عق رسول الله عن حسن وحسين يوم السابع

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث شريف رواه الإمام أحمد في مسنده، والطبراني في المعجم الكبير، وغيرهم من أئمة الحديث، عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وفيه بيانٌ لهدي النبي ﷺ في التعامل مع المولود. وإليك الشرح المفصل:

---

1. شرح المفردات:

* عَقَّ: العَقُّ هنا هو ذبح العقيقة، وهي الشاة التي تذبح عن المولود شكرًا لله على نعمته.
* حسن وحسين: هما سبطا رسول الله ﷺ، ابنا ابنته فاطمة الزهراء رضي الله عنها من علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
* يوم السابع: أي في اليوم السابع من ولادتهما.
* سَمَّاهُمَا: أي اختار لهما اسمًا حسنًا.
* أَمَرَ أَنْ يُمَاطَ: أمر أن يُزال ويُزال.
* عَنْ رُؤُوسِهِمَا الأَذَى: المقصود به شعر الرأس الذي وُلدا به. وميط الأذى يعني حلق رأس المولود.

---

2. شرح الحديث:

يخبرنا هذا الحديث عن ثلاثة أمور فعلها النبي ﷺ أو أمر بها بمناسبة ولادة الحسن والحسين رضي الله عنهما:
* ذبح العقيقة عنهما: فالعقيقة هي سنة مؤكدة عن النبي ﷺ، يُذبح عن الغلام شاتان متقاربتان سليمتان من العيوب، وعن الجارية شاة واحدة. وهي إظهار للفرح بالمولود، وشكر لله على نعمته، وإطعام للفقراء والمحتاجين، مما يوطد أواصر المحبة في المجتمع.
* تسميتهما بأحسن الأسماء: فقد سمى النبي ﷺ حفيديه بـ "الحسن" و"الحسين"، وهما من الأسماء الحسنة الجميلة، وفي هذا تأكيد على اختيار الاسم الحسن للمولود، فهو سيعيش به ويُنادى به بين الناس، والاسم الحسن له أثر طيب.
* حلق رأسيهما والتصدق بوزن الشعر فضة: وهذا من كمال الهدي النبوي. فحلق رأس المولود في اليوم السابع يقوي جلدة الرأس ويفتح مساماته. والأمر بميط الأذى (أي إزالة الشعر) يتضمن بعد ذلك التصدق بوزن ذلك الشعر فضة على الفقراء والمساكين، كما جاء في الأحاديث الأخرى الصحيحة. فهذا فعل تربوي عظيم يجمع بين النظافة الشخصية والعمل الخيري الاجتماعي منذ اللحظات الأولى من حياة الإنسان.

---

3. الدروس المستفادة منه:

* مشروعية العقيقة: فهي سنة مؤكدة عن رسول الله ﷺ يُستحب فعلها في اليوم السابع.
* التوقيت المستحب: الأفضل أن تكون العقيقة والتسمية والحلق في اليوم السابع، فإن فات ففي اليوم الرابع عشر أو الحادي والعشرين، وإلا ففي أي وقت، فهي قربة يتقرب بها إلى الله متى تيسرت.
* اختيار الاسم الحسن: من حق الولد على والده أن يختار له اسمًا حسنًا، لا اسمًا قبيحًا أو مشينًا.
* النظافة والاهتمام بالمظهر: حلق رأس المولود فيه عناية بالنظافة الشخصية وصحة البدن.
* الجمع بين العبادة والإحسان: ففي هذا الهدي النبوي جمع بين العبادة (الذبح تقربًا إلى الله) والإحسان إلى الخلق (التصدق بوزن الشعر فضة وإطعام لحم العقيقة)، مما يجعل مناسبة الولادة مناسبة للتقرب إلى الله ونفع الناس.
* المساواة في الحقوق: فعل النبي ﷺ هذا مع حفيديه يبين أن هذا الحق ليس للذكور فقط، بل للإناث أيضًا، فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن رسول الله ﷺ أمرهم «عن الغلام شاتان مكافئتان، وعن الجارية شاة» رواه الترمذي.

---

4. معلومات إضافية مفيدة:

* حكم العقيقة: سنة مؤكدة عند جمهور العلماء (الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة).
* شروط العقيقة: يشترط في العقيقة ما يشترط في الأضحية، من حيث السلامة من العيوب والسن.
* توزيع لحم العقيقة: يُستحب أن تُطبخ ولا توزع نيئة، ويؤكل منها ويهدى ويتصدق. والتصدق بجزء منها أفضل من حيث الأجر.
* الحكمة من التصدق بوزن الشعر فضة: هذا فعل تعبدي، فيه إحياء لمعنى التكافل الاجتماعي منذ ساعات الحياة الأولى، وتقديم نفع مادي للمحتاجين.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.