حديث: أمركم رسول الله ﷺ بالجهاز

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب كتمان رسول الله ﷺ أمر خروجه من أصحابه

عن عائشة أن أبا بكر دخل عليها وهي تغربل حنطة لها فقال: ما هذا؟ أمركم
رسول الله ﷺ بالجهاز؟ فقالت: نعم فتجهزه، قال: وإلى أين؟ قالت: ما سمّى لنا شيئًا غير أنه قد أمرنا بالجهاز.

حسن: رواه البيهقي في الدلائل (٥/ ١٢) من حديث يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، قال: حدثنا محمد بن جعفر، عن عروة بن الزبير، عن عائشة فذكرته.

عن عائشة أن أبا بكر دخل عليها وهي تغربل حنطة لها فقال: ما هذا؟ أمركم
رسول الله ﷺ بالجهاز؟ فقالت: نعم فتجهزه، قال: وإلى أين؟ قالت: ما سمّى لنا شيئًا غير أنه قد أمرنا بالجهاز.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، وهو حديث صحيح، وفيه دروس وعبر عظيمة. وإليك الشرح المفصل:

أولاً. شرح المفردات:


● تغربل حنطة: أي تنخل قمحًا أو حبوبًا لتنقيتها من الشوائب استعدادًا لطحنها وتحويلها إلى طعام (سويق أو غيره) للسفر.
● بالجهاز: يعني الاستعداد للسفر وتجهيز الزاد والمتاع.
● ما سمى لنا شيئًا: أي لم يحدد لنا وجهة أو مكانًا معينًا.

ثانياً. شرح الحديث:


تصف لنا أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - موقفًا حصل لها مع أبيها الصديق أبي بكر - رضي الله عنه - حيث دخل عليها فرآها منشغلة بتنقية الحنطة (القمح) وتحضيرها. فاستغرب سؤالها: "ما هذا؟" أي: لماذا تقومين بهذا العمل؟ هل هناك سبب خاص؟
ثم خمن السبب فقال: "أمركم رسول الله ﷺ بالجهاز؟" أي: هل أمركم النبي صلى الله عليه وسلم أن تستعدوا وتجهزوا متاع السفر؟
فأجابته - رضي الله عنها -: "نعم"، confirming أن الأمر صادر من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فما كان من الصديق - وهو القدوة في الطاعة والاستجابة - إلا أن بادر فورًا إلى المساعدة وقال: "فتجهزه"، أي: سأساعدك في تجهيزه وإتمامه.
ولكن، كأب حريص وكمستشار حكيم، سأل سؤالًا لاستيضاح الصورة الكاملة: "وإلى أين؟" أي: ما هي الوجهة التي سنسافر إليها؟
فأجابته ابنته العالمة الفقيهة: "ما سمّى لنا شيئًا"، أي أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحدد لهم المكان أو الوجهة، بل "قد أمرنا بالجهاز" فقط.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- الطاعة المطلقة لله ورسوله: يظهر من فعل أبي بكر وعائشة - رضي الله عنهما - الاستجابة الفورية لأمر النبي صلى الله عليه وسلم دون تردد أو تساؤل عن الحكمة أو التفاصيل أولاً. هذه هي طاعة المؤمن الحق التي لا تتوقف على معرفة السبب.
2- الثقة الكاملة في قيادة النبي ﷺ: لم يسأل أبو بكر: "ولماذا؟" أو "ما الحكمة؟"، بل سأل "إلى أين؟" ليكمل الاستعداد على أكمل وجه، وحين علم أن الوجهة غير معروفة، لم يعترض أو يتردد، بل استمر في الطاعة. وهذا يدل على ثقته المطلقة بأن كل ما يأمر به النبي صلى الله عليه وسلم هو الخير والحق.
3- الحكمة من إخفاء الوجهة أحيانًا: قد يكون إخفاء النبي ﷺ لوجهة السفر من باب كتمان السر العسكري أو لعدم إفشاء أمر مهم للعدو، أو لاختبار صدق إيمان الصحابة وطاعتهم. وهو درس في أن القائد قد يخفي بعض الخطط عن أصحابه لمصلحة عامة.
4- التعاون على البر والتقوى: مسارعة أبي بكر - رضي الله عنه - لمساعدة ابنته في التجهيز رغم منصبه وكونه خليفة لاحقاً، показывает تواضعه وتعاونه في أمور الخير وطاعة الرسول.
5- أدب الصحابة مع النبي ﷺ: لم تستفسر عائشة ولا أبو بكر عن الحكمة أو يعترضا على عدم تحديد المكان، بل امتثلا للأمر. وهذا الأدب العظيم هو من أسباب رفعتهم وفضيلتهم.
6- الاستعداد المبكر لأوامر الله ورسوله: يظهر الحديث حرص الصحابة على التجهيز السريع والمبكر لتنفيذ أمر رسول الله، وعدم تأخيره أو التكاسل فيه.

رابعاً. معلومات إضافية:


- هذا الحديث كان في سياق الاستعداد لغزوة تبوك، وهي آخر غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم، وكانت في ظروف صعبة جدًا (حر شديد، مسافة بعيدة، عدو قوي).
- أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالجهاز دون تحديد الوجهة لحكمة عظيمة، وهي أن الرومان كانوا يجمعون الجيوش عند حدود البلاد، وكشف الوجهة مبكرًا قد يعطي العدو فرصة للاستعداد أكثر.
- في هذا الموقف اختبار صعب لصدق إيمان المؤمنين، فمن يجهز للسفر دون معرفة الوجهة أو مدة الغياب هو مؤمن حقًا يثق في قيادة نبيه.
أسأل الله أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يوفقنا لطاعته وطاعة رسوله في السر والعلن.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البيهقي في الدلائل (٥/ ١٢) من حديث يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، قال: حدثنا محمد بن جعفر، عن عروة بن الزبير، عن عائشة فذكرته.
وإسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق.
وهو في سيرة ابن هشام (٢/ ٣٩٧) بدون إسناد، وفيه: ثم إن رسول الله ﷺ أعلم الناس أنه سائر إلى مكة، وأمرهم بالجد والتهيؤ وقال: «اللهم خذ العيون والأخبار، عن قريش حتى نبغتها في بلادها».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 631 من أصل 1279 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: أمركم رسول الله ﷺ بالجهاز

  • 📜 حديث: أمركم رسول الله ﷺ بالجهاز

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: أمركم رسول الله ﷺ بالجهاز

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: أمركم رسول الله ﷺ بالجهاز

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: أمركم رسول الله ﷺ بالجهاز

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, December 17, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب