حديث: احلقي شعر رأسه وتصدقي بوزنه من الورق

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب حلق شعر المولود والتصدق بوزنه فضة

عن أبي رافع مولى رسول الله ﷺ أن الحسن بن علي لما وُلِد أرادتْ أمُّه فاطمة أن تعق عنه بكبشين، فقال: «لا تعُقِّي عنه، ولكن احلقيْ شعر رأسه، ثم تصدقي بوزنه من الورق في سبيل الله». ثم وُلِدَ حسين بعد ذلك فصنعت مثل ذلك.

حسن: رواه الإمام أحمد (٢٧١٩٦)، والطبراني (٩١٧، ٩١٨) والبيهقي (٩/ ٣٠٤) كلهم من طرق عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن علي بن الحسين، عن أبي رافع فذكره.

عن أبي رافع مولى رسول الله ﷺ أن الحسن بن علي لما وُلِد أرادتْ أمُّه فاطمة أن تعق عنه بكبشين، فقال: «لا تعُقِّي عنه، ولكن احلقيْ شعر رأسه، ثم تصدقي بوزنه من الورق في سبيل الله». ثم وُلِدَ حسين بعد ذلك فصنعت مثل ذلك.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث شريف ورد في سنن الترمذي وغيره، وفيه دروس وعبر عظيمة. سأشرحه لكم جزءًا جزءًا بإذن الله.
الراوي والمتن:
الحديث رواه أبو رافع -رضي الله عنه- مولى رسول الله ﷺ، وهو يروي قصة ولادة سيدنا الحسن بن علي -رضي الله عنهما-، وحكم العقيقة عنه.
شرح المفردات:
● وُلِدَ: جاء إلى الدنيا.
● أرادتْ أمُّه فاطمة: قصدت السيدة فاطمة بنت رسول الله ﷺ.
● أن تعُقَّ عنه: أن تذبح عقيقةً عنه، والعقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود.
● بكبشين: بشاتين.
● لا تعُقِّي عنه: لا تذبي عقيقة.
● احلقيْ شعر رأسه: أزيلي شعر رأس المولود.
● ثم تصدقي بوزنه من الورق: ثم تتصدقي بفضة مقدار وزن الشعر.
● في سبيل الله: في وجوه الخير والبر.
شرح الحديث:
يخبرنا الحديث أن السيدة فاطمة الزهراء -رضي الله عنها- عندما رزقها الله بمولودها البكر الحسن، أرادت أن تفعل ما جرت به العادة عند العرب من ذبح عقيقة عن المولود، فذهبت إلى أبيها رسول الله ﷺ تستشيره وتستعلم الحكم الشرعي.
فنهاها النبي ﷺ عن أن تعق بكبشين (أي شاتين) كما كانت تنوي، وأرشدها إلى فعل آخر يحقق المقصود وهو:
1. حلق شعر رأس المولود.
2. ثم التصدق بوزن ذلك الشعر فضة (أي دراهم من الفضة) على الفقراء والمساكين.
ولما ولد بعده أخوه الحسين -رضي الله عنهما-، فعلت السيدة فاطمة به مثل ما فعلت بالحسن، امتثالاً لأمر النبي ﷺ.
الدروس المستفادة والعبر:
1- مشروعية الاستشارة والرجوع إلى أهل العلم: فعلت السيدة فاطمة -رضي الله عنها- ما ينبغي لكل مسلم، حيث رجعت إلى النبي ﷺ لتعرف الحكم الشرعي، وهذا دليل على أهمية سؤال أهل الذكر في أمور الدين.
2- التيسير ورفع الحرج في الشريعة: النبي ﷺ لم يأمرها بالعقيقة المعتادة (ذبح شاة) بل أبدلها بفعل آخر أيسر وهو حلق الرأس والتصدق بوزنه فضة، مما يدل على سماحة الإسلام ومراعاته لأحوال الناس.
3- التعليم بالقدوة العملية: عندما ولد الحسين، لم تسأل مرة أخرى بل عملت بما علمت سابقًا، مما يدل على أهمية تطبيق العلم والعمل به.
4- الحكمة من حلق رأس المولود والتصدق بوزنه: فيه تقوية لجسم الطفل، وإزالة للشعر الضعيف، وإظهار للشكر لله على نعمة الولد، وإدخال للسرور على الفقراء بالصدقة.
5- مساواة الذكر والأنثى في بعض الأحكام: فعلت السيدة فاطمة بالحسين مثل ما فعلت بالحسن، مما قد يشير إلى أن هذا الحكم يشمل الذكر والأنثى.
6- حرص السلف على اتباع السنة: امتثال السيدة فاطمة -رضي الله عنها- لأمر أبيها النبي ﷺ يدل على حرصها على الاتباع وترك الهوى.
ملاحظة فقهية:
جمهور العلماء على استحباب العقيقة عن المولود (ذبح شاة)، ولكن هذا الحديث يدل على جواز الاكتفاء بحلق الرأس والتصدق بوزنه فضة، خاصة عند العسر أو وجود مصلحة. والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الإمام أحمد (٢٧١٩٦)، والطبراني (٩١٧، ٩١٨) والبيهقي (٩/ ٣٠٤) كلهم من طرق عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن علي بن الحسين، عن أبي رافع فذكره.
وإسناده حسن من أجل ابن عقيل فإنه مختلف فيه غير أنه حسن الحديث إذا لم يخالف.
قال الهيثمي في المجمع (٤/ ٥٧): «رواه أحمد والطبراني في الكبير وهو حديث حسن».
وظاهر قوله ﷺ: «لا تعقي عنه» مخالف لما صحّ عن النبي ﷺ أنه عقَّ عن الحسن والحسين، ولكن بالتأمل تبين أنه لا منافاة بين منعه ﷺ فاطمة من العقِّ عنه، وبين أن يتولى هو بنفسه العقيقة عنه، وكأنه رأى أنّ العقيقة تشقّ عليها لضيق حالهم حينئذ، ولا سيما وأنها أرادت أن تعق عنه بكبش عظيم كما في بعض الروايات، فأرشدها ﷺ إلى ما هو أخف وأيسر عليها وهو التصدق بوزن شعره فضة، وأما العقُّ عنه فهو الذي يتولاه بنفسه ﷺ.
وقد أشار إلى نحو هذا الجمع البيهقي فقال عقب الحديث: «تفرد به ابن عقيل، وهو إن صحّ فكأنه أراد أن يتولى العقيقة عنهما بنفسه - كما رويناه - فأمرها بغيرها وهو التصدق بوزن شعرهما من الورق» اهـ.
قال الأعظمي: ولا يضر تفرد ابن عقيل بهذا الحديث فإنه حسن الحديث كما قلت، وإنه لم يأت في حديثه ما ينكر عليه، بل قد توافرت الأخبار عن النصدق بزنة الشعر فضة، وخاصة في بيت النبوة وذلك بأمر النبي ﷺ، أو بعلمه وهو التقرير.
فقد رواه مالك في العقيقة (٢) عن جعفر بن محمد، عن أبيه، أنه قال: «وزنت فاطمةُ بنت رسول الله ﷺ شعر حسن وحسين، وزينب وأم كلثوم فتصدقت بزنة ذلك فضة». ومن طريق مالك رواه أبو داود في المراسيل (٣٧١)، والبيهقي (٩/ ٣٠٤).
ورواه مالك أيضا عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن محمد بن علي بن الحسين أنه قال: «وزنت فاطمةُ بنت رسول الله ﷺ شعر حسن وحسين، فتصدقت بزنته فضة». ومن طريق مالك رواه البيهقي (٩/ ٢٩٩).
ورواه عبد الرزاق (٤/ ٣٣٣) من حديث سفيان، عن عمرو بن دينار، عن أبي جعفر أن فاطمة كانت إذا ولدتْ حلقتْ شعره، وتصدقت بوزنه ورِقًا.
ولكن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب المعروف بأبي جعفر الباقر لم يدرك فاطمة بنت رسول الله ﷺ كما أن فاطمة لم ترفع إلى النبي ﷺ، ولكن عمل فاطمة هذا له حكم الرفع إذ من المستبعد أن تعمل فاطمة عملا في بيت النبوة بدون أمر النبي ﷺ أو بدون علمه.
ففيه إقرار من النبي ﷺ وهو أحد أنواع الحديث.
وابن عقيل من أهل البيت فرفعه إلى النبي ﷺ ليس فيه نكارة ولا غرابة، فقد جاء أيضا مرفوعا من وجه آخر وهو ما رواه الترمذي (١٥١٩)، وابن أبي شيبة (٢٤٧١٦) من طريق عبد الأعلى بن عبد الأعلى، عن محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر، عن محمد بن علي بن الحسين، عن علي بن أبي طالب فذكره. وإسناده ضعيف فيه علتان:
الأولى: الانقطاع محمد بن علي أبو جعفر الملقب بالباقر لم يدرك جده عليا رضي الله عنه. الثانية: فيه محمد بن إسحاق وهو مدلس وقد عنعن.
وقد أشار الترمذي إلى العلة الأولى فقال عقب الحديث: «هذا حديث حسن غريب وإسناده ليس بمتصل، وأبو جعفر محمد بن علي بن الحسين لم يدرك عليَّ بن أبي طالب». وكذا أعلّه بالانقطاع أيضا البيهقي (٩/ ٣٠٤).
وأما ما روي عن أنس بن مالك أن رسول الله ﷺ أمر بالحسن أو الحسين يوم سابعه أن يحلق، وأن يتصدق بوزنه فضة فهو خطأ.
رواه البزار (٦١٩٩)، والطبراني في الكبير (٢٥٧٥)، وفي الأوسط (١٢٧)، والبيهقي (٩/ ٢٩٩) من طريق ابن لهيعة، حدثني عمارة بن غزية، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن أنس، فذكره.
واللفظ للبزار وزاد غيره: «ولم يجِدْ ذِبْحا».
وإسناده ضعيف؛ لأجل عبد الله بن لهيعة فإنه سيء الحفظ، فلعله أخطأ فيه فوصله بذكر أنس، والصواب ما رواه مالك عن ربيعة، عن محمد بن علي مرسلا كما مضى، وقد أشار إلى هذا الخطأ ابن عبد البر وغيره.
وأما قول الهيثمي في المجمع (٤/ ٥٧): «رواه الطبراني في الكبير، والأوسط والبزار وفي إسناد الكبير ابن لهيعة وإسناده حسن، وبقية رجاله رجال الصحيح». ففيه تساهل، وقوله: «في إسناد الكبير ابن لهيعة» لا وجه له؛ لأن ابن لهيعة عند جميعهم، بل هو عند الطبراني في الكبير
والأوسط بإسناد واحد، فلا معنى لتخصيص الكبير وحده بالذكر.
وخلاصة القول فيه: أن تفرد ابن عقيل لا يضر في ذكر هذه السنة العزيزة بعد استمرار العمل بهذا الحديث في بيت النبوة، فمن المستبعد أن تقدم فاطمة على هذا العمل بدون أمر النبي ﷺ وإذنه، كما فعلت فاطمة بنت حسين أيضا بعدها، ثم استمر العمل به، فاستحبه أهل العلم منهم سفيان الثوري وأحمد والشافعي وغيرهم. وبالله التوفيق.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب

معلومات عن حديث: احلقي شعر رأسه وتصدقي بوزنه من الورق

  • 📜 حديث: احلقي شعر رأسه وتصدقي بوزنه من الورق

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: احلقي شعر رأسه وتصدقي بوزنه من الورق

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: احلقي شعر رأسه وتصدقي بوزنه من الورق

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: احلقي شعر رأسه وتصدقي بوزنه من الورق

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب