حديث: من خلق ربك فليستعذ بال الله

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب في كراهية القول: «من خلق الله؟»

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: «يأتي الشيطانُ أحدكم فيقول: من خلق كذا؟ من خلق كذا؟ حتى يقول: من خلق ربك؟ فإذا بلغه فلْيستعذْ بالله ولْيَنْتَهِ».

متفق عليه: رواه البخاري في بدء الخلق (٣٢٧٦)، ومسلم في الإيمان (٢١٤: ١٣٤) كلاهما من طريق الليث بن سعد، حدثني عقيل بن خالد قال: قال ابن شهاب أخبرني عروة بن الزبير أن أبا هريرة قال .

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: «يأتي الشيطانُ أحدكم فيقول: من خلق كذا؟ من خلق كذا؟ حتى يقول: من خلق ربك؟ فإذا بلغه فلْيستعذْ بالله ولْيَنْتَهِ».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث الشريف الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه، وأخرجه الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما، يحمل تحذيراً نبويّاً بليغاً من وسوسة الشيطان وطرقه الخبيثة في إفساد إيمان العبد.

أولاً. شرح المفردات:


● يأتي الشيطانُ أحدكم: يقصد إبليس أو أحد جنوده، يأتي إلى الإنسان.
● فيقول: من خلق كذا؟ من خلق كذا؟: يبدأ الشيطان بوسوسته على سبيل التسلسل، فيسأل عن خلق الأشياء المحيطة بالإنسان.
● حتى يقول: من خلق ربك؟: هذه غاية الوسوسة ومبلغ الخطر، حيث يصل الشيطان بالعبد إلى السؤال عن خالق الله تعالى.
● فإذا بلغه: أي إذا وصل الإنسان في تفكيره إلى هذا السؤال الشيطاني.
● فلْيستعذْ بالله: فليقل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
● ولْيَنْتَهِ: وليقطع هذا التساؤل والخوض فيه.

ثانياً. شرح الحديث:


يبيّن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث طريقة من أخطر طرق الشيطان في إضلال بني آدم، وهي وسوسة الشك في أصل العقيدة، ألا وهو الإيمان بالله تعالى.
فالشيطان لا يهجم على العبد هجمة واحدة ليسأله "من خلق الله؟" مباشرة، لأن العقل السليم والفطرة المستقيمة ترفض هذا السؤال من أساسه. بل يأتي على سبيل التدرج:
1. يبدأ بسؤال يبدو أنه بريء وعقلي: من خلق السماء؟ من خلق الأرض؟ من خلق الجبال؟ من خلق البحر؟
2. يكون جواب المؤمن واضحاً وصريحاً: الله خلقها.
3. يستمر الشيطان في هذا التسلسل حتى يصل إلى السؤال المسموم: "فمن خلق الله؟".
وهنا يكمن الخطر، حيث يحاول الشيطان أن يعامل الخالق سبحانه معاملة المخلوق، فيسأل عن خالقه، وهذا محال عقلاً وشرعاً. فالله تعالى هو الأول الذي ليس قبله شيء، وهو الخالق الذي لا خالق له، ﴿لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾ [الإخلاص: 3-4].
فالنبي صلى الله عليه وسلم يوجهنا إلى العلاج الفوري والحاسم لهذه الوسوسة:
● الاستعاذة بالله: فهذا تسلل من الشيطان، وأولى خطوات مواجهته هي اللجوء إلى الله والاحتماء به من شر هذا العدو. فقول "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" يقطع طريق الوسوسة.
● الانتهاء: أي التوقف فوراً عن متابعة هذا الخاطر والتفكير في هذا السؤال. لأنه سؤال باطل من أساسه، فلا يجوز للعبد أن يخوض فيه أو يحاول "تحليله" أو "الإجابة عليه"، بل يجب قطعه من أوله.

ثالثاً. الدروس المستفادة:


1- الشيطان عدو ماكر: فهو لا يأتي للعبد من باب المعصية الصريحة دائماً، بل يأتي من باب التشكيك في العقائد عبر أسئلة يلبسها ثوب العقل والتفكر.
2- الفطرة السليمة ترفض التسلسل الباطل: العقل البشري مفطور على الإقرار بوجود خالق ليس كمثله شيء، والسؤال عن خالقه يناقض هذه الفطرة.
3- العلاج الحاسم للوساوس: يكون باللجوء إلى الله وقطع الخواطر فوراً، وعدم الاسترسال معها.
4- حدود التفكر: التفكر في خلق الله مشروع ومطلوب، ﴿الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ [آل عمران: 191]. لكن التفكر في ذات الله بغير الكيفية التي أخبر بها عن نفسه غير جائز، فقد قال تعالى: ﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ﴾ [الإسراء: 36].
5- حماية العقيدة: يجب على المسلم أن يحصن عقيدته بالعلم النافع، ويعلم أن مثل هذه الوساوس هي من الشيطان وليست من نفسه.

رابعاً. معلومات إضافية:


- هذا الحديث أصل عظيم في باب "الرد على الوسواس" في العقيدة، وقد ألف العلماء فيه مصنفات خاصة.
- من الحكم في نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الخوض في "من خلق الله؟" أن هذا السؤال يتضمن تشبيهاً لله بخلقه (حاشاه تعالى)، فالمخلوق له خالق، أما الخالق سبحانه فلا خالق له.
- يستحب للموسوس أن يكثر من ذكر الله ويشغل نفسه بالطاعات، فإن الشيطان إنما يوسوس للقلوب الخالية الغافلة.
أسأل الله أن يعيذنا من وساوس الشيطان، وأن يثبت قلوبنا على دينه.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في بدء الخلق (٣٢٧٦)، ومسلم في الإيمان (٢١٤: ١٣٤) كلاهما من طريق الليث بن سعد، حدثني عقيل بن خالد قال: قال ابن شهاب أخبرني عروة بن الزبير أن أبا هريرة قال .. فذكره. واللفظ للبخاري.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 5 من أصل 93 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من خلق ربك فليستعذ بال الله

  • 📜 حديث: من خلق ربك فليستعذ بال الله

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: من خلق ربك فليستعذ بال الله

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: من خلق ربك فليستعذ بال الله

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: من خلق ربك فليستعذ بال الله

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب