حديث: لعل الله اطلع على من شهد بدرا، قال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

إخبار حاطب بن أبي بلتعة أهل مكة بأمر رسول الله ﷺ -

عن عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، - وهو كاتب علي - يَقُولُ: سَمِعْتُ عَلِيًّا رضي الله عنه يَقُولُ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللهِ ﷺ أَنَا وَالزُّبَيْرَ وَالْمِقْدَادَ فَقَالَ: «انْطَلِقُوا حَتَّى تَأْتُوا رَوْضَةَ خَاخٍ، فَإِنَّ بِهَا ظَعِينَةً مَعَهَا كِتَابٌ، فَخُذُوا مِنْهَا». قَالَ: فَانْطَلَقْنَا تَعَادَى بِنَا خَيْلُنَا حَتَّى أَتَيْنَا الرَّوْضَةَ، فَإِذَا نَحْنُ بِالظَّعِينَةِ، قُلْنَا لَهَا: أَخْرِجِي الْكِتَابَ. قَالَتْ: مَا مَعِي كِتَابٌ. فَقُلْنَا: لَتُخْرِجِنَّ الْكِتَابَ أَوْ لَنُلْقِيَنَ الثِّيَابَ، قَالَ: فَأَخْرَجَتْهُ مِنْ عِقَاصِهَا، فَأَتَيْنَا بِهِ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَإِذَا فِيهِ: مِنْ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ - إِلَى نَاسٍ بِمَكَّةَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ -، يُخْبِرُهُمْ بِبَعْضِ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «يَا حَاطِبُ مَا هَذَا». قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَا تَعْجَلْ عَلَيَّ، إِنِّي كُنْتُ امْرَأً مُلْصَقًا فِي قُرَيْشٍ - يَقُولُ: كُنْتُ حَلِيفًا - وَلَمْ أَكُنْ مِنْ أَنْفُسِهَا - وَكَانَ مَنْ مَعَكَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ مَنْ لَهُمْ قَرَابَاتٌ، يَحْمُونَ أَهْلِيهِمْ وَأَمْوَالَهُمْ، فَأَحْبَبْتُ إِذْ فَاتَنِي ذَلِكَ مِنَ النَّسَبِ فِيهِمْ أَنْ أَتَّخِذَ عِنْدَهُمْ يَدًا يَحْمُونَ قَرَابَتِي، وَلَمْ أَفْعَلْهُ ارْتِدَادًا عَنْ دِينِي، وَلَا رِضًا بِالْكُفرِ بَعْدَ الإسْلَامِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أَمَا إِنَّهُ قَدْ صَدَقَكُمْ». فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ. فَقَال: «إِنَّهُ قَدْ شهِدَ بَدْرًا، وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ عَلَى مَنْ شهِدَ بَدْرًا، قَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ» فَأَنْزَلَ اللَّهُ السُّورَةَ: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ﴾ [الممتحنة: ١].

متفق عليه: رواه البخاري في المغازي (٤٢٧٤) ومسلم في فضائل الصحابة (١٦: ٢٤٩٤) كلاهما من طريق سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، قال: أخبرني الحسن بن محمد أنه سمع عبيد الله بن أبي رافع يقول: سمعت عليًّا يقول: فذكره.

عن عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، - وهو كاتب علي - يَقُولُ: سَمِعْتُ عَلِيًّا ﵁ يَقُولُ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللهِ ﷺ أَنَا وَالزُّبَيْرَ وَالْمِقْدَادَ فَقَالَ: «انْطَلِقُوا حَتَّى تَأْتُوا رَوْضَةَ خَاخٍ، فَإِنَّ بِهَا ظَعِينَةً مَعَهَا كِتَابٌ، فَخُذُوا مِنْهَا». قَالَ: فَانْطَلَقْنَا تَعَادَى بِنَا خَيْلُنَا حَتَّى أَتَيْنَا الرَّوْضَةَ، فَإِذَا نَحْنُ بِالظَّعِينَةِ، قُلْنَا لَهَا: أَخْرِجِي الْكِتَابَ. قَالَتْ: مَا مَعِي كِتَابٌ. فَقُلْنَا: لَتُخْرِجِنَّ الْكِتَابَ أَوْ لَنُلْقِيَنَ الثِّيَابَ، قَالَ: فَأَخْرَجَتْهُ مِنْ عِقَاصِهَا، فَأَتَيْنَا بِهِ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَإِذَا فِيهِ: مِنْ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ - إِلَى نَاسٍ بِمَكَّةَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ -، يُخْبِرُهُمْ بِبَعْضِ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «يَا حَاطِبُ مَا هَذَا». قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَا تَعْجَلْ عَلَيَّ، إِنِّي كُنْتُ امْرَأً مُلْصَقًا فِي قُرَيْشٍ - يَقُولُ: كُنْتُ حَلِيفًا - وَلَمْ أَكُنْ مِنْ أَنْفُسِهَا - وَكَانَ مَنْ مَعَكَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ مَنْ لَهُمْ قَرَابَاتٌ، يَحْمُونَ أَهْلِيهِمْ وَأَمْوَالَهُمْ، فَأَحْبَبْتُ إِذْ فَاتَنِي ذَلِكَ مِنَ النَّسَبِ فِيهِمْ أَنْ أَتَّخِذَ عِنْدَهُمْ يَدًا يَحْمُونَ قَرَابَتِي، وَلَمْ أَفْعَلْهُ ارْتِدَادًا عَنْ دِينِي، وَلَا رِضًا بِالْكُفرِ بَعْدَ الإسْلَامِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أَمَا إِنَّهُ قَدْ صَدَقَكُمْ». فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ. فَقَال: «إِنَّهُ قَدْ شهِدَ بَدْرًا، وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ عَلَى مَنْ شهِدَ بَدْرًا، قَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ» فَأَنْزَلَ اللَّهُ السُّورَةَ: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ﴾ [الممتحنة: ١].

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم ورد في صحيح البخاري وغيره، يحكي قصة مهمة من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، وفيها دروس وعبر عظيمة.

أولاً. شرح المفردات:


● رَوْضَةَ خَاخٍ: موضع قرب مكة، والروضة هي الأرض الخضراء النضرة، و"خاخ" اسم لذلك المكان.
● ظَعِينَةً: المرأة المسافرة التي تكون في الهودج على ظهر بعيرها.
● عِقَاصِهَا: ضفيرة شعرها أو موضع تربيطه، وكانت النساء تخبئن الأشياء الثمينة في شعورهن.
● مُلْصَقًا: أي حليفاً أو تابعاً، ليس من صميم القبيلة بل التحق بها.
● يُخْبِرُهُمْ بِبَعْضِ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: أي يخبر المشركين في مكة بتحركات الجيش الإسلامي واستعداد النبي صلى الله عليه وسلم للخروج إليهم (وكان ذلك قبل فتح مكة).

ثانياً. شرح الحديث:


يحدثنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسله هو والزبير بن العوام والمقداد بن الأسود في مهمة سرية إلى روضة خاخ. وأخبرهم أن هناك امرأة مسافرة معها كتاب مرسل من أحد المسلمين إلى المشركين في مكة يخبرهم بأمر النبي صلى الله عليه وسلم العسكري.
انطلق الفرسان الثلاثة بسرعة حتى وصلوا إلى المكان، فوجدوا المرأة، وطلبوا منها تسليم الكتاب فأنكرت، فأخبروها أنهم سيفتشونها إن لم تسلمه، فأخرجته من مخبأه في ضفيرة شعرها.
عادوا بالكتاب إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا هو من حاطب بن أبي بلتعة – أحد الصحابة – يخبر فيه مشركي قريش بأمر النبي صلى الله عليه وسلم. فاستدعاه النبي صلى الله عليه وسلم وسأله عن سبب فعلته.
اعتذر حاطب بأنه ليس من صميم قريش بل حليف لها، وأن المهاجرين الآخرين لهم عشائر تحميهم في مكة، أما هو فليس له من يحمي أهله وماله هناك، فأراد بهذا العمل أن يكسب ودّ قريش ليحموا أهله، وأكد أنه لم يفعل ذلك كفراً أو ارتداداً عن دينه.
صدق النبي صلى الله عليه وسلم عذره وعذرّه، ولكن عمر بن الخطاب رضي الله عنه غضب وطلب الإذن بقتله لخيانته العهد، فمنعه النبي صلى الله عليه وسلم قائلاً: "إنه قد شهد بدراً، وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم". وفي رواية: "فقد غفرت لكم".
ونزلت الآيات من سورة الممتحنة تعاتب المؤمنين على موالاة الأعداء، وتؤكد على خطورة هذه الفعلة، مع أنها لم تذكر حاطباً بالاسم، بل جاءت عامة.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- حكمة النبي صلى الله عليه وسلم ورحمته: فقد عامل حاطباً بالرفق والرحمة مع جسامة ما فعل، واعتبره زلة من مجاهد شهد بدراً، ولم يعاقبه عقاب الخائن.
2- الغيرة على الدين: كما ظهرت من عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حيث غضب لله وارتفعت غيرته على حرمات الدين.
3- خطورة موالاة الكفار: فالحديث والآية التي نزلت فيه تحذر من اتخاذ أعداء الله أولياء وإفشاء أسرار المسلمين لهم.
4- مراعاة الظروف والنوايا: النبي صلى الله عليه وسلم قبل عذر حاطب لأنه صدر عن نية حماية أهله لا عن كفر أو خيانة للدين.
5- فضل أهل بدر: فقد غفر الله لهم ذنوبهم بسبب فضلهم وجهادهم في بدر، وهذا من فضل الله تعالى على المجاهدين الأوائل.
6- الإجراءات الأمنية: النبي صلى الله عليه وسلم أخذ بالأسباب وحافظ على سرية تحركات الجيش، ولم يهمل أي تسرب للمعلومات.

رابعاً. معلومات إضافية:


● حاطب بن أبي بلتعة: صحابي جليل شهد بدراً والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان من المهاجرين.
● الحديث يدل على: أن مرتكب الكبيرة لا يخرج من الإسلام ما لم يستحلّها، فحاطب ارتكب كبيرة لكنه باقٍ في الإسلام.
● الآية نزلت تعقيباً على الحادثة: لتؤكد على قطع المودة مع الكفار، وعدم إفشاء أسرار المسلمين لهم.
هذا والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في المغازي (٤٢٧٤) ومسلم في فضائل الصحابة (١٦: ٢٤٩٤) كلاهما من طريق سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، قال: أخبرني الحسن بن محمد أنه سمع عبيد الله بن أبي رافع يقول: سمعت عليًّا يقول: فذكره.
قوله: «لظعينة»: المرأة.
وقوله: «بعثني رسول الله ﷺ أنا والزبير والمقداد» وفي رواية عند البخاري ومسلم «أبو مرثد الغنوي» بدل «المقداد» قال الحافظ: «فيحتمل أن يكون الثلاثة كانوا معه فذكر أحد الراويين عن علي ما لم يذكره الآخر» اهـ. الفتح (٧/ ٥٢٠) وفي رواية أخرى: «فدمعت عينا عمر» فقال: الله ورسوله أعلم.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 632 من أصل 1279 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لعل الله اطلع على من شهد بدرا، قال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم

  • 📜 حديث: لعل الله اطلع على من شهد بدرا، قال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: لعل الله اطلع على من شهد بدرا، قال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: لعل الله اطلع على من شهد بدرا، قال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: لعل الله اطلع على من شهد بدرا، قال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب