق للسنة النبوية في استقبال المولود الجديد، حيث كان النبي ﷺ يحنك الأطفال بالتمر، فإن لم يتيسر فبشيء حلو. وفي رواية الحديث الأخرى: "فعزَّ علينا طلبُها" أي لم يجدوا تمرًا في تلك اللحظة، مما يدل على تواضع النبي ﷺ وحال الصحابة رضي الله عنهم، حيث كان التمر أحيانًا غير متوفر.

---

3. الدروس المستفادة:

1- فضل عبد الله بن الزبير رضي الله عنه: فهو أول مولود في الإسلام، وقد تبرك النبي ﷺ بريقه الطاهر.
2- سنة التحنيك: وهي من السنن المستحبة عند ولادة الطفل، حيث يُستحب أن يُحنك بحلو مثل التمر أو العسل، تأسيًا بالنبي ﷺ.
3- بركة ريق النبي ﷺ: فقد كان ريقه صلى الله عليه وسلم مباركًا، كما في معجزة تكثير الطعام والماء بريقه الشريف.
4- التواضع وحال الصحابة: حيث إنهم لم يجدوا تمرًا في تلك اللحظة، مما يدل على بساطة العيش وزهدهم في الدنيا.
5- الفرح بمولد الأطفال: خاصة في المجتمعات المسلمة، فهم زينة الحياة الدنيا وامتداد للأمة.

---

4. معلومات إضافية:

- عبد الله بن الزبير رضي الله عنه نشأ في بيت النبوة، وكان من فقهاء الصحابة وشجعانهم، وحارب في معركة اليرموك وهو صغير، وتولى الخلافة لاحقاً في حياته.
- التحنيك سنة مؤكدة، ولو لم يكن هناك تمر فيمكن استخدام أي شيء حلو مثل العسل.
- هذا الحديث رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما، مما يدل على صحته وقوته.
أسأل الله أن يفقهنا في السنة النبوية، وأن يوفقنا للاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم في كل صغيرة وكبيرة.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.