حديث: هذا الله خالق كل شيء فمن خلق الله

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب في كراهية القول: «من خلق الله؟»

عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله ﷺ: «لن يبرح الناسُ يتساءلون حتى يقولوا: هذا اللهُ خالق كل شيء، فمن خلق الله؟».

متفق عليه: رواه البخاري في الاعتصام (٧٢٩٦) عن الحسن بن صباح، حدثنا شبابة، حدثنا ورقاء عن عبد الله بن عبد الرحمن، سمعت أنس بن مالك يقول .

عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله ﷺ: «لن يبرح الناسُ يتساءلون حتى يقولوا: هذا اللهُ خالق كل شيء، فمن خلق الله؟».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث العظيم رواه الإمام مسلم في صحيحه، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لَنْ يَبْرَحَ النَّاسُ يَتَسَاءَلُونَ حَتَّى يَقُولُوا: هَذَا اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ، فَمَنْ خَلَقَ اللَّهَ؟».

أولاً. شرح المفردات:


● لن يبرح: لن يزالوا ولن يفتروا، أي سيستمرون.
● يتساءلون: يطرحون الأسئلة بعضهم على بعض، ويتعمقون في السؤال.
● حتى يقولوا: إلى أن يصل بهم الأمر إلى أن يتلفظوا بهذا القول.
● هذا الله: أي المقصود بالذات الإلهية.
● خالق كل شيء: الذي أوجد كل المخلوقات من العدم.

ثانياً. شرح الحديث:


يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث عن طبيعة البشر، وخصوصاً من لم يرسخ الإيمان في قلوبهم، أنهم سيستمرون في التعمق والتنطع في الأسئلة التي لا طائل من ورائها، والتي تتجاوز حدود العقل البشري المحدود.
وسيصل بهم هذا التساؤل المتعنت إلى أن يسألوا سؤالاً ينم عن جهل عظيم، ألا وهو: "إذا كان الله هو خالق كل شيء، فمن الذي خلق الله؟".
وهذا السؤال في حقيقته باطل ومستحيل عقلاً وشرعاً، لأنه:
1- افتراض وجود خالق للخالق: وهذا يؤدي إلى تسلسل لا نهاية له (فمن خلق الخالق؟ ثم من خلق خالق الخالق؟... وهكذا)، وهو محال عقلاً.
2- قياس الخالق على المخلوق: فالعقل البشري يعرف أن كل موجود يراه مخلوقاً وله بداية، فيظن خطأً أن هذا ينطبق على الخالق سبحانه، وهو وهم كبير. فالله تعالى هو الأول الذي ليس قبله شيء، وهو غير مخلوق، بل هو الخالق.
3- عدم إدراك كمال الله: فالسؤال ينطلق من فكرة النقص (الحاجة إلى من يوجده)، والله تعالى منزه عن كل نقص، فهو الغني عن العالمين.
ولذلك جاء الرد على هذا السؤال في القرآن الكريم بقوله تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص: 1-4]. فالله هو الواحد الأحد، الذي لم يولد (أي لم يُخلق) ولم يكن له مثيل.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- التحذير من التنطع والتعمق في الدين: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الغلو والتساؤلات التي لا فائدة منها، والتي قد تؤدي إلى الشك والضلال. فالعقل له حدود لا يستطيع تجاوزها.
2- ثبات صفات الله تعالى: الله هو الأول والآخر، وهو خالق كل شيء ولا يحتاج إلى خالق. هذا من بديهيات الإيمان.
3- الاعتماد على النقل الصحيح: يجب على المسلم أن يقف عند ما جاء في الكتاب والسنة، ولا يتجاوزه بتأويلات عقلية محضة تزله عن جادة الصواب.
4- بيان حكمة النبي صلى الله عليه وسلم: فهو يخبر عن أمور ستقع في المستقبل لتحذير الأمة منها، وقد وقع ما أخبر به، حيث ظهرت فرق وطوائف في التاريخ الإسلامي طرحت مثل هذه الأسئلة الكفرية.
5- وجوب سلامة القلب وسلامة القصد: فالكثير من هذه التساؤلات تنشأ من قلب غير سليم، يريد المراء والجدال بغير علم، لا طلباً للحق.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:


- من الحكمة في مواجهة مثل هذه الأسئلة تذكير السائل بعظمة الله وقدرته، وأن العقل البشري قاصر عن إدراك ذات الله تعالى، فكما أننا نؤمن بأن له ذاتاً لا كالذوات، فكيف نطالب بفهم كيفية وجودها؟
- ينبغي للمسلم أن يشغل نفسه بما ينفعه من أمور دينه ودنياه، ويترك التعمق في الأمور الغيبية التي لم يرد فيها نص صريح.
- هذا الحديث من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم التي أخبر فيها عن أمور غيبية وقعت كما قال.
نسأل الله تعالى أن يثبتنا على الإيمان، ويجنبنا الزيغ والضلال، وأن يرزقنا القبول والانقياد لأمره.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في الاعتصام (٧٢٩٦) عن الحسن بن صباح، حدثنا شبابة، حدثنا ورقاء عن عبد الله بن عبد الرحمن، سمعت أنس بن مالك يقول .. فذكره. ورواه مسلم في الإيمان من وجه آخر عن المختار بن فلفل عن أنس، به نحوه.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 6 من أصل 93 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: هذا الله خالق كل شيء فمن خلق الله

  • 📜 حديث: هذا الله خالق كل شيء فمن خلق الله

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: هذا الله خالق كل شيء فمن خلق الله

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: هذا الله خالق كل شيء فمن خلق الله

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: هذا الله خالق كل شيء فمن خلق الله

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب