حديث: كان الله ولم يكن شيء قبله

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب أول الخلق

عن عمران بن حصين قال: إني عند النبي ﷺ إذ جاءه قوم من بني تميم فقال: «اقبلوا البشرى يا بني تميم» قالوا: بشَّرتنا فأعطنا، فدخل ناس من أهل اليمن فقال: «اقبلوا البشرى يا أهل اليمن إذ لم يقبلها بنو تميم» قالوا: قبلنا جئناك لنتفقه في الدين، ولنسألك عن أول هذا الأمر ما كان؟ قال: «كان الله ولم يكن شيء قبله، وكان عرشه على الماء، ثم خلق السموات والأرض، وكتب في الذكر كل شيء»، ثم أتاني رجل فقال: يا عمران أدرك ناقتك فقد ذهبت فانطلقت أطلبها، فإذا السراب ينقطع دونها، وايم الله لوددت أنها قد ذهبت ولم أقم.

صحيح: رواه البخاري في التوحيد (٧٤١٨) عن عبدان، قال: أخبرنا أبو حمزة، عن الأعمش، عن جامع بن شداد، عن صفوان بن محرز، عن عمران بن حصين .

عن عمران بن حصين قال: إني عند النبي ﷺ إذ جاءه قوم من بني تميم فقال: «اقبلوا البشرى يا بني تميم» قالوا: بشَّرتنا فأعطنا، فدخل ناس من أهل اليمن فقال: «اقبلوا البشرى يا أهل اليمن إذ لم يقبلها بنو تميم» قالوا: قبلنا جئناك لنتفقه في الدين، ولنسألك عن أول هذا الأمر ما كان؟ قال: «كان الله ولم يكن شيء قبله، وكان عرشه على الماء، ثم خلق السموات والأرض، وكتب في الذكر كل شيء»، ثم أتاني رجل فقال: يا عمران أدرك ناقتك فقد ذهبت فانطلقت أطلبها، فإذا السراب ينقطع دونها، وايم الله لوددت أنها قد ذهبت ولم أقم.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإني أسأل الله تعالى أن يوفقنا لبيان معاني هذا الحديث النبوي الشريف شرحًا مستمدًا من فهم السلف الصالح، ومستندًا إلى كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.
الحديث رواه الإمام البخاري في صحيحه، وهو من الأحاديث العقدية المهمة التي تتعلق ببدء الخلق وصفات الله تعالى.


1. شرح المفردات:


● اقبلوا البشرى: اقبلوا البشارة والخبر السار (وهو هنا بشارة بالإيمان والعلم).
● فأعطنا: طلبوا عطاءً دنيويًا ماديًا بعد سماع البشارة.
● أول هذا الأمر: بداية هذا الخلق والوجود، وكيف كانت بدايته.
● كان الله ولم يكن شيء قبله: وجود الله تعالى أزلي لا بداية له، ولم يكن معه شيء من المخلوقات.
● وكان عرشه على الماء: أن عرش الله تعالى كان موجودًا قبل خلق السموات والأرض، وهو مستوٍ على الماء.
● الذكر: هنا يعني اللوح المحفوظ، الذي كتب الله فيه مقادير كل شيء إلى يوم القيامة.
● السراب ينقطع دونها: شبه انطلاق الناقة السريع بانزياح السراب واختفائه.


2. شرح الحديث:


يحدثنا الصحابي الجليل عمران بن حصين رضي الله عنه أنه كان جالسًا مع النبي صلى الله عليه وسلم، فجاءه وفد من بني تميم، فبشرهم النبي صلى الله عليه وسلم (والبشارة هنا هي بشارة بالإيمان والهداية)، لكنهم لم يفهموا المقصود الروحي والمعنوي، وطلبوا عطاءً ماديًا دنيويًا.
ثم جاء ناس من أهل اليمن، فبشرهم النبي بنفس البشارة، فقبلوها وردوا ردًا جميلًا يدل على فهمهم وإدراكهم، فقالوا: "قبلنا"، ثم طلبوا العلم الشرعي والفقه في الدين، وسألوا عن بداية الخلق.
فأجابهم النبي صلى الله عليه وسلم بإجابة عظيمة تتعلق بأصول العقيدة:
● «كان الله ولم يكن شيء قبله»: هذا تأكيد على أزلية وجود الله تعالى ووحدانيته، وأنه لا شريك له، ولم يكن قبله أي موجود، فهو الأول الذي ليس قبله شيء.
● «وكان عرشه على الماء»: وهذا بيان أن العرش كان مخلوقًا قبل السموات والأرض، وهو أعظم المخلوقات، وكان مستويًا على الماء، وهذا الماء هو أول ما خلق الله من العالم المادي، كما ورد في أحاديث أخرى.
● «ثم خلق السموات والأرض»: بعد خلق العرش والماء، بدأ الله خلق السموات والأرض في ستة أيام كما بين القرآن.
● «وكتب في الذكر كل شيء»: أي كتب في اللوح المحفوظ مقادير الخلائق كلها، وما سيكون إلى يوم القيامة، مما يدل على سعة علم الله وإحاطته بكل شيء.
ثم يختم عمران بن حصين رضي الله عنه قصته بأنه انشغل عن هذا الموقف العظيم بسبب انشغاله بناقته التي ذهبت، وعبر عن ندمه على فواته بقاءه مع النبي صلى الله عليه وسلم في هذا المجلس العظيم، وقال: "لوددت أنها قد ذهبت ولم أقم"، أي يتمنى لو أن الناقة ضاعت ولم يفته ذلك المجلس.


3. الدروس المستفادة والعبر:


1- فضل أهل اليمن وإيمانهم: حيث قبلوا البشارة وطلبوا العلم، بخلاف بني تميم الذين طلبوا العطاء المادي.
2- أولية الله تعالى ووجوده قبل كل شيء: فهو سبحانه الأول الذي لا بداية له، وهو خالق كل شيء.
3- عظمة العرش: وأنه أول المخلوقات العظيمة، وهو كرسي الله العظيم.
4- أهمية العلم والتفقه في الدين: حيث قدم أهل اليمن طلب العلم على كل شيء، وسألوا عن أصول العقيدة.
5- ندم الصحابة على فوات الخير: مما يدل على حرصهم على مجالس النبي صلى الله عليه وسلم وتلقي العلم منه.
6- إثبات صفة العلو والاستواء لله تعالى: حيث ذكر استواء العرش على الماء، مما يدل على علو الله تعالى على خلقه.


4. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث أصل في مسألة بدء الخلق، وقد استدل به العلماء على أن العرش والماء خلقا قبل السموات والأرض.
- قوله: «كان الله ولم يكن شيء قبله» لا يعني أن الله مخلوق حاشا لله، بل هو إثبات لأزلية الله تعالى، وأنه موجود قبل كل شيء.
- الحديث يرد على من ينكر علو الله تعالى على خلقه، فإن العرش أعلى المخلوقات، والله تعالى فوق العرش مستو عليه.
- فيه دليل على أن القضاء والقدر سابق، وقد كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلقهم.
أسأل الله تعالى أن يفقهنا في الدين، وأن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في التوحيد (٧٤١٨) عن عبدان، قال: أخبرنا أبو حمزة، عن الأعمش، عن جامع بن شداد، عن صفوان بن محرز، عن عمران بن حصين .. فذكره.
ورواه في بدء الخلق (٣١٩١) من رواية حفص بن غياث، عن الأعمش به وفيه: «ولم يكن شيء غيره».
ورواه في بدء الخلق أيضا (٣١٩٠) من رواية سفيان الثوري، عن جامع بن شدّاد به مختصرا، وزاد فيه بعد قوله: «بشّرتنا فأعطنا» «فتغيّر وجهه».
أبو حمزة: هو محمد بن ميمون السُّكّري.
ورواه النسائي في الكبرى في التفسير (١١٧٦) من رواية خالد بن الحارث، عن ابن مهدي، عن جامع بن شداد به مختصرًا وفيه: «ثم خلق سبع سماوات».
ورواه الطبراني في الكبير (١٨/ ٢٠٤) من رواية أبي بكر بن أبي شيبة، عن محمد بن عبيد، عن الأعمش، به وفيه: «وأتاه ناسٌ من بني تميم فقال: اقبلوا البشرى، فقالوا: قد قبلنا فأعطنا فأعرض عنهم ثم أتاه ناس من اليمن فقال: اقبلوا البشرى ولا تقولوا كما قال بنو تميم».
وانقلب في صحيح ابن حبان (٦١٤٠) فقال: «دخل عليه نفر من بني تميم فقالوا: يا رسول الله جئناك لنتفقه في الدين».
رواه من طريق محمد بن أبي عبيدة بن معن، حدثنا أبي، عن الأعمش به.
والحديث فيه دليل على أنه لم يكن شيء غيره سبحانه تعالى لا الماء ولا العرش ولا غيرهما، وأنه خلق الماء ثم خلق العرش على الماء، وقد وقع في قصة نافع بن زيد الحميري بلفظ: «كان عرشه على الماء، ثم خلق القلم فقال: اكتب ما هو كائن، ثم خلق السماوات والأرض وما فيهن» فصرّح بترتيب المخلوقات بعد الماء والعرش.
قاله الحافظ ابن حجر في الفتح (٦/ ٢٨٩) وسكت عليه. وأورد هذا الحديث في الإصابة في ترجمة نافع بن زيد (٨٩٩١) فقال: وأخرج ابن شاهين من طريق زكريا بن الحميري أن نافع بن زيد الحميري قدم وافدًا على رسول الله ﷺ في نفر من حمير فقالوا: أتيناك لنتفقه في الدين، ونسألك عن أول هذا الأمر. قال: «كان الله ليس شيء غيره، وكان عرشه على الماء، ثم خلق القلم فقال: اكتب ما هو كائن ثم خلق السموات والأرض وما فيهن، واستوى على عرشه» ثم قال ابن حجر: فيه عدة مجاهيل. اهـ.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 9 من أصل 93 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: كان الله ولم يكن شيء قبله

  • 📜 حديث: كان الله ولم يكن شيء قبله

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: كان الله ولم يكن شيء قبله

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: كان الله ولم يكن شيء قبله

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: كان الله ولم يكن شيء قبله

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب