عن عائشة: إن رسول الله لم يكن يسرد الحديث كسردكم

حديث: عن عائشة: إن رسول الله لم يكن يسرد الحديث كسردكم

عن عائشة أنها قالت لعروة: ألا يعجبك أبو هريرة جاء فجلس إلى جنب حجرتي، يحدث عن النبي ﷺ يسمعني ذلك، وكنت أسبح فقام قبل أن أقضي سبحتي، ولو أدركته لرددت عليه، إن رسول الله ﷺ لم يكن يسرد الحديث كسردكم.
وزاد في رواية: ولكنه كان يتكلم بكلام بيّن فصل يحفظه من جلس إليه.

صحيح: رواه مسلم في فضائل الصحابة (١٦٠: ٢٤٩٣) عن حرملة بن يحيى التميمي، أخبرنا ابن وهب، أخبرني يونس، عن ابن شهاب أن عروة بن الزبير حدثه أن عائشة قالت: فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
أهلاً وسهلاً بك، وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث الذي ذكر رواه الإمام مسلم في صحيحه، وهو حديث عظيم يُظهر لنا أدب الصحابة رضي الله عنهم في تلقي الحديث وروايته، ويبين لنا هدي النبي صلى الله عليه وسلم في كيفية كلامه وتعليمه.

أولاً. شرح المفردات:

● عروة: هو عروة بن الزبير بن العوام، ابن أخت السيدة عائشة رضي الله عنها، وأحد فقهاء المدينة السبعة.
● يسبح: أي أؤدي صلاة النافلة (التسبيح هنا كناية عن الصلاة).
● يسرد الحديث كسردكم: السرد هو الإسراع في الكلام وإتابعته دون توقف أو ترتيب.
● كلام بيّن فصل: البيان هو الوضوح، والفصل هو التميز والتفصيل، أي كلام واضح متميز تفهمه القلوب وتحفظه العقول.

ثانياً. شرح الحديث:

تخبرنا السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها - وهي من أعلم الناس بسنّة النبي صلى الله عليه وسلم - قصة توضح فيها دقة الصحابة في رواية الحديث.
فقد جاء أبو هريرة رضي الله عنه - وهو من أكثر الصحابة رواية للحديث - وجلس بجوار حجرة السيدة عائشة ليحدث الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت هي في داخلها تصلي صلاة نافلة فسمعت حديثه.
ولكن أبو هريرة انصرف قبل أن تكمل السيدة عائشة صلاتها. وتقول: "ولو أدركته لرددت عليه"، ليس لأن الحديث غير صحيح، حاشا لله، فأبو هريرة ثقة عدل، ولكن لتصحيح كيفية الأداء والرواية.
ثم تذكر السيدة عائربة الحكمة من ذلك، فتقول: "إن رسول الله ﷺ لم يكن يسرد الحديث كسردكم". أي أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يتكلم بكلام سريع متتابع لا يُفهم مغزاه، بل كان يتأنى في كلامه ليفهم السامع ويحفظ.
وفي الرواية الأخرى تزيد فتبين صفة كلامه صلى الله عليه وسلم: "ولكنه كان يتكلم بكلام بيّن فصل يحفظه من جلس إليه".
فكان صلى الله عليه وسلم:
1- واضح العبارة: لا غموض فيه ولا إبهام.
2- مفصّل: يفرق بين الكلمات بتمهل، ويكرر أحياناً لأهمية المعنى.
3- سهل الحفظ: بسبب هذا الوضوح والتمهل، كان من يجلس إليه يحفظ كلامه بسهولة.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:

1- حرص الصحابة على الدقة المطلقة في رواية السنة: حتى في أسلوب النقل وطريقة الحديث، كانوا حريصين على أن ينقلوا الصورة كاملة كما هي، لا سيما من كانوا ملازمين للنبي صلى الله عليه وسلم كأهل بيته مثل السيدة عائشة.
2- هدي النبي صلى الله عليه وسلم في التعليم والخطاب: كان أفصح الناس، وأوضحهم بياناً، يتكلم بجوامع الكلم، ولا يسرع في كلامه بل يتأنى ليفهم الناس ويستوعبوا وينتفعوا.
3- أهمية التأني ووضوح الشرح في الدعوة والتعليم: هذا من أنجح طرق إيصال المعلومة، خاصة في أمور الدين، حتى تثبت في القلوب والعقول.
4- الأدب الرفيع بين صحابة رسول الله: نرى أدب السيدة عائشة مع أبي هريرة، حيث لم تتهمه بالخطأ، بل بينت أن هدي النبي كان غير ذلك، وأدب أبي هريرة حيث قبل الحق، وهذا من فضائلهم رضي الله عنهم أجمعين.
5- بيان فضل أبي هريرة ودقته: فالسيدة عائشة لم تعبه في روايته، بل في سرعة سرده للحديث فقط، مما يدل على قبول روايته عندها وعند جميع الأمة.

رابعاً. معلومات إضافية:

- هذا الحديث أصل كبير في آداب طالب العلم والمعلم، فينبغي للمعلم أن يحدث بكلام واضح مفصل، وللطالب أن يتأنى في السماع والفهم.
- يظهر من هذا الحديث كيف كانت المرأة العالمة (السيدة عائشة) مرجعاً في العلم وتصحيح الروايات، مما يدل على مكانة المرأة في الإسلام وحقها في التعليم والتعليم.
أسأل الله أن يرزقنا فهم سنة نبيه صلى الله عليه وسلم والعمل بها، وأن يجمعنا به في جنات النعيم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في فضائل الصحابة (١٦٠: ٢٤٩٣) عن حرملة بن يحيى التميمي، أخبرنا ابن وهب، أخبرني يونس، عن ابن شهاب أن عروة بن الزبير حدثه أن عائشة قالت: فذكره. وذكره البخاري في المناقب (٣٥٦٨) معلقا عن الليث حدثني يونس عن ابن شهاب به.
والزيادة رواها الترمذي في سننه (٣٦٣٩) وفي الشمائل (٢٢٤) وأحمد (٢٦٢٠٩، ٥٢٠٧٧) وابن سعد (١/ ٣٧٥) كلهم من طريق أسامة بن زيد الليثي، حدثنا ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة قالت: فذكرته.
وإسناده حسن من أجل أسامة بن زيد الليثي فإنه حسن الحديث.
وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 1072 من أصل 1279 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: عن عائشة: إن رسول الله لم يكن يسرد الحديث كسردكم

📜 حديث: عن عائشة: إن رسول الله لم يكن يسرد الحديث كسردكم

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: عن عائشة: إن رسول الله لم يكن يسرد الحديث كسردكم

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: عن عائشة: إن رسول الله لم يكن يسرد الحديث كسردكم

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: عن عائشة: إن رسول الله لم يكن يسرد الحديث كسردكم

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية